> إعداد: قسم التحقيقات

تشهد مدينة عدن حالياً أوضاع مهملة ومتردية، مست مختلف خدماتها الأساسيةوالإنسانية، بل وزادها ظهور أوضاع باتت تشكل خطرا على حياتهم بصورة مباشرة إثر تفشي بعض الأمراض والأوبئة الناتجة بفعل تراجع الوضع البيئي والصحي وانتشار القاذورات والنفايات وطفح مياه الصرف الصحي في معظم الشوارع العامة والأحياء السكنية.
ما قد يترتب عليه من انعكاسات سلبية على حياة البيئة والصحة العامة، ويضاعف من معاناة الأهالي بعد أن أصبحوا يعانون الانقطاع المستمر للكهرباء والمياه.
«الأيام» في هذا الاستطلاع تلتقي بعدد من المواطنين لنقل ما يشعرون به إزاء هذه الأوضاع المزرية.
يلمح عمال البلدية إلى إعلان إضرابهم عن العمل خلال شهر رمضان القادم إذا لم تفي الجهات المعينة بالتزاماتها في دفع
الإكرامية لهم، وهذا يعني أننا سنكون أمام وضع بيئي خطير في حال نفذ هؤلاء العمال إضرابهم، ما قد يزيد من رداءة الأوضاع البيئية المتردية التي نعيشها اليوم، ويغرق المدينة بأضعاف مكبات القمامة والنفايات التي أصبحت اليوم السمة الملازمة لكل شارع أو مديرية أو حي تسلكه في عدن.
عدن - امام البريد
عدن - امام البريد
* إضراب البلدية سمة كل رمضان
يتساءل المواطن (هشام عبدالله سعد) لماذا تزداد أوضاع النظافة سوءاً مع دنو شهر رمضان، حيث لا يجد عمال البلدية غير الشهر الكريم مبرراً لتنفيذ إضرابهم بحجة (الإكرامية).
وقال: “من المؤسف أن تشاهد مخلفات القمامة تتراكم أمام مبنى البلديات العامة،دون أن يقوم عمال البلدية بانتشالها، وأن تشاهد عددا من المضربين يبعثرون مكبات القمامة في الشوارع والأسواق، تعبيراً عن إضرابهم عن العمل”.
وأشار المواطن (سمير جعفر إسماعيل) إلى أن الرائحة القذرة التي تخلفها القمامة والبالوعات باتت تزكم الأنوف في الكثير من شوارع وأحياء مدينة عدن في ظل غياب دور الأجهزة التنفيذية للقضاء على هذه الأوضاع والظواهر المزرية والتي جعلت من عدن مدينة للأمراض والأوبئة التي باتت تتفشى بفعل انتشار هذه القاذورات التي تراها الجهات المعنية وتتغاضى عنها عن عمد.
* أدخنة النفايات المحترقة تهدد حياتنا
يشكو العديد من مواطني عدن من خطورة الأدخنة السامة المتصاعدة من مكبات القمامة التي تتكدس لأيام طوال وحرقها في ليلة واحدة، وهو سلوك سلبي يتبعه العديد من المواطنين، خصوصاً ملاك المحلات التجارية المجاورة للأحياء السكنية، بعد أن
يتركوا المخلفات ويراكموها في سبيل حرقها.
يقول المواطن (سعيد حمود غالب) أن روائح الأدخنة الناتجة عن احتراق الأكياس البلاستكية مع الأسلاك والمواد الأخرى، أصبحت تدلف بيوتهم وتشتم في أنوف الأطفال والنساء لاسيما مع حلول أوقات المساء، حين تترك النفايات مشتعلة دون إطفائها.
وأضاف: “ما ينتج عن الاحتراق من تفاعل الأسلاك والأكياس والمواد السامة وسخونتها في الهواء من خطورة على حياة المواطنين الساكنين بالقرب منها، والذين يجدون صعوبة من فتح نوافذ منازلهم وقت انطفاء الكهرباء.
وتتحدث المواطنة (سميرة) التي تسكن بمعية والدها المسن الذي يعاني من مرض الربو، وهو بحاجة للهواء النقي والصحي، تقول سميرة.. “الكهرباء أصبحت تنقطع باستمرار عن بيوتنا، وكلما حاولنا فتح النوافذ لنحصل على القليل من الهواء النقي، نجد أن روائح الأدخنة المنبعثة من النفايات السامة تملأ بيوتنا”.
عدن - امام الغرفةالتجارية
عدن - امام الغرفةالتجارية
وحول من يتحمل مسؤولية تردي وضع النظافة في عدن؟، أردفت قائلة:“هناك إهمال متعمد من قبل أعضاء المجالس المحلية بالمديريات، الذين يشغلون أنفسهم في المناكفات السياسية والمصالح الذاتية، ويتجاهلون الأوضاع البيئية السيئة التي يعيشها المواطنون ضمن نطاق صلاحياتهم الإدارية”.
أوضح بعض المواطنين القاطنين في منطقة العريش أن منطقتهم تتحول في المساء إلى مدينة يكتسحها الضباب من شدة كثافة الدخان المتصاعد والمختلط بغازات الكربون والأكاسيد والكبريت مسببة بذلك أمراض كثيرة لدى الأطفال والنساء لدرجة
الاختناق والتسبب بصعوبة في التنفس خصوصا لدى المصابين بالربو والتهاب الرئة.
* النظافة مسؤولية تتحملها الدولة والمواطن
يقول المواطن (سالم عبداللاه) :“نحن في عدن نعاني منذ نحو عامين أوضاعا متردية في مختلف الخدمات الإنسانية العامة من انقطاعات متكررة للكهرباء والمياه إلى أزمة بيئية مصدرها مخلفات القمامة المنتشرة في كل حارة، ومياه المجاري الطافحة في الكثير من الشوارع الرئيسية والفرعية، التي ساعدت في انتشار الأوبئة والأمراض بين المواطنين،وتلويث سماء
المدينة”.
ويضيف: “ليس من الصحيح أن تلزم الدولة الصمت حيال هذه المشكلة الكبيرة والخطيرة، فلابد أن يكون من أولوياتها حماية
المواطن والحفاظ على صحته من التلوث البيئي.
و المسؤولية هنا حسب ما قاله: “لا يتحملها عامل البلدية والمواطن،بل جميع الجهات معنية بهذه الإشكالية،من المحافظة والمجالس المحلية إلى مؤسسة الكهرباء والمياه والصرف الصحي ومكتب الصحة والسكان، والبلديات العامة وصندوق النظافة، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام ودورها في نشر الثقافة البيئية والصحية”.
ويشاركه أحد المواطنين بالقول: “لاشك أن مسؤولية النظافة تقع على عاتق الجميع، فالمواطن هو أيضاً يتحمل المسؤولية، فكثير من الأمراض التي تنتشر بواسطة البعوض والذباب والحشرات تأتي بفعل الإهمال من قبل المواطن الذي لا يهتم بنظافة منزله أو محيطه، فيرمي القمامة في أي مكان، ويترك مياه الخزانات وأغطية الصرف الصحي مكشوفة لأيام، لتتوالد فيها البعوض والحشرات فتكون النتائج وخيمة عليه وعلى أسرته وعلى جميع أفراد المجتمع”.
عدن - سيلان
عدن - سيلان
ويشير الأخ (عبدالله مقبل) وهو تربوي، إلى أن تردي أوضاع النظافة في مدينة عدن تحولت للأسف إلى ظاهرة عامة بعد أن كانت المدينة تتحلى بعنوان النظافة والرقي والتحضر.
ويضيف: “موارد صندوق النظافة يتم استقطاعها بنسبة 5 % من رواتب الموظف،وهي من الخدمات التي ينبغي أن تقدمها وتوفرها الدولة للمواطن مجاناً، والمواطن يضطر إلى الصمت حيال إهمال الدولة التي لا تفعل شيئا للقضاء على كل السلبيات
والأوضاع المتردية التي دنست كل قيم النقاء والرقي، وشوهت الصور الجمالية القيمة التي كانت توصف بها عدن قبل عقود مضت”.
وطالب بكلامه الجميع (مواطن ودولة) أن يعملوا لأجل عدن، وأن يتحملوا مسؤوليتهم في إنقاذها من الوضع البيئي والصحي الخطير الذي هي عليه الآن، وذلك عبر إيجاد تنسيق وشراكة مع المنظمات والجمعيات المختلفة وبما يساعد على انتشال الوضع البيئي المتردي حاليا في محافظة إلى مستوى يعيد لها رونقها ونظافتها وطهارتها.

عدن - امام البريد
عدن - امام البريد