عمالة الأطفال.. ظاهرة تتسع في المجتمع المحلي وسط غياب معالجات للحد منها

> تقرير/ عنتر الصبيحي:

> تُعد عمالة الأطفال إحدى المشكلات والظواهر السلبية في البلاد، والتي باتت كثير من الأسر تلجأ إليها في سبيل الحصول على لقمة العيش، والتغلب على قساوة الوضع المادي والمعيشي، نتيجة لما تعانيه تلك الأسر من فقر مدقع ومحدودية الدخل المادي، تاركين أطفالهم يتسولون في الأرض دون مراعاة الآثار السلبية التي قد تنعكس على حياة أطفالهم بشكل خاص، والمجتمع بأسره، وغير آبهين أيضاً لما يتعرض له أبنائهم من فئات الأطفال الذين تركوا في سوق العمالة كظاهرة اتخذت أشكالاً عدة ضحاياها الأطفال أنفسهم.
تجد في الكثير من الأسواق والشوارع المحلية أطفالا يمتهنون مهنة البيع على قارعة الطرقات والشوارع والتجول بين الأسواق لبيع بعض الأشياء الصغيرة، أو العمل في محال خاصة وبأجور بخيسة وزهيدة للغاية، في حين يتم استغلال كثير منهم وتسخيرهم لأداء أعمال تفوق قدراتهم البدنية والنفسية في مخالفة واضحة للاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية حقوق الطفل وحمايته من الاستغلال الاقتصادي، أو من الإضرار بصحته البدنية والعقلية. في اليمن فإن قانون العمل واضح في هذا الإطار والذي حدد السن القانونية للعمل بـ15 سنة كحد أدنى للعمل، ما جعل الأطفال في مواجهة مباشرة مع المخاطر جراء استغلالهم مهنيا في مجالات عدة كالنجارة، والزراعة والتلحيم، وغيرها من المهن والأشغال الشاقة، والتي عادة ما تعرض الأطفال للإصابة بأمراض نفسية وصحية، وكذا ما يجعلهم عرضة لحالات التحرش والاغتصاب وغيرهها من المخاطر.
وحسب تقرير رسمي عن عمالة الأطفال، فإن التقرير كشف “أن عمالة الأطفال في البلد أصبحت تنمو بمتوسط ثلاثة بالمائة سنوياً من إجمالي عدد الأطفال العاملين ما دون سن الثانية عشرة عاماً”.
ووفقاً للتقرير الذي أعدته لجنة حقوق الإنسان والحريات والمجتمع المدني بمجلس الشورى، العام المنصرم، “فإن عمل الأطفال يتركز بصورة مكثفة في المجال الزراعي بنسبة 92 بالمائة، فيما يعمل 4.8 بالمائة في مجال الخدمات، و 2.5 بالمائة منهم يشكلون عمالة غير محترفة”.
كما يشير موضحاً إلى: “أن بعض الأطفال يجبرون على العمل لفترات متواصلة تصل إلى 17 ساعة في اليوم الواحد، نظير أجور زهيدة، وبحسب الإحصائية الرسمية فإن تعداد الأطفال العاملين في اليمن يبلغ أكثر من 3.2 ملايين طفل وطفلة”.
يحظرالقانون اليمني عمل الأطفال في مهن خطيرة حددها القانون ب 72 مهنة، وكذا عمل الأطفال لمدد زمنية تزيد عن 6 ساعات فارضا عقوبات على أرباب العمل المخالفين بالحبس لمدد تصل إلى 10 سنوات، إلا أنه لم يتم تطبيق أي عقوبه ضد أي مخالف حتى الآن.
وتتعرض شرائح الأسر التي تدفع أولادها إلى سوق العمل وهم في سن مبكرة إلى تأثيرات سلبية مدمرة على حياة طفلهم وصحته في المستقبل، إضافة إلى تأثر التطور العاطفي.
وهناك حالات وقضايا كثيرة جرى تقييدها عن تعرض أطفال للعنف والضرب من قبل أرباب العمل، وغيرها من الأمور والمشكلات التي نتجت عنها إصابات لأطفال أوقات دوامهم وتراوحت بين الكسور والجروح والرضوض، فضلاً عن الإصابة بتسمم أو صعوبة التنفس ونزيف أو بإصابات أخرى مختلفة.
في خطوة من شأنها العمل في الحد من هذه الظاهرة فقد أوصى البرلمان الخاص بالأطفال أعضاء الحكومة بإصدار قوانين تنص على معاقبة الأسر التي تدفع أطفالها إلى العمل، وتأسيس مراكز في جميع أنحاء البلاد لإعادة تأهيل الأطفال العاملين، وتحديث كل القوانين الخاصة بعمالة الأطفال.
كما أوصى متخصصون باتخاذ المعالجات والتدابير الإجرائية لمعالجة ظاهرة عمالة الأطفال، والتي تتمثل بإشراك منظمات المجتمع المدني مع الحكومة في إطار الجهد التنموي المتكامل والمنظم للتخفيف منها، وإعداد دراسات متعمقة حول ظاهرة عمالة الأطفال وأسبابها، ووضع برامج ومروعات استراتيجيات وسياسات بديلة للحد من هذه الظاهرة، إما بتوفير الرعاية والحماية للأطفال العاملين،حيث يكون التعليم والتدريب أحد المحاور الهامة لجهود الرعاية، وإما بإعداد اللوائح والقرارات المكملة والمنفذة لأحكام قانون العمل في مجال تنظيم عمل الأطفال ومراقبة المنشآت والأماكن التي تستخدم وتستغل الأطفال خارج إطار القوانين واتخاذ الإجراءات الرادعة ضد المخالفين.
وتطالب ناشطات في مجال الدفاع عن حقوق الأطفال في اليمن، العمل على توفير بيئة صحية آمنة للأطفال العاملين في الشوراع والأسواق والمحلات الخاصة، والحد من استغلالهم بإتيان مهن شاقة وخطيرة بصحتهم رغما عنهم، مع تفعيل برامج شبكة الأمان الاجتماعي واستهداف الفئات الفقيرة الأكثر تضرراً من برنامج الإصلاح الاقتصادي، والتوعية المجتمعية عبر وسائط الإعلام المختلفة، لتحقيق الأهداف والغايات المرجوة لمعالجة هذه الظاهرة، وبما يهدف إلى تنوير المجتمع المحلي ورفع وعيه إزاء الخطر الذي يواجه أطفالنا في المستقبل نتيجة انخراطهم في سوق العمل وما قد يؤثر ذلك على نموهم النفسي والجسدي في المستقبل.
تقرير/ عنتر الصبيحي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى