في دائـرة الضـوء..زيدان .. باولو روسي رجل المهام الصعبة!

> «الأيام الرياضي» متابعات:

> يتمتع بعض اللاعبين بموهبة التأثير في أسلوب اللعب بينما يستطيع آخرون أن يقدموا أداءً تقنيًا فريدًا، أما آخرون فيبهرون بلياقتهم البدينة العالية، لكن باولو روسي كان مختلفًا عن كل أولئك، لقد كان يجسد بكل ما في الكلمة من معنى صفة قنّاص الأهداف.
كان من الممكن أن يتوقف مسار باولو روسي الكروي في سنة 1979م، فبعد أن تألق في كأس العالم الأرجنتين 1978م، عاد روسي إلى موقعه في قلب هجوم نادي بيروجيا في الدوري الإيطالي ووقع على بداية موسم جيدة إلى حدود 30 ديسمبر 1978م عندما تعادل فريقه بهدفين لمثلهما أمام نادي أفيلينو.
**** مسار مليء بالفضائح
في نهاية تلك السنة، أدين روسي ولاعبون آخرون بتهمة (التلاعب) بنتيجة هذا اللقاء بعد إجراء تحقيق دقيق، وقد أكد المهاجم الإيطالي أنه لم يفعل سوى الإجابة ببراءة على سؤال وجهه له لاعب من الفريق الخصم قائلاً: "هدفين لمثلهما؟ كما تشاءون..." ورغم أنه نفى التهمة عن نفسه، إلا أن العقوبة كانت قاسية؛ إذ تم توقيفه لمدة ثلاث سنوات، تقلصت لسنتين بعد استئناف الحكم، وقد تعرض روسي الذي كان يبلغ من العمر (22) سنة - آنذاك - لهذه العقوبة وهو في أوج عطائه.
وكان فريق يوفنتوس قد اكتشف روسي في سن مبكرة وأعاره سنة 1975م إلى نادي كومو في دوري الدرجة الثانية، ليصقل مواهبه ويكتسب المزيد من التجربة، ثم التحق بعد ذلك بنادي فيتشينزا في الدرجة نفسها، فقد سجل (21) هدفًا خلال موسم 1976م-1977م مما ساعد النادي على الصعود إلى دوري الدرجة الأولى، لكن تألقه لم يقف عند هذا الحد، فقد قدم أداءً أحسن من ذلك في العام الموالي حين استطاع تسجيل (24) هدفًا، مما خول لناديه إنهاء الموسم في المركز الثاني خلف السيدة العجوز.
وبعد هذا الأداء الرائع كان من المنطقي أن يضم مدرب الآزوري إنزو بيرزوت النجم الصاعد روسي في السنة نفسها ضمن تشكيلة المنتخب الوطني، وكانت تلك بمثابة الانطلاقة الحقيقية لباولو، فقد وقع في سن (21) سنة على مسيرة موفقة في كأس العالم الأرجنتين 1978م حيث أبان للعالم عن قدرته العالية على اقتناص الأهداف، وسجل خلال هذه البطولة ثلاثة أهداف، وكان وراء تمريرتين حاسمتين، لقد كانت تلك حصيلة مشجعة.
ولم يكن روسي يتمتع ببنية جسمانية قوية؛ إذ كان يبلغ طول قامته (1,74) مترًا ووزنه 66 كلغ، ورغم ذلك كان – دائمًا - يتواجد في المواقع الحساسة، ولعل خير دليل على ذلك هدفه الأول مع إيطاليا الذي سجله في شباك المنتخب الفرنسي في مار ديل بلاتا، فبعد أخذ ورد في مربع العمليات، لامست الكرة ساق باولو روسي لتستقر في المرمى، لقد أثبت روسي، الذي حمل بعد ذلك لقب (بابليتو)، أنه كان - دائمًا - يتواجد في الوقت المناسب وفي المكان المناسب.
**** النجم الصاعد
ثم أتى الإيقاف، وكان روسي قد انضم حديثًا لفريق السيدة العجوز قبل إنزال العقوبة به وكان عليه أن ينتظر عامين كاملين، وفي شهر أبريل سنة 1982م عاد هذا النجم المشاكس إلى الميادين على بعد أسابيع قليلة فقط من انطلاق نهائيات كأس العالم أسبانيا 1982م، وقدم مدرب المنتخب الإيطالي إنزو بيرزوت لروسي هدية ثمينة عندما وجه إليه الدعوة للمشاركة في المونديال الأسباني رغم ابتعاده عن الملاعب لعامين كاملين.
وشرح بعد ذلك المدرب الإيطالي المحنك أسباب اختياره ذاك بالقول: "كنت أعلم أنني إن لم أشرك روسي في مباريات المنتخب في أسبانيا فإنني كنت سأدخل المنافسات محرومًا من خدمات لاعب يحسن اقتناص الفرص داخل مربع العمليات، فما أن يصل روسي إلى تلك المنطقة حتى يصبح بارعًا جدًا وسريعًا ومستعدًا دائمًا للقيام بحركة تمويهية رائعة".
وكان الشك يستحوذ على الجمهور والصحافة الإيطالية على حد سواء، وسيزيد شكهم أكثر بعض الشيء بعد تخطي المنتخب للدور الأول، وكان الإيطاليون قد تأهلوا إلى الدور الموالي بفارق الأهداف، حيث لم يحققوا سوى ثلاثة تعادلات مسجلين هدفين فقط، أما روسي الذي كان أساسيًا فقد كان أداؤه باهتًا للغاية.
**** رمز الأمة
وفي الدور الثاني، وجد الإيطاليون أنفسهم في مجموعة تضم البرازيل والأرجنتين،. وخلال المباراة التي جمعت بين منتخب الآزوري ونظيره الأرجنتيني، التي انتهت لفائدة الأول بهدفين لهدف واحد، لم يتمكن روسي من التسجيل، ورغم انتقادات الصحافة المتواصلة، قرر بيرزوت منح فرصة أخيرة لفتى إيطاليا المشاكس.
ولكن في مباراته ضد نظيره البرازيلي، كان لزامًا على المنتخب الإيطالي تحقيق الفوز، بينما كان منتخب السيليساو يحتاج فقط إلى تعادل سلبي لضمان التأهل، وبعد نزال مثير انتصر الآزوري بثلاثة أهداف لهدف واحد وشهد هذا اللقاء انتفاضة (بابليتو) الذي سجل ثلاثية تاريخية بطريقته السحرية الخاصة، وجاء الهدف الأول عن طريق كرة هوائية رائعة أما الهدفان الآخران فاقتنصهما روسي داخل مربع العمليات، وكانت تلك النقطة التي أعلنت انطلاقة حس روسي التهديفي الذي لم يتوقف حتى المباراة النهائية.
وتابع روسي توهجه بتسجيل هدفين آخرين في نصف النهائي أمام المنتخب البولندي قبل أن تشهد موقعة النهائي أمام الجمهورية ألمانيا الاتحادية توقيع بابليتو لهدفه السادس في ثلاثة لقاءات، لينهي البطولة متربعًا على عرش الهدافين، قاطعًا بذلك الطريق أمام أولئك الذين كانوا يطالبون برحيله قبل ذلك بأيام قليلة، وقد صرح روسي بعد ذلك قائلاً: "لقد أحسست بالحماية وكان ذلك عاملاً حاسمًا بالنسبة لي"، لقد دقت أخيرًا ساعة بلوغ روسي المجد الكروي العالمي، قبل أن يحصل في السنة نفسها على الكرة الذهبية الأوروبية".
**** نهاية متواضعة
بعد عودته إلى يوفنتوس والتحاقه بأنتونيو كابريني وماركو تارديلي وجيتانو تشيريا وكلاوديو جينتيلي، بالإضافة إلى ميشيل بلاتيني وزبيجنيو بونيك، اللذين تألقا كذلك في نهائيات كأس العالم أسبانيا FIFA، عزز روسي سجل ألقابه بكأس إيطاليا سنة 1983م والدوري الإيطالي وكأس الكؤوس في 1984م، بالإضافة إلى كأس أوروبا للأندية البطلة سنة 1985م.
وبعد هذا المسار المليء بالألقاب رفقة يوفنتوس، انتقل روسي في صيف 1985م إلى صفوف الغريم التقليدي آسي ميلان، لكن النجاح لم يكن حليفه داخل هذا النادي، ومع ذلك فقد تمت المناداة عليه للمشاركة في نهائيات كأس العالم المكسيك 1986م إلا أنه لم يخض فيها أية مباراة، وبعد سنة من ذلك، ارتأى روسي أن يضع حدًا لمسيرته الكروية في صفوف نادي فيرونا في سن (31).
وبسبب لعنة الإصابات والتعب، قرر روسي الاعتزال بشرف، وقد ترك عالم كرة القدم مبكرًا، ووحيدًا، ليخصص كل وقته لهوايته المفضلة وهي الغطس، ومع ذلك فقد خلف روسي للتاريخ صورة الهداف الفريد الذي يتصيد الفرص ويتميز بتواضع قل نظيره.
**** إنجازاته مع المنتخب
- (48) مباراة دولية، (20) هدفًا.
- 1978م كأس العالم، الأرجنتين، المركز الثالث (ثلاثة أهداف).
- 1982م كأس العالم، أسبانيا، بطل العالم.
- 1982م كأس العالم، أسبانيا، الحذاء الذهبي (ستة أهداف).
- 1986م كأس العالم، المكسيك، دور الـ(16).
**** الأندية
- 1975م – 1976م كومو.
- 1976م – 1977م فيتشينزا.
- 1978م – 1981م بيروجيا.
- 1981م – 1985م يوفنتوس.
- 1985م – 1986م آسي ميلان.
- 1986م – 1987م فيرونا.
**** إنجازاته مع الأندية
- 1982م لقب دوري إيطاليا.
- 1983 كأس إيطاليا.
- 1984م كأس الأندية الفائزة بالكأس.
- 1985م كأس السوبر الأوروبية.
- 1985م كأس أوروبا للأندية البطلة، لعب (215) مباراة في دوري الدرجة الأولى الإيطالي وسجل (82) هدفًا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى