في دائـرة الضـوء..بنفيكا.. تاريخ مجيد ولعنة متواصلة !!

> «الأيام الرياضي» متابعات:

> يُعد بنفيكا أكثر الأندية البرتغالية فوزًا بالألقاب لدرجة نال معها لقب (نادي الأمجاد)، كما يزخر بأكبر قاعدة جماهيرية في هذه الدولة الواقعة بشبه الجزيرة الأيبيرية، حيث تشير الإحصائيات إلى ما لا يقل عن (14) مليون مشجع ومشجعة ينتشرون عبر مختلف قارات العالم مفتخرين بألوان القلعة الحمراء التي عاشت حقبة ذهبية في ستينات القرن الماضي تحت قيادة الأسطورة أوزيبيو.
ومازال هذه النادي العريق يحافظ على تقليد تاريخي ارتبط بالأجواء التي تسبق انطلاق كل مباراة من مبارياته؛ إذ يحلق النسر (فيتوريا)، الذي يعد رمز الفريق الأبدي، فوق ملعب (دا لوش) قبيل إطلاق صافرة البداية ليحط فوق درع يُنصب وسط الملعب، مكملاً بذلك صورة شعار بنفيكا، وتقول الأسطورة: "إن قيام (فيتوريا) بدورتين فوق أرضية التباري يُنذر بفوز أصحاب الأرض، بينما تعني دورة واحدة نهاية المواجهة بانتصار الضيوف!".
**** ولادة مؤسسة
اجتمع عدد من قدماء طلبة (ريال كازا بيا لشبونة) يوم 28 فبراير 1904 في صيدلية فرانكو لتأسيس النادي الذي اختاروا له الأحمر والأبيض ليكونا لونيه الرسميين، بينما قرروا أن تكون صورة النسر رمزًا له لما تحيل عليه من استقلالية وسلطة وأرستقراطية، أما الشعار فكان (إي بلوريبوس أونوم) (كلنا واحد).
انطلقت إذن مسيرة بنفيكا المظفرة بتوجه رياضي شامل ونزعة اجتماعية وثقافية مميزة، فكان أن احتفل عام 1919 بخوض أول مباراة تحت الأضواء الكاشفة في تاريخ كرة القدم الأيبيرية، وفي مرحلة ما بين الحربين، بلغت شعبية النادي مستويات قياسية حيث بات يضم (41) فرعًا له في مختلف أنحاء البلاد وبقية المستعمرات البرتغالية عبر العالم.
**** نشأة الأسطورة
بعد تولي جواكيم بوجاليو منصب الرئاسة وأوتو جلوريا الإدارة الفنية، بدأت أولى معالم التحديث والاحتراف في بنفيكا الذي كان قد انتقل عام 1954 إلى معقله الجديد في ملعب (دا لوش)، وفي ذلك الموسم بالذات، تمكن أبناء قلعة النسور من وضع حد لهيمنة جارهم سبورتينج على لقب الدوري الوطني والتي امتدت خلال أربع سنوات متتالية، ثم واصلوا شق طريقهم بثبات ليحققوا بعدها بثلاث سنوات أول مشاركة لهم في كأس أوروبا.
ولم تكن تلك إلا بداية لعهد ذهبي سيظل محفورًا في ذاكرة كرة القدم على مر التاريخ، وهي المدة التي تزامنت مع توسيع الطاقة الاستيعابية للملعب الجديد لتصل إلى 80 ألف متفرج.
فتحت إمرة المدرب بيلا جوتمان، نجح بنفيكا في خطف درع الليجا البرتغالية عامي 1960 و1961 مضيفًا إليهما أول كأس أوروبية في سجله، بعد تغلبه على برشلونة (3-2) في مباراة نهائية مثيرة، وبعدها بسنة واحدة، وعقب ظهور أوزيبيو في صفوف التشكيلة الأساسية، عاد عملاق لشبونة ليجدد العهد مع اللقب القاري بفوزه على ريال مدريد في موقعة تاريخية قلب البرتغاليون فيها تخلفهم مرتين، حيث سجل (الفهد الأسود) ثنائية قاد بها فريقه إلى الفوز بنتيجة (5-3)، لكن النجاح القاري الباهر قابله إخفاق على الساحة العالمية، إذ عجز أوزيبيو ورفاقه عن خطف لقب كوبا إنتركونتينونتال في موسمين متتاليين.
وبينما طالب جوتمان بزيادة في راتبه إثر قيادة الفريق إلى المجد الأوروبي، لم تكتف إدارة بنفيكا برفض هذا الطلب، بل قررت إقالته من منصبه، فما كان من المدرب المحنك إلا أن جمع حقائبه ورحل معبرًا عن استيائه من هذا التعامل بجملة ظلت ولا تزال عالقة في أذهان عشاق النادي، حيث قال المجري غاضبًا: "في غضون السنوات المائة القادمة، لن يعود بنفيكا للفوز باللقب الأوروبي أبدًا".
ولعل هذه الكلمات مازالت تلقي بظلالها على جماهير النادي إلى يومنا هذا، فمنذ أن نطق بها جوتمان، لم يتمكن العملاق البرتغالي من معانقة المجد القاري مع أنه خاض منذئذ خمس مباريات نهائية في أبرز مسابقة للأندية الأوروبية.
أما سنوات السبعينات، فقد شهدت هيمنة النسور على كل المنافسات الوطنية، حيث فاز أبناء القلعة الحمراء بكأس البرتغال مرتين، وحققوا درع الدوري الممتاز في ست مناسبات، علمًا أن بنفيكا حطم رقمًا قياسيًا في موسم 1972 - 1973 الذي أنهاه متربعًا على العرش المحلي بواقع (28) انتصارًا وتعادلين فقط، بينما لم يتعرض لأية خسارة تُذكر، مسجلاً ما لا يقل عن (101) من الأهداف في حين لم تهتز شباكه سوى (13) مرة، ليصبح أول بطل برتغالي بسجل خالٍ من الهزيمة، وهو إنجاز ما زال ينفرد به حتى الآن.
وفي المقابل، شهد العقد الثامن من القرن الماضي مرحلة طويلة من المد والجزر تخللتها مدة تدريبية تحت إمرة السويدي زفين جوران إيريكسون الذي قاد النادي إلى الفوز بدرع الدوري مرتين فضلاً عن كأس البرتغال في مناسبتين كذلك، لكن بنفيكا لم يفلح في فك العقدة القارية، بعدما خسر مباراتين نهائيتين، كانت أولاهما في ختام موسم 1982 - 1983 من كأس الاتحاد الأوروبي بينما جاءت الثانية في موسم 1989 - 1990 ضمن منافسات كأس أوروبا للأندية.
**** الحاضر
شهد تاريخ بنفيكا الحديث فاجعة كبرى تمثلت في وفاة لاعبه المجري ميكلوس فيهر خلال إحدى المباريات عام 2004، وقد كان الفوز بلقب الدوري في العام الموالي أفضل هدية لروح الفقيد، علمًا أن ذلك التتويج يُعد الأخير في سجل النادي.
وبعد اعتزال اللاعب روي كوستا، الذي يُعد رمزًا من رموز بنفيكا على مر التاريخ، دخل النادي مرحلة جديدة منذ موسم 2008 - 2009 تحت قيادة المدرب الأسباني كيكي سانشيز فلوريس الذي انتدب لاعبين بسجل دولي حافل، وفي مقدمتهم خوسيه أنتونيو رييس وبابلو أيمار، حيث بات عملاق العاصمة يطمح في سحب البساط من تحت قدمي غريمه بورتو، الذي أتى على الأخضر واليابس في ملاعب البرتغال على امتداد السنوات الأخيرة.
وبالفعل، يبدو أن بنفيكا قد أخذ في العودة إلى المكانة اللائقة به مع بداية الألفية الثالثة؛ إذ أنشأ النادي فرعًا لكرة الصالة عام 2001، فما كان من هذا الأخير إلا أن حقق لقب الدوري الممتاز أربع مرات إضافة إلى كأس البرتغال في ثلاث مناسبات ومعها كأس السوبر في ثلاث أخرى.
**** الملعب
دُشن ملعب (دا لوش) الجديد يوم 25 أكتوبر 2003 مباراة ودية فاز فيها أبناء القلعة الحمراء على منتخب أوروغواي بهدفين لواحد، حيث هُدم الملعب القديم عن آخره بعدما خاض بنفيكا على أرضيته ما لا يقل عن (1075) مباراة، ليفسح المجال لصرح كروي جديد بمواصفات حديثة تتماشى مع متطلبات استضافة نهائيات كأس أمم أوروبا 2004 من حيث السلامة والأمن.
ويُطلق على هذه القلعة الباهرة لقب (الكاثدرائية)، وهو يتسع لما لا يقل عن (65) ألف متفرج، وقد احتضن نهائي بطولة القارة العجوز الذي شهد سقوطًا مفاجئًا لأصحاب الأرض على يد منتخب اليونان.
ويضم ملعب (دا لوش) جناحين مستقلين ومسبحًا، في دلالة على تعدد الأصناف الرياضية في نادي بنفيكا، الذي يضم فروعًا لكرة الصالة وكرة السلة والدراجات الهوائية والرجبي وكرة اليد وأصناف أخرى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى