التمديد دون 6 أشهر وبقانون والتعديل الدستوري لمجلس النواب لأربع سنوات

> د. محمد علي السقاف :

> بالإمكان تسمية الجمهورية اليمنية بدولة التمديد والتعديلات الدستورية، ولاغرابة في ذلك إذا علمنا أن النخبة الحاكمة الآن شهدت وعاصرت في إطار الجمهورية العربية اليمنية.

خلال الفترة فقط ما بين 1962-1079م (أي خلال 17 عاماً) 5 دساتير وتسعة إعلانات دستورية و3 قرارات دستورية، تضخم عدد الإعلانات والقرارات الدستورية بعد ذلك التاريخ من عام 1979م حتى 1990 مع قيادة دولة الوحدة مقابل ذلك لم يشهد الجنوب بفارق خمس سنوات عن الشمال إلا دستورين دائمين فقط.

ومنذ وحدة الدولتين في الجنوب والشمال في 22 مايو 1990م شهدت دولة الوحدة حتى الآن بما سمي «ببيان سياسي وإعلان دستوري» في نوفمبر 1992، ودستورين (دستور الوحدة 1990)ودستور 1994 (الذي ألغى دستور الوحدة، واعتبر كتعديل دستوري لعام 1994 وتعديلين دستوريين آخرين في فبراير 2001، وفبراير 2009 إذا أقر مجلس النواب التعديل الأخير في أبريل القادم). ولا يعرف المرء إذا كان هذا التضخم الكمي والعددي للدساتير والتعديلات الدستورية يعود إلى الموروث السياسي للنخب حصراً أم أيضاً إلى الارتجالية ونقص الثقافة القانونية بمفهومها الواسع. نتناول في (أولا) من هذا المقال موافقة مجلس النواب مبدئياً على التمديد لنفسه لعامين قادمين، وفي ثانياً: البدائل التي نقترحها.

أولا: تمديد مجلس النواب فترته الحالية لعامين قادمين دون انتخاب:

في 26 فبراير الماضي اتفقت كتلتا المؤتمر وأحزاب اللقاء المشترك في مجلس النواب على تأجيل موعد الانتخابات النيابية التي كان مقرراً إجراؤها في 27 أبريل القادم بنهاية ولاية المجلس القائم في مطلع مايو 2009م. وتحقيقاً لذلك تقدم النواب بطلب تعديل المادة (65) من الدستور بغرض تمديد فترة المجلس القائم لعامين قادمين حتى 2011 واتبعت بهذا الصدد الإجراءات المنصوص عليها في المادة (158) من الدستور الخاصة بأصول تعديل الدستور من ناحية توقيع طلب التعديل من ثلث أعضاء المجلس وموافقة أغلبية أعضائه على مبدأ التعديل. إذا كانت آلية طلب التعديل احترمت نصوص الدستور، ماذا عن احترام مضمون المادة (65) المطلوب تعديلها من ناحية التمديد دون انتخاب؟ وهل أجازت المادة ذلك «لظروف قاهرة» توفرت عناصرها مما استدعى الأمر إلى طلب التعديل؟ وهل فترة التمديد لعامين الأسباب والمبررات الداعية للتعديل فرضتها كضرورة أم كان بالإمكان اختزال الفترة لمدة أقل بكثير؟

(أ) مجلس النواب مجلس منتخب يفقد شرعيته الدستورية بدون انتخاب

الانتخابات مصدر الشرعية الدستورية لمجلس النواب فوفق المادة (4) من الدستور، الشعب هو مالك السلطة ومصدرها ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة. وحددت المادة (63) بأن مجلس النواب يتألف من 301 عضو ينتخبون بطريق الاقتراع السري العام الحر المباشر، وحددت المادة (64) شروط الناخب وشروط المرشح لعضوية المجلس، وقضت المادة (65) أن الانتخابات تتم بشكل دوري وفقاً للمدة النيابية المحددة بـ 6سنوات تبدأ من تاريخ أول اجتماع له، ويدعو رئيس الجمهورية الناخبين إلى انتخاب مجلس جديد قبل انتهاء مدة المجلس بـ60 يوماً على الأقل .. وتأكيداً لصفة ضرورة انتخاب أعضاء المجلس نصت المادة (78) أنه إذا خلا مكان عضو من أعضاء المجلس قبل نهاية مدة المجلس بما لا يقل عن سنة انتخب خلف له خلال 60 يوماً من تاريخ إعلان قرار المجلس بخلو مكانه..إذن تمديد مدة ولاية المجلس لعامين دون انتخاب يتعارض مع النصوص الدستورية المشار إليها ويتعارض أيضاً مع المادة (5) من الدستور التي أكدت أن طبيعة النظام السياسي للجمهورية يقوم على التعددية السياسية الحزبية، وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً ومع حق المواطن في الانتخاب والترشيح وفق نص المادة (43) من الدستور، مما يعني إفراغ مبدأ التداول للسلطة من محتواه لمدة عامين وتأجيل حق المواطن في الانتخاب والترشيح في نهاية مدة الاستحقاق الدستوري لمجلس النواب في أبريل المقبل 2009م.

> تمديدات 1992 و2001

-في تمديد عام 1992 على المؤسسات الدستورية القائمة (مجلس الرئاسة ومجلس النواب)

وفي تمديد مدة ولاية الرئيس ومجلس النواب لعامين بأثر رجعي وفق تعديلات الدستور لعام 2001، الاختلاف بين تمديد عامين في 2001 وتمديد عامين لمجلس النواب في 2009 مقارنة بعام 1992، أن تمديد عام 1992 جاء لتمديد الفترة الانتقالية التي قربت بالانتهاء في 12/11/1992 حددت بنحو 6 أشهر لمجلس النواب ولمجلس الرئاسة حتى الانتهاء من إعداد الانتخابات العامة لمجلس النواب التي حددت في 27 أبريل 1993. وهذان المجلسان (مجلس النواب ومجلس الرئاسة) أنشئا وفق نص المادتين2-3 من اتفاقية الوحدة الموقعة في 22 أبريل 1990م ولم ينشئا وفق أحكام دستور الوحدة وبالتالي لم يتم انتهاك نصوص الدستور خاصة فيما يتعلق بحقوق المواطن في الانتخابات والترشيح، فمصدر شرعيتهما دولية هي اتفاقية الوحدة بعكس تمديدي 2001 و2009 يلغى مبدأ عدم الانتخاب مصدر شرعية المؤسستين الرئاسية والنيابية للمدد الإضافية لولايتهما الأصلية بسنتين.

(ب) التمديد دون انتخاب (لظروف قاهرة)

أقرت المادة (65) من الدستور أن يدعو رئيس الجمهورية الناخبين إلى انتخاب مجلس جديد قبل انتهاء مدة المجلس بـ 60 يوماً على الأقل «فإذا تعذر ذلك لظروف قاهرة ظل المجلس قائماً.. حتى تزول هذه الظروف ويتم انتخاب المجلس الجديد»، ماذا يعني شرط التمديد (لظروف قاهرة) وهل هذا المصطلح هو السائد في الدساتير الأخرى التي سمحت بإمكانية التمديد؟

فيما يلي أقدم للقارئ العزيز نتيجة استطلاعات سريعة لبعض نصوص الدساتير العربية ودساتير ماقبل الوحدة لدولتي الجنوب والشمال.

فعلى مستوى الدساتير العربية: نص الدستور السوري على أنه لا يجوز تمديد (مدة مجلس الشعب) عن 4 سنوات «إلا في حالة حرب بقانون»، وقضى كذلك الدستور التونسي بالتمديد «بسبب حالة الحرب أو خطر داهم فإن مدة المجلس القائم تمدد بقانون«، وكذلك في الدستور الكويتي «ولا يجوز مد الفصل التشريعي إلا لضرورة في حالة الحرب ويكون هذا المد بقانون» ، وقضى الدستور الجزائري بأنه «لايمكن تمديد مهمة البرلمان إلا في ظروف خطيرة جداً.. ويثبت البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعين معاً هذه الحالة بقرار بناء على اقتراح رئيس الجمهورية واستشارة المجلس الدستوري» وأعطى دستور البحرين للملك «أن يمد الفصل التشريعي لمجلس النواب عند الضرورة بأمر ملكي مدة لا تزيد عن سنتين».

أما على مستوى دساتير ما قبل الوحدة، فقد نص دستور ج.ي.د.ش (الجنوب) لعام 1970 أنه إذا انتهت مدة مجلس الشعب الأعلى «أثناء حالة الدفاع جاز له أن يقرر بأغلبية أصوات أعضائه أو بناءً على قرار مجلس الرئاسة أن يمد مدته حتى تنتهي حالة الدفاع» وفي مادة أخرى أوضح أن مجلس الرئاسة يتولى «إعلان حالة الدفاع في حالة التهديد بعدوان خارجي ضد الجمهورية»، وفي دستور 1978 أكد على المبدأ نفسه باستبدال (حالة الدفاع) «أثناء التعبئة العامة تعتبر مدة مجلس الشعب مستمرة إلى حين انتهاء هذه الحالة» وهيئة الرئاسة هي التي تتولى إعلان التعبئة العامة «..في حالة التهديد بعدوان خارجي ضد الجمهورية».

ومن جانبه فإن مجلس الشورى في ج.ع.ي المكون من 159عضواً 20% من أعضائه معينون من قبل رئيس المجلس الجمهوري وفق الدستور الدائم لعام 1970 نص على أنه إذا تأخر انتخاب أعضاء مجلس الشورى «لسبب من الأسباب يبقى المجلس قائماً حتى يتم انتخاب المجلس الجديد لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر (تحديد المدة القصيرة هنا مهم) ولا يجوز أن تمتد مدة المجلس إلا لضرورة.. ويكون هذا المد بقانون». في ضوء هذا الاستعراض السريع يتضح أن غالبية الدساتير التي تناولناها أقرت التمديد وعدم إجراء الانتخابات في موعدها المقرر ليس بشكل جزافي وعبثي وإنما ضمن شروط مقيدة، بوجود حالة حرب أو خطر داهم أو عند الضرورة، وأخذت بعض الدساتير كما رأينا مثل الدستور الكويتي بأن مد الفصل التشريعي يستلزم ثلاثة شروط هي وجود ضرورة واقتران وجودها بحالة الحرب وأخيراً لابد أن يكون المد بقانون وليس بمرسوم!

السؤال المطروح الآن في الحالة اليمنية بتأجيل انتخابات 27 أبريل 2009 وتمديد ولاية مجلس النواب لعامين دون انتخاب من 6 إلى 8 سنوات! ماهي الظروف القاهرة التي استدعت هذا التأجيل والتمديد؟ لا إجابة عن ذلك، واكتفت مذكرة الطلب المقدمة إلى هيئة رئاسة مجلس النواب الموقع عليها من قبل رؤساء الكتل البرلمانية بتقديم «الأسباب والمبررات الداعية للتعديل» وفق ما تشترطه المادة (158) بأصول تعديل الدستور، ولكن المذكرة لم تتطرق إلى شرط وجود ظروف قاهرة وفق نص المادة (65) لتأجيل الانتخابات عن موعدها، فالأسباب والمبررات التي وردت في مذكرة النواب تخص التعديل الدستوري للمادة (65) التي لم تشترط إجراء تعديل دستوري لها في حالة تعذر إجراء الانتخابات في موعدها. وسبب طلب تعديل دستوري جاء نتيجة أن المادة (65) حددت ولاية المجلس بـ6 سنوات في حين أن التمديد لعامين إضافيين يحول مدة ولاية مجلس النواب من 6 إلى 8سنوات، وبطول فترة التمديد اعتراف بعدم وجود ظروف قاهرة فعلاً تستدعي ذلك التمديد الطويل لثلث الولاية الأصلية للمجلس! لذلك لم يتم توضيح طبيعة الظروف القاهرة في حين في تمديد عام 1992 الصادر في «بيان سياسي وإعلان دستوري» بتاريخ 14/11/1992 حدد بالنص أنه جاء نتيجة تلقي مجلس الرئاسة تقريراً من اللجنة العليا للانتخابات بأنها تجد «بأن المدة المتبقية من الفترة الانتقالية غير كافية لاستكمال مهام الإعداد والتحضير وتنفيذ أعمال الانتخابات النيابية» «..مما يفرض استمرار المؤسسات الدستورية القائمة بقوة الدستور».

هنا تفسير واضح للظروف القاهرة المتمثلة بنهاية الفترة الانتقالية و«نشوء حالة الضرورة»، كما ورد في البيان «في تعذر إجراء انتخابات فيما تبقى من الفترة الانتقالية» فقرار التمديد في 2009 شبيه بالتمديد غير الدستوري بأثر رجعي لعام 2001 لمجلس النواب والرئيس.

تفسير الظروف القاهرة لتأجيل الانتخابات والتمديد لم ترد إلا في شكل تصريحات صحفية للأخ ياسر العواضي، نائب رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام في حديثه مع صحيفة (26 سبتمبر) بتاريخ 5/3/2009م بمعنى أنه لو انفرد المؤتمر في الانتخابات دون المشترك ستحدث «فوضى سياسية» وهو نفس تفسير د. عيدروس النقيب رئيس الكتلة البرلمانية للاشتراكي في «الأيام» بتاريخ 4/3/2009 بقوله أنه إذا ذهب المؤتمر إلى الانتخابات سيحدث ليس فقط أزمة للحكم ولكن أزمة للوطن كله وسيؤدي إلى كوارث على صعيد الوطن؟؟ ياللهول! إنها لعبة قديمة تتكرر في كل مناسبة انتخابية لمجلس النواب، كما حدث في عام 1997-2001 ففي الانتخابات النيابية لعام 1997 حين تبين (للإصلاح) أن شريكه في الحكم يسعى للحصول على الأغلبية المريحة حسب تعبير الدكتور الإرياني، الأمين العام السابق للمؤتمر بادر الإصلاح بالتقرب من مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة بزعامة الاشتراكي ووقع معهم في 27/8/1996م «البرنامج التنفيذي للقاء المشترك»، استشعر المؤتمر بخطورة هذه الخطوة، تجاهلها في البداية وبقرب موعد الانتخابات توصل إلى اتفاق تنسيق مع الإصلاح في 25/1/1997، واتبع اللعبة ذاتها مع مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة الذي طرح مبادرتين في 6/6/1996، وديسمبر 1996 حول الضمانات السياسية والقانونية لانتخابات حرة ونزيهة يجب توفرها للمشاركة تقدم على إثرها الرئيس صالح بمبادرة نحو الاشتراكي سميت بمبادرة النقاط السبع بهدف حل الأزمة بين الاشتراكي والمؤتمر، واستمر الحوار حول هذه النقاط حتى فبراير 1997 لتصل إلى طريق مسدود قرر بعدها الاشتراكي في 5 مارس 1997 مقاطعة الانتخابات واتخذ القرار نفسه حزب الرابطة (رأى) وحزب التجمع الوحدوي، ويعتبر بهذه المناسبة شهر فبراير من أشهر السنة الفاصلة، وصول الحوار إلى طريق مسدود بين الاشتراكي والمؤتمر كان في فبراير 1997م، وفي فبراير 2001، بشهرين قبل انتهاء مدة مجلس النواب المنتخب في عام 1997 لمدة أربع سنوات يجري تعديل دستوري بتمديد مدته سنتين بأثر رجعي بدلاً من بداية تغيير مدة الولاية من 4 إلى 6 سنوات ابتداءً من انتخابات أبريل 2001! وتكررت المسرحية نفسها من جديد الآن بتأجيل الانتخابات والتمديد لعامين بالطلب المقدم إلى مجلس النواب في 26 فبراير الماضي من 2009!

ج) التمديد لعامين أجل طويل غير مبرر إطلاقاً

بيّنا في الفقرة (ب) السابقة أن التأجيل والتمديد اللذين نصت عليهما بعض الدساتير العربية ارتبطا بشروط استثنائية مقيدة بحالة وجود حرب أو خطر داهم، ولم تحدد فترة زمنية لذلك، بينما في دستور البحرين قيد التمديد (مدة لا تزيد عن سنتين) ودستور 1970 لليمن الشمالي قيدها (لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر) لماذا إذن التمديد لعامين لمجلس النواب القائم؟

بينت مذكرة الطلب المقدمة إلى هيئة رئاسة المجلس في 26 فبراير 2009 الأسباب والمبررات بتوفير الوقت الكافي لإتاحة الفرصة للأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في مناقشة التعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظامين السياسي والانتخابي بما في ذلك القائمة النسبية. إذن سنتان من أجل مناقشة التعديلات الدستورية في اتجاهين 1) تطوير و(ليس تغيير) النظام السياسي/ 2) والنظام الانتخابي بما في ذلك القائمة النسبية!!

وسنبين فيما يلي الفارق الشاسع في المدة الزمنية التي حددت أو استغرقها تنفيذ مشاريع سابقة في مجال التعديلات الدستورية والنظام الانتخابي، وسنبدأ بالنظام الانتخابي أو نشير قبل ذلك إلى أن اتفاقية الوحدة الموقعة في صنعاء في 22 أبريل 1990(خلافاً لكل اتفاقات الوحدة السابقة من اتفاقية القاهرة في 28 أكتوبر 1972 حتى اتفاقية عدن في 30 نوفمبر 1989) لم يستغرق إعدادها حسب مصادر موثوقة أكثر من 6 ساعات فقط!!

1) الجانب الانتخابي:

في الرسالة التي وجهها القاضي عبدالكريم العرشي، رئيس أول لجنة عليا للانتخابات إلى رئيس وأعضاء مجلس الرئاسة بتاريخ 28/10/1992م (الشرق الأوسط في 30/10/1992) أشار في رابعاً من الرسالة «في ما يتصل بالمواد اللازمة للانتهاء من التحضير ولتنفيذ الانتخابات حتى آخر إجراء فيها، تتوقع اللجنة العليا أن تنتهي من أعمال التحضير بتاريخ 25/11/1992م.

تتحد المودد اللازمة لتنفيذ الإجراءات الانتخابية بـ83 يوماً تبدأ من 26 /11/1992م موزعة على النحو الآتي: شهر واحد لعملية قيد وتسجيل الناخبين، 23 يوماً لنشر أسماء الناخبين وتلقي الطعون والبت فيها ونسخ جداولها النهائية الدائمة للقيد، شهر واحد لتقديم طلبات الترشيح والتأكد من الشروط والبيانات والبت فيها وتنفيذ الدعاية الانتخابية وإجراء الاقتراع وبناء على ما تقدم يكون يوم 18/2/1992م هو يوم الاقتراع».

وأشار فضيلة القاضي (رحمه الله) في منتصف رسالته أن مهمة اللجنة العليا (مهمة تأسيسية باشرت أعمالها من الصفر) فلا يوجد لائحة تنفيذية لقانون الانتخابات ولا تقسيم ثابت للدوائر الانتخابية على مستوى الجمهورية ولاسجلات قيد ثابتة للناخبين على مستوى التقسيمات الجديدة للناخبين، فموضوع البيانات السكانية للجمهورية اليمنية (مع قيام الوحدة) استغرقت اللجنة بشأنه وقتاً طويلاً. فبالبداية قدم الجهاز المركزي للإحصاء بيانات سكانية قدرها بـ(13.677.972) في 27/8/1992م وقسمت الدوائر الانتخابية على أساسه ثم بطلب من اللجنة العليا أعاد تقديراته لتصبح (14.256.733)؟ لتعيد اللجنة تقسيم الدوائر من جديد فإذا كانت هذه العملية الأولى التأسيسية تطلبت تمديدا لفترة 5 أشهر فقط وفق البيان السياسي والإعلان الدستوري بتمديد الفترة الانتقالية من 22/11/1992 حتى 27/4/1993فهل يتطلب تطوير النظام الانتخابي بما في ذلك القائمة النسبية التي لن تخترعها اليمن ومختلف تجارب العالم ليكون في متناول اليد فترة طويلة؟

1) الإصلاحات السياسية والدستورية:

(أ) أهم وثائق الإصلاح السياسي: برنامج حيدر العطاس تحت مسمى «البناء الوطني والإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي والإداري» الذي أقره مجلس النواب في 25 ديسمبر 1991 ووضعته الحكومة كما جاء في مقدمة البرنامج ضمن خطة عمل مجلس الوزراء لعام 1991 بعد أن حازت على الثقة في مجاس النواب أي في غضون أقل من سنة؟

وثيقة العهد والاتفاق: في ذروة الأزمة السياسية الحادة والخطيرة قامت لجنة حوار القوى السياسية بعقد اجتماعات متواصلة في 22/11/ 1993م حتى 18/1/1994م بين كل من صنعاء وعدن لاحتواء الأزمة السياسية ولبناء الدولة الحديثة، انتهى بتوقيع الوثيقة في 20 فبراير 1994م في عمان العاصمة الأردنية ولم يستغرق إعدادها أكثر من شهرين. وحددت لإجراء التعديلات الدستورية لتنفيذ ما تضمنته الوثيقة (فترة 3 أشهر ولا تتجاوز 5 أشهر)!!

البرنامج الانتخابي للرئيس صالح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وبرنامج المهندس فيصل بن شملان مرشح اللقاء المشترك الذي حدد فيه أنه سينفذ مشروع اللقاء المشترك للإصلاح السياسي والوطني ماذا عمل الطرفان (المؤتمر والمشترك) منذ نهاية الانتخابات الرئاسية سبتمبر 2006 لفترة أكثر من عامين ونصف العام لبلورة اتفاق على تطوير النظامين السياسي والانتخابي؟

(ب) أهم الإصلاحات الدستورية: في وثيقة التنسيق والتحالف بين المؤتمر والاشتراكي الموقعة من صالح والبيض في أقل من سنة (من سبتمبر 1992 حتى يونيو 1993) وبعدها توقيع اتفاق الأقطاب الثلاثة المؤتمر والإصلاح والاشتراكي بتاريخ 1/8/1993 على مشروع تعديلات دستورية مختلف عن الأولى وافق مجلس النواب على مناقشة مبدأ التعديل في 4/8/1993م ولم يتم مناقشته إلا بعد حرب 1994م ليصبح دستوراً جديداً دستور 1994م.

ثانياً: الحل البديل للتمديد عامين والمقترح من قبلنا

يجب أن يتوصل المؤتمر واللقاء المشترك إلى قناعة قاطعة من الناحية الدستورية والسياسية أن التمديد لعامين لمجلس النواب القائم دون انتخاب يلغي شرعيته الدستورية ومجلس من دون شرعية دستورية كيف يمكنه التصويت على مشروع التعديلات الدستورية التي سيتفق عليها الطرفان لتطوير النظامين السياسي والانتخابي، لذلك أقترح بإلحاح أن يتم سحب المشروع المقدم في 26 فبراير بتمديد المجلس عامين واستبداله (دون انتظار مدة الشهرين في 25 أبريل) بطلب تعديل المادة (65) نفسها بتخفيض مدة ولاية المجلس من 6 سنوات إلى 4 سنوات وهذا يمثل نقطة مشتركة لبرنامج الرئيس صالح الانتخابي ومشروع اللقاء المشترك للإصلاح السياسي والوطني. وهذا التعديل لا يتطلب استفتاء شعبيا عليه وفق المادة (158) من الدستور النافذ. وموضوع سحب مشروع التعديل سبق قانونا أن طلبه الرئيس صالح لأسباب سياسية بشأن سحب المقترح المقدم من عدد من أعضاء المجلس بتعديل المادة (111) من الدستور بتمديد مدة ولايته من 5 إلى 7 سنوات ورفضها المجلس بعدم الموافقة على الطلب في جلسته المنعقدة يوم السبت 12/11/2000 ولم يرفض طلب الرئيس لأسباب دستورية وإنما في إطار المجاملات السياسية أنه طلب للنواب تمديد مدتهم عامين في تعديلات 2001 كيف لهم أن لا يردوا الجميل بأحسن منه!! فإذا تم الآن في غضون الأسبوع قبل الأخير من مارس سحب المشروع السابق واستبداله بمشروع تخفيض مدة ولاية مجلس النواب من 6 سنوات إلى 4 سنوات، وصوت المجلس على ذلك ستسري مدة الشهرين لنقل من 23 أو 24 مارس حتى 23 مايو للبدء بمناقشة المشروع وتعديله بموافقة ثلاثة أرباع المجلس، ويعتبر التعديل نافذا من تاريخ الموافقة، ولنقل أن المناقشة لمدة أسبوع من الخميس 23/5 حتى الخميس 30/5 سيكون التعديل نافذا.

وتجدر الإشارة هنا وفق المادة (65) من الدستور أن مدة المجلس تحتسب من أول اجتماع له وتقضي المادة (76) من الدستور «يعقد مجلس النواب أول اجتماع له خلال أسبوعين من إعلان نتائج الانتخاب» وعليه فإن أول اجتماع للمجلس القائم كان بتاريخ 9/5/2003م وبذلك فإن نهاية ولايته الدستورية ستكون مبدئياً يمكن الدعوة لانتخابات نيابية بعد إقرار التعديل الدستوري الذي افترضناه في 30/5. حتى يتم كل ذلك يمكن صدور قانون بالتمديد والدعوة إلى انتخابات بعد إقرار تعديل الولاية لفترة أقل من 6 أشهر. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى بخصوص النظام الانتخابي فإن تبني نظام القائمة النسبية سيتطلب مراحل أطول زمنياً من ناحية تعديل دستوري لأن المادة (63) التي حددت النظام الفردي للانتخابات في حاجته بعد موافقة المجلس إجراء استفتاء شعبي. والسؤال لماذا لايؤخذ بنظام الانتخاب الفردي على دورتين كالنموذج الفرنسي وهو أفضل وأكثر عدلاً في توزيع الأصوات من نظام الدورة الواحدة، ودستورياً لاتحتاج المادة (63) تعديلها فقط، التعديل يحتاج إجراؤه على مستوى قانون الانتخابات ويجرب هذا النظام لفصل تشريعي مدته 4 سنوات، لكن لا يمنع أثناء فترة البحث عن اتفاق بين الطرفين أن يدرس نظام القائمة النسبية. من هنا يجب التركيز في اتجاهين سحب المشروع السابق واستبداله لمدة ولاية نيابية لأربع سنوات، وإجراء الإعداد لتعديل قانون الانتخابات، وغير ذلك في غضون شهرين أو ثلاثة كحد أقصى. سيؤدي ذلك في الخلاصة كلما جرى التبكير بأخذ تلك الإجراءات إلى فارق أشهر قليلة بين نهاية مجلس نواب منتخب في يونيو أو يوليو 2009 لمدة أربع سنوات ينتهي في يونيو أو يوليو 2013، والرئاسة في سبتمبر 2013، وفي حالة تقارب أو فارق بسيط بين نهاية ولايتي المؤسستين فإن المادة (133) من الدستور تقضي أنه «إذا انتهت مدة مجلس النواب في الشهر الذي انتهت فيه مدة رئيس الجمهورية يستمر رئيس الجمهورية لممارسة مهامه إلى مابعد انتهاء الانتخابات النيابية واجتماع المجلس الجديد» هل بالإمكان إجراء انتخابات نيابية قادمة في فترة أقل من 6 أشهر وينتخب مجلس نواب يتمتع بشرعية دستورية لمدة 4 سنوات وقت كافٍ لتطوير النظامين السياسي والانتخابي مع الفارق الأساسي والجوهري أن ذلك سيتم الموافقة عليه من قبل برلمان منتخب يجمع الشرعية الدستورية لإجراء التعديلات المتفق عليها والتي أحد عناصرها قد بدأ بتخفيض ولاية المجلس إلى أربع سنوات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى