الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ياسين نعمان لـ «المستقبل»:اتفاقنا مع الحاكم على تأجيل الانتخابات عامين لضمان انتخابات حرة ونزيهة.. يجب التعامل مع الجنوب كمشروع سياسي وثقافي كان له الفضل في إبقاء القضية الوطنية اليمنية حية في الوعي الجماعي

> «الأيام» عن «المستقبل» اللبنانية:

> أجرت صحيفة «المستقبل» اللبنانية حوارا مع الأخ د.ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، نشرته في عددها الصادر أمس الأول وتعيد «الأيام» نشر نصه في ما يلي:

> «المستقبل»: اتفقتم والحزب الحاكم على تأجيل الانتخابات عامين، لماذا هذا الاتفاق، وكيف تفهمون أبعاده؟

ـ الاتفاق ليس له أبعاد خارج ما نص عليه، وهو القيام بإصلاحات سياسية عميقة تسمح بتهيئة البلاد لانتخابات حرة ونزيهة تعيد إليها قيمتها التي صادرها وشوهها النافذون والتسلط القائم.

> «المستقبل»: هل يمكن أن يهدئ هذا الاتفاق الاحتقان السياسي القائم بينكم كمعارضة والحزب الحاكم خلال الفترة المقبلة؟

ـ الاحتقان السياسي ليس بين الحاكم والمعارضة، لكنه في المجتمع بشكل عام وهو ناشئ عن إحساس بأن مشكلات البلد تضخمت، ولم يعد هذا النظام السياسي والسلطة قادرين على إنتاج الحلول الجذرية والمناسبة لهذه المشكلات، الأمر الذي دفع بأزمات وطنية حادة هي سبب هذه الاحتقانات.

> «المستقبل»: ما هي أبرز القضايا التي ستجري مناقشتها خلال الفترة المقبلة، وهل أنتم موحدون بشأنها في المعارضة؟

ـ ثمة قضايا كثيرة سيتم التطرق إليها في الحوارات المقبلة بين الحزب الحاكم والمعارضة، ولعل أبرزها إصلاح النظام السياسي أولاً وفي إطاره وضع تصورات لمعالجة الأزمات السياسية والوطنية.

نحن في المعارضة لدينا تصورات ورؤى سنعمل على طرحها للحوار مع مختلف القوى السياسية لا سيما أن الحوارات المقبلة لن تكون فقط بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك، كما نص عليه الاتفاق، ولكن مع باقي القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني.

> «المستقبل»: إلى أي مدى تشعرون أن الحزب الحاكم جاد في تطبيق الإصلاحات الانتخابات والسياسية، وكيف ستتعاملون مع أي تأخير في التوصل إلى اتفاق حول هذه الإصلاحات ؟

ـ في حقيقة الأمر لم يعد هناك مجال للمناورة مع النظام القائم، فقد وصلت الأوضاع في البلد إلى درجة لا بد أن تخضع فيها البلاد لإصلاحات سياسية جذرية حقيقية وليست ترقيعية كما هو حاصل اليوم.

> «المستقبل»: كيف تنظرون إلى موقف الخارج في دعم وفاق الأحزاب بشأن تأجيل الانتخابات وخاصة أن الأميركيين أعربوا عن خيبة أمل للتأجيل عكس الأوروبيين الذين باركوها؟

ـ الخارج شريك، وطالما نظرنا إليه هكذا، فلا بد أن يكون حاضراً في المحطات المهمة، وفي هذه المحطة، وأقصد الاتفاق بين الأحزاب السياسية في البلاد لم يكن غائباً، وكانت له آراء تلتقي كلها عند أهمية حماية الديموقراطية، لأنها أساس الاستقرار والتنمية في اليمن.

ومن هذا المنطلق لم ينظر الخارج إلى الانتخابات على أنها مجرد عملية مستقلة عن مضمونها ووظيفتها المتمثلين في تجسيد إرادة الشعب تجسيداً فعلياً من ناحية، وفي حماية الديموقراطية من الانتكاسة.

> «المستقبل»: كيف تنظرون إلى الأوضاع التي يعيشها اليمن في الوقت الحاضر، وخاصة مع التطورات الدولية المتصلة بالأزمة المالية العالمية؟

ـ اليمن بلد حساس في حياته الاقتصادية للخارج، وبالتالي فإن كل ما يعتور هذا الخارج من أزمات لا بد أن ينعكس عليه سلبياً، فالموارد المالية من النقد الأجنبي تأتي من ثلاثة مصادر، وهي: النفط وتحويلات المغتربين والقروض والمعونات الخارجية وجميعها تأثرت تأثراً بالغاً بهذه الأزمة العالمية، الأمر الذي يطرح قضية الإصلاحات بقوة خلال المرحلة المقبلة.

القضية الجنوبية

> «المستقبل»: تطرح القضية الجنوبية بشكل ضاغط هذه الأيام، فما هو مفهوم مصطلح القضية الجنوبية لديكم وما هي الرؤية لحلها؟

ـ القضية الجنوبية ليست وليدة اليوم، لكنها وليدة الإخفاق في بناء دولة الشراكة الوطنية بعد الوحدة مباشرة، أي في العام 1990، بما رافق ذلك من أزمة يومذاك حيث طرحت أسئلة عدة حول ما إذا كنا في صدد وحدة سياسية بين دولتين لهما كل الحقوق في شراكة وطنية في الحكم والثروة، أم في صدد ضم وإلحاق بشروط الطرف الذي تم الانتقال إليه.

ثم تفجرت الحرب خلال العام 1994 التي اتجهت نتائجها والسياسات التي أعقبتها إلى خيار الإلحاق، والذي واصل إنتاج هذه القضية بمضمونها السياسي.

ولا بد هنا من التفكير بجدية في العودة إلى خيار الوحدة السلمية ومضامينها الوطنية والسياسية على النحو الذي يجنب اليمن أية مزالق خطيرة.

> «المستقبل»: هل تعتقدون أن مزاج الناس في الجنوب بدأ يتغير، بمعنى آخر هل بدأ الحنين للعودة إلى الماضي؟

ـ الناس في الجنوب يحتاجون إلى دولة يمارسون بواسطتها شراكتهم في الحكم والثروة، ويطالبون بحل المشكلات والقضايا التي أنتجتها الحرب وعودة حقوقهم المنهوبة وإعادة الآلاف من المسرحين والمطرودين إلى أعمالهم.

وإلى جانب هذا، يجب التعامل مع الجنوب كمشروع سياسي وثقافي كان له الفضل في إبقاء القضية الوطنية اليمنية حية في الوعي الجماعي، ولا يجوز طمس هذا التأريخ على النحو الذي يتم اليوم وبطريقة تتسم بالغباء والتعالي.

> «المستقبل»: ألا ترى أن هذا المزاج يمكن تصديره إلى داخل الحزب الاشتراكي بمعنى آخر أن ينقسم الحزب بين من يؤيد هذه التحركات ومن يعارض؟

ـ لا أجد لكلمة «تصديره» هنا أي معنى. فالحزب الاشتراكي اليمني يتنفس برئة هؤلاء المحرومين والمدافعين عن قضية عادلة، ولا يوجد هناك من يعارض وضع هذه القضية في الموقع النضالي الذي يؤدي إلى تصحيح هذا الخطأ التأريخي والانطلاق نحو المشروع النهضوي الكبير.

> «المستقبل»: بالنسبة الى قادة الخارج هل هناك تواصل ورؤية لما يكون، وهل يشمل هذا الرئيس السابق علي ناصر محمد؟

ـ ثمة تواصل وتشاور مع كل الأطراف. فاليمن اليوم يحتاج إلى كل أبنائه في الداخل والخارج، ولا بد من الخروج من نفق الخصومة التي هي محصلة محطات سياسية سابقة في حياة هذا البلد.

صعدة و«القاعدة»

> «المستقبل»: كيف تنظرون إلى قضية صعدة وآثارها السياسية وانعكاساتها الاجتماعية على وضع البلد وأمنه واستقراره؟

ـ لا تزال قضية صعدة لغماً كبيراً أمام البلد ما لم تحل جذرياً وفي الإطار الوطني الذي سيشكل قوة دفع في إعادة البناء السياسية والثقافي والإجتماعي. يجب عدم التعامل مع هذه القضية بحساب البحث عن الفرصة للانقضاض، ولكن بحساب انتاج فرص الحل الجذري لها من كافة الجوانب، ولا بد من تعاون كل الأطراف للوصول إلى هذا الحل.

> «المستقبل»: تزايدت مخاطر الإرهاب في اليمن مع تزايد نشاط تنظيم «القاعدة» والذي استهدف أكثر من منطقة في البلاد. كيف تنظرون إلى المعالجات التي تقوم بها الحكومة في هذه القضية؟

ـ يجب أن تكون المعالجات سياسية واقتصادية وثقافية، بالإضافة إلى توفير الحريات والتنمية والمساواة، ونظام حكم يتيح شراكة حقيقية في الحكم والثروة.

> «المستقبل»: كيف تنظرون إلى وضع الحريات في البلاد، وهل تتفقون مع تقويمات الخارج في هذا الشأن؟

ـ الأسس والشروط الحقيقية للحريات مفقود، ولا نستطيع أن نؤمن حريات حقيقية بدون هذه الأسس والشروط، أوراق لعبة الحريات لا تزال كلها بيد السلطة وأية محاولة للخروج من هذا النسق تحولها السلطة إلى صراع. مجتمع بكل مؤسساته السياسية والإجتماعية والثقافية ورأسمالييه كلهم يبحثون عن حل لمشكلاتهم عند السلطة لأن كل شيء في يدها. وبسبب ذلك فإن السلطة هنا تتحكم بمقدار الحريات وجرعاتها على النحو الذي لا يتجاوز ما نعتبره خطوطاً حمراء».

> «المستقبل»: كيف تقيمون التطورات في البحر الأحمر، وهل في رأيكم هناك تسهيلات عسكرية لدول أجنبية، خاصة في جزيرة سقطرى وغيرها من المناطق اليمنية؟

ـ ما يجري في البحر الأحمر وخليج عدن ليس معزولاً عن مخططات للسيطرة على هذه المنطقة باعتبارها مصدراً لانتاج عوامل عدم الاستقرار الإقليمي والعالمي. السلطة اليمنية لا تتعامل مع هذه المسألة بشفافية، والمعلومات التي تتسرب من هنا وهناك تعكس الارتباك من ناحية وربما التعاطي الخاطئ مع أهم قضية معاصرة ستضع البلاد أمام تحديات ضخمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى