تدني المستوى التعليمي ناتج عن تردي المنهج الدراسي وافتقاره لوسائل علمية

> استطلاع/ وليد الحيمدي

> "اطلبوا العلم ولو في الصين" حديثٌ حث فيه معلم البشرية على أهمية العلم حتى وإن كلّف ذلك بعضا من مشاق السفر والترحال، لما فيه من رقي للمجتمعات وتطورها، غير أن الحديث لم يُعد يؤمن به في وقتنا المعاصر بعد أن أصبح الحصول على الشهادة هو الأساس لدى هذا الجيل، لا العلم والتعلم، الأمر الذي أنتج جيلا جاهلا وأميا، يرى في التّعلم مضيعة للوقت والجهد والمال، وهذا أحد أسباب تدني المستوى التعليمي لدى الشباب.
وبحسب باحثيين اجتماعيين فإن الغش يحتل المرتبة الأولى بنسبة 50%، يليه الفقر الذي يحتل المرتبة الثانية 25 %، ثم التفكك الأسري بنسبة 15%، و %10 عائدة لأسباب أخرى كالإنترنت وغيره.
الصحيفة استطلعت آراء فئات مختلفة في عدن حول هذا الموضوع وخرجت بالحصيلة التالية.
* المنهج الدراسي مليء بالحشو
يُعد تدني مستوى التحصيل العلمي أهم تحد يواجهه الجيل الحاضر، الذي بات لا يعطي للتعليم أي اهتمام أو قيمة، الأمر الذي سبب له الكثير من المعاناة والمشكلات،وعن هذا الضعف في التحصيل العلمي،يقول التربوي شيخان العطاس: “إن مسألة تدني المستوى التعليمي يعود إلى تردي المنهج الدراسي الحالي والمليء بالحشو والتفاصيل التي لا تحتوي على أسس ووسائل علمية تواكب قدرة الطالب على الفهم، فضلاً عن إسقاط مواد هامة عن خارطة التعليم كمادة(الهندسة للتعليم الأساسي )”.
ويضيف: “يوجد هناك تباين بين قدرة المدرس القديم والمدرس الحالي من حيث قياس القدرة على توصيل المعلومة،وتلقين الطالب محتوى المادة، مقارنة بالمنهج القديم الذي كان يعد منهجا قوياً ومفضلاً ساهم بذلك إلى حد كبير في تطوير ذهنية الطالب وصقل مداركه؛ لاشتماله على نظريات وأمثلة ومناهج فعالة تسهم برقي عقل الطالب وتصونه من العجز والبلادة، الأمر الذي يفتقر إليه المنهج التعليمي الحالي”.
* انحسار مهنية المعلمين
يعزو المدرب الوطني في قسم التدريب والتأهيل بإدارة التربية والتعليم بالشيخ عثمان،التربوي مصطفى المنصوري أسباب تدني مستوى التعليم في اليمن، إلى “انحسار المهنية في المدرسة لدى كثير من المعلمين،وانشغال الجيل الجديد بوسائل التواصل التقنية المختلفة، وهذا من الأسباب التي أدّت – حد قوله- إلى تدني العملية التعليمية وانحسار مستوى الدراسة بشكل عام”.
وقال: “إن تدني مستوى التعليم عملية مركبة من مجموعة متراكمة من السلبيات على مستوى الكتاب المدرسي وجودته وفاعليته في تنمية المعارف والسلوك والمهارات للطالب، أو من ناحية المعلم وقدراته في توصيل المقررات، إلى جانب توفر الإدارة القادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، التي ينبغي لها أن تفرّغ نفسها للعمل التربوي والتعليمي ومتابعته، وليس للعمل السياسي”.
* أمية طلاب المدارس العامة
ويتابع المنصوري حديثه “ إن انهيار التعليم وغيره يمكن تلخيصه في عمليات النجاح والنقل الأوتوماتيكي للطلاب، وعند دراسة مستوى التلميذ نجده صفراً، وخير دليل على ذلك صراخ العديد من الأكاديميين في الجامعات أنه لا يوجد أي دور للتعليم الأساسي والثانوي، فمعظم الطلاب في مستوى أول جامعة لا يجيدون القراءة والكتابة”.
ويشير المنصوري إلى أن “ظاهرة الغش لا بد من مواجهتها عبر تضافر الجهود في كل المستويات، وخاصة على مستوى الأسرة التي لا بد من برامج لتوعيتها، إضافة إلى تعديل نظام التقويم والامتحانات”.
وأضاف بقوله: “ تفشي ظاهرة الغش سببها اهتزاز القيم المعنوية في المجتمع، حيث أدّى ذلك الاهتزاز إلى تراجع دور الأسرة التربوي، وتغيير المفاهيم لديها حتى صارت تقبل ما كانت ترفضه سابقا”.
* إهمال الآباء
ياسمين عمر حسن الهندا - موظفة في مكتبة مسواط للأطفال - حملت بدرجة أساسية مسؤولية تدني المستوى التعليمي مدرسي المدارس لعدم تأدية واجباتهم بأمانة ومسؤولية،وكذا التقصير وعدم المتابعة من قبل الأهالي لأبنائهم في تشجيعهم على القراءة وإرسالهم إلى المساجد والمكتبات.
وتضيف: “أصبح الطلاب يتخرجون من مرحلة الثانوية،وهم غير قادرين على القراءة والكتابة، وتمر أيام وأوقات ولم نشهد فيها قارئا يزور مكتبتنا”.
* الغش آفة
بدوره أعاد المواطن عزام أحمد غالب تدني المستوى التعليمي في البلاد وخصوصاً في عدن إلى انتشار ظاهرة الغش واعتماد الطلاب عليه بدرجة رئيسة في تحصيلهم العلمي وبمساندة من الأساتذة أوالمدرسين وأولياء الأمور، وهو ما يخلق جيلا بليدا يعاني كثيراً في سوق العمل حتى وإن تخرج من الجامعة”، ويختتم غالب بإيجاز: “الغش آفة الجيل الحاضر، ولهذا أوصي الآباء أن يتحمّلوا المسؤولية تجاه أبنائهم بمتابعتهم أولاً بأول في تحصيلهم العلمي لدى مدرسيهم ومدارسهم”.
* العملية مشتركة
التربوية ميرفت حميد، اعتبرت أن مشكلة تدني المستوى التعليمي لدى الطالب تتحمله جهات عدة في المجتمع بدءاً بالأسرة، وهي التي تعد الانطلاق الأول والبداية الأساسية لتعلم الطفل، ثم المدرسة وهي المشكلة التي باتت تواجه الطالب بشكل رئيس في عصرنا الحاضر”.
وتوضح: “المدارس بمحافظة عدن تعاني من التقصير في أداء رسالتها التعليمية،وتشجع الطلاب على الغش والسماح لهم بالخروج من الحصص الدراسية، ولوزارة التعليم النصيب الأكبر مما هو حاصل من مهزلة تعليمية، ومن خلال عدم القيام بواجبها في المتابعة ومعاقبة المتسببين في انتشار هذه الظاهرة المهلكة لجيل الغد”.
* إهمال الدولة
يقول زاهر عبدربه محمد (ولي أمر): “قلة اهتمام الدولة بالعلم وتشجيعها على انتشار ظاهرة الغش أدى إلى انخفاض مستوى التعليم بالكامل في العقدين الأخيرين،لاسيما في محافظة عدن”.
ويضيف: “يرجع ضعف التعليم أيضاً إلى عدم اهتمام الحكومة بالاستفادة من التجارب التعليمية للدول المجاورة التي تهتم بالتعليم وتوليه النصيب الأكبر من موازناتها”.
وقال: “لا بد أن تعمل الحكومة في بلادنا على رفد العملية التعليمية بالمزيد من الجهد والحرص، وكذا الاهتمام بالتعليم والطالب التي من شأنهما أن يؤديا إلى ازدهار المجال التعليمي في البلد، مع ضرورة اهتمام الآباء والأمهات بتعليم أبنائهم والاهتمام بهم ومتابعتهم باستمرار”.
* الإحباط النفسي
الطالب محفوظ نبيل محفوظ،يرى بأن “القات وما يأخذه من أوقات طويلة يعد أحد الأسباب في تدني التحصيل التعليمي سيما لدى الطلاب الجامعيين،إضافة إلى قلة الاهتمام بالقراءة والمطالعة، وكذا اليأس والإحباط الذي يتسم به هذا الجيل، لوجود قناعة لديه أنه سوف ينهي تعليمه ويتخرج من الثانوية أو الجامعة وسيصطف في طابور البطالة بسبب انعدام الوظاف التي بات الحصول عليها في السنوات الأخيرة شبه مستحيل”.
* الإنترنت سبب رئيس
المواطن محمد ضيف الله، وهو ولي أمر أعاد ضعف المستوى التعليمي لدى الطالب إلى أمور عدة أسهمت في ضعف التحصيل العلمي لدى الطلاب متمثلة في، تردي المنهج الدراسي الذي ساهم بشكل كبير في ضعف العملية التعليمية لدى هذا الجيل،وانتشار القنوات الفضائية وموادها التي أضحت تأخذ كثيراً من أوقات الشباب. ويواصل ضيف الله: “لقد زادت نسبة الإقبال في السنوات الأخيرة على محلات الإنترنت، الذي بدوره زاد الطين بلة، لما تحتويه هذه المحلات من ألعاب (الفيديو، والبلاستشين) وكذا مواقع التواصل الاجتماعي الذي صار كشبح يهدد العملية التعليمية بدرجة رئيسة، فضلاً عن إهمال أولياء الأمور في عدم متابعة أبنائهم وتشجيعهم على القراءة والمطالعة”.
* الترفيه بدلاً عن التّعلم
ويشير محمد أحمد (طالب جامعي) إلى أن “انشغال الطلاب بمتابعة مباريات كأس العالم وما يقدمة التلفاز من مواد وبرامج إعلامية لا تتناسب و أفكار الطالب، خصوصا من فئة المراهقين،تعد من المشكلات الحقيقية التي تواجه هذا الجيل الذي أصبح من شغالًا جداً بوسائل الترفيه ومواد التسلية أكثر من اهتمامه بالتحصيل العلمي”.
ويضيف: “إن عدم متابعة الأسر وضعف الكادر التعليمي وعدم المتابعة من الموجهين والجهات ذات العلاقة شجع في تسيب المعلمين وتشجيعهم من عدم تأدية واجباتهم بالشكل المطلوب، فضلاً عما أحدثه الإنترنت من ثورة معلوماتية جعلت الطلاب والشباب يلجأون إليه للمتابعة السريعة ويقضون جل أوقاتهم فيما ليس فيه فائدة عليهم”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى