التفاضل والتكامل في الأغنية اليمنية (يلوموني - صالح نصيب / يعادوني - محمد سعد)أنموذجاً

> صالح حنش:

> تزخر المكتبة الفنية بالعديد من النصوص الغنائية التي تتشابه في ما بينها - إلى حد بعيد - من حيث مضامينها وكذلك في رؤيتها الفنية، ومن تلك النماذج، على سبيل المثال لا الحصر:
غنائية (قال بوزيد) للشاعر صالح فقيه، وغنائية (قال بن سعد) للشاعر والملحن والمطرب (محمد سعد عبدالله)، وكذا غنائية (أهلاً بمن داس العزول وأقبل) للشاعر علي بن علي صبره، وغنائية (أهلا بمن سلم علي وحيَّ) للشاعر (محمد سيف كبشي) وغيرها.
والحقيقة أن الفنان (محمد سعد عبدالله) من بين أبرز شعراء الأغنية تناولاً وخوضاً لهذا النوع من النصوص الغنائية، ربما بسبب طبيعة تكوين شخصيته الفنية، وبسبب طريقته وأسلوبه في صناعة الأعمال الغنائية الفنية، وهذا ما يشير إليه العديد من الباحثين والمهتمين والنقاد عند تناولها لشخصية الفنان (محمد سعد عبدالله)، ومنهم الشاعر والناقد (هاني جرادة) الذي يقول عن (محمد سعد): "إنه دائماً ما يتدخل في النصوص الغنائية المقدمة إليه من شعراء آخرين، بحكم شاعريته الرفيعة"، ويضيف الأستاذ (هاني جرادة) في نفس السياق قائلا: "من المعروف عن (محمد سعد) أنه عندما يسمع عملاً فنياً ما ويعجب به ويتمنى لو أنه شارك فيه وفي إنتاجه نصاً أو لحناً أو أداء، فإنه لا يقف عند حدود الأمنيات فقط، بل إن أمانيه تحفزه لإنتاج عمل يسعى من خلاله إلى تحقيق أمانيه".
لعل ما يدلل على هذه الخصائص والسمات المذكورة عن (محمد سعد) تجده في أغنيته (قال بن سعد)، والمثال المذكور سابقاً، كما هو في أغنيته (مد لي يا زين يدك) مع أغنية (هات يدك على يدي) كلمات الشاعر (لطفي أمان) مع أغنية الفنان (أبوبكر سالم بلفقيه) (تبنا خلاص .. من حبكم تبنا)، وأغنية محمد سعد (من الهوى يازين)، وكذلك في النموذج المشار إليه في العنوان (يلوموني - صالح نصيب / يعادوني - محمد سعد)، وتشير المعلومات المؤكدة إلى أن نص أغنية (يلوموني) سبق أغنية (يعادوني)، وكان من المنطق أن يلحن ويؤدي أغنية (يلوموني) محمد سعد عبدالله، إلا أن الاتفاق لم يتم بسبب تدخل محمد سعد في إجراء بعض التعديلات في كلمات النص وعدم قبول وموافقة (صالح نصيب) بذلك، مما دفع (محمد سعد) إلى تقديم (يعادوني) تأليفا ولحنا وأداءً، وللتذكير وحتى يسهل المقاربة بينهما لدى القارئ الكريم والمتلقي نورد مقاطع من الأغنيتين:
ففي أغنية (يلوموني) لـ (صالح نصيب) نجده يقول:
يلوموني يلوموني بدل ما يرحموني
ويشنوني ويشنوني إذا ناحت شجوني
ويرموني يرموني بدل ما يسعفوني
ولما أشتكي وجدي ولا واحد يعينوني
سوى دمعي وأناتي وآلامي يواسوني
حتى الليل ما أقساه يخلي الآه تتبع آه
يقل لي توب من حبه ولو كانت فعل رغبه
تحبه موت في حبه ولا تشكى
أما أغنية (يعادوني) لـ (محمد سعد) فنجده يقول فيها:
يعادوني يعادوني بدل ما ينصفوني
ويضنوني ويضنوني بدل ما يسعدوني
ولما أشتكي وجدي ولا مرة يعزوني
سوى دمعي وآلامي وأحزاني يواسوني
وحتى الفجر ما أقساه يقل لي توب لك وانساه
وإلا اصبر على بلواه وزيد الآه فوق الآه
أنا ما أشتي اللي أضناني ولوعني وأشقاني
وحط يا فجر أحزاني وأشواقي وأشجاني
أنا يا فجر أعيش فيهم ولا أقدر أجافيهم
وخليهم يجافوني يعادوني يعادوني
حسبنا إن هذه المقاربة قد أظهرت مدى التشابه بين النصين إلى حد يمكن اعتبار أحدهما تكراراً للآخر، إلا أنه التكرار الذي لا يؤدي إلى الملل، بحسب ما تركه العمل الفني المنتج من آثار على جمهور المتلقي، بل أن تلك الآثار ما زالت تستحوذ على اهتمامات الجمهور، ومن بينها هذه القراءة المتواضعة المعروضة هنا.
بقي لنا الإشارة إلى أن هذا التشابه أو التكرار قد ساعد المتلقي - إلى حد بعيد - على المقارنة، وبالتالي التقييم الموضوعي للنص الإبداعي بصرف النظر عن شخصية منتج النص الإبداعي، الذي يؤدي بالنتيجة - ومن وجهة النظر الشخصية - إلى رفع ذائقة التذوق الفني عن طريق اتخاذ أسلوب المفاضلة بين ما يقدم له، وهو ما يدفع الفنان (المبدع) إلى السعي ـ دوماً وباستمرار - في تقديم الأفضل والأجمل، وفي تقديم ما لم يتمكن غيره من تقديمه وفي إطار تكاملي تنافسي رفيع خدمة للجمهور وأداء لرسالة الفن المجتمعية والإنسانية السامية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى