وداعا عادل الأعسم

> «الأيام الرياضي» جميل عبدالوهاب:

>
الوردة لك والبندقية..القلم والأغنية.. ولك الحب المتفرد ..أخي العزيز وزميلي الوفي عادل الأعسم..أأقول لك:وداعاً؟..أأقول لك أنني أكتب عنك الآن بأصابع مرتعشة وبعيون تدمع وبقلب يلفه حزن عنيف وغريب.

أأقول: الإعلام، وأنت الذي علمتنا كيف يكون الإعلام الرياضي صعباً..إذن فلأقل:وداعاً يا عادل الأعسم.. وداعاً لوقدة الجرأة في الرأس الذي كان يشتعل عناداً (إيجابياً).. وداعاً لطمأنينة عينيك،للحلم الذي في صوتك، لأصابعك المرهفة كالمشرط، للانفجارات الخفية في كلماتك التي لا تقول شيئاً..وتقول كل شيء، للهدوء المباغت، للحظة وهي تسجل زمناً، للإعلام الرياضي الصامت، للحقيقة التي تحب، للسهم الذي لم ينثن، للخلايا في الدماغ ولخارطة للإعلام الرياضي صلبة كصلابة جبال شبوة ، وهادرة كهدير شواطئ عدن.

ومن ذكرياتي مع الفقيد العزيز عادل الأعسم هو لقاؤنا الذي تم في منتدى الأستاذ أحمد جبران الشخصية الرياضية التلالية المعروفة، وكنت أنا من سبق في الوصول إلى المنتدى وبعدها بنصف ساعة وصل العزيز عادل الأعسم..فقام الأستاذ أحمد جبران قائلاً:«افسحوا المكان للأستاذ عادل ليجلس بجانب الأستاذ جميل عبدالوهاب..لأنهما إعلاميين رياضيين وأكيد لديهما الكثير ليقولاه لبعضهما البعض»..وجلس العزيز عادل بجانبي، وكان حينها يتابع إجراءات إصدار صحيفة (الفرسان)، وما إن سألته عن المدى الذي وصل إليه اتصالاً بإصدار الصحيفة، حتى قام بفتح حقيبة كانت بحوزته وأخرج منها الأوراق التي تخص إصدار الصحيفة ومنها الترويسة ثم أخرج الترخيص قائلاً:

«نحن يا أخي العزيز جميل ننتظر كتاباتك الرياضية في صحيفة «الفرسان».. ولما كان الإعلام الرياضي فرع عدن والذي كان يرأسه العزيز الفقيد عادل الأعسم يشهد خلافات حادة في قيادته اقترحت عليه أن أجمع بينه وبين الأستاذ علي ياسين، والذي كان في قيادة الاتحاد فرع عدن لتصفية هذه الخلافات، فرد على الفور قائلاً:

«أين يمضغ الأستاذ علي ياسين القات الآن؟»..فرددت عليه قائلاً:«في منتدى التجمع بكريتر عدن»..فقال:«قم الآن سنذهب للأستاذ علي ياسين»..ولما استوعبت استعداد الفقيد عادل الأعسم لهذا اللقاء، رددت عليه:«لا ليس الآن..فلابد في الجانب الآخر أن أهيئ أيضاً الأستاذ علي ياسين لهذا اللقاء»..ومن ضمن الذكريات الحادث المروري المؤلم الذي تعرضت له في العام 1998م ومكثت طريح الفراش لمدة عام..بعدها كنت أسير على عكاز فالتقيت صدفة بالعزيز عادل الأعسم وكان برفقة الأخ خالد وهبي - مدير عام مديرية صيرة حالياً - والكابتن وجدان شاذلي بجانب سوق القات بكريتر، وما إن شاهدني حتى قام باحتضاني يهنئني على سلامتي قائلاً:«نحن في الإعلام الرياضي فرع عدن قصرنا في حقك وأنا شخصياً كرئيس للفرع قصرت في حقك كثيراً ومازلت مقصراً»..ومن هذه الذكريات والمواقف - على قلتها - جمعتني بالفقيد الغالي عادل الأعسم يتضح تماماً أنه يمتلك سجايا كثيرة منها أن يلتقي مع من يختلف يناقش ويسامح أيضاً..ومن سجاياه أيضاً والنادر أن تجدها في كثيرين من قيادات الإعلام الرياضي اليوم..إنه كان إذا شعر بتقصيره في حق زميل يعاني من أزمة، فإنه لا يكابر ولا يثنيه شيئ عن الاعتراف بهذا التقصير وبمنتهى الشجاعة الأدبية..وذات يوم - وبعد صدور صحيفة «الفرسان» - التقيت الزميل العزيز فهمي عجران فتحدث معي قائلاً:«الأستاذ عادل الأعسم طلب مني أن أنقل رسالة شفوية لك مفادها:لماذا لم تكتب لرياضة «الفرسان» حتى الآن، وهل لك أي موقف منها؟

لقد كان رحمة الله عليه وبمهنية عالية قادراً على التمييز بين الأقلام الركيكة والأقلام الرياضية النص نص..والأقلام الرياضية المتمكنة..وأتذكر تماماً عندما كان العزيز عادل الأعسم مشرفاً على الصفحة الرياضية بصحيفة «الأيام» ثم بعدها «الأيام الرياضي» أتذكر تماماً بأن كل كتاباتي كانت ترى النور ولم يحجب أي مادة..وعندما كنت ألتقيه ونتحاور كان دائماً يقول:«يا أخي العزيز جميل المادة تفرض نفسها للنشر، والقلم المتمكن يفرض نفسه سواءً في «الأيام الرياضي» أو سواها من الصفحات والملاحق والصحف الرياضية الأخرى».

وذات يوم التقيته في مدينة كريتر عدن وكان وضع اتحاد الإعلام الرياضي فرع عدن والذي يترأسه الفقيد الأعسم في حالة ضعف شديد..فتحدثت معه حول هذا الوضع وقلت، لقد أعددت مادة فيها نقد قاسٍ وشديد على الفرع وعليك كرئيس للفرع، رد قائلاً: «إبعثه لي وسأنشره في «الفرسان»..وفعلاً تم ذلك.. فأي نفس ديمقراطي هذا الذي كان يتمتع به الفقيد العزيز عادل الأعسم..أن ينشر مادة فيها نقد شديد وقاس لفرع اتحاد الإعلام الرياضي بعدن وله شخصياً كرئيس للفرع .. وأين؟! في صحيفة «الفرسان» والذي كان هو صاحبها ورئيس تحريرها.. أيها الفقيد العزيز، أنت من علمتنا الاختيار الصعب وقلت لنا ها هي ذي الصحافة الرياضية..دانية كالزناد ، جميلة كالطلقة ، مضيئة مثل عتمة الاجتماع الخطر.. بيننا أنت القلم الرياضي المقاتل والطفل .. القائد والعاشق..البلور الذي طهرته الأزمنة والأمكنة..فرحمة الله عليك..فهذه مشيئة المولى عز وجل ولكل أجل كتاب ، وإذا حل قضاء الخالق سبحانه وتعالى فلا مرد له، سائلين المولى أن يسكنك فسيح جناته..إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى