د.ياسين: على السلطة الاعتراف بالفعاليات الجنوبية والتعامل معها

> عدن «الأيام» خاص:

> عقد منتدى «الأيام» بعدن عصر أمس ندوة عن المشهد السياسي اليمني ومستجداته استضافت فيها الدكتور ياسين سعيد نعمان، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، بحضور الأستاذين الناشرين هشام وتمام باشراحيل، وشخصيات سياسية وأكاديمية ورواد المنتدى.

ومهد للندوة الزميل نجيب يابلي بنبذة تعريفية عن الدكتور ياسين سعيد نعمان، قال فيها: «ضيفنا بهذه الندوة من مواليد منطقة شعب عام 1947م وتلقى مراحل تعليمه العام والثانوي في عدن ثم التحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وهي كلية النابغين في جامعة القاهرة وحصل على الدكتوراه من المجر عام 1981م، شغل عدة مناصب منها نائب وزير التخطيط عام 1981م ووزير الثروة السمكية عام 1983 ثم رئيسا للوزراء عام 1986م وعندما كان وزيرا للثروة السمكية كان أيضا نائبا لرئيس الوزراء، كما كان آخر رئيس وزراء لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل الوحدة.

وضيفنا كان عضوا للجنة المركزية في المؤتمر العام الثاني والمؤتمر العام الثالث وبعد 1986م عضوا للمكتب السياسي ثم أمينا عاما للحزب الاشتراكي اليمني في العام 2005م، وهو متزوج ولديه ثلاثة أبناء وابنتان، ونترك الكلمة الآن لضيف الندوة».

د. ياسين سعيد نعمان أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني:

«أولا أنا سعيد جدا أن أكون هنا في منتدى «الأيام» وأعبر عن تضامننا مع «الأيام» صحيفة وموقفا إزاء كل ما تتعرض له من مضايقات وأذى وهو جزء من الأذى العام الذي يلاحق صاحب كل موقف وكل رأي.

وفي هذا اللقاء حقيقة الذي أرجو أن يكون مفتوحا بمعنى أن نتحدث من القلب إلى القلب وبشكل مباشر دون أن أشخص الموقف من الزاوية التي يمكن أن تصلح فيما بعد محورا للحديث ولكن لا شك في أذهاننا جميعا أسئلة كبيرة بعضها لها صلة بالماضي وبعضها لها صلة بالحاضر ولكن في جميع الأحوال يجب أن تتجه بنا إلى المستقبل، كل سؤال حول الماضي وكل قراءة للماضي إذا لم تتجه نحو المستقبل يصبح ليس له معنى ويصبح البحث مجرد مبحث ترفي كما يبحث الناس في مجاهل التاريخ.

ولكن اليوم عندما نبحث في الماضي سواء أكان البعيد منه أو القريب أو نبحث في الحاضر أيضا لابد أن يكون حوارا هو التوجه نحو المستقبل، وسأحاول بقدر الإمكان حتى يصبح حديثنا أو يسهل الحديث فيما بيننا والأسئلة عن ما خفي من الأمور إذا بدت هناك أشياء خفية سنحاول أن نعيد الذاكرة إلى المشهد السياسي الذي عشناه خلال الفترة الماضية وإلى أين كان يتجه بنا هذا المشهد ومن هي قواه الرئيسية التي ظلت تشكل عناصره ووفقا لأي رؤى.

في المشهد السياسي الذي بدا حقيقة معقدا إلى درجة كبيرة لا نستطيع أن نقول كما هو الحال فيما يخص البلدان المستقرة بأن هناك سلطة وهناك معارضة ولكن أن نقول إن هناك أكثر من لاعب في الحياة السياسية نشأ بسبب جملة من العوامل الداخلية التي جعلت الحياة السياسية مفتوحة على كل الاحتمالات.

في الجانب الأول نحن إزاء وضع تغيب فيه الدولة، بمعنى أن لدينا سلطة هذه السلطة تدير الأمور على نحو تسلطي ولكن بدون دولة مؤسسية، عندما يكون الوضع محكوما بهذا النمط من الخيارات السياسية تصبح كل مكونات هذه الدولة بالمفهوم الوطني العام في حالة من الضياع لأن كل مؤسسات الدولة تتحول إلى مؤسسات شكلية تقوم على قاعدة ما يمكن أن نطلق عليه الولاءات وليس الشراكة، وفي ظل غياب هذه الشراكة الوطنية نشأ فراغ حقيقي وليس مجرد نزوع نحو البحث عن إنتاج مشكلات هنا أو هناك ولكن نشأت فجوة حقيقية بين المجتمع وبين هذه السلطة أرادت هذه السلطة أن تعوض هذا الفراغ من خلال ما أسمته المشاركة ولكن بنظام الولاءات وهو نفس النظام الذي كان يتبع في الجمهورية العربية اليمنية ما قبل الوحدة، بمعنى أن كل منطقة يتم اختيار مجموعة تمثلها في إطار هذه السلطة وهذا التمثيل يتم اختياره بعناية لكي يصبح جزءا من هذه السلطة ولكن بطريق التعاقد فأصبح فلان يمثل هذه المنطقة الفلانية وهؤلاء الأشخاص يمثلون تلك المنطقة ومجموعة من هنالك، ناهيك عن التركيب الاجتماعي الذي يشكل حاجزا لهذه السلطة، وبالتالي بعد أن قامت الوحدة في 22 مايو كانت أول قضية طرحت هي إما أن يكون هناك تمثيل في السلطة أو تمثيل في الدولة وكانت تلك نقطة الخلاف في المرحلة الأولى ويومها كان أمام الحزب الاشتراكي خياران، وهو الذي اعتبر ممثلا لدولة الجنوب في الوحدة، الخيار الأول أن يقبل أن يتحول إلى ممثل في السلطة وليس ممثلا في الدولة بمعنى أن يتخلى عن تمثيل الجنوب وبمعنى آخر أن يقايض تمثيله في السلطة بتمثيل الجنوب في هذه الدولة الوليدة، وهنا بدأت عملية الصراع الحقيقي ونقطة الخلاف الحقيقية عندما بدأ طرح موضوع دمج المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني في حزب واحد، هذه كانت نقطة من النقاط الحاسمة في معرفة وإدراك كيف كان ينظر يومها الحزب الاشتراكي لقضية أن يصبح الجنوب طرفا في المعادلة الوطنية الجديدة في دولة الشراكة الوطنية، وعندما رفض هذا المشروع مشروع الدمج أي رفض مشروع شراكة السلطة جاء البديل الحرب وما أسفرت عنه، والحرب أعادت إنتاج المشكلة ولم تحل المشكلة بل ظلت المشكلة قائمة، حاولت السلطة بعد الحرب أن تستعيد التمثيل بنفس النمط القديم للجمهورية العربية اليمنية بأن هناك من الجنوب يأتون إلى السلطة وبالتالي كأن هذه هي الشراكة الوطنية المطلوبة وكان الاعتقاد بأن هذه المشكلة انتهت هنا وبالتالي فإن قضية الشراكة حسمت بنفس الأسلوب القديم الذي كانت دائما ما تحسم به في ظل نظام الجمهورية العربية اليمنية.

في ظل هذا الوضع القائم نفهم أن بروز واحدة من قضايا غياب الشراكة الوطنية - أزمة النظام باعتباره جذر المشكلة -ظهور القضية الجنوبية، على الصعيد الآخر في ظل هذا الوضع أيضا برزت قضايا من ضمنها وعلى نفس النمط قضية صعدة وهي توظيف الأدوات ولكن بشكل مختلف وهنا الأداة دينية باعتبارها أيضا واحدة من الأدوات التي جرى توظيفها كبديل للدولة المدنية للدولة الوطنية وباعتبارها أيضا أداة من أدوات إدارة السلطة نشأت قضية صعدة كواحدة أيضا من القضايا المتعلقة بغياب الشراكة، وتحركت في إطار هذا الوضع جملة من التعقيدات الداخلية منها أولا فشل مشروع التنمية واتساع رقعة الفقر، وثانيا تراجع المشروع الديمقراطي لدرجة أن الهدف الأساسي من الانتخابات أصبح هو إعادة إنتاج هذه السلطة بطريقة موسعة، ثالثا ضعف التحالفات الاجتماعية بسبب خلق رقعة واسعة من الفقر مع استقطاب الثروة في يد القلة وحتى التحالفات السياسية التي نشأت في ظل هذا الوضع السياسي واتساع رقعة الفقر تكاد تكون إلى حد كبير تحالفات هامشية لأن أي تحالف مالم يقم على قاعدة تستهدف بدرجة رئيسية حل المشكلات الاجتماعية يبقى وكأنك تتحرك خارج حاجة المجتمع بما في ذلك جزء من التحالف السياسي الذي قاده المشترك ولازال حتى اللحظة، وأخيرا اتساع رقعة التطرف والإرهاب كنتاج لهذا الوضع.

هذا المشهد السياسي يطرح أمامنا لوحة كئيبة فيما يخص المستقبل، والسؤال في ظل هذه الأوضاع: إلى أين يتحرك هذا البلد؟

نحن حقيقة في اللقاء المشترك بعد انتخابات 2006م بدأنا نطرح سؤال هل المشكلة تتعلق بالحديث عن الخيار السياسي المحكوم بانتخابات في ظل غياب منظومة متكاملة للحريات والديمقراطية والشراكة الوطنية وأيضا ما اعتبرناه جذر المشكلة فيما يخص الظروف التي أنتجتها حرب 94م ليس الظروف فقط السياسية بالمفهوم الذي يمكن أن يتم التعبير عنه بإصلاحات جزئية هنا وهناك، ولكن هناك مشكلة وطنية عميقة أنتجتها هذه الحرب حيث جرى استبدال الوحدة السلمية بوحدة القوة وجرى فيها إعادة صياغة كل مكونات الحياة السياسية بمنهج مختلف عن التوافق الوطني وبالتالي هنالك خلل بنيوي وليس مجرد خلل سياسي يمكن إصلاحه بهذا القدر أو ذاك ولكن خلل بنيوي كان لابد من أخذه بعين الاعتبار ونحن نتحدث عن إعادة إصلاح الوضع بشكل عام.

نحن حقيقة داخل المشترك كان لنا حوارات واسعة لا أستطيع القول أننا كنا متفقين منذ اليوم الأول لتشخيص الوضع ولكن كانت لدينا رؤى في المرحلة الأولى متباينة ثم بدأنا نقترب من بعضنا البعض في فهم طبيعة المشكلة، وخارج المشترك كانت أيضا تتحرك قوى سياسية البعض منها مجتهدة والبعض الآخر تحاول أن تفهم المشكلة بشكل أو آخر وحاولنا في المشترك وعلى وجه الخصوص الحزب الاشتراكي أن نمد جسورا للتفاهم مع هذه القوى لإدراك حقيقة المشكلة وللوصول إلى رؤية مشتركة لتشخيص واقع المشكلة، طبعا ربما نجحنا في مكان وأخفقنا في مكان آخر وظلت الحياة كل يوم تنتج موقفا جديدا ورؤية جديدة، ونستطيع أن نقول إن غياب الحوار الهادئ والموضوعي بين كل القوى لتشخيص هذه المشكلة خلق كثيرا من الفجوات وبدلا من أن تجسر هذه الفجوات بتفاهمات لمعرفة حقيقة ما يدور وما تنتجه الحياة من قضايا ومن أوضاع كانت متسارعة ومتلاحقة ومعقدة ولا أحد يستطيع أن يدعي أنه أكثر قدرة على تشخيص الوضع بمفرده عن الآخرين ولا أحد يستطيع أن يمتلك الحق بأنه الرائد في هذه القضية أو تلك بقدر ما أنتجت الحياة السياسية جملة هذه التعقيدات وكنا نرى أنه من الضروري أن يبدأ الناس بحوار مفتوح، هذا الحوار المفتوح غير محكوم بأي سقف ولا بأي مفاهيم محددة إنما ينطلق من قضية واحدة وهي أن هذا البلد بلد الجميع وأن الجميع معنيون بمعالجة مشاكله وأوضاعه والوقوف أمام التحديات التي تواجهه.

حقيقة الأمور في جزء منها سارت بأشكال مختلفة أولا في صعدة الأمور أخذت منحى الحرب ورأينا كيف أخذت الحرب مجراها لنحو خمس سنوات وخمس حروب وفي الجنوب أخذت منحى آخر جاء الحراك السياسي وأنتج قواه وفعالياته المختلفة وكان المطلوب من هذه الفعاليات أن تنفتح بأفق أوسع على الجميع، وقلنا لا أحد وصي على هذا الحراك ولا أحد وصي على القوى السياسية الحياة ستجدد إنتاج المشاكل والمشاهد في صور مختلفة وبالتالي لا بد أن لا نتوقف عند مشهد واحد أو رؤية واحدة ولكن لابد من أن يدرك الجميع أن الجميع معنيون بقراءة المشهد والتفاعل معه وليس بالضرورة أن يصل الناس جميعا إلى تطابق في الفهم ولكن قيمة مثل هذا التفاهم أو الحوار تأتي من إدراك الجميع بأنهم مسؤولون قبل أن يتصدر هذا الطرف أو ذاك ليقول فلان معني وفلان غير معني.

نحن حقيقة في هذه الأجواء ومنذ نهاية 2007م وقد بدأت عجلة الحياة السياسية تتحرك باتجاهات مختلفة طرحنا على أنفسنا سؤالا في اللقاء المشترك وعبر حوار طويل وهو: هل يمكن أن تكون الديمقراطية وبمفهومها السياسي مجرد انتخابات في ظل هذا المشهد الذي يحمل أكثر من دلالة على أن هناك حاجة إلى معالجة لمشاكل بنيوية حقيقية؟ وهذا السؤال حدى بنا إلى أن نتحدث عن المسار السياسي في الفترة اللاحقة بما فيها الانتخابات والديمقراطية إلى آخره، وبدأنا نجتهد في قراءة المشهد السياسي بشكل عام.

الحراك في الجنوب في هذه الفترة قد بدأ يتشكل ويتحمل مسؤولية في حمل قضية الجنوب ونحن نعرف أن في الحراك السياسي قوى سياسية واسعة بمعنى تقريبا كل القوى السياسية منخرطة في الحراك السياسي، وكنا نتمنى أيضا أن لا تتسابق هذه القوى السياسية في إطار الحراك في طرح الأهداف وفقا للمشاريع السياسية لكل حزب أو لكل طرف سياسي فيه فالقضية أكبر وهي قضية الجميع، ونحن في اللقاء المشترك أيضا موجودون في هذا الحراك السياسي بأحزابنا ولكن حرصنا بقدر الإمكان ان لا يوجد المركز بهيمنته وقلنا نحن في الحزب الاشتراكي بدرجة رئيسية أن يترك لهذا الحراك فرصة أن ينتج نفسه بالصورة التي تعبر عن حاجة الناس وينتج أيضا قياداته حتى تتمكن من الوقوف على قدميها وأن تشكل طرفا في معادلة التفاهم والحوار السياسي، هذه كانت رؤيتنا وأول بيان أصدره اللقاء المشترك في بداية عام 2008م هو الاعتراف بالفعاليات السياسية التي أنتجها الحراك السياسي وقلنا عندما طلب منا أن نتناقش حول قضايا الجنوب قلنا أولا نحن في أحزاب اللقاء المشترك طرف كأحزاب موجودين في الجنوب نحن طرف ولكن لسنا كل الأطراف هناك قوى وفعاليات أنتجها الحراك السياسي والجميع معنيون بمناقشة قضية الجنوب وعلى السلطة أن تعترف بهذه الفعاليات وأن تتعامل معها، وكان هدفنا من هذا أن هذه الفعاليات توحد نفسها وتوجد وتنتقل من الحراك إلى الموقف السياسي لأن أي عمل نضالي لابد أن ينتهي في الأخير بحوار سياسي، هذا الموقف الذي اتخذه المشترك كان باعتقادي محطة تاريخية مهمة جدا حيث انتقل بالموقف من إطار الوصاية التي رفضناها منذ البداية إلى إطار آخر وهو أن توجد هذه الفعاليات بكل مكوناتها وبكل مشاريعها وتصبح جزءا من العملية السياسية ومضينا على هذا الأساس وفي أول رسالة وجهناها لرئيس الجمهورية في يونيو 2006م كانت أول قضية طرحناها في هذه الرسالة القضية الجنوبية وأشرنا إلى الفعاليات السياسية ولم نقل إن المشترك هو المعني بمناقشة قضايا الجنوب حتى لا يختلط الأمر على بعض الأخوة الذين ربما لم يقرأوا موقف المشترك بصورة صحيحة.

هذا كان حقيقة قراءتنا بأن الوضع في الجنوب وفي اليمن بشكل عام لم يعد قابلا للقسمة على اثنين السلطة وأحزاب اللقاء المشترك نحن رفضناه من البداية والآن المشكلة توسعت وأوضاع البلد تعقدت ولم يعد الموضوع يمكن فهمه في إطار سياسي منسجم لبلد بدون مشاكل فبالتالي نتحدث عن سلطة ومعارضة بالشكل التقليدي، وهذا نحن جميعنا ندركه وفي كل البيانات التي صدرت من اللقاء المشترك بما فيها الرسالة التي وجهناها لرئيس الجمهورية قلنا فيها إن السير نحو الانتخابات في ظل هذه الأوضاع التي تعيشها البلد بما فيها الأوضاع في الجنوب بما فيها الأوضاع في صعدة بما فيها كل هذه المشكلات المعقدة واتساع رقعة الفقر وفشل التنمية يتطلب منا أن نعيد دراسة الأولويات لكي ننطلق بعد ذلك نحو الانتخابات أو سمها بما شئت برؤية إنقاذية للبلاد أما أن نترك العامل الأساسي في هذه العملية كلها يعيش هذه الحالة من التفكك البنيوي ونتخيل هكذا بأنه لاتوجد لدينا مشكلة نحن في أحزاب اللقاء المشترك على الأقل لانستطيع أن نرى الوضع بالشكل الذي تراه السلطة وإذا السلطة ترى بأنه ليس لديها مشكلة فلتمضِ بالانتخابات على بركة الله، ولكن نحن منذ البداية رأينا أن السير نحو الانتخابات والحديث عن الديمقراطية في إطار كل هذه المتغيرات المحيطة بالوضع مسألة محكومة بوهم أو أنها مغالطة نغالط أنفسنا ونغالط الناس، ومن هنا بدأ يتشكل موقف اللقاء المشترك فيما يتعلق بالانتخابات وبعد ذلك سارت الأمور بالشكل الذي سارت عليه، كان يبدو أن الأوضاع تتأزم ولم تستطع القوى السياسية بشكل عام أن تنفتح على بعضها البعض وهنا السؤال لماذا؟ البعض يتعامل مع الوضع مع منظور أن المشترك والسلطة وجهان لعملة واحدة في جانب تاريخي للمسألة ربما يكون محكوما لا أقول بمبررات تاريخية ولكن أقول بعض التعليل الذهني للموقف الذي لا يستطيع فيه الإنسان أن يراجع نفسه ولكن عليه فيما بعد أن يفتش في التاريخ عن مبررات لهذا الموقف، وطبعا على الأقل هناك توافق فيما يخص الموقف من الانتخابات فيما بين فعاليات الحراك السياسي واللقاء المشترك فيما يخص المستقبل، ويبدو بدأت الأمور على صعيد اليمن بشكل عام تتحرك في إطار منظومة سياسية متعثرة، في هذه الفترة اعترف اللقاء المشترك بأنه يجب أن لا يدعي أنه الطرف الوحيد في معادلة الحياة السياسية مع السلطة وأن هناك قوى سياسية بمختلف ألوانها وأطيافها عليها أن تتوجه نحو الحوار والتفاهم بدون اشتراط أية شروط مسبقة لمثل هذا الحوار ولكن إدراكا أن أمامنا مشكلة هذا البلد يعيش مشكلة معقدة يعيش أوضاعا وظروفا صعبة وكيف سيتجه إلى المستقبل كيف يخطو مع الناس نحو المستقبل، ودعا إلى حوار ولقاء وطني وكانت ردود الأفعال متباينة إزاء الحوار الوطني البعض رأى أن هذا الحوار لا يعنيه والبعض رأى أن هذا الحوار يخدم السلطة بهذا القدر أو ذاك والبعض رأى أنه محاولة لاحتواء القضية الجنوبية والبعض رأى أنه محاولة لاحتواء قضية صعدة بمعنى أن كل واحد قيم هذا الموضوع من زاوية في الوقت الذي لم نستطع أن نقدم البديل لهذا الحوار، هل يحتاج الناس إلى حوار وتفاهم لإدراك خطورة الوضع، ثم أن حوار الناس لا يستوجب أن أحدا سيلزم أحدا بالموقف الذي يجب أن يأخذه، إنما نحن أمام وضع صعب ومعقد وعلى الناس أن يتشاوروا بشأنه.

موضوع الحوار والتشاور الوطني لايزال قائما ومن وجهة نظرنا كأحزاب اللقاء المشترك بأنه حصان الرهان للمرحلة القادمة فيما يخص تفاهمات القوى السياسية لمعرفة وإدراك إلى أين ينبغي أن يتجه هذا البلد خلال المرحلة القادمة والمستقبل وهو ليس مؤطرا بأي رؤية أو أي موقف وحرصنا كأحزاب على أن لا نطرح رؤية محددة كأساس للنقاش بحيث لايكون الحوار على قاعدة رؤية مسبقة وإنما كل طرف من أطراف الحوار سيأتي للمشاركة في الحوار لديه الرؤية الخاصة به وبقناعاته وسيشكل هذا قاعدة وأساسا للتشاور والتفاهم بين الناس، وهذا الموضوع لازال مطروحا.

الآن ما الذي حدث فيما يخص الانتخابات في المشهد السياسي العام بدأت الأمور تتأزم كان المؤتمر الشعبي العام مصرا على المضي صوب الانتخابات بمفرده وشكل لجنة الانتخابات بمفرده ولجنة الانتخابات التي شكلها من المؤتمر الشعبي العام أعدت السجل الانتخابي لوحدها وقامت بكل ما يخص الانتخابات حتى جاء الوقت الذي كان يجب أن يتقرر فيه الموقف الحاسم من هذه القضية ونحن لم نشارك لا في السجل ولا التسجيل وطرحنا رأينا فيما يخص هذا الموضوع وطالبنا بإصلاحات سياسية وفقا لرسالتنا لفخامة الرئيس طالبنا بموضوع القائمة النسبية باعتبارها من وجهة نظرها أساس إعادة التشكيل للبنية السياسية بشكل عام واتجهنا بعملنا طبعا في إطار مختلف حتى جاء الوقت الذي كان يفترض فيه أن يتحدد موقف نهائي إلى اليوم الذي كان يفترض فيه أن يعلن المؤتمر الشعبي العام أو السلطة دعوة الناخبين نحن في أحزاب اللقاء المشترك كان موقفنا واضحا أن هذه الانتخابات إذا ماجرت على القاعدة التي أقرها المؤتمر الشعبي العام بمفرده نعتبره اغتصابا لحق الناس في انتخابات حرة ونزيهة باختصار.

طرح الموضوع فيما بعد اتخذ المؤتمر الشعبي العام قرارا في لجنته العامة بأنه سيخوض الانتخابات بمفرده بتاريخ 27 أبريل القادم وكان هذا آخر شيء اتخذه المؤتمر الشعبي العام.

وكان طبعا الأوربيون والآخرون المهتمون بالشأن اليمني حاولوا التوصيل إلى اتفاق، وقلنا نحن أمام معادلة مهمة جدا فيما يخص موضوع الانتخابات لدينا توصيات الاتحاد الأوروبي إذا الطرف الآخر مستعد وكان جادا في تنفيذ هذه التوصيات نبدأ بإعادة صياغة هذه المسألة على قاعدة الشراكة الوطنية، ولكن يبدو بدأت المواقف تتباعد وبدأ الأوربيون بدرجة رئيسية يعبرون عن قلق خاصة وأن الأمور بدأت تتصاعد باتجاه الحديث عن مشاكل هنا وهناك تصادمات قد تنشأ هنا وهناك، وبدأ التلويح بقضية الإرهاب فجأة أثناء هذا الحديث وأثناء هذه الاتصالات والتشاورات إذا بموضوع الإرهاب يبرز فجأة لا أدري كيف وكأن عدم إجراء الانتخابات سيتمخض عن مزيد من الوضع الإرهابي في المنطقة وفي البلد وإلى آخره، على العموم بعد وساطات عديدة من الشركاء الدوليين ومشاورات كان أمامنا خياران لا غير إما أن يمضي المؤتمر الشعبي العام لوحده نحو الانتخابات وبالتالي يضع البلد في مجهول، الأطراف السياسية المعنية لم تتشاور فيما بينها لتحليل واقع المشكلة وطبيعتها، نحن لا نخفي عليكم حاولنا حقيقة مع بعض الإخوة في الحراك نفهم ونتشاور بهذا القدر أو ذاك ولكن بالأمانة لم يكن هناك التواصل الكافي بمعنى حاولنا نحن عبر منظمات المشترك ومباشرة من قبلنا ونفس الشيء فيما يخص قوى أخرى مثلا بدأنا بحوارات مع الإخوة في الرابطة وكنا مع الإخوة في الرابطة نقطة الاتفاق هي قضية القائمة النسبية قلنا على الأقل نتفق على القائمة النسبية ممكن تكون نقطة اتفاق، القوى السياسية للأسف في ظل هذا الجو المرتبك بما فيها فعاليات الحراك السياسي في الجنوب بما فيها القوى السياسية الأخرى بما فيها منظمات المجتمع المدني ظلت في حالة ارتباك وبالتالي نحن على الأقل كأحزاب اللقاء المشترك حسمنا أمرنا باتجاه أنه إما المقاطعة ونتحمل ما سينشأ عنه ولكن لم نطرح المقاطعة لسبب واحد أن المقاطعة بمفهومها السياسي تعني فيما تعنيه الاعتراف بالعملية الديمقراطية لكنا لم نقل مقاطعة وقلنا إصرار السلطة والمؤتمر الشعبي العام على السير في الانتخابات بهذا المنهج هو اغتصاب والاغتصاب يعني اغتصاب حق الناس في الدفاع عن حقهم باختصار، وهذا وضع معادلة مختلفة معادلة أخرى في فهم المشكلة وفي الأخير بعد حوارات تم التوصل إلى الاتفاق التالي الذي يقول تأجيل الانتخابات ولكن لماذا تأجيل الانتخابات؟ هل تأجيل الانتخابات من أجل إصلاح النظام الانتخابي وتشكيل لجنة الانتخابات؟ أم من أجل المشكلة التي كان يطرحها اللقاء المشترك وهي قضية الوضع السياسي والنظام السياسي بشكل عام هي جوهر المشكلة؟ لو أن هذا الموضوع لم يطرح في اتفاق التفاهم حول تأجيل الانتخابات لم يكن سيعني اللقاء المشترك بشيء ولكن طالما طرحت قضية النظام السياسي باعتبارها قضية الجميع وهي الأساس يبقى في هذه الحالة أن الناس توصلوا أن هناك خللا ما في الوضع بشكل عام لابد أن يشترك الجميع في معالجته، لم يقل الاتفاق أن هذا سيتم الحوار حوله بين أحزاب اللقاء المشترك والسلطة أو المؤتمر الشعبي العام بل قال إن الحوار حول هذا الموضوع النقطة الأولى التي هي تطوير النظام السياسي سيتم الحوار بشأنها بين كل أطراف الحياة السياسية بما فيها منظمات المجتمع المدني وهذا لأول مرة يطرح الحوار على هذه القاعدة على قاعدة أن يتسع الحوار ليشمل كافة القوى السياسية غير محدد بطرفين وهذا مكسب للحياة السياسية مكسب حقيقي لأنه عندما يبدأ الحوار حول هذا الموضوع لن يكون الحوار بين أحزاب اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام والسلطة وحتى لا يقال هناك صفقة أو كما قيل ولكنه مفتوح على كل القوى السياسية ببرامجها المختلفة، قال البعض إن هذا الاتفاق كان يجتهد وللأسف معلومات خاطئة أن الاتفاق يعني فيه حديث عن موضوعات متعلقة بالرئاسة والقائمة النسبية مقابل الرئاسة كله كلام اجتهاد ليس له أي معنى فالاتفاق لم يقل سوى إطار واحد وهو حوار كافة القوى السياسية حول تطوير النظام السياسي ومن ثم مع بقية البنود الخاصة التي تختص بلجنة الانتخابات والقضايا الخاصة بالانتخابات غير المتفق حولها، البعض اجتهد والبعض انطلق من منطلق أن المؤتمر كان قد اتخذ قرارا بالسير لوحده في الانتخابات وفي آخر لحظة يتراجع إذن هناك صفقة وبعض الإخوة في قيادة الحراك تسرعوا بإعلان مواقف بأن هذا الاتفاق يعني التفافا على القضية الجنوبية ولا نعلم من أي زاوية وحقيقة نحن الآن لم نستطع أن نفهم من أي زاوية هذا الاتفاق فيه التفاف على القضية الجنوبية، إنما بالعكس هذا الاتفاق إذا نظرنا إليه من الزاوية التي تتيح فرصة لمزيد من تعبئة الحياة السياسية وتفاهمات الناس هو بالعكس لصالح الحياة السياسية بشكل عام، ولكن ربما البعض فهم الموضوع أو هكذا قد يكون عنده قناعة أو عنده تقدير للمسألة بأن الانتخابات كانت ستفشل في الجنوب بنسبة عالية وبالتالي جاء هذا الاتفاق ليفوت هذه الفرصة وحقيقة لا يستطيع أن يقول هذا أو ذاك لأن كل القوى السياسية نفسها جميعها سواء كأحزاب أو فعاليات لم تتدارس حقيقة هذا الوضع حتى تصل إلى هذا الاستنتاج، طبعا أكثر الناس الذين رفضوا الاتفاق بالذات من بعض القوى الناس الذين كانوا موعودين بالمشاركة في الانتخابات على حساب أحزاب اللقاء المشترك هؤلاء معروفون وكانوا قد هيأوا أنفسهم سواء كأفراد أو منظمات أو مجموعات وجرت حقيقة كثير من الفعاليات وجرت كثير من السيناريوهات التي قادها البعض والبعض رفع شعار التعددية الاجتماعية نيابة عن التعددية السياسية هؤلاء لم يسألوا أنفسهم تحت أي يافطة يشاركون أو لأي انتخابات ينتصرون وكان واضحا أن هذه من الترتيبات التي أعدتها بعض القوى في السلطة من أجل تنويع الانتخابات من اعتقاد بأن هذا بديل للتعددية السياسية هؤلاء هم من أقاموا الآن الدنيا ولم يقعدوها في أكثر من مكان، ولكن بالنسبة للحراك في الجنوب حقيقة لم أجد من يقول لي إلى اليوم لماذا هذا التأجيل يضر بالحراك في الجنوب إلا إذا كان هناك بعض القيادات بعض الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الحراك في الجنوب ولازالوا ينصبون أنفسهم أوصياء على هذا الحراك أوعز لهم بأنه بعد الانتخابات سنتحاور معكم حول القضية الجنوبية هذه واحدة من البدائل التي لعبتها السلطة، هؤلاء نقول لهم كان غيركم أشطر لم يتحاوروا مع دولة عملت معهم وحدة فهل سيتحاورون مع أفراد؟

في أكثر من لعبة جرت هنا وهناك ولكن علينا أن نفهم أن العمل السياسي يجب أن لايكون مغلقا، ونحن حرصنا في أحزاب اللقاء المشترك والحزب الاشتراكي أن ننفتح على كل القوى لكي نبحث ما الذي يمكن اتخاذه من خطوات وما الممكن التنسيق له والبلد بلد الجميع ولا أحد يمكن أن يدعي بأنه بديل للآخر لا من السابقين ولا من اللاحقين، لابد أن يكون هناك فهم بأن قضايا البلد تتعقد وهي قضايا ليست بالبساطة التي نعتقدها، وعلينا أن نعي تماما أن قضيتنا ليست محلية قضية اليمن والوضع بشكل عام ليس محليا وإن كان اللاعب الدولي إلى اليوم لم يبرز بشكل فاقع لكن علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذه المنطقة لن يترك تقرير مصيرها بهذا القدر أو ذاك حتى لأبنائها في هذا الموقع من العالم نحن شركاء وشركاؤنا قد يكونون أقوى قد يكونون عادلين وقد يكونون غير عادلين وقد تكون مصالحهم أقوى وطبعا القرصنة في خليج عدن والبحر الأحمر علينا أن نقرأ دلالات ما يدور حولنا وهذه القرصنة تعني فيما تعنيه أن اليمن تحت المجهر وبالتالي أي تصرف وأي سلوك للقوى السياسية بشكل عام يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أن تقرير مصير هذا البلد لن يكون بمعزل عن حسابات إقليمية ودولية وعالمية.

وعلينا ان ننضج الفكرة فنحن نتحرك حقيقة حتى الان بشكل عام خارج النضج العام بعواطف لكن عمر العواطف ماحكمت ولا تستطيع ان تحكم خط السير نحو الاتجاه الصحيح".

يتبع

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى