باصات الأجرة في عدن .. بين الخروج عن الجاهزية وعدم الالتزام بالقوانين

> استطلاع / وليد الحيمدي

> باصات وحافلات (أجرة) تصطف في الفرزات، وتتهافت على خطوط الطرقات العامة للبحث عن ركاب تقوم بنقلهم من مديرية إلى أخرى.. لكن معظمها للأسف تفتقر إلى أبسط مقومات وقواعد السلامة والشروط المرورية، وتنعدم فيها الصيانة الدورية، فأغلبها ليست سوى قطعة خردة تدار بعجلات متآكلة، وهيكلها الخارجي ركيك ومتهالك يكاد ينفصل عن داخله، وأخرى تعمل على (باب الله) دون أن يكلف سائقوها أنفسهم تفقد سلامة المكابح وجاهزية الإطارات والإضاءة، تنفث أدخنة متصاعدة تلوث الجو بسمومها، دون اعتراض أو توقيف من رجال المرور.
كما أن في داخل بعضها بقع من زيت لاصقة وزجاجات مهشمة، ومقاعد متسخة ومهترئة، فلا تعجب أن وجدت بعضها مربوطة بالحبال والأسلاك لتقل الركاب من مكان إلى آخر، وبطريقة لا تليق بآدميتهم، ولا تليق بحضارة مدينة.
تنقلنا بين عدد من فرزات النقل في عدن، حيث تتواجد باصات (الهايس والكوستر) والتي بالإضافة إلى سلبياتها وعدم التزامها بالإرشادات والتعليمات المرورية مازالت تخالف القواعد، وتقوم بعملية نقل الركاب من مديرية إلى أخرى.
التقينا في بداية جولتنا بعدد من المواطنين الذين يجبرون كل يوم على استخدام مثل هذه الباصات المتهالكة لقضاء المشاوير والمصالح الخاصة.
 عتاش القذافي
عتاش القذافي
وتحدث لنا في بادئ الأمر عتاش القذافي، مالك باص (هايس حديث) والذي عبر عن استغرابه من استمرار عمل الباصات المتهالكة والتي بعضها انقضى عمرها الافتراضي، وقال مستغرباً: “لماذا لا يعمل المجلس المحلي والنقابة بالتنسيق مع رجال المرور بإصدار تعميم يمنع استخدام الباصات التي تخالف قواعد الأنظمة المرورية، ولا تتقيد بشرط الأمن والسلامة العامة، وتقود راكبيها إلى حافة الخطر والتهلكة بسبب تقصير أصحابها في الصيانة وعدم إنفاقهم لصالح تفقد حافلاتهم”.
**باصات تهدد سلامة المواطن**
توحيد محمد
توحيد محمد
المواطن توحيد محمد أحمد قال لنا: “مشكلة الباصات المتهالكة والتي لازالت تعمل في الخدمة دون مراعاة لمشاعر المواطنين الذين أصبحوا مجبرين على ركوبها، تعتبر من المعضلات التي فرضت كواقع يومي بتنا نعيشه”.
ويضيف بقوله: “هذه الباصات أصبحت تشكل تهديدا على حياة المواطن وتفتقر إلى مواصفات السلامة المرورية والبيئية العامة، وإذا كان المواطن ملزما بالدفع أجرة تنقله فإن على مالك الباص الالتزام أيضا بتفقد باصه والاهتمام به شكلا ومضمونا، وأن يهتم على أقل تقدير بتوفير وسائل راحة للراكبين من مقاعد نظيفة وقوية كونها تجلس عليها شرائح وطبقات متنوعة من المواطنين”.
ولفت إلى أن “الكثيرين من سائقي باصات الأجرة هم من فئة الشباب المراهقين الذين يتعاملون باستهتار مع المارة، ويفتقدون الذوق العام في تعاملاتهم مع الركاب، ويتعمدون بصورة مستمرة عرقلة السير ويسببون الازدحام المروري في الكثير من الطرقات العامة”.
**لا تراعى قواعد المرور**
عتيق
عتيق
المواطن عتيق السيد محسن - موظف حكومي، قال بانفعال: “هذه الباصات التي انقضى عمرها الافتراضي ومازالت تعمل في شوارع وطرقات عدن أصبحت سبباً لحدوث الكثير من الحوادث المرورية نتيجة تهالكها المستمر وتجاهل مالكيها لصيانتها والاهتمام بها”.
ويكمل كلامه: “هذه الباصات لا تتقيد أيضاً بتعليمات وأنظمة المرور وتتجاهل الكثير من المسائل الضرورية مثل انعدام (المرايات) التي يفترض توفرها على جانبي المركبة لتفادي حوادث التصادم، كما أن بعضها تعمل بمكائن ديزل (خردة) تتصاعد منها العوادم السامة التي تلوث معها الأجواء العامة بسبب إهمال مالكيها تجديد الزيوت بصورة منتظمة”.
**غياب الرقابة خلق الفوضى**
أنيس مختار
أنيس مختار
ويوضح المواطن أنيس مختار أحمد شرف بقوله: “إن الحكومة حددت عام 2009م معايير واضحة بشأن تصنيف حافلات وعربات قطاع النقل والمواصلات، وإن أي باص لا يلتزم بشروط ومقاييس السلامة والأمان للمواطن يتم احتجازه وتغريم المالك وإرغامه على إصلاح مركبته وحافلته”.
ويواصل: “لقد كثرت الحوادث نتيجة الإهمال المتزايد من قبل مالكي وسائقي باصات الأجرة التي أصبحت تعمل في أوضاع لا تحترم قيمة الأجر الذي يدفعه الركاب، كما أن هناك العديد من السائقين يحدثون حالة من الضوضاء والفوضى لعدم التزامهم بالوقوف في مواقعهم وفرزاتهم المخصصة، وتراهم يتنقلون من شارع إلى شارع، ومن حارة إلى حارة دون ضوابط وأنظمة تحدد مسار سيرهم الملزم عليهم سلوكه”.
ويختتم متسائلاً: “أين دور النقابة والذي شجع بغيابه أصحاب الباصات على مخالفة القوانين والتلاعب بالتسعيرة المقررة لهم؟!”.
**مخالفة تسعيرة الأجرة**
خالد مختار
خالد مختار
ويشرح المواطن خالد مختار شرف المعاناة التي تلازمه حين يستقل باصا متهالكا بالقول: “الكثير من هذه الباصات أصبحت في وضعية غير مؤهلة لنقل الآدميين، فترى مدى العجب حين تنقاد مجبراً على ركوب باص بالكاد يضبط مسار سيره بسبب تهالكه ورداءته”.
ويشير خالد إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مع ثالث أيام عيد الفطر الماضي برفع قيمة المشتقات النفطية وما نجم عن هذه الإجراءات من تداعيات وزيادة أجور النقل المحلي، وقال: “لقد قامت الحكومة مؤخرا بتخفيض سعر البترول والديزل 500 ريال للعبوة الواحدة إلا أن أصحاب الباصات لم يخفضوا تعرفة الأجرة تحت ذرائع وحجج كثيرة وغير مقنعة، وهو ما صعد تأزيم الوضع وجعل المواطن يخوض ما يشبه الصراع اليومي مع سائقي الباصات”.
**عدم الالتزام بالنظام**
مشتاق نجيب
مشتاق نجيب
يثني المواطن مشتاق نجيب أحمد (مالك باص) على نفسه بأنه من الأشخاص الذين يهتمون بالصيانة الدورية لباصه، وقال: “توجد هناك باصات تعمل في شوارع عدن (منذ عهد بريطانيا)، وهي الآن في وضعية مزرية، وبالكاد تتوفر قطع غيارها في فترتنا الراهنة”، حد قوله.
ويضيف: “أصبح المواطن اليوم يعيش حالة عذاب بسبب زيادة عدد الباصات المتهالكة التي لا توجد جهة مسؤولة تعمل على توقيفها وإلزام أصحابها بتفقدها وصيانتها بصورة دائمة، وكأنهم يعملون على متن باصاتهم وسط قرية وليس ضمن نطاق شوارع مدينة تتمتع بخصائص حضارية تتوفر فيها شروط النظام والالتزام، خصوصاً وهناك سائقون لا يلتزمون بنظام السير في طرقاتهم المحددة وتجدهم يمرون وسط الحارات السكنية غير عابئين بسلامة الأطفال وغيرهم من المارة العابرين بأمان”.
ويقول المواطن منير محمد أحمد (ميكانيكي): “إن وضعية الكثير من الباصات أصبحت رديئة للغاية ولا تتناسب مع كونها باصات تعمل على نقل الناس”.. مشيرا إلى أن “الطرق الرئيسية في عدن أصبحت مليئة بالحفر والمطبات، والباصات القديمة لا يمكن لها أن تصمد أمام طرقات وشوارع مهملة ومدمرة تضاعف من هلاك الباصات المتهالكة أصلاً”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى