أروى.. طفلة تقهر الصمم والبكم و تتعلم القراءة و الكتابة

> «الأيام» رياض الأديب:

>
حينما تقهر الإرادة كل التحديات ويعقد العزم على المضي قدما نحو الهدف المنشود فذلك هو النجاح بعينه.

وأروى منصور محمد طفلة في عمر الزهور لم تكد تعي شيئا من الدنيا حتى وجدت نفسها تفتقر إلى حاسة السمع ونعمة الكلام وسط عائلة تعاني بأكملها الحالة نفسها.

تلك الطفلة البريئة شمرت عن ساعديها وأطلقت لقدميها العنان نحو هدف منشود تمثل في التعلم بمدرسة تبعد عن قريتها النائية في عزلة الشيخان بمديرية خدير محافظة تعز عدة كيلومترات.

أروى لم تقهر وعورة الطريق وبعد المسافة فحسب وإنما قهرت بحبها للعلم حالة الفقر المدقع الذي تعيشه في كنف أسرة يصعب عليها توفير متطلبات التعليم لأمور مجتمعة منها الصمم و البكم والفقر والمرض وبعد المدرسة.

الطفلة استطاعت أن تتعلم القراءة والكتابة لتغدو في الصف الثالث الابتدائي و لسان حالها يقول «أود أن أكمل تعليمي» ليبقى السؤال من لها ومن سيأخذ بيدها إلى بر الآمان لإكمال مشوار حلمها في كنف أسرة ترى أن إجادتها القراءة والكتابة مرحلة كافية لضيق ذات اليد ولظروف لا يعلمها غير عالم الغيب سبحانه؟

تعود حكاية هذه الأسرة إلى منتصف ثمانينات القرن الماضي عندما عقد العزم منصور محمد أحمد والد أروى الذي يعاني الصمم والبكم على إكمال دينه والبحث عن رفيقة العمر, لكن ثمة أمر اكتنفه وجعل المهمة تبدو صعبة في بادئ الأمر إلى أن وفقه الله بزوجة تحمل صفته نفسها و تعاني ما يعانيه من فقدان نعمة السمع والكلام ، وزفت العروس إلى العريس و كانت الأيام المباركة المستمدة من الصبر و الإيمان بقضاء الله و قدره تمر وتشاء إرادة الله أن تحمل الزوجة بتوأمين عرفا النور قبل سبعة عشر عاما وكانا ذكرا وأنثى أطلق على أولهما حسام و الأخرى عفاف, ولكن ما لم يكن يتوقعه الزوجان أن يرث أولادهم عنهما حالتهما من فقدان نعمتين عظيمتين ليكون الصبر ملاذهم وعوضهم عند الله.. تمر السنوات لتأتي أروى تليها انتخاب ثم زكريا ليكون آخر العنقود محمد البالغ 7 أعوام وجميعهم يعانون الصمم واليكم. تعيش الأسرة في منزل متواضع للغاية على تلة مرتفعة يتناسب والفقر الذي يعيشونه، تبعد قريتهم عن دمنة خدير مركز المديرية بـ 10 كليومترات تقريبا.

يقول الحاج محمد أحمد والد منصور إنه وابنه محتسبان صبرهما وأجرهما عند الله, كون العمر قد تقدم به و يعتبر العائل الوحيد لابنه وحفدته الصم والبكم ولأن العين بصيرة واليد قصيرة حد قوله فإن علاج حفدته يكون في أكثر الأوقات عبارة عن أشجار (العلفق والحلقة) للحالة الصعبة التي يعيشونها.

أروى حينها كانت في المدرسة فيما والدها في الوادي يرعي الأغنام لنلتقي بقية أفراد الأسرة.

عقدنا العزم على زيارة أروى غير عابئين ببعد المسافة ووعورة الطريق بغية نقل معاناة هذه الأسرة الطيبة و كيفية قضاء حياتها والتغلب على همومها و مشاكلها. وبدورها تلقتنا بابتسامة غلب عليها الحزن، ومن تحت خمارها الرث المعبر عن حالتها تبتسم أروى للحياة و تستقبلنا بمباشرة كتابة اسمها على سبورة فصلها.

تبقى أسرة منصور وابنته أروى عنوانا للصبر و مثالا على مكابدة الحياة وتحدي مصاعبها على سطح هذا الكوكب ليبقى الأمل معقودا فيمن يزرع الابتسامة فيهم وعرض حالتهم على أطباء متخصصين في هذا المجال ليكون الخير معقودا فيمن رزقهم الله بقلب طيب وروح تسعى إلى مساعدة الآخرين واحتساب الثواب لدى المولى سبحانه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى