سيطرة الحوثيين على صنعاء تعزز موقع طهران في المنطقة..هادي: من يمسك بمفاتيح باب المندب ومضيق هرمز لن يحتاج إلى قنبلة نووية

> صنعاء «الأيام» أ.ف.ب

> يؤمن التقدم الصاعق الذي حققه الحوثيون بسيطرتهم على صنعاء مكسبا سياسيا هاما لإيران في المنطقة، ولا سيما حيال السعودية، وذلك في ظل انشغال واشنطن والعالم بمحاربة التطرف السني، بحسب محللين.
وبالرغم من عدم وضوح مدى ارتباط الظاهرة الحوثية في اليمن مباشرة بالجمهورية الإسلامية، إلا أن تمكن الحوثيين من السيطرة على عاصمة الخاصرة الجنوبية الغربية للسعودية يقدم هدية ثمينة لطهران، ويفتح لها إمكانية بناء مركز نفوذ عند باب المندب والبحر الأحمر.
وبحسب المحللين، استطاع الزعيم الشاب عبدالملك الحوثي أن يستفيد من فشل الدولة وسياسات التنمية وانتشار الفساد والنقمة على القوى القبلية التقليدية، لتحقيق تقدم سياسي ترجمه ميدانيا بالسيطرة على الأرض.
لكن بغض النظر عن حيثيته الداخلية يبقى الحوثي بالنسبة لكثيرين جزءا من آلة طهران في المنطقة، لاسيما بالنسبة لرئيس اليمن عبدربه منصور هادي الذي اتهم إيران علنا بدعمه، وندد بوجود (مؤامرة) من الخارج والداخل أدت إلى سيطرة الحوثيين على صنعاء.
وقال هادي في تصريحات نشرتها صحيفة (الحياة) مؤخرا: “إن الحوثيين يبلورون كيانا تحت سيطرتهم.. إن مطلبهم الفعلي هو الحصول على ميناء على البحر الأحمر.. ومن يمسك بمفاتيح باب المندب ومضيق هرمز لن يكون محتاجا إلى قنبلة نووية”.
ومع السيطرة على معظم شمال اليمن بات الحلم المفترض بمنال اليد، وهذا المكسب لإيران يأتي في ظل انشغال تام للأميركيين وحلفائهم الخليجيين بمحاربة تنظيم الدول الإسلامية في العراق وفي سوريا، وفي كل الأحوال، فإن محاربة المجموعات المسلحة الموالية لإيران لا تشكل حاليا أولوية بالنسبة لواشنطن.
وقال المحلل في معهد بروكينغز في الدوحة إبراهيم شرقية لوكالة فرانس برس: “من الواضح جدا أن الحوثيين يحصلون على دعم مهم من طهران، فسيطرة إيران على باب المندب يعني إعادة رسم علاقات إيران في المنطقة لمصلحتها”.
وبحسب شرقية، فإن الأميركيين “قد يكونون قرروا أن يتماشوا مع توسع النفوذ الإيراني في اليمن لسببين: الأول غياب الاستراتيجية لمواجهة تزايد هذا النفوذ، والثاني هو تمسك الولايات المتحدة بمقاربتها التقليدية التي تركز على الأمن وإعطاء الأولوية لمحاربة الإرهاب”.
فعدا ضرب القاعدة بالطائرات من دون طيار والتعاون في مكافحة الإرهاب، لم يبذل المجتمع الدولي سوى القليل من أجل التنمية في هذا البلد الذي ترك غالبا ليواجه أشباحه بنفسه.
وقال شرقية: “إن الحوثيين وإيران أعداء للقاعدة في اليمن، وبالتالي فإن وصول الحوثيين إلى السلطة بالرغم من رفعهم شعار (الموت لأمريكا) يبقى أفضل بالنسبة للولايات المتحدة من تعاظم نفوذ القاعدة”.
أما المحلل البريطاني المتخصص في شؤون السياسة الخليجية نيل بارتريك فيرى بدوره أنه ينظر في إيران إلى مجموعة الحوثي على أنها “طريقة للضغط على السعودية ولتعزيز النفوذ الإقليمي”، دون أن ينفي ذلك وجود أسباب داخلية خاصة تدفع الحوثيين إلى اعتماد أجندتهم.
إلا أن ما حققه الحوثيون لم يكن ممكنا على الأرجح - بحسب المحللين - من دون تحالف مع لاعب آخر هو الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي خرج من السلطة ولم يخرج، وهو الذي أتقن (الرقص على رؤوس الثعابين) لمدة 33 عاما، بحسب وصفه الخاص لحكم اليمن.
علي عبدالله صالح الذي يبقى على علاقة مع السعودية والإمارات - بحسب المحللين - ضم مؤيديه إلى جمهور الحوثيين خلال الحركة الاحتجاجية التصاعدية التي انطلقت في 18 أغسطس، وانتهت بالسيطرة على صنعاء الأحد الماضي.
وبحسب الكثيرين في اليمن، فإن التقدم الحوثي قد يكون حصان طروادة يعود منه الرئيس الذي أطاح به الربيع العربي في 2011.
وقال نيل بارتريك في هذا السياق “لقد كان علي عبدالله صالح ينسق مع الحوثيين منذ مدة، وعبر مؤخرا عن اعتزازه بهذا التحالف”، “لكن صالح يبقى - بحسب بارتريك - علاقات مع السعودية، ومن خلال ابنه أحمد مع الإمارات”.
ويرى شرقية أيضا أن “التحالف مع علي عبدالله صالح كان أساسيا لتحقيق الحوثيين هذا التقدم”.
وما زالت السعودية تلتزم الصمت رسميا إزاء سيطرة الحوثيين على صنعاء، هي التي خاضت حربا لم تكن سهلة مع الحوثيين بين 2009 و2010 بعد أن توغلوا في أراضيها.
وليس واضحا إلى أي مدى يمكن للسعودية أن تتعايش مع الوضع الجديد في صنعاء، أو أن تقدم الدعم لخصومهم التقليديين كالتجمع اليمني للإصلاح الذين ينتمي إلى تيار الإخوان المسلمين، وهو تيار تحاربه السعودية، وكذلك الإمارات.
وقال بارتريك في هذا السياق: “إن الدولة اليمنية ضعيفة والحوثيون موجودون أصلا على الحدود السعودية الجنوبية الغربية، وعليها أن تتعامل مع هذا الواقع”.
إلا أن الأكيد أن تقدم الحوثيين في الشمال ستقابله اندفاعة للتطرف قد تجد احتضانا لدى جمهور سني مستاء في ظل جو إقليمي مشحون طائفيا.
وقالت المحللة المتخصصة في شؤون اليمن ابريل لونغلي: “إن تقدم الحوثيين سيؤدي من دون شك إلى هجمات لتنظيم القاعدة، والأخطر سيكون إذا تم استهداف وعزل حزب الإصلاح سياسيا، فبعض أتباعه سيتجهون للتشدد”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى