رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين: زملاؤكم في العالم بأسره على علم بالضغوط الرهيبة التي تمارس عليكم

> صنعاء «الأيام» خاص:

>
السيد جيم بوملحة
السيد جيم بوملحة
ألقى السيد جيم بوملحة، رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الرابع لنقابة الصحفيين اليمنيين المنعقدة يوم أمس الأول بصنعاء كلمة جاء فيها: «إذا سمحتم لي فإني سأقرأ مداخلتي بلغتي العربية المتواضعة آملا أن تكونوا كرماء ومتسامحين مع أخطائي وارتباكي.

أبدا بشكركم على دعوتي إلى مؤتمركم فهذه المرة الأولى التي يحضر فيها رئيس الفدرالية الدولية للصحفيين خلال نقاشاتكم وأعترف أن مشاركتي لكم في التفكير تعد امتيازا هاما لي، وأؤكد لكم أني سأعمل دائما على القيام بما أستطيع من أجل الاستمرار في جعل همومكم وانشغالاتكم دائما في قلب اهتمام الفدرالية الدولية للصحفيين.

أود أن أنوه باسم اللجنة التنفيذية للفدرالية الدولية للصحفيين بنقابتكم وكذلك بتقاليد نقابتكم العالمية، كما أريد أن أعبر لكم عن شكري الخاص وكذلك شكر جميع النقابات أعضاء الفيدرالية الدولية للصحفيين على الالتزام الذي تعبر عنه نقابتكم منذ سنوات نحو قضايا الصحافة وحقوق الصحافيين وأيضا نحو قضية حرية الصحافة وحق المواطنين اليمنيين في المعرفة وأخيرا نحو قضية التضامن الدولي.

وأحب أن أركز على هذه النقطة، لأن زملاءكم في العالم بأسره على علم بالضغوط الرهيبة التي تمارس عليكم من طرف القوى المعادية لكم من أجل محاولة التضييق على مجهوداتكم وكبتها، ولهذا سيقف معكم كل صحفي العالم دائما جنبا إلى جنب كلما دعت الحاجة إلى ذلك، فالصحافة والصحفيون في العالم يعيشون ظروفا في غاية الصعوبة، فالأمر ليس حكرا على اليمن وحدها فحين أسافر إلى أي مكان من أجل الحديث إلى الصحفيين استعمل كلمات قاسية جدا من أجل وصف ما يعانيه الصحفيون اليوم وسأستمر في استعمالها.

وكنت دائما أقول إنه موسم القنص عند الصحافيين فلم يحدث أبدا في تاريخنا أن وصل اغتيال واستهداف الصحافيين إلى هذا الحد غير المسبوق.

في كل سنة تلاحظ الفيدرالية الدولية للصحفيين مقتل الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، ففي السنوات العشر الأخيرة توفي أكثر من ألف صحفي ويموت صحافيان كل أسبوع في المتوسط تقريبا

فمنذ سنتين تحطمت أرقام قياسية حين وصل عدد الصحافيين والعاملين في الإعلام الذين قتلوا إلى 172 اغتيال، أوجرائم قتل، ضحايا خطوط النار، حوادث وحالات وفيات غامضة.

في العراق وحدها قتل أكثر من 250 صحافيا منذ الغزو الأمريكي للعراق، فقد شهد العام الماضي وحده مقتل 104 صحفي وقد شعرنا بالارتياح لانخفاض هذه الأرقام رغم أن 104 يظل عددا كبيرا، البعض يحكي أن بعض الصحافيين قتلوا لأنهم تواجدوا في المكان الخطأ في الوقت غير المناسب، لكن ليس في المكان غير المناسب طبعا، كلنا نعرف أن الواجب الأول للصحافيين أن يكونوا في موقع صنع الحدث.

إن فقدان الصحافيين بتلك الوتيرة صعب الاحتمال ويجب أن يذكرنا بكل التضحيات التي تستمر في الحدوث من أجل قضية حرية التعبير.

مرة أخرى إن في فلسطين والعراق، حيث يوجد زملاؤنا في خط النار وإن واجبنا هو منحهم الدعم ولكنه ليس كافيا بكلمات التنديد فقط إذ يجب أن نظهر تضامننا بشكل عملي وذي معنى. فوق ذلك من المهم توجيه جهودنا من الغضب إلى محاربة الظلم والمطاردات وفشل الحكومات في محكمة القتلة، وفي أغلب الحالات لا تتم التحقيقات حول اغتيالات العاملين في الإعلام.

لقد لعبت الفيدرالية الدولية للصحافيين دورا قياديا لجعل مجلس الأمن في الأمم المتحدة وللمرة الأولى يتبنى نصا حول أمن وسلامة الصحافيين في بؤر الصراع، ولكن كل الإعلانات الكبرى ستستمر مجرد كلام في الهواء حتى تعبر الحكومات عن إرادة تطبيقها.

نحن نحتاج إلى هذا التضامن أيضا ضد الأعداء السياسيين لحرية الصحافة.

إن مهنة الصحافي اليوم محفوفة بالمخاطر، فالمهنة هي موضوع للتدخل السياسي غير الضروري، رقابة أكثر، وللقيود أكثر من ذي قبل رغم أنه يقال لنا أن أفكار الديمقراطية الليبرالية تنتشر حول العالم لضمان احترام حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية فإنني لا ألتقي بأي صحفي راض.

الكل يعرف أن هناك أزمة حقيقية اليوم تعيشها حرية الصحافة تقريبا في كل قارة وفي كل دولة لقد ذكرتنا السنوات القليلة الماضية أن حرية الصحافة لاتتحقق بسهولة إنها تتطلب دفاعا مستمرا في الديمقراطيات العريقة، إن الحكومات تتراجع اليوم باسم الأمن الوطني ومايسمى بـ«الحرب ضد الإرهاب»، كمبرر من أجل مضاعفة التضييق على التقارير الصحفية.

إن التدابير الوحشية التي تتخذ من أجل وضع حد للاختلاف السياسي لا تصلح فقط إلا في إسقاط قوانين الحريات والديمقراطيات التي تدعى حمايتها، إن الحقوق المتبناة من طرف حرية التعبير، حرية الشراكة، حرية الحركة، حرية التجمع، كلها اختبرت عن طريق تغيير أرضية السياسة المتبعة في مايسمى بـ«الحرب ضد الإرهاب».

الحكومات، الشرطة، والمحاكم، يقيمون حصارا شاملا على واجباتنا المهنية من أجل حماية المصادر السرية، يرتفع يوما بعد يوم عدد المراسلين الذين يسقطون ضحايا لنشر المعلومات الحقيقية التي تحرج حكوماتهم، اضطرت الفيدرالية الدولية للصحفيين إلى التدخل للاحتجاج على التحركات التي قامت بها حكومات الدنمارك هولندا، والمانيا، بعمليات التجسس على صحافييها وممارسة ضغوطات لامبرر لها.

إنه ليس من المعقول التجسس على الصحافيين في الكثير من ديمقراطيات العالم واستعمال المصالح الأمنية لمخبرين مأجورين داخل المؤسسات الإعلامية أو أن تخضع هواتفنا يوميا للمراقبة وأن يتابع المراسلين بسبب القيام بواجبهم المهني. حينما تتصرف ديمقراطيات عريقة بهذا الشكل، فإنه من غير المفاجئ أن تلجأ الأنظمة التي يتم فيها خرق حقوق الإنسان بشكل معتاد فإن هذا الأمر يجعل هذه الحكومات تـزيد مـن قوة الطغيان الذي تحكم به بلدانها.

في الديمقراطيات الأقل عراقة نرى أن التسلط يزداد ترسخا فهناك مجموعة من حالات للصحفيين يتعرضون للتحرش والهجوم والاختطاف والاعتقال، فالكثير من زملائنا والبعض الأكثر شجاعة وتصميما هؤلاء مستعدون للتضحية بحياتهم الشخصية والعملية من أجل الصالح العام وهم رهن الاعتقال والاحتجاز.

نحن عائلة الصحفيين العالميين عائلتكم نشارككم في رعبكم وغضبكم بسبب المعاملة التي يعامل بها زملاءنا هنا في اليمن، نحن نعرف ظروفكم والأحكام المسيسة والمجرمة وكذلك الرقابة التي تواجهونها بشكل دائم، ونعلم كذلك بقانون الصحافة المتشدد وقيوده الكثيرة حول تغطية أخبار الرئاسة، أمن الدولة والدين، وبالتالي فإن رسالتنا ورسالة 150 نقابة من مختلف دول العالم إلى السلطات اليمنية لازالت مدوية وواضحة، إنها دائما رسالة احتجاج واستنكار.

لن نقبل باضطهاد الصحفيين ولا باعتقالهم أو فرض الرقابة عليهم بأي شكل من الأشكال.

إنه من المحزن وجود حرية الصحافة في اليمن، دائما تحت الظل نظرا لعدم وجود ثقافة ديمقراطية أو حرية صحافة متجذرة، والتي خلقت أفضل الظروف من أجل مراقبة نفسها بنفسها وأيضا من أجل التوجيه السياسي.

وقد كنا نلح على حكومتكم أن تجعل حرية الصحافة من بين أولوياتها، ولكن حين يتعلق الأمر بقضايا كتلك التي حدثت مؤخرا، حيث جاء قرار المحكمة الخاصة بالإرهاب ـ ضاربا بعرض الحائط العفو الرئاسي ووعود وزارة العدل وأجهزة رسمية أخرىـ بكون القضية قد أغلقت ولازال حكم بست سنوات نافذا في حق عبدالكريم الخيواني.

باسم المائة وخمسين نقابة المنتمية للفيدرالية الدولية للصحافيين والـ 600 ألف من أعضائها أوجه من جديد نداء للسلطات اليمنية لتعمل على احترام قرار الرئيس العفو عن الخيواني، إلغاء العقوبة الصادرة في حقه، نحن جميعا وراء عبدالكريم الخيواني وسندعمه إلى أن يستعيد حريته ويعود لممارسة مهنته دون مضايقات.

إننا نقول للسلطات اليمنية إن هذه البلاد لن تسير في طريق الديمقراطية واحترم حقوق الإنسان إذا استمر اضطهاد الصحفيين والاعتداء على حقوقهم.

احتفل العالم في ديسمبر الماضي بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولكن بالنسبة إلينا نحن الصحافيين لانجد ما نحتفل به فنحن نوجد أمام مهنة كان من المفروض أن تكون حامية الكثير من الحريات المعبر عنها في الإعلان العالمي لكنها اليوم تعيش أزمة على مختلف الأصعدة.

إن المؤسسات الإعلامية القوية تستعمل قوة التكنولوجيا من أجل السيطرة على العالم، ومن خلال هذه الطريق فقد نسيت كل مفهوم لمهمة الصحافة، فبالنسبة إليها كل ما يهم هو نظام إعلامي يخدم مصالح المؤسسسات الإعلامية والممولين وفي نفس الوقت فإن الصحافيين يعملون في ظروف بائسة، من المستحيل الحديث بحماس عن حرية الصحافة بينما يعيش الصحافيون ظروفا صعبة ويعانون من الفقر والإهمال حتى في الدول الغنية.

إنها أوقات صعبة، حيث إن الحاجة إلى صحافة واعية ومستقلة واخلاقية تصبح أكثر صعوبة عن ذي قبل.

اليوم هناك الكثير من الناس الذين يحاولون خلق الانقسامات بين الصحافيين العرب وزملائهم في العالم وهؤلاء الناس يحاولون نشر الخلاف السياسي، حيث لايوجد إنهم يحاولون تحريف حقيقة الظروف المتغيرة في العالم من أجل الإيحاء أن ايديولوجيات الحرب الباردة القديمة لازالت تحدد العلاقات بين الصحفيين.

نحن في الفيدرالية الدولية للصحفيين نرفض هذه الطريقة السطحية والمستهلكة من أجل التفرقة بين الصحفيين فلايوجد مكان لها في عالم الإعلام المعاصر.

لهذا فقد بدأنا بلورة مبادرتنا من أجل الصحافة الأخلاقية التي صارت نقطة مركزية في لقاءاتنا منذ اتفاقنا في مؤتمر الفيدرالية في موسكو.

إننا نرفع هذا التحدي من أجل التوعية بأهمية المعلومات الدقيقة التي يجب أن تحصل عليها الصحافة وتستخدمها في تقاريرها، مما ستساعد على خلق تفاهم مشترك في مواجهة الانقسام سواء كان محددا عن طريق اللغة، الثقافة، العرق، أو المعتقد الديني.

لقد ألزمنا أنفسنا منذ سنوات كثيرة بالوقوف، جنبا إلى جنب معكم وتطوير برنامج العمل الذي سيعزز حقوق الصحافيين، التضامن بين الفروقات الصحافية المختلفة، وأن تعالج بعضا من القضايا المستعجلة التي تواجه زملاءنا.

خلال السنوات القليلة الماضية، فإن مجموعة من اتحادات الصحافة العربية انضمت إلى الفيدرالية الدولية للصحفيين هناك اليوم 13 عضوا، فهم يلتقون يوحددون برنامج عمل مبادرات في المنطقة والتي ستقوي منظمتهم في العديد من القضايا ككل من الحماية إلى الحملات من أجل إيقاف تجريم المهنة وتوفير طروف عمل محترمة وأيضا اتفاقيات جماعية.

ولهذا فمن الضروري أن الاستمرار في تعزيز شراكاتنا كي نصبح قادرين على العمل معا لأجل بناء جمعيات ونقابات تمثيلية مستقلة للصحافيين التي تقف للدفاع عن حقوقنا كلما تعرضنا للتهديد ـ سواء من طرف مالكي وسائل الإعلام أو من طرف السياسين.

ولكن لايراودنا أي شك أن نقابتكم كانت دائما في خضم النضال من أجل العدالة الاجتماعية وعن الحقوق المهنية للصحافة لقد أظهرتم أيضا الروح النضالية للنقابة والتي هي نموذج حقيقي لكل النقابات في المنطقة.

إن نقابتكم إشارة تاريخية قوية تشرف الصحافة اليمنية والتي لازالت مستمرة إلى يومنا هذا، فنقابتكم تعتبر من نواح كثيرة نموذجا لذلك النوع من المنظمات التي تحتاج من أجل بناء اتحاد مناضل وقوي: المزيج الخالص من الإنسانية والصود القوي في وجه الظلم.

يقال إن الاتحاد قوة وقوتكم في اتحادكم، لا تتركونهم يقسمونكم، إن بقاءكم متحدين، حاسم ليس فقط بالنسبة لأعضاء نقابتكم وإنما لكل مواطني اليمن.

وفي الختام أؤكد لكم اعتقادي أن الصحافة اليمنية بين أيدي أمينة مادامت نقابة الصحفيين اليمنيين مستمرة في ازدهارها وتطورها.. وشكرا».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى