أمهات مصريات يهربن مع أسرهن من "موت محقق" في غزة

> رفح «الأيام» ا.ف.ب:

> تنفست سهير مسعود وهي مصرية متزوجة من فلسطيني تقيم في قطاع غزة الصعداء بمجرد اجتيازها أمس الجمعة معبر رفح مع ابنائها الاربعة معتبرة انه "كتب لهم عمر جديد" بخروجهم من القطاع.
وعائلة سهير واحدة من عدد قليل من الاسر الفلسطينية المحظوظة التي تحمل الامهات فيها الجنسية المصرية او الاجنبية والمسموح لهن بدخول مصر مع ابنائهن، اذ لا تصرح السلطات المصرية للفلسطينيين بدخول اراضيها باستثناء المصابين الذين يأتون للعلاج.
وقالت سهير لفرانس برس انها "نجت باعجوبة من موت محقق" في قطاع غزة الذي يتعرض منذ الثامن من يوليو الجاري لغارات جوية تشنها اسرائيل في اطار عمليتها "الجرف الصامد" التي وسعتها الى هجوم بري منذ مساء أمس الأول الخميس والتي ادت الى مقتل 274 شخصا حتى الان.
واضافت "اشعر انه كتب لي عمر جديد ونجوت من موت محقق. قصف امس كان بالدبابات والمدافع ومن البحر. كانت ليلة بشعة لم ننم فيها. المنزل كان يهتز وكأنه سينهار علينا".
وتحيط بمعبر رفح من كل جانب اراض صحراوية نبتت فيها شجيرات خضراء وتناثرت حوله من بعيد بيوت بدائية عشوائية من دور واحد. ومعبر رفح هو المعبر الوحيد الذي لا تسيطر عليه اسرائيل في قطاع غزة الذي تتولى حركة حماس السلطة فيه منذ سبعة اعوام.
ويسود توتر وحذر الطريق المؤدي الى المعبر الذي يمر عبر شوارع نصف ممهدة ملتوية على جانبيها عشرات المنازل التي هدمها الجيش المصري اثناء تدمير انفاق التهريب بين مصر وغزة.
ويسمع دوي الانفجارات في قطاع غزة من معبر رفح بشكل واضح، كما انها تؤدي الى اهتزاز زجاج مباني المعبر الذي تحرسه دبابات ومدرعات للجيش المصري يتحصن في محيطها عدد قليل من الجنود ورجال الشرطة.
وجمعت اسرة سهير مسعود اخف ما تستطيع حمله وهي تغادر القطاع : ثلاث حقائب وبعض الاكياس البلاستيكية التي حوت بعض الاغراض الضرورية.
وبأسى قالت سهير، التي تعيش في مدينة رفح الفلسطينية وهي تنتظر ختم جواز سفرها على بوابة المعبر الحديدية السوداء، "لم اكن اريد ان اغادر منزلي، لكن الليلة الماضية كانت صعبة جدا بعد بداية العملية البرية".
وفيما ساد الوجوم اوجه ابنائها قالت ابنتها لمي (سبع سنوات) التي كانت تجر حقيبتها الصغيرة "لا اريد ان اعود الى غزة. الحرب شيء سيء جدا"، قبل ان تمضي تاركة خلفها دخانا اسود يتصاعد من الجانب الفلطسيني من مدينة رفح الحدودية.
وقال مسؤول امني في المعبر لفرانس برس ان "السلطات المصرية قررت فتح المعبر يوم أمس الجمعة وهو اجازة رسمية لحاملي الجنسية المصرية في غزة والاجانب والمصابين الفلسطينيين"، وتابع "عندنا تعليمات ان الاعتبارات الانسانية تاتي قبل الاعتبارات السياسية".
وتراصت خارج المعبر سيارات اسعاف مصرية صفراء اللون بانتظار وصول مصابين فلسطينيين، لكن مراسل فرانس برس لم يلحظ خروج اي مصاب حتى مغادرة السيارات في الساعة 16،00 (14،00 تغ) موعد بدء حظر التجوال في مدن شمال سيناء التي تشهد اعمال عنف بين متشددين اسلاميين والامن المصري.
وبين الحين والاخر تتوافد اسر تحمل الجنسية المصرية او جنسيات اجنبية على المعبر .
وتصطف سيارات الاجرة خارج المعبر لنقل الواصلين من رفح الفلسطينية.
وقالت سيدة مصرية اخرى قالت ان اسمها ام احمد فيما كان ابنها يتفاوض على اجرة سيارة تقل الاسرة للقاهرة "عشنا اياما صعبة وحالكة اخيرا في غزة. اصوات الانفجارات لا تتوقف والاطفال لا ينامون الا في احضان امهاتهم من الخوف".
واضافت ام احمد التي ترتدي النقاب "الرحلة من البيت للمعبر كانت صعبة جدا. القصف كان عشوائيا من حولنا لم اصدق اننا وصلنا سالمين وسط هذا القصف".
وتتابع ام احمد بحزن وهي تدفع امامها بعضا من حقائب اسرتها "ابن عم زوجي استشهد في المقاومة ولم نحصل على جثته بعد. لا نريد ان تفقد الاسرة شخصا اخر".
وتقول ابنتها سميرة وهي تحمل ابنتها ملك التي تبلغ من العمر سنتين "اشعر ان عمرا جديدا كتب لي. القصف لم يكن يفرق بين مدنيين ومقاومة. لم نكن نستطيع ان نخرج من البيت اساسا".
وتضيف سميرة وهي تسترجع الايام الماضية "الانفجارات كانت حولنا في كل مكان. كنا نتجمع في غرفة واحدة حتى نموت سويا بالقرب من بعضنا البعض".
ويقول مصعب شقيق سميرة الذي يعمل محاسبا في شركة دهانات في غزة فيما كان يستجمع قواه بعد مغادرة القطاع "لم ننقطع عن الدعاء وقول يا رب طوال الطريق" واضاف في توتر "لقد كانت اياما صعبة وستزداد سوءا على اهلنا الذين تركناهم خلفنا في غزة للاسف".
ويقول سائق التاكسي محمد ابو قشطة الذي ينقل الاسر من الاحياء الفلسطينية الى معبر رفح "الطريق للمعبر طريق موت. اصل للمعبر ولا اعرف هل ساعود مجددا ام لا".
الخروج من غزة كان له وقع الفرح عند اسر اخرى غير مصرية حزمت كل حقائبها ربما لرحيل نهائي من القطاع.
وفي نقطة التقاء علمي مصر وفلسطين في المعبر، تقول الهام ابو دغما الخمسينية الجزائرية بفرح بالغ وهي تحمل حقائبها "اشعر براحة نفسية للمغادرة. اصوات الانفجارات لا تزال تدوي في اذني"، قبل ان تشكر ضابطا مصريا قائلة وكانها لا تصدق انها غادرت القطاع "رحمتونا رحمتونا".
وتخطط الهام المتزوجة من فلسطيني للاقامة الدائمة في بلدها بعد ذلك وتقول "جئت الى غزة من سبعة شهور لكن الحياة هناك اصبحت لا تطاق. لا كهرباء ولا ماء ولا غذاء. ساعود للجزائر".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى