اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادث غرق طلاب كلية التربية البدنية بالحديدة:وجود جهل لدى إدارة الكلية والمدرب بالظروف المناخية لحالة المد والجزر للبحر رغم وجود كلية علوم البحار في الجامعة

> الحديدة «الأيام» خاص:

> أنهت اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادث غرق ووفاة ثمانية من طلاب المستوى الثاني بكلية التربية البدنية والرياضية بجامعة الحديدة يوم 29 مارس الماضي، مهمتها بإعداد تقرير نهائي حول نتائج التحقيق في هذا الحادث.

وكانت اللجنة قد استعانت بالأستاذ د.عبدالله نافع، أستاذ علوم البحار الفيزيائية بجامعة الإسكندرية وهو معار للتدريس بكلية علوم البحار بجامعة الحديدة، لتقديم تفسير علمي لظاهرة الارتفاع المفاجئ لمنسوب المياه في البحر، الذي أرجع الظاهرة إلى عاملين هما:

أن حادث الغرق حصل أساسا يوم 29/3/2009م، الموافق للثاني من ربيع الآخر، ومن المعلوم أن أول الشهور العربية ومنتصفها تتميز بأعلى مستوى مد وجزر وأعلى مستوى لسطح البحر وأن الارتفاع السريع لسطح الماء يحدث سريعا.

أن الأمواج البحرية تتكسر بالقرب من الساحل وتولد تيار موازيا وتيارا عموديا في اتجاه البحر وقد وقع الحادث في مصيدة هذا التيار المرتد.

وأشارت اللجنة في تقريرها إلى ان تلك الحقيقة العلمية معروفة للمتخصصين، وعلى الرغم من أن كلا من إدارة الجامعة والكلية تعرفان جيدا مدى مخاطر واضطراب البحر وشدة الرياح فيه إلا أنهما تفيدان بأن ذلك لم يكن في الحسبان ومحاولة تصوير الواقعة بأنها قضاء وقدر.

وقد قامت اللجنة بتقديم تقريرها المذكور إلى الأخوين أ.د.صالح علي باصرة، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وأحمد سالم الجبلي، محافظ الحديدة.

وقالت اللجنة في تقريرها: «رغم قناعتنا وإيماننا المطلق بأن ما حدث كان قضاء وقدرا، الا أن هناك إهمالا وتسيبا وقصورا وعدم استشعار بالمسئولية من قبل إدارة الجامعة وعمادة الكلية وأستاذ المادة كان واضحا من خلال: عدم اتباع الأسس العلمية والمنهجية لتدريب مادة السباحة، كونها مقررا أساسيا لطلاب المستوى الثاني بالكلية، وذلك سواء من حيث عدم استخدام وسائل التدريب ووسائل السلامة أو من حيث إعداد وتجهيز المكان المناسب للتدريب سواء في البحر أو غيره وتأمينه ولو بأبسط وسائل السلامة أو من حيث تقسيم الطلاب إلى مجاميع صغيرة عدد 15 ـ 20 طالبا في المجموعة ليسهل تدريبها والمحافظة عليها وسهولة إنقاذها عند التعرض لأي خطر أو من حيث توفير العدد الكافي من المتخصصين والمؤهلين علمياً في السباحة».

وذكرت اللجنة أنه تبين لها خلال التحقيق «أن أستاذ السباحة ومعاونيه ليسوا متخصصين ومؤهلين في السباحة، ولكن لديهم خبرات في السباحة فقط، بالإضافة إلى إدخال الطلاب إلى البحر يوم حادث الغرق من دون توفير الكرات التي جرت العادة على استخدامها كأبسط أداة من أدوات النجاة، تحت تبرير تغيب الطالب المكلف بإحضار الكرات إلى البحر عند التدريب، وعدم التنسيق مع خفر السواحل أثناء تنفيذ الدروس التطبيقية للسباحة في البحر للقيام بواجبها في عملية الإنقاذ أو الإسعاف في حالة حصول حادث».

وأشارت اللجنة إلى وجود جهل لدى إدارة الكلية والمدرب بالظروف المناخية لحالة المد والجزر للبحر على الرغم من وجود كلية علوم البحار في الجامعة نفسها.

كما لاحظت اللجنة «انعدام التنسيق بين إدارة الكلية والجامعة في توفير متطلبات العملية التدريبية على الرغم من إمكانية تخصيص المبالغ المطلوبة لاستئجار المسبح كونها مبالغ بسيطة، مشيرة إلى أن الطلاب كانوا يتلقون دروساً تطبيقية على السباحة من مسافة 15 مترا من شاطئ البحر وأن البحر كان هادئاً ومستقراً منذ بداية نزول الطلاب إلى البحر في الساعة (8:45) صباحاً وحتى الساعة (10:45) عندما حدث مد قوي مفاجئ أدى إلى ارتفاع منسوب ماء البحر دفع الطلاب بشكل قوي لمسافة إلى داخل البحر.. الأمر الذي أدى إلى فقدان الطلاب توازنهم وخلق نوع من الفزع والهلع بينهم وجعل كل واحد منهم يتشبث بزميله بغية النجاة وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار قلة خبرة أغلبيتهم في السباحة».

وذكرت اللجنة أن وصول خفر السواحل إلى موقع حادث الغرق «كان متأخراً بعد حصول الحادث، وقاموا بعملية إخراج الأربع جثث الأخيرة للغرقى.

وتم إخراج آخر جثة الساعة الرابعة عصراً، وساعد في عملية الإنقاذ أحد الصيادين بقاربه الفليني».

كما لاحظت لجنة التحقيق عدم وجود مقومات للكلية من بنية تحتية وتجهيزات وتوفير المتطلبات الأساسية للتدريب «على الرغم من مرور حوالي عشرين عاماً على افتتاح قسم التربية البدنية ضمن أقسام كلية التربية وحوالي (12) عاماً منذ إنشاء الكلية بالإضافة إلى أن عملية القبول في الكلية تتم فوق طاقتها الاستيعابية وعلى الرغم من عدم توفر البنية التحتية والتجهيزات الكافية اللازمة للتدريب كونها كلية نوعية».

وخرجت اللجنة المكلفة بالتحقيق بعدد من التوصيات من أهمها:

- محاسبة كل من رئاسة الجامعة وعمادة الكلية وأستاذ المادة الدكتور حسين العرسان على أوجه القصور المفضي إلى الإهمال والتسيب وعدم استشعار المسؤولية من قبل الجهات المختصة وفقاً للقانون.

- قيام الجامعة وبالتنسيق مع وزارة المالية بضرورة توفير إيجار المسبح لما تبقى من هذا العام والعام القادم، حتى يتم إنشاء مسبح لتدريب الطلاب.

- التخاطب مع رئيس مجلس الوزراء من قبل الجامعة ووزارة التعليم العالي بالتوجيه للمالية بإدراج إنشاء مسبح أولمبي ضمن موازنة العام 2010م.

- توفير الكادر المتخصص والمؤهل علميا والكافي للتدريس بالكلية لمادة السباحة، وإعادة تقييم وضع الكلية من حيث البنية التحتية وأعضاء هيئة التدريس والبرامج والتجهيزات.

- تكليف كلية علوم البحار بعمل دراسة شاملة لتحديد مناطق التيارات المرتدة التي تؤثر على السباحة واختيار المكان المناسب لتلافي حدوث أي حالة غرق على امتداد شواطئ مدينة الحديدة، ووضع العلامات الإرشادية لتلك المناطق.

كما رأت اللجنة في ختام توصياتها ضرورة التنسيق بين كلية التربية البدنية وخفر السواحل والهيئة العامة للأرصاد الجوية قبل القيام بأي تدريب عملي للطلاب في البحر وضرورة التعويض المادي المناسب لأسر الضحايا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى