فرنسا تعود الى قيادة الحلف الاطلسي بعد 19 عاما على انسحابها منها

> بروكسل «الأيام» هيرفيه اسكان وفيليب راتير :

> اعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس الأربعاء ان باريس ستنضم مجددا الى القيادة العسكرية لحلف شمال الاطلسي، الذي انسحبت منه قبل 43 عاما، مشددا على استقلالية باريس تجاه واشنطن.

وقال ساركوزي في خطاب القاه في المدرسة العسكرية في باريس "حان الوقت لانهاء هذا الوضع، لانه يشكل مصلحة لفرنسا واوروبا".

غير انه لم يحدد حجم المشاركة الفرنسية في قيادات الحلف العسكرية (الف، بحسب دبلوماسيين) ولا المسؤوليات التي سيتولونها.

وقال ممازحا "ليس لدينا اي موقع مسؤولية عسكري، عظيم!". واوضح "نضع حياة جنودنا على المحك ولا نشارك في الاستراتيجية" التي تحدد مهمتهم، مع مشاركة الالاف منهم تحت لواء الحلف الاطلسي في البوسنة وكوسوفو وافغانستان.

واضاف "في نهاية هذا المسار الطويل، ستكون فرنسا اكثر قوة وتأثيرا. لماذا؟ لان الغائبين دائما على خطأ، لان على فرنسا ان تشارك في القيادة. لان علينا ان نكون في المكان الذي تتخذ فيه القرارات والمعايير، بدل ان ننتظر في الخارج ان تبلغ الينا".

وتابع ساركوزي "مع دخولنا، سيكون لنا موقعنا بين القيادات الحليفة الكبرى".

وسيصوت البرلمان الفرنسي على قرار ساركوزي أمس الأول قبل المصادقة عليه رسميا في قمة الحلف الاطلسي التي ستعقد في الثالث والرابع من نيسان/ابريل في ستراسبورغ (فرنسا) وكيل (المانيا).

ورد ساركوزي على منتقديه مؤكدا ان التخلي عن استقلالية فرنسا امر غير وارد,وقال ان "التقارب مع الحلف الاطلسي سيعزز استقلالنا" مذكرا "اننا سنحافظ على قوتنا الردعية النووية المستقلة".

وكان وزيرا الدفاع والخارجية الفرنسيين ايرفيه موران وبرنار كوشنير استبعدا خسارة اي نوع من النفوذ عبر تلك الخطوة.

وقال موران "سنشارك متى اردنا، بالحجم الذي نريد". اما كوشنير فاكد "ان مشاركتنا (...) ستعزز نفوذنا ووجهة النظر الاوروبية في الحلف".

ورحب حلف شمال الاطلسي باعلان فرنسا العودة الى موقعها في قيادته العسكرية المشتركة.

وقال الامين العام للحلف الاطلسي ياب دي هوب شيفر في بيان "ارحب بحرارة بخيار الرئيس الفرنسي".

واضاف ان "قراره يمثل في آن واحد ذروة تقارب فرنسا المتواصل مع الحلف الاطلسي منذ 15 عاما ودفعا جديدا للعلاقات بين فرنسا والحلف قبل اسابيع من قمته المقررة في ستراسبورغ/كيل حيث سيتخذ الحلف الاطلسي قرارات استراتيجية حول مستقبله".

وانسحبت فرنسا العام 1966 في عهد الجنرال ديغول من قيادة الحلف الاطلسي المتشركة، ولا سيما بعدما رفضت واشنطن اقتراحا قدمته بتشكيل قيادة بريطانية-اميركية-فرنسية مشتركة.

وكان الحلف يملك القنبلة النووية وفي طور امتلاك القنبلة الهيدروجينية واسطول من الغواصات القاذفة للصواريخ، ما كان يضمن له لعب دور في توازن الرعب النووي الذي طبع الحرب الباردة.

اما فرنسا، فكانت تعتبر نفسها قادرة على لعب دور خاص بها، وما كان يعزز موقعها انها كانت قوة احتلال في المانيا وعضوا دائما في مجلس الامن الدولي وتملك ترسانة ذرية قادرة على انزال خسائر فادحة بالاتحاد السوفياتي.

وعمد ديغول الى اغلاق القواعد الاميركية والكندية على الاراضي الفرنسية، الا انه لم يعدل عن انتماء بلاده الى الحلف الاطلسي ولم يطلب نقل مقر الحلف من باريس الى بلجيكا.

واكتفى ديغول بالتأكيد على وضع بلاده كقوة غير ملحقة باي قوة اخرى لكنها راسخة في "العالم الحر" في مواجهة الخطر السوفياتي.

وباتت فرنسا بعد سقوط العدو الرسمي امام ثلاثة خيارات حيال الحلف الاطلسي: الانسحاب التام او الاستمرار في الوضع القائم او العودة الى البنية العسكرية.

واضطرت فرنسا لاحقا في التسعينات الى المشاركة بشكل متزايد في عمليات الحلف الاطلسي في البلقان وافغانستان.

وقرر جاك شيراك عندها العودة الى المشاركة في اجتماعات وزراء الدفاع واللجنة العسكرية لرؤساء هيئات الاركان.

وتم دمج نحو 107 عسكريين فرنسيين في المقر العام في مونس وفي مقرات عامة اخرى للحلف الاطلسي في اطار قوة التدخل التابعة للحلف التي انشئت عام 2002.

وما يشجع على عودة فرنسا الى الحلف ان استقلالية قوتها الرادعة الوطنية لم تعد منذ فترة طويلة محط تجاذبات، بل ان فرنسا والولايات المتحدة تتعاونان في برنامج لمحاكاة التجارب النووية.

غير ان فرنسا تعول ايضا على عودتها الى صفوف الحلف "لطمأنة الحلفاء الاوروبيين بشأن نواياها حيال الحلف الاطلسي، ومن ثم اعادة اطلاق الدفاع الاوروبي"، ما ينسجم مع استراتيجيتها "على المدى البعيد"، وفق ما افاد جوزف هنروتين الخبير البلجيكي في الدراسات الاستراتيجية. (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى