الديمكراثية والتكتادوثية

> سالم سيف الصوري:

> تمهيدات أساسية لابد منها.. أولاً: أ- يا وحدة بلادي.. هم ناضلوا من أجلك.. وعادهم ما يشبهوا الهامات الوطنية لتحقيق إنجازك.

ب- وتعسلجت.. وتعثرت.. وأخيراً تنافرت متناثرة.. لغة الحوار والتفاهم بينهم. وخاطبت مصالحهم الطامعة.. بلغة الاحتدام والمواجهة عندهم.. لتدمير أهدافك.

(إيحاء مستلهم من قصيدة ياجارة الوادي لأمير الشعراء أحمد شوقي)

ثانيا:

صاح هذه خلافاتكم.. ضاقت منها الأرض بما رحبت.. كما لم تضق سلفاً من خلافات الفرقاء .. منذ العهود الأولى للعباد.

(إيحاء مستلهم من قصيدة بين الحياة والموت لرهين المحبسين أبي العلاء المعري)

ثالثاً:

لكل الفاسدين والظالمين والمتجبرين على هذه الأرض.. عروسة واحدة.. ذات قبح بوجه بشع ومخيف.. مسترخية مسبلة الجفنين على كرسي السلطة الملعون.

(إيحاء مستلهم من مقاطع لعميد أدب المهجر جبران خليل جبران)

رابعاً:

في الطريق وحدي أنا أمشي.. وحراك من حولي يكاد يذكر.. ولكنه بطيء جداً.. جداً وهو يمشي.. ومازلت أنا أمشي.. أمشي.. رغم أني أدرك تماماً.. أن الضحية أنا بدلاً من كبشي.. ولكني مستمر أمشي.. وعلى عاتقي أحمل نعشي.. وأنا وحدي أمشي ..أمشي.

(إيحاء مستلهم من شعر المقاومة لفقيد الأمة الشاعر المناضل الفلسطيني محمود درويش)

وعودة لعنوان المقال.. ينبغي تبيان التوضيح الآتي:

(هما كلمتان سجعيتان متجانستان لفظاً.. ومتناقضتان فحوى.. ولكنهما تشتركان بصورة موحدة في الأحرف الثلاثة الأخيرة لكل منهما.. كونتهما عشوائياً.. واتخذتهما جزافاً.. كاستعارتين لمصطلحين لضدين.. هما الديمقراطية والدكتاتورية.. ورغم ذلك .. في هذا الحاضر المرير والواقع المؤلم المعيش.. فهما متلازمان ومتزامنان في نفس المكان والزمان بكثير من الأوطان).

في القرن الماضي من العصر الراهن.. ساد مفهومان سياسيان اقتصاديان.. عرف الأول بالنهج الرأسمالي.. والآخر بالنهج الاشتراكي.. الأول باليمين.. والآخر باليسار.. شكلا على البسيطة قطبين قويين.. يتحكمان كل على حدة.. بمصير الأرض والإنسان.. الأول وصم بالهيمنة الاستعمارية.. والثاني بالشيوعية والإلحاد.. وانبثقت أنظمة لدول تابعة لكل منهما عرفت بالدول الرجعية والدول التقدمية.

ولكن الغريب حينها والمدهش المزعج في الأمر.. أن ثمة أنظمة تدعي اليسار.. صارت تتربع أقصى عروش اليمين .. وتوالت الأحداث وتتابعت.. وبرزت متغيرات جذرية متباينة.. وأصبح العالم مرهونا تحت هيمنة القطب الواحد.. إذن لاضير أن يتاح لكثير من الأنظمة الحاكمة السارية والمتشبثة بذيل هذا القطب الواحد.. من أن تدعي الديمقراطية في الوقت الذي تتربع فيه أقصى عروش الدكتاتورية.. فما أشبه ما يحدث الليلة بما حدث البارحة.. ولهذا وتحت حجة «إشاعة الديمقراطية كخيار وطني» - غير نباتي- لابد من التمسك "بكوسه» - سياسية- هي هسوك معكوسة.

والآن.. في هذا العهد الديمقراطي لهذا العالم الحر .. الذي ينادي به القطب الواحد.. صارت الشمولية تتلحف برداء زائف.. تحت مسمى حق التعددية السياسية بوجبات سمجة وهشة.. لاطعم لها ولا ذوق وطني.. يعدها خبراء التغذية السياسية في المطبخ الإعلامي لأي سلطة تدعي الديمقراطية.. بحرية التعبير للرأي الآخر.. ولكن مجرد قول فحسب.. أما للسلطة الحق كل الحق الذي يبيح لها بصورة مطلقة اتخاذ التدابير التي تراها مناسبة.. كرد فعل أمام ما يطرحه أو يطالب به الرأي الآخر.. بفرض شرعية تلك التدابير والإجراءات المتخذة.. لحماية السلطة الشرعية.. أو حماية النظام والقانون.

الديمقراطية اليوم.. في الكثير من الأرجاء والأصقاع والبقاع.. لا تعدو عن كونها مجرد هراء وهباء فيروسه القاتل مطمور في المستنقع الراكد لأنظمة العالم الحر.. فيا للسخرية لديمقراطية نظام حاكم أسير غروره بهيمنة السلطة.. والسواد الأعظم من رعيته.. يعاني الأمرين من الفاقة والحاجة الماسة لضروريات أولية.. في الوقت الذي هو فيه يبذل بسخاء وبذخ كنفقات لمظاهر «بونابارتية».

والديمقراطية في قاموس أي سلطة حاكمة.. لها مفهوم واحد فقط.. لا ترضى عنه بديلاً.. مهما اهتزت الشرائح الاجتماعية الواسعة والمظلومة.. أو الأحياء الشعبية.. أو الشوارع العامة.. أو حتى إذا تفشى التفسخ الاجتماعي.. هذا المفهوم الذي يعنى «دمقرتطة» القوى المتنفذة الباسطة وقوى الرعب الأمني.. وعسكرة أجهزة المؤسسة الحاكمة.. ألا تباً وسحقاً لديمقراطية هكذه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى