القصه ..أحلام الشباب

> سالم أحمد معدان:

> لم تدر(أم خالد) كيف تقنع ابنها بضرورة الزواج انه في رأيها جاهل لا يعرف معنى الزواج، بل انه مخالف للنظم السماوية بإيثاره حياة العزوبة.

لقد كلمته مئات المرات وحدثته عن فلانة الجميلة وفلانة الغنية وفلانة المتدينة وهو لايزال كالطود الاشم لا تتحرك عاطفته ولا تلين قناعته، وهو يمطرها بوابل من فلسفته التي لاتعرف منها شيئا كان من المقرر ان يتزوج ابنة عمه سعاد وهاهي ذي متزوجة وعندها ثلاثة ابناء هم سر سعادتها وبهجتها.

اما الجارة ام ثريا فقد كانت تتحسر منذ سنوات ان ابنتها صغيرة لم تبلغ من الرشد والا لقدمتها هدية متواضعة لخالد وهاهي ذى ابنتها قد تزوجت منذ ثلاثة اشهر بعد ان ابدى هو عدم رغبته في الزواج.

واراد يوما ان يمازح «حليمة» تلك العجوز السوداء التي تزورهم فقال لها «اني اريد الزواج ياحليمة فهل عندك عروس حلوة لي» وكان هذا السؤال كافيا لدفع حليمة دفعا إلى البحث والتنقيب وما كانت تزورهم في المرة التالية حتى عرضت عليه عشرات الاسماء لفتيات على ابواب الزواج ولكنه ابتسم في وجهها وقال «اشكرك ياحليمة لم اكن جادا في قولي لقد كنت امزح فقط» فما كان منا الا ان قطبت قائلة. . انني اعرفك ياخالد لاتحب ان تتزوج او مع ذلك سميت لك ولكنك تضحك علي. . واستطاع بعد جدال طويل ان يقنعها بسلامة نيته.

ولما رات امه تمنعه قالت له في احد الايام انها بلغت من الكبر عبثا وربما ودعت العالم قريبا وسيبقى اخوانه الصغاربدون ام فخيرله ان يتزوج ويحفظ نفسه واخوانه بعد موتها.

ولكنه ابتسم في وجهها واخذ يوضح لها ان الزواج ليس من السهولة بالدرجة التي تتصورها انه قبل كل شيء مشاركة روحية بين الزوجين لا نشوة عابرة تذهب بعدها احلام الشباب.ويأتي دور النزاع والشقاق ان الزوجة يجب ان تكون حسنة الاخلاق، متعلمة ولو تعليما بسيطا، جميلة اوعليها مسحة من الجمال.. اما اخلاقها فتصونها من لغو الكلام وتجنبها مواقع الشر، وتجعلها تعاشر زوجها معاشرة قوامها الحب والاخلاص واما علمها فهو زينتها في هذه الحياة به تتباهى به او تسر زوجها وبه ترفع مستواها الاجتماعي وتستطيع بالقراءة المستمرة ان تكون مربية فاضلة وربة بيت ناجحة، واما جمالها يجعل الزوج لا يتطلع إلى امرأة غيرها.

وبين لأمه كذلك ان رؤية الشاب لزوجته قبل الخطوبة واجب اجتماعي وما كادت تسمع عن رؤية الشاب لزوجته حتى اعتدلت في جلستها قائلة «ان هذه الاراء من تعاليم الشيطان اذ كيف يسمح الدين لرجل غريب ان يرى امرأة غريبة عنه؟ هذا هو الكفر بعينيه!!». بيد ان خالد استطاع ان يسرد لها الادلة والبراهين على ان رؤية الشاب للفتاة فترة الخطوبة ليس فيها ما ينافي الدين وايهما اصلح للفتاة ان يراها قبل الزواج فلا تعجبه فينصرف عنها، او ان يدخل عليها في ليلة الزفاف ثم يتخلى عنها بعد مدة ؟ وبين لها ان الدين لايتنافى مع ذكره.

ومرت الايام طويلة كان خالد خلالها يبحث عن الزوجة التي رسمها في خياله ولكن دون جدوى وكلما تقدمت به السن حن إلى الزوجة المنتظرة، والزمن لا يجود والعزوبة قاسية، والامراض النفسية تهاجمه بدون هوادة! والظمأ الجنسي يصرخ في اعماقه. ولم يستطع السير ووقف على مفرق طريقين طريق الضلال وطريق الزواج. . وكان الثاني بطريقة مرتجلة وضرب بفلسفته السابقة عرض الحائط،واخذ اخيرا باراء امه وافكارها, أفاق من الذهول في الايام الاولى من الزواج فكانت الصدمة التي ما بعدها صدمة وكان ضياع الامل ووقوع الندم ولات حين ندم، فمنى نفسه قائلا: عسى ان تكون اخلاقها حين عوض عن جمالها، ولكنها شرسة الطباع مقتطبة الجبين جاهلة لا تفرق بين المائة والالف متحاملة على الدنيا ومن فيها لاتدع لفظة نابية في قاموسها حتى تنثرها ذات اليمين وذات الشمال.

لقد كان خالد على النقيص، كان خجولا وهي وقحة، هو باسم وهي عابسة، متعلم وهي جاهلة، هو يخس بالجمال يغر نفسه وهي قاحلة النفس من كل جمال. ومع ذلك كان يعاملها معاملة طيبة وهي تتمادى على غرورها وكبريائها!!

ومرت سنوات على زواجه وصادفته انا مرة وقال لي انه انفصل عن زوجته منذ امد طويل وانه الآن يعيش في الهواء الطلق بعد ان اكتوى بنار الزواج سنة كاملة وحمد الله على انه لم يرزق من زوجته بولد خلال زواجه والا لكان عرضة للشقاء والتعاسة اما امه فلا تزال حية ترزق ولكنها لاتجرؤ على مفاتحته بالزواج بعد الذي كان.

العدد 178 في 4 مارس 1959م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى