صنعاء..رهينة البحث عن ضمانات الأيام القادمة حبلى بتطورات المشهد السياسي المعتم في البلد والتدخلات في قراره مراقبون :الطرف الرسمي قدم تنازلات حرصا على تجنيب البلاد منزلقات أشد خطورة

> صنعاء «الايام» بليغ الحطابي

> لايزال الوضع في العاصمة صنعاء قابل للاشتعال حتى بعد توفر فرص التمكين من تسوية الوضع سياسيا والتئام الحكومة مع طرف جماعة الحوثي المسلحة في تفاوضات شبه مباشرة - كأسلوب كان غائبا الفترة الماضية أدى إلى المزيد من الاحتقان والاضطراب- بمقابل ذلك لا يخلو المشهد (الذي يبدو قاتما أحيانا) حسب تاكيدات سياسيين - من ممارسات سلبية واستفزازية توصف بالمتعنتة والمماطلة والرغبة في بقاء الصورة الراهنة للإطاحة بالمفاوضات وجهود إعادة رأب صدع اليمنيين للتوصل إلى تسوية تحقن الدماء وتنزع فتيل حرب وانفجار وشيك
وفيما تتواصل المباحثات في صنعاء للتوصل إلى صيغة مناسبة ومرضية للجميع تزيح مخاوف تفجر الوضع بإرغام المجاميع المسلحة بالعودة إلى إدراجها ورفع مخيمات الاعتصام وإنهاء الاحتجاجات التي تعد مصدر توتر وإقلاق للسكينة العامة وتصدير للمخاوف فضلا عن تعطيل العمل والأداء الحكومي لموظفي الدولة في عدة قطاعات نتيجة إغلاق المخيمات ومحاصرة بعض الوزارات الواقعة في خط مطار صنعاء شمالا.
ورأى مراقبون أن الاستمرار في فرض شروط تعجيزية ولا واعية سيكون له عواقب غير محمودة.
ويعتقد سياسيون أن تشدد جماعة الحوثي في عدم إبداء أي تنازلات على نحو مماثل لما تبذله ويقدمه الطرف الرسمي يستجيب له سيفقد الجماعة تعاطف الرئيس وحرصه على التوازنات السياسية التي ستنعكس على واقع كثير من الممارسات والأساليب الحياتية والقرارات الوطنية القادمة الديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية والخ
**(أزمة ثقة)**
لذا فإن استمرار أزمة الثقة ستنتج سيناريوهات أخرى قد تلجأ الحكومة ومؤسسة الرئاسة إليها ومنها خيار القوة واللجوء إلى الجيش الذي سبق للجماعة تجريبه في حادثة اقتحام وضرب عدد من مواقعه في منطقة حزيز جنوب العاصمةولذا فإن التمسك بالضمانات أو عدم رفع مخيمات الاعتصام داخل وخارج العاصمة قد يفقد أنصار الله المكاسب التي وصلت إليها وستبرر للدولة خياراتها الأخرى أيا كانت قساوتها وشدتهاكما ستعرى أمام الشارع بأنها قوى انتهازية ليس إلا و أن الاحتجاجات كانت ذريعة لابتزاز الدولة والوصول للسلطة.
**تنازلات رسمية**
ورأى آخرون في تصريحاتهم لـ«الأيام» أن الطرف الرسمي قدم تنازلات كثيرا نزولا عند مطالب فئة من الشعب خرجت ترفع ثلاثة مطالب وذلك لحرصها على تجنيب البلاد منزلقات أشد خطورة ويقول الدكتور فارس السقاف مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية ان تلك الاستجابة لا تعني باي حال من الأحوال أنها لا تمتلك الحق في رفع أية اعتصامات أو مخيمات أو احتجاجات غير قانونية أو أنها تخاف من ردع أي جماعة مسلحة تهدد أمن واستقرار البلد وتزعزع سكينة المواطن عمدا وعدوانا، وإنما نتيجة تفهمها للوضع الصعب الراهن الذي مر به المواطن وقبله الوطن قبل ثلاثة أعوام، وهو تقدير من الدولة، وحرص من الرئيس هادي على عدم تكرار ماحدث في تلك الاعوام والتي لاتزال تطل برأسها الكئيب على واقعنا.
وأشار في تصريحه لـ«الأيام»
أن ذلك أيضا نزولا عند إرادة واتفاق وتوافق القوى السياسية التي سبق وضعت مبادرات بهذا الشأن والتي على رأسها تشكيل حكومة وحدة وطنية وتخفيض سعر دبة البنزين والديزل والبحث عن أدوات وإجراءات مستمرة لمعالجة العجز المالي ومكافحة الإهدار والفساد وإنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار الذي يتهدده
ويقول “في حين ينص الاتفاق على رفع الاعتصامات ومصادر التوتر فإن ذلك سينعكس على وضع البلاد والمشهد السياسي لكي يمضي الجميع للتنفيذ دون عواقب أو مخاوفوبالعكس فإن استمرارها بحجة أنها ضمانة لالتزام طرف الدولة أو مؤسساتها في تنفيذ ما اتفق عليه فإن ذلك ليس سوى (عذر أقبح من ذنب) أو كما يقال ذلك أن وجود سفراء دوليين ومبعوث وإشراف أممي ضمانة كافية لأنصار الله أو لمن لا يزال وجلا أو في قلبه شك أو ريب”.
ويضيف: “بل على العكس إن الدولة هي من عليها أن تفرض شروط على الجماعة حتى لا تتنصل عن الاتفاق أو تتهرب فيما بعد من تنفيذ بنوده حتى ون كان فيه مكاسب كثيرة لها”.
يأتي ذلك في حين أكدت مصادر عن تعثر اتفاق التسوية الجديد نتيجة وضع شروط من جماعة الحوثي واستغلال ذلك من قوى أخرى لمحاولة الانقضاض على الاتفاق والعودة إلى نقطة البداية وهو ما كان من خلال إعلان المبعوث الأممي جمال بنعمر البدء بجولة مفاوضات ثانية الأمر الذي يعد نهاية للجنة الإرياني وهلال التي كادت أن تضع حدا لفتيل الاشتعال والانفجار.
وفي ذلك حمل الدكتور عبدالباقي شمسان أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء القوى المتصارعة أي انفجار للوضع أو انجرار الوضع إلى ما لا يحمد عقباه.
ولم يستبعد شمسان وجود من يريد الانقلاب على الوضع العام بشكل كامل وعلى الجهود المبذولة حاليا لرأب الصدع وتوحيد كلمة اليمنيين وأيضا على ما تم في العام2011م من تسوية.
**إنــجازات**
حققت جماعة الحوثي ما يجعلها تحظى بشعبية وتوازن سياسي لم يكن يتحقق لها لولا تنازل الطرف الرسمي وجهود الرئيس هادي وحرصه وإدراكه لاستمرار استلاب القرار السياسي أو تسيير شؤون الدولة لصالح فئة معينة أو حزب بذاته ولذلك عمل منذ الوهلة لإعادة التوازن السياسي والشعبي الذي سيعيد للمشهد صورته الكاملة، وفقا لمراقبين وذلك بدءا بالحراك الجنوبي السلمي واليوم أنصار الله بصعودهم إلى واجهة المشهد السياسي وذلك لإدراكه العميق والواعي أن التوازن والابتعاد عن سياسة الغلبة وتملك القرار بعيدا عن أفق الشراكة التي تؤسسها كل القوانين والتشريعات والمواثيق هي الحل الأنسب لواقع بلادنا المحتقن والمتوالد أزمات منذ عقود خلت.
**تهرب من المسؤوليات الوطنية**
من جانبه اعتبر الأكاديمي في جامعة إب الدكتور طارق المنصوب أن الحديث عن ضمانات ليس سوى تهربا من مسؤوليات لاحقة من طرفي أطراف التسوية.
وقال “إن مسؤولية تلك القوى هو البحث في كيفية إخراج البلاد من المأزق الذي كانت معظم تفاصيله من صنيعة وإنتاج الغرف السياسية والساسة ومطابخ التآمر على البلد لصالح أطراف خارجية أو داخلية.
وحسب المنصوب إن هذه الأطراف لا تزال تلعب وتتلاعب بخيوط اللعبة والمشهد الصراعي الدائر اليوم في صنعاء، وهي نفسها القوى التي وجدت إن مصالحها ستتضرر، وستضرب حين يكون القرار ناتجا عن شراكة وطنية تعبر عن شريحة واسعة وليس ناتج أو لصالح فئة وقوى حزبية أو جماعة حزبية بعينها كما حدث في تسوية المبادرة الخليجية التي تعتبر ناقصة أو أنه كان على النخب والقوى السياسية مراجعتها في بدايتها الأولى حتى تدارك بعض الأخطاء التي وقعت البلاد فيها نتيجة ممارسة القوى السياسية التي تحكمت بالقرار وتملكت تفاصيله.
وتبقى الأيام القادمة حبلى بالتطورات على المشهد السياسي المعتم في البلد والتدخلات الحاصلة في قراره و إلى أي مصير سيقاد اليمن وأين ستقوده المقايضات السياسية والتقاسمات التي تفشل فيها المفاوضات قد نشهد الأيام القادمة إما تعاملا عاقلا وليونة تجاه المفاوضات لإنجاح التسوية والأهداف المتوخاة منها الشراكة الحقيقية لبناء الوطن أو زيادة في التشدد وهو الخيار الذي سيدفع الجميع فاتورة التعنت للحوثي وللقوى الأخرى التي تمارس وتنتهج سياسة الابتزاز والتوغل داخل مؤسسات الدولة وتجيرها لمصالح أخرى !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى