سوق عامر بالتواهي .. أحد أسواق عدن العريقة والتاريخية

> استطلاع / أمين المغني

> سوق عامر بمدينة التواهي من أقدم الأسواق وأعرقها في عدن، إذ يعود تاريخ تشييده إلى العام 1896م، وبطراز معماري قديم غير اسمه خلال فترة ما بعد الاستقلال من الاستعمار البريطاني إلى سوق (الكيلو).
وشهد هذا السوق نشاطاً اقتصادياً قبل أن يتوقف بعيد حرب صيف 94م لأسباب غير معروفة، حتى تم رفع مشروع إعادة تأهيله إلى مؤسسة تطوير مدن الموانئ في 2009 لتستمر الوعود بتشغيله حتى تم فعلا افتتاحه أواخر الشهر الماضي.
في الفترة التي توقف فيها نشاط سوق التواهي (سوق عامر العام) عن العمل، شهد تزايداً لطفح المجاري وانتشارا كبيراً للقمامة حول بسطات بيع الخضروات والفواكه واللحوم والأسماك، الأمر الذي أدى إلى تشويه المنظر العام للشارع وانتشار الروائح الكريهة والبعوض لسنوات طويلة قبل أن يتم معاودة افتتاحه مرة أخرى، بفضل جهود بذلتها السلطة المحلية في المديرية، وتعاون أبناء المدينة.
وحول أوضاع السوق ومعوقاتهأوضح مدير عام مديرية التواهي الدكتور ياسر محمد علي أن المشكلة الرئيسية التي أعاقت فتح السوق هي التأجير بالباطن، وكذا العقود التي تسلم للمستأجرين كعقود انتفاع لا يحق التصرف فيها بغير ما صرفت لها، ولهذا فالسوق بمحلاته ملك للدولة تسخره لمنفعة الناس، ومسألة تأجيره من المواطنين غير سليمة إطلاقاً، ويوضح “المسألة أصبحت استثمارا للمواطن وهو ما أدى إلى خراب السوق وإعاقة تشغيله وهذه أهم الأسباب التي جعلتنا نطالب بتشغيله عبر مستثمر أو متعهد”.
وعن المشاكل التي واجهت افتتاح السوق أوضح علي بالقول: “قبل وبعد افتتاح السوق كان هناك من يحاول إعاقة افتتاحه، لكن بتعاون الجهات الأمنية والمواطنين كان يوم افتتاحه عبارة عن يوم احتفال وشاركنا الجميع عملية الافتتاح هذه بارتياح كبير، وهذا الارتياح تفخر به السلطة المحلية، لأنه يعتبر دليلا على نجاحنا في تقديم الخدمات التي يريدها المواطن، فقد كان قرار إزالة البسطات وإدخالها السوق قرارا مناسبا تم الموافقة عليه بالإجماع”.
ويتابع بالقول: “إن العمل جار لتهيئة وتأهيل الشارع في جانب الخدمات العامة من إنارة وإصلاح شبكات الصرف الصحي، وتأهيل الشارع المتاخم للسوق الذي يتمركز فيه باعة القات، والذي أغلق بسبب تزاحم مفرشي القات أمام النساء والأطفال لفترات طويلة، وإعاقة سيارات الإطفاء من المرور في حال شب حريق في المنطقة بسبب ضيق الشارع بهؤلاء الباعة في السوق بشكل كبير، وذلك بهدف إعادة الشارع إلى حالته الطبيعية بوجهه الحضاري”.
وفي ختام حديثه توجه علي برسالة شكر وعرفان إلى حسن نوح الذي تولى مسؤولية إدارة السوق للدور الذي قام به لإعادة السوق لما كان عليه، وكذا للمواطنين لتعاونهم المتواصل، داعياً الجميع إلى المحافظة على نظافة الحي والسوق لتأخذ المدينة مكانتها المرموقة كقبلة سياحية لعدن والبلاد ككل.
**منعنا من بيع بعض الفواكه**

بدوره شكا أحمد وهو تاجر خضار من صغر حجم المحلات التي حددت لهم من قبل الجهات المختصة ويضيف: “المحلات صغيرة وضيقة لا تكفي لعرض البضاعة بالشكل المطلوب، مع منعنا من عرض بضاعة معينة وكذا من عرض بضاعة أخرى كالفواكه، ويتابع: “في حالة إذا أردنا أن نبيع الفواكه يتطلب منا تأجير مفرش آخر”.
**جهود مبذولة**
أما بائع السمك شوقي فيوضح بالقول: “لقد تم الاتفاق معنا على دخول السوق بمفارشنا الأولية، وحدد لنا قيمة إيجار بـ(12000) ريال شهرياً، وهو أمر مناسب لنا في حالة لم يتم رفعه بعد ذلك”.
كما أشاد بالجهود التي تبذل من قبل الجهات المختصة في مجالات النظافة والترتيب في الأكشاك ومفارش البيع.
**قلة فرص البيع**
من جهته عبر بائع القات نجيب عبدالله عن جانب من معاناته في سوق القات بالقول: “إننا نعاني من مشكلة فرض الدخول إلى المواقع البعيدة في سوق القات والسماح لكبار بائعي القات بالبقاء في مقدمة السوق وهو ما يقلل فرص البيع لديهم، ويزيد من خسائرهم كارتفاع إيجار مفارش القات والتي تكلفهم مبالغ باهظة”.
مطالب بالمساواة في الإيجار
أحمد عقلان أحد بائعي اللحوم شكا من ارتفاع إيجارات المحلات التي تفرض عليهم وهو ما يزيد من أسعار اللحوم، الأمر الذي يحرم كثيرا من المواطنين من شرائه لما يعانونه من ظروف مادية صعبة، ويتابع: “إن بيع اللحم أصبح حكراً على أصحاب الملاحم فقط، ونحن أول المتضررين، ولهذا نطالب أن يلتزم الجميع بالبيع داخل السوق، وكذا نطالب بالمساواة من ناحية الإيجار أسوة بأسواق كريتر والشيخ”.
مهام عدة
حسن نوح متعهد السواق أوضح بعضا من المهام التي يقوم بها في السوق لـ“الأيام” بالقول: “عملنا وما زلنا نعمل مع السلطة المحلية في حصر عدد الباعة، واستدعاء السابقين منهم ومن الذين يعملون في الشارع، وكذا ترتيب الأماكن والإيجارات للباعة، بالإضافة إلى صيانة السوق قبل تشغيله”.
وأشار نوح إلى أن ترتيب المواقع في السوق قد راعى استيعاب كل الباعة، كما تم توزيع المواقع فيه بحسب تجارة الباعة وإمكانياتهم المادية، وبناء على هذا تم تحديد الإيجار”.
وعن شكاوى بعض التجار ومعاناتهم التي تواجههم في السوق أجاب نوح بالقول: “حاولنا قدر المستطاع أن تناسب المواقع كافة احتياجات البائعين وبضائعهم ولم نمنع أحدا من أي شيء، ولهذا هم ملزمون بالتقيد بالمواقع التي حددت لهم في إطار معين، وذلك لمنع تشويه المنظر العام للسوق والذي أعد أساساً للحفاظ على المنظر الحضاري للمنطقة أيضا”.
وعن قيمة الإيجار أوضح أن الإيجارات محددة بقيمة خمسمائة ريال في اليوم الواحد، وهذا مبلغ ليس بالكبير مقابل عرض بضاعته في مكان آمن وصحي ونظيف، كما أنه غير ملزم بالدفع في حال عدم حضوره للبيع”.
وتمنى في ختام حديثه وفاء المجلس المحلي بالتزاماته التي وعد بها في العقد لما فيه مصلحة المجتمع من منع الباعة المتجولين في الشوارع المحيطة بالسوق.
**انطباعات المواطنين**
المواطن عماد عبدالله أشاد بدوره بالجهود التي بذلت من قبل المجلس المحلي للمديرية في افتتاح السوق وإعادته إلى حالته السابقة من التنظيم والنظافة.. مطالباً في الوقت ذاته بتوفير الأمن فيه.
كما عبر المواطن نادر سعيد إدريس عن ارتياحه لافتتاح السوق وما رافقه من نظافة والتخلص من مظاهر القذارة التي كانت منتشرة بسبب مخلفات البائعين، بالإضافة إلى التخلص أيضاً من البالوعات ومياه الصرف الصحي التي كانت تحيط ببائعي الخضروات والأسماك.

أما المواطن حسن، فدعا إلى ضرورة تكاتف الأيدي للعمل على تكملة المشاريع الخاصة بالطرقات وكذا تنظيف الممرات الخلفية (الجلالي) بشكل شهري.
صالح عبدالله تحدث عن افتتاح هذا السوق لـ“الأيام” بالقول: “وفر لنا إعادة افتتاح السوق خدمات كثير جداً أبرزها إعادة النظافة إلى السوق وتوسعة الطرقات بعد أن كانت تعج بالباعة”.
**بالتعاون وجدت النظافة**
مدير قسم النظافة بمديرية التواهي ناصر حسين تحدث عن جانب من المهام التي قام بها بخصوص المحافظة على نظافة السوق وشوارعه المحيطة بالقول: “وزعنا عمال النظافة بحسب المربعات المحددة لهم بحيث يقوم كل عامل بمهامه على أتم وجه، فضلاً عن التعاون مع الأخ حسن لترتيب شؤون النظافة داخل السوق، وعما قريب ستوزع بدلات رسمية خاصة بعمال نظافة هذا السوق (سوق عامر العام)”.
**سوق عامر تحفة معمارية تاريخية**
ما زال سوق عامر العريق بمدينة التواهي محافظاً على نمط وجمالية بنائه، حيث مازالت تفاصيل أعمدة وعقود بنائه ذات الطابع الفيكتوري والنقوش المحفورة في جدرانه حتى اليوم لم تطلها عملية الترميم بسوء، فضلاً عن الأسقف الخشبية التي تسمح بدخول أشعة الشمس من بين فتحاتها.
وحول أهمية المحافظة على نمطه المعماري أكد رئيس لجنة التخطيط والتنمية بمحلي مديرية التواهي سمير الوهابي حول هذا الجانب بالقول: “اثناء رفعنا مشروع السوق إلى مؤسسة تطوير مدن الموانئ طالبنا خلاله بالحفاظ على الطابع الفيكتوري التاريخي للسوق ومنع أي استحداثات أو استخدام أي من مواد البناء الحديثة كما اهتممنا كثيراً بالمحافظة على الأخشاب والحجارة المنقوش عليها، وروعي أيضا أن يحتوي سقفه على فتحات تهوية كشباك لدخول الشمس”.
كما عبر الوهابي عن سعادته بافتتاح سوق عامر العام، والذي افتتح بعد فترة طويلة من الإهمال.
وفي ختام حديثه قال: “لقد أعيد للسوق هيبته واسمه التاريخي العريق بعد أن كان قد أزيح إبان حكم الأنظمة السابقة”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى