كبير القلب

> «الأيام» محمد محمود السلامي:

> في أكتوبر سنة 1982م أخرجت ست أغان بينها أغنية بعنوان (كبير القلب) للفنان الكبير المرحوم أحمد بن أحمد قاسم، وقد سلمني الشريط لأجل أن أسمع الأغاني وأحتفظ به كهدية منه.. ومازال الشريط معي ومكتوب عليه الإهداء من الفنان الراحل أحمد بن أحمد قاسم رحمه الله.

قبل التسجيل كالعادة نجلس مع الفنانين لنعرف من كتب الكلمات والألحان لأجل تسجيل هذا في مقدمة الأغنية، وعندما سألت أحمد قاسم عن مؤلف أغنية كبير القلب قال لي كلمات أبو طارق.. ولما سألته من هو أبو طارق؟ رفض أولاً أن يفصح عن اسمه وبعد إلحاح مني همس في أذني وقال: الرئيس علي ناصر محمد هو من كتب كلمات هذه الأغنية..(أطال الله في عمرك يا أبو جمال).

أذيعت هذه الأغنية مرات كثيرة ومرت الأيام وجاءت أحداث يناير 86م.. وبعد شهور من الأحداث عندما هدأت الأوضاع عرضت هذه الأغنية في مساء إحدى الليالي وهاجت الدنيا.. واتصل أحد المسؤولين الكبار وقال للطرف الآخر: يابجم نزّل هذه الأغنية، وكان الرد من التلفزيون من عبده دبوان المنفذ المناوب في تلك الليلة: ليش أنزلها.. قال المسؤول: هذه كلمات علي ناصر، يابجم.

وفي اليوم التالي ذهبت إلى التلفزيون كالعادة وإذا بالزملاء يقولون لي المدير يسأل عليك.. والدنيا مقلوبة.. قلت ليش.. قالوا طلعت أمس أغنية لعلي ناصر وأنت أخرجتها. طلعت للمدير وكان المرحوم فضل مطلق وبعد السلام قال لي أمس طلعت أغنية كبير القلب.. ليش مانبهت الجماعة بها حتى لا تعرض.. (طبعاً أنا أخرجت أغاني كثيرة لفنانين آخرين بعد هذا التسجيل وعلى مدى سنوات ولا أذكر أسماء مؤلفيها) قال لي فضل مطلق رحمه الله: صحيح أنت لا تعرف من هو أبو طارق؟ لا تخف الجماعة كانوا يشتوا يدبسوك لكن أنا أنهيت الموضوع خلاص وقلت لهم إنك أخرجت الأغنية زمان وعلي ناصر مسؤول كبير ولا ذنب لك.. أنا أحميك هنا ولا أسمح لأحد أن يمس أي موظف في التلفزيون. كان موقف رجل شجاع عاش شجاعا ومات شجاعا.

ومرت الأيام والسنون وتمت الوحدة ولها إلى الآن ما يقرب من 19 سنة وتسامحت الناس وتصالحت ولكن صاحبنا الذي قال يابجم لا سامح ولا صالح.

وفي هذه الأيام يسمع العاملون في قناة عدن الأسطوانة نفسها من المسؤولين في صنعاء صغيرهم وكبيرهم وذلك عندما يعرض برنامج ولا يذكر فيه صنعاء أو أي منطقة بشمال الوطن يتصلون من صنعاء ويقولون أنتم انفصاليون وإذا عرضت ذات مساء مجموعة أغان لمجموعة من الفنانين اليمنيين وصادف أن يكونوا من صنعاء أو من تعز أو الحديدة تكون الدنيا بخير وقناة يمانية تمام، ولكن إذا عرضت في ليلة أخرى مجموعة من الأغاني لفنانين من لحج وعدن وأبين أو حضرموت تقوم الدنيا ولا تقعد الكل يتصل ويتهمون من يرد على التليفون بأنه انفصالي. وذات يوم عرض روبرتاج (فيلم مصور مع التعليق) عن صهاريج عدن وقلاعها وبعد انتهاء الفيلم اتصل أحدهم وقال لماذا لا تعرضون سد مأرب.. ودار الحجر في صنعاء، مالكم أيش أنتم انفصاليون.

ياجماعة اتقوا الله في موظفي قناة عدن.. كلنا من اليمن ولا تقيسوا الأمور بهذه الطريقة.. هل فنانو الجنوب هم من خارج اليمن.. أليس الكل جزءا من اليمن.. وإن عرض منظر فهو من اليمن سواء من الشمال أو من الجنوب.

بدل (بهززة) موظفي تلفزيون عدن استفيدوا منهم خاصة في مثل هذه الأيام.. هم يجيدون فن الإعلام الموجه وفن الدعاية والتحريض.. مدربون على ذلك تدريباً ممتازاً.. وكما قالوا عدن فيها العقول وصنعاء فيها الأجهزة الحديثة.. (وفيها الزنط واستلام الزلط).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى