القرآن ومعجزاته

> محمد حسين دباء:

> ومازلنا في سماء سمو حسن النظم قال الله تعالى: “هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ”، (سورة الفرقان، 74)، وقال تعالى: “امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ” (سورة يوسف، 30)، وقال تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً”، (سورة الروم، 21)، وقال تعالى: “اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ”، (سورة التحريم، 10).. فمتى تستعمل كلمة امرأة؟ ومتى تستعمل كلمة زوجة؟.
تستخدم كلمة زوجة عندما تكون العلاقة مبنية على المودة والرحمة من جانب والتكاثر من جانب آخر، أما إذا انقطعت العلاقة كما حدث مع امرأة العزيز بخيانة الشرف وامرأة نوح وامرأة لوط بخيانة العقيدة سميت امرأة.
وقد وضح هذا الأمر في قصة زكريا – أخذنا في حلقة سابقة - حيث يقول الله تعالى على لسان النبي زكريا: “وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً”(سورة مريم، 5)، فقال “امرأتي” ووصفها بالعاقر التي لا تنجب، فرد الله تعالى بقوله: “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ”، (سورة الأنبياء، 90)، فأسماها زوجة لأنها تحققت العلاقة بالتكاثر.. فسبحان الله الحكيم العليم.
قال تعالى: “وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ” (سورة الشعراء، 79،80،81)، قول الله على لسان إبراهيم، فعندما تحدث عن الطعام والشراب قال “هو”، وعندما تحدث عن الشفاء من المرض قال “هو”، ولكن عندما تحدث عن الموت والحياة لم يقل “هو”، فما هو السر؟.
في مواطن الطعام والشراب قد يتبادر إلى الذهن أن الذي أطعمك وسقاك فلان من الناس حين أتى لك بقليل من الطعام، وكذلك عندما تذهب إلى الطبيب قد تظن أنه هو الذي شفاك، فاحتاج الأمر أن يؤكد أن الطعام والشراب والشفاء من الله بكلمة “هو”، أما عندما تحدث عن قضية الموت والحياة فلا أحد يشك أنهما من عند الله.
قال تعالى: “تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً” (سورة يوسف، 85)، قالها أبناء يعقوب لأبيهم عندما ما اكتفى بعشرة أولاد وإنما تعلق قلبه بيوسف -عليه السلام- فظل يبكي حتى ابيضت عيناه من الحزن، فيعيبون عليه هذا القول فيقولون: والله ستظل تذكر يوسف حتى تهلك، ولكن فرق كبير بين ما نقوله من كلام البشر وبين ما يذكره القرآن، فوصف هذه الحالة الغريبة يحتاج إلى وصف غريب واختيار غريب الكلمات حتى تتحقق الغرابة في الموقف.
واستخدم “تالله” للقسم وهي أقل الكلمات استعمالا وأكثرها غرابة، واستخدم “تفتأ” ولم يختر من أخوات كان غيرها لأنها أقلهم استعمالا وأكثرهم غرابة، واستخدم “حتى تكون حرضا” أي تهلك فاختار أقل كلمات الهلاك استعمالا وأكثرها غرابة.
فجاءت الآية لتوضح الوضع الغريب “تالله” الغريب “تفتأ” الغريب “تكون حرضا” الذي يعيش في يعقوب عليه السلام.. هذا والله أعلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى