مستشفيات أبين.. خدمات طبية مفقودة ومواطنون يشكون وجع الإهمال

> استطلاع / الخضر عبدالله:

> ثمة ما يثير القلق حين تشاهد جموع المرضى في محافظة أبين يترددون على المستشفيات، وهم في حالة مزرية وأوضاع مضنية نتيجة افتقار الوضع الصحي بأبين لأبسط المقومات والمعدات الطبية.
فأغلب المناطق في محافظة أبين تفتقر لرعاية صحية، حيث لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الاحتياجات الطبية اللازمة لرعاية المواطنين الذين يتعرضون للمرض، وهو ما يجعل المواطنين بين خيار الموت على الفراش أو تحمل مشاق السفر وتكاليفه المالية إن وجدت.
هذا على مستوى المدن الفرعية، أما على مستوى المدن الرئيسية أو ما يعرف بعواصم المحافظات فإن الوضع الصحي والطبي ما يزال متأخراً وغير موجود، ولا ثقة بين المرضى والمستشفيات العاملة في المحافظة إلا في النادر، فما أن تصل إلى بوابة إحدى المستشفيات الحكومية أو الخاصة حتى تقابلك عشرات الشكاوى من المواطنين الذين يشكون الإهمال وغياب الخدمات، هذا على المستوى العام، وفي المقابل تجدهم يشكون الكلفة العالية وكثرة الفحوصات والأسعار المرتفعة في المشافي الخاصة.
وما بين هذا وذلك تظل صحة المواطن وحياته مرهونة بمدى مهارة ومهنية الكادر الطبي، وأيضاً بمدى قدرته المالية على تحمل تبعات التشافي والعلاجات والفحوصات،وتكاليف ربما تضطره إلى بيع منزله واستدانة الباقي.
بالرغم من كون محافظة أبين من المحافظات اليمنية الرئيسية والكبيرة في المساحة والكثيرة في العدد، إلا أنها تظل في مؤخرة المحافظات المستفيدة من الخدمات الأساسية التي تأتي الصحة في مقدمتها،فأبين تعتبر من المحافظات التي تتمتع بكثافة سكانية كبيرة، كما أنها تستقبل الكثير من أبناء المحافظات المجاورة، ومع ذلك فلا يوجد في مدينة زنجبار عاصمة المحافظة سوى مستشفى واحد (هيئة مستشفى الرازي) وقد بنته دولة الكويت في الثمانينات، وأصبحت الحاجة اليوم إليه تشكل ضغطا كبيراً عليه.
فالزائر لمعظم مديريات المحافظة يرى بعينه تدهور هذه الخدمة، بل وانعدامها في كثير من الأحيان في العديد من المديريات، وهو ما يجعل المواطنين المرضى عرضة لتدهور حالتهم المرضية، وربما تحصل آثار سلبية غير محمودة.
وبسبب الكثافة السكانية لمحافظة أبين لا تستطيع المرافق الطبية الريفية بأبين القيام بواجبها، ناهيك عن الأعداد الكبيرة الوافدة من بعض المحافظات المجاورة وهو ما يثقل كاهل الأطباء في مستشفى الرازي ويجعل المرضى عرضة للتأخير والازدحام، وهو ما قد يؤثر على صحتهم.
** مشاريع طبية متعثرة **
في خضم الاحتياج الملح لفتح مستشفيات ومراكز صحية في المحافظة تقوم بتوفير الخدمة الصحية لمواطنين لا يمتلكون كلفة العلاج في المستشفيات الخاصة، لا تزال العديد من المشاريع الطبية متعثرة، كما هو الحال مع مستشفى (محنف) بمديرية لودر،الذي أصدر وزير الصحة قرارا بترفيعه من مستشفى ريفي إلى عام، للمساهمة في تخفيف معاناة المواطنين، إلا أن ذلك المستشفى متوقف عن الترفيع ولا أحد يعرف ما سبب عدم استكمال ترفيعه.
يقول أحد الأطباء في محافظة أبين - طلب عدم ذكر اسمه - : “إن الوضع الصحي متعثر منذ فترة طويلة، والأصل هو متابعة مكتب الصحة والمجلس المحلي، لأن الميزانية ضعيفة ولا تفي بالغرض وتحتاج للمتابعة الجادة في الحصول على الميزانية الوافية التي يستفيد من خلالها أغلب المشافي في أبين من جهة الاختصاص”.
وفي المقابل لا يزال مستشفى (الرازي) أقدم المستشفيات بمحافظة أبين يعاني من عدم قيام الدولة ممثلة بالوزارة والسلطة المحلية بإعادة ترميمه وإصلاح وتأهيل أجزاء منه، بالرغم من الجهود التي تقوم بها إدارة المستشفى في إعادة ترميم بعض الأقسام وفتح بعض غرف العمليات وإعادة تجهيزها، إلا أن المسئولية تقع على الدولة خاصة، وأن أجزاء من المستشفى تحتاج إلى إعادة هدم وبناء جديدة، كونها تعدت الفترة الزمنية المحددة.
فهناك العديد من مشاريع الصحة في المديريات ما تزال متعثرة ولم يتم إنجازها، والبعض منها ما يزال ينقصها التجهيزات الطبية وتوفير الكادر الطبي المتخصص والمتمكن.
** أوضاع صحية متردية **
التقينا الأخ صالح محمد الذي عبر في بادئ الأمر عن شكره لصحيفة «الأيام» على تناولها هموم ومعاناة المواطنين في شتى المجالات، ومنها مجال الصحة بالمحافظة، حيث قال: “لا يختلف اثنان حول تردي هذه الأوضاع وكأن المواطن يعيش في القرون الوسطى، نظراً لعدم وجود العناية في هذا المجال من قبل مكتب الصحة في المحافظة وبدون وجود المراقبة من قبل السلطة المحلية والتنفيذية، حيث نجد الدولة تنفق ملايين الريالات في بناء المستشفيات والمستوصفات والعيادات، ولكنها تبقى خالية على عروشها، بسبب افتقار هذه المنشآت إلى الكثير من الامتيازات مثل: الطبيب المختص والكادر الصحي المؤهل، والأدوية، إضافة إلى ذلك افتقارها لبعض الأجهزة الطبية مثل: الأشعة وأجهزة المختبرات، لهذا يضطر المواطن للجوء إلى المحافظات الأخرى لتلقي العلاج نظراً لانعدام ثقته في صحة المديرية”.
وأسترسل قائلاً: “أيضاً لعدم وجود الرقابة تواجدت العيادات والصيدليات غير المرخصة وغير المكيفة وكأنها (بقالات) مواد غذائية ما يؤدي إلى تلف الأدوية وضعف فعاليتها، إن لم تؤثر سلباً على حياة المواطنين”. مضيفاً: “لهذا نناشد الجهات المختصة بوضع حلول سريعة ورفع المعاناة عن أبناء هذه المديرية الباسلة”. المواطن نايف هيثم من منطقة مودية، قال: “الوضع الصحي بالمحافظة بشكل عام يمر بمرحلة سيئة، ونحن نعاني انعدام الخدمات الطبية في منطقة مودية، وعدم توفر وحدة صحية رغم الكثافة السكانية الكبيرة وتكبد الأهالي مشقة المواصلات إلى عاصمة المديرية للحصول على الخدمات الطبية التي أيضاً لا نجدها سوى في العيادات والصيدليات الخاصة، والتي تكلف مبالغ باهظة لا يطيقها المواطن، ونطالب جهات الاختصاص بإصلاح الوضع الصحي بالمديرية”.
** نقص حاد في أبسط الخدمات **
أما بالنسبة لأوجه الخلل والنقص في المرافق الخدمية في أبين، تحدث إلينا المواطن منصور اليافعي من أبناء مدينة جعار، قائلاً: “مهما تحدثنا عن أوجه الخلل في المرافق الخدمية في المحافظة، لن نفي بما يعانيه المواطن من نقص حاد في
أبسط الخدمات الضرورية، ومنها الخدمات الصحية، التي تفتقد بعضها إلى التنسيق المبرمج مع كثير من القطاعات الاجتماعية، ما سبب نقصا في تلك الخدمات الصحية” مستطرداً: “فمثلاً كانت هناك حالات توعية تجري في المدارس لكثير من الأمراض تتمثل في الصحة المدرسية، والتي تعتبر أساسا سليما لبناء قاعدة صحية تقوم على بيانات صحيحة كبقية العالم ولا تكلف الدولة كثيراً من الأموال عوضاً عن فوائدها المستقبلية لصحة الفرد، ونعرف أن هناك ترابطا وثيقا بين المدرسة والصحة والأسرة” ويواصل متسائلاً: “فهل أصبحنا نسير عكس التيار، فأنا لا أرى أي تطور خدماتي صحي في المحافظة سوى أن الناس أصبحت لا تثق بالمرافق الحكومية الصحية، ولجأت إلى العيادات الخاصة رغم تدني مستواها الطبي، وهذا إن دل على شيء فهو الإحباط واليأس، ومدى تدهور الخدمات الصحية”.
ويضيف قائلاً: “هناك خلل إداري تعاني منه الخدمات الصحية، فنشد على أيدي قيادات العمل الصحي أن يقوموا بعملهم وأن تزول حالة الركود السلبي في عمل المرافق، كما نتمنى أن نرى كوادرنا الطبية المتميزة حاضرة لخدمة أبناء هذه المحافظة التي تعرضت لأبشع الحروب مع القاعدة، ونطالب السلطة المحلية في المحافظة بتوفير أكبر قدر من الرعاية للمرافق الصحية بالمحافظة، والإشراف المباشر لعملها، وأن تجزي المثابر، وتعاقب المتخاذل لتستمر الخدمات الصحية إلى الأفضل”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى