المقهى الشعبي يعكس تغيرات المجتمع في سوريا

> دمشق «الأيام» ا.ف.ب:

> يعكس المقهى الشعبي تغيرات المجتمع السوري إذ بات الشبان والنساء يرتادونه لكنه حافظ في الوقت نفسه على مكانته التاريخية في دمشق أمام اجتياح المقاهي الحديثة مؤخرا أرصفة العاصمة.

ويذكر أحد العاملين في مقهى الهافانا العريق الواقع في الوسط التجاري للعاصمة لوكالة فرانس برس أنه «في الأربعينات من القرن الماضي كان كل مقهى يتميز عن الآخر بالشخصيات السياسية والثقافية البارزة التي كانت ترتاده». ويضيف أن «رواد المقهى كانوا ينقسمون إلى قطاع فكري وسياسي يتزعمه المفكران زكي الأرسوزي وصدقي إسماعيل، وتيار أدبي يمثله شاكر مصطفى وعبد المطلب الأمين وسعيد حورانية».

ويقول المحامي عدنان طبنج الذي يرتاد يوميا منذ أربعين عاما مقهى الكمال المجاور للهافانا «كان رواد الكمال من جماعة أكرم الحوراني» (1996-1911) السياسي السوري. ويتابع «لكن طرأ تحول عند استلام حزب البعث العربي الاشتراكي الحكم فأصبح الحراك السياسي محدودا واقتصر دور النشاط في المقاهي على النشاط الاجتماعي الترفيهي». وأضاف أن «الأمور تغيرت بعد تولي بشار الأسد الرئاسة وطرح برنامج التغيير، فارتاد الشباب الراغبون في إعادة العمل المدني في المؤسسات المقهى بعد أن كانت وقفا على كبار السن».

ويقول الأديب عادل أبو شنب:«لم يكن الشباب يجرؤون على دخول المقهى بسبب وجود كبار الشخصيات التي كانت تنظر إليهم بازدراء». ويتذكر أبو شنب أنه دخل مقهى البرازيل الذي كان يجمع نخبة السياسيين قبل أن يتم هدمه نهاية الخمسينيات، «بشفاعة» الأديب سعيد الجزائري. إلا أن عدد الرواد الأصليين للمقهى بدأ بالانحسار بسبب «غزو» الفئات العمرية الشابة التي استهوتها عادة دخان المعسل (نوع من النرجيلة) الشائع في المقاهي منذ ثماني سنوات.

وأسف طبنج لأنه «سابقا لم يكن يدخن النرجيلة من كان عمره دون الخمسين، أما اليوم فأصبحت النرجيلة عادة اجتماعية مقبولة حتى بين النساء».

ويعلو صوت خليل الجالس على الطاولة المجاورة قائلا «يعود سبب ارتياد عدد كبير من الشباب المقهى إلى البطالة المرتفعة وهي ظاهرة لم تكن ملموسة في الماضي».

وألمح أيضا إلى «ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس التي برزت منذ سنتين».

وانعكس ارتياد الشباب على طابع بعض المقاهي، إذ رضخت مؤخرا إدارة مقهى الروضة التاريخي إلى متطلبات هذه الفئة وقامت بتجهيز المقهى بشاشات عرض كبيرة لنقل البرامج الفنية والمباريات الرياضية.

أما حكمت، أقدم العاملين في المقهى، فأوضح أن الإدارة قامت بتنويع لائحة مشروباتها التي كانت تقتصر على القهوة والشاي والنرجيلة إرضاء لزبائنها الجدد.وتحدث أبو شنب عن ظاهرة دخول العنصر النسائي بكثافة إلى المقهى حيث «تشكل نسبتهن ٪40 بينهن ٪50 من المحجبات». وأشار إلى أن كوليت خوري الأديبة السورية كانت أول من كسر الحاجز عندما ارتادت مقهى البرازيل في بداية الستينات.

وتتذكر الكاتبة نضال حمارنة أول مرة دخلت فيها مقهى الروضة «الذكوري بامتياز». في 1999، وتقول:«اقترح علي الروائي هاني الراهب لقاءه في الروضة فاستغربت الأمر لكنني وافقت حبا بالتجريب.. دخلت المقهى ولم أجد أي امرأة فدخلت بقدم إلى الأمام وقدمين إلى الوراء إلى أن وصلت الطاولة فجلست وكنت متوترة جدا».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى