ما حق الزوجة على زوجها؟

> د. يوسف عبدالله القرضاوي:

> الشريعة أوجبت على الزوج أن يوفر لامرأته المطالب المادية من النفقة والكسوة والمسكن والعلاج ونحوها، بحسب حاله وحالها، أو كما قال القرآن (بالمعروف).

ولكنها لن تغفل أبدا الحاجات النفسية التي لا يكون الإنسان إنسانا إلا بها. كما قال الشاعر قديما:

فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان

بل إن القرآن الكريم يذكر الزواج باعتباره آية من آيات الله في الكون، ونعمة من نعمه تعالى على عباده. فيقول: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون). فتجد الآية الكريمة تجعل أهداف الحياة الزوجية أو مقوماتها هي السكون النفسي والمودة والرحمة بين الزوجين، فهي كلها مقومات نفسية، لا مادية ولا معنى للحياة الزوجية إذا تجردت من هذه المعاني وأصبحت مجرد أجسام متقاربة وأرواح متباعدة.

ومن هنا يخطئ كثير من الأزواج -الطيبين في أنفسهم- حين يظنون أن كل ما عليهم لأزواجهم نفقة وكسوة ومبيت، ولا شيء وراء ذلك. ناسين أن المرأة كما تحتاج إلى الطعام والشراب واللباس وغيرها من مطالب الحياة المادية، تحتاج مثلها -بل أكثر منها- إلى الكلمة الطيبة، والبسمة المشرقة، واللمسة الحانية، والقبلة المؤنسة، والمعاملة الودودة، والمداعبة اللطيفة، التي تطيب بها النفس، ويذهب بها الهم، وتسعد بها الحياة.

وقد ذكر الإمام الغزالي في حقوق الزوجية وآداب المعاشرة جملة منها لا تستقيم حياة الأسرة بدونها، ومن هذه الآداب التي جاء بها القرآن والسنة: حسن الخلق مع الزوجة، واحتمال الأذى منها، قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف)وقال في تعظيم حقهن: (وأخذن منكم ميثاقا غليظا)، وقال: (والصاحب بالجنب) قيل: هي المرأة.

قال الغزالي: »واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحلم عند طيشها وغضبها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانت أزواجه يراجعنه الكلام، وتهجره الواحدة منهن يوما إلى الليل.

وكان يقول لعائشة: »إني لأعرف غضبك من رضاك، قالت: وكيف تعرفه؟ قال: إذا رضيت قلت: لا، وإله محمد، وإذا غضبت قلت: لا، وإله إبراهيم، قالت: صدقت، إنما أهجر اسمك»».

ومن هذه الآداب التي ذكرها الغزالي: أن يزيد على احتمال الأذى منها، بالمداعبة والمزح والملاعبة، فهي التي تطيب قلوب النساء. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح معهن، وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال والأخلاق. حتى روى أنه كان يسابق عائشة في العدو. وكان عمر رضي الله عنه -مع خشونته يقول:»ينبغي أن يكون الرجل في أهله مثل الصبي، فإذا التمسوا ما عنده وجدوا رجلا».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى