التهم الحريق مصادر دخلهم وخذلتهم السلطة المحلية .. متضررو السوق المركزي بتعز معاناة مستمرة منذ 5 شهور ..

> تعز «الأيام» فهد العميري

> يقف عبدالمعين الحبيشي أحد متضرري حريق السوق المركزي وسط مدينة تعز على الرصيف بعد أن فقد محلا تجاريا لبيع أدوات التجميل يعول منه أسرة مكونة من 6 أفراد.
يمضي الحبيشي أيام الأسبوع ذهابا وإيابا إلى مبنى المحافظة أملا في تعويض أعلنته السلطة المحلية، لكنه تبخر مع مرور الأيام.
منذ خمسة أشهر التهمت النيران الدور الأرضي في مركز التحرير التجاري المركزي بتعز (75) محلا تجاريا وأتت على مصادر رزق عشرات الأسر التي لم يتبقَ لها سوى بصيص بتعويض تأخر كثيرا وقد يطول الانتظار.
في السوق المركزي وسط المدينة مع كل شائعة يتصفح المتضررون كل صباح الجرائد علهم يجدون خبرا يعنيهم ليستعيدوا دورة نشاطهم التجاري، ومصادر عيشهم في ظروف صعبة وتشرد على أرصفة الشوارع المكتظة بأحزانهم وأوجاعهم، وشبح الدائنين الذي يتهددهم ويحيل يومياتهم إلى جحيم لا يطاق.
عبدالمعين الحبيشي
عبدالمعين الحبيشي
يتحدث الحبشي بألم وحسرة لـ«الأيام» قائلا: “أعلنت السلطة المحلية عن تعويضنا على ما لحقت بنا من كارثة لا حول لنا ولا قوة إلا بالله، ويوميا ونحن على بوابة المحافظة بدون تعويض حتى اليوم، وقد راح علينا موسمين”.
يواصل: “وراءنا أسر وعلينا ديون للتجار، والناس يضغطون علينا وأسرنا، ونحن نعدهم من يوم إلى يوم بدون وجود اهتمام أو التفات إلينا بنظرة الرحمة من مسؤولي المحافظة، وقد أخذوا منا اليمين عن مبلغ أموالنا وحصروا الأضرار، وصرنا في الشوارع للشهر الخامس”.
عشرات المتضررين في السوق منهم من اتخذ من البسطة سبيلا لمقاومة الجوع والشتات، ومنهم من ليس بوسعه إلا البقاء على أرصفة الانتظار ريثما تفي السلطة المحلية المحلية بوعد قطعته بتعويض المتضررين.
فاروق العبسي
فاروق العبسي
فاروق العبسي هو الآخر رب أسرة مكونة من خمسة أفراد التهمت النيران مصدر دخله (ملابس) تحدث لـ«الأيام» حيث قال: “حتى الآن لم يتم صرف التعويضات، ولم تتم الاستجابة لنا على الأقل بفتح السوق لمعاودة ممارسة أنشطتنا”.
وبيَّن همَّ متطلبات المعيشة وسداد ديون تجار الجملة فيقول فاروق: “إن كل همه قضاء ديون الناس وتوجه بالدعوة إلى محافظ تعز بتنفيذ وعوده بصرف التعويضات”.
معاناة أخرى رصدتها «الأيام» في جولتها، مصطفى الصلاحي رب أسرتين، وكان يملك معرضين وبسطتين تحدث للصحيفة، وقد تحول كل ما يملكه إلى رماد “التهم الحريق جميع البضائع وأصبحت مفلسا ولم تقم أي جهة بدعمنا وتعويضنا والوقوف معنا، والآن نحن بلا أعمال، وقد عملت لي بسطة على الشارع لتوفير مصاريفي والوفاء بالتزامات إيجار البيت”.
مصطفى الصلاحي
مصطفى الصلاحي
وأضاف بحرقة “نحن محبطين وليس لنا شيء بأيدينا لنعمله فالمحافظة لم تقم بتعويضنا رغم أنهم قالوا سيعملون لنا حلا عادلا وعاجلا لكي نواجه الأضرار التي لحقت بنا، ولكن لم يوفوا بأي وعود، ولم نلقَ أي تجاوب رغم خروجنا بمظاهرات ولافتات نطالبهم بالتعويض ورفع معاناتنا والتخفيف من الأضرار التي لحقت بنا”.
بين تحميل سلطة تعز المحلية الملاك مسؤولية التعويض والعكس راوحت التعويضات مكانها وازدادت معاناة المتضررين وشتاتهم جراء ذلك، يقول مفيد عبدالله عبده، رب أسرة مكونة من 8 أفراد، وكان يملك محل ملابس هندي أطفال: “مشكلتنا أن السلطة المحلية تقول لنا أنتم في ذمة الملاك والملاك يقولون لنا أنتم في ذمة السلطة المحلية ونحن نناشد منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان إنقاذنا من هذه الكارثة (لقد أسمعت لو ناديت حيا، ولكن لا حياة لمن تنادي).
جموع من أصحاب المحلات يشاهدون أدخنة الحريق الذي التهم محلاتهم
جموع من أصحاب المحلات يشاهدون أدخنة الحريق الذي التهم محلاتهم
في تاريخ 30/5/2014م بعد أن أخذت لجنة الحصر المكلفة من المجلس المحلي من المتضررين الأيمان المغلضة حول خسائرهم جرى التغاضي عنهم وتجاهلهم في وقت تتحمل السلطة المحلية مسؤولية الإهمال والتقصير في إجراءات السلامة من الحرايق في المنشئات الذي تسبب باندلاع الحريق”.
مفيد عبدالله
مفيد عبدالله
يقول مفيد: “ظروفي النفسية مضطربة وأعيش بقلق، وتفكيري خارج نطاق الوعي، ونحن نبحث عن فرصة عمل أو يقرضونا قرض من حق الدولة التي تعطى لمفجري الكهرباء أو تدفع لجيوب قطاع الطرق والفاسدين من أجل أن نصرف على أسرنا، فنحن متعودون نأكل من كد عرقنا ولن نمد أيدينا إلى الغير”.
علي سعيد عقلان أحد ملاك المركز التجاري طالب محافظ تعز بأن “يعوض الناس المنكوبين من الكارثة، حيث توجد ميزانية من الدولة للكوارث والسيول ولا ندري ما سبب تأخر صرف التعويض والناس المنكوبين في الشوارع”.
علي سعيد عقلان
علي سعيد عقلان
وقال: “كنا في المسجد ولم ندر إلا والدخان يصل إلينا، وقد أرجع المهندسون سبب الحريق إلى شرر كهربائي، وطالب المنكوبون بالتعويضات وبواسطة لجنة مكونة من المحافظة والضرائب والغرفة التجارية والبلدية أخذوا منهم الأيمان على كتاب الله كل واحد كم يستحق من تعويض والتزموا لهم بدفع التعويضات قبل عيد الفطر، ولم يصح من هذا شيء، وحتى الآن لم يسلموا لأحد رغم إعلان المحافظ بالتعويض”.
**لماذا الاستخفاف بنا؟**
متضررون لم يجدوا من ينصفهم
متضررون لم يجدوا من ينصفهم
خمسة أشهر وما زال المتضررون يواصلون رحلة الشقاء والتردد على المحافظة لكن الروتين وتعقيد الإجراءات، وتناقض التصريحات تترصدهم وتزهق آمالهم وتضيف إلى معاناتهم أثقال إضافية ليس بمستطاعهم تحملها.
بسام عبده علي، رب أسرة مكونة من 6 أفراد، وكان يملك محل ملابس شبابي ومحل ملابس أطفال مواليد حدثنا عن ذلك
بسام عبده
بسام عبده
قائلا: “حينما صرح المحافظ بأنه سوف يعوض المنكوبين ومع صدور تقارير البحث الجنائي بتاريخ: 16/6/2014م وانتهاء لجنة الحصر وتسليم تقريرها إلى المحافظ في نهاية شعبان وعند عودة المحافظ في رمضان من إجازته تفاجأنا عند اجتماعه بنا وبالملاك بصدور تصريح في إحدى الصحف بأن التعويض على الملاك، وليس على المحافظة، فعدنا ثانية ونظمنا مسيرتين والتقينا به أمام بوابة المحافظة، وقلنا له نحن في ذمتك، فقال: بأن تعويضنا على الملاك، فهل يعني ذلك أنه عاجز عن ضبط الملاك وإلزامهم بدفع التعويضات؟ أم أن الدولة قد تخلت عن مسؤولياتها وتريدنا الاحتكام إلى قانون الغاب؟”.
وأضاف “بعد العيد نظمنا مسيرات أخرى الى المحافظة وقررت السلطة المحلية وقيادة المحافظة إحالة الملف إلى الهيئة الإدارية لاتخاذ اللازم واجتمعت الهيئة الإدارية، برغم أن التقارير تقول بأن سبب الحريق تماس كهربائي، وحولت الملف إلى الشؤون القانونية واليوم “18/9/2014م ذهبت إلى الشؤون القانونية، فقالوا بأن الملف لم يصل إلى اليوم”.
وتابع “تقارير البحث الجنائي يرجع سبب الحريق إلى تماس كهربائي وإهمال من قبل الجهات الرسمية ممثلة بمؤسسة الكهرباء والأشغال لترخيص السوق وهو غير صالح حسب المواصفات والدفاع المدني لأنه لم يقم بالتفتيش على السوق قبل الحادث، والتأكد من توافر شروط السلامة”.
واستطرد قائلا “كما سبق لنا أن تقدمنا بشكوى إلى المحافظة وقسم شرطة 26 سبتمبر قبل الحريق على المالك لإلزامه بتوفير شروط السلامة، ومع ذلك تقرر الهيئة الإدارية بأن سبب الحريق هو سوء استخدام المولدات مع أننا نشغل المولدات خارج السوق في الساحة، ويوم الحريق كان وقت صلاة الجمعة ووقت الخطبة، ونحن مغلقين السوق كاملا، فلماذا كل هذا الاستخفاف بنا والتنصل من المسؤولية؟ هل لأنا من سكان مدينة تعز ولسنا من مأرب أو حاشد؟ وإذا كانت السلطة المحلية تريدنا أن نستخدم أسلوب العصابات فلم نتربَ على هذه الثقافة”.
واختتم حديثه بالقول “سبق حدوث حريق في الدور الثالث من العمارة نفسها بتاريخ: 30/3/2014م فلماذا لم تتم مراقبة السوق من قبل الجهات المختصة؟”
**لا نمتلك قوت يومنا**
عبدالله محمد
عبدالله محمد
بدوره أرجع عبدالله محمد عامر - كان يملك محليين ملابس نسائية ومعمل خياطة – أسباب ذلك إلى أنه “بعد الحريق تم الإعلان من قبل المحافظ بأنه سوف يقوم بالتعويض مع رجال المال والأعمال والخيريين من أبناء المحافظة وتم بعدها تكليف لجنة الحصر إلا أنه حضر الأخ أحمد عبدالله الشيباني لتدشين حملة خيرية ليستفيد منها متضررو الحريق، ويكون قدوة لفاعلي الخير، وخاصة المؤسسات التجارية والخيرية، إلا أنه تم توقيف العمل الخيري بدعوى أن على المتضررين رفع دعوى مستقلة على المؤجرين وبعد الوعود الصادرة من قيادة المحافظة التي لم تف بها وتخليها عن مسؤولياتها القانونية في إغاثة المتضررين والمنكوبين منذ بداية الحريق والذين أصبحوا فقراء”.
متضررو السوق عبر «الأيام» يناشدون محافظ المحافظة شوقي أحمد هائل إنصافهم في هذه الأيام المباركة، وأن يقوم بواجبه القانوني والإنساني والديني والأخلاقي باعتباره المسؤول الأول تجاه رعيته المتضررين من أبناء المحافظة.
وحدها السلطة المحلية من بيدها صكوك نجاة المتضررين وإنهاء معاناتهم، ووحده المواطن ضحية لانعدام توفر وسائل السلامة وغياب الرقابة على الأسواق وعدم تحمل الجهات الرسمية مسؤولياتها فهل يلقى متضررو مركز التحرير التجاري المركزي إنصافا ينتشلهم من معاناتهم المتفاقمة؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى