كهوف البوميس تاريخ عريق وواقع بائس.. الباحث الرباطي:مادة البوميس استخدمت في بناء معالم تاريخية عديدة

> تقرير/ نوارة قمندان:

> مزيج من زبد بركاني صنع لنا حضارة تعزف سيمفونية عظيمة قام بغنائها الإنسان القديم، وأدخل لها الجيل الجديد لحناً فشوه معناها، هذا هو التشبيه الذي يليق بكهوف البوميس في عدن، إن وجود الكثير من الأبنية العشوائية في منطقة البوميس أدى إلى طمس معالمها والقضاء على هويتها كمعلم تاريخي، وما زاد الطين بلة إهمال نظافتها ونسيانها من الجهات المعنية.
هذه الكهوف تعتبر معلماً من معالم عدن ويتوافد لها الكثير والكثير من السياح الأجانب الذين يعتبرونها إحدى الألغاز التاريخية التي يعود بناؤها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، فهي عبارة عن مغارات تتوسط الجبل صممت بطريقة هندسية تثبت الذكاء الإنساني، حيث يرجح المؤرخون أن بناء هذه الكهوف وحفرها كان لغرض أساسي هو إنشاء الصهاريج العظيمة التي بناها الأقدمون لحفظ مياه الأمطار وإبقائها كمصدر أساسي للحياة على مدارالعام.
**مواد أكدت صلابتها**

إن المادة المستخدمة في حفر ونحت هذه الكهوف تعود إلى (مادة البوميس) التي أثبتت صلابتها ومقاومتها للظروف الطبيعية والتقلبات المناخية، وما صهاريج عدن وقلعتها التاريخية إلا خير شاهد على ذلك.
فالمادة التي صممت من خلالها (كهوف البوميس) تتكون من خلطة طبيعية ذات خواص تشبه الإسمنت عالية التماسك، كونها مستخلصة من زبد بركاني وخليط السيليكات والألومنيوم والبوتاسيوم والصوديوم، وقد لعبت هذه المادة المسماة بـــ(البوميس) دوراً كبيراً في التطور العمراني الذي شهدته مدينة عدن، حيث يستخدمها السكان المحليون بدلاً عن المواد التقليدية في البناء.
**تشويه الأصالة والعراقة**

يشير د. خالد الرباطي إلى “ما آل إليه واقع منطقة البوميس من إهمال ونسيان، موضحاً “أن المادة المستخرجة من هذه الكهوف تقوم بنفس وظيفة مادة الإسمنت، لكنها أكثر صلابة، حيث أثبتت قدرتها أمام التقلبات والمتغيرات المناخية التي مرت خلال الأزمنة والمراحل السالفة، فيما مادة الإسمنت المستخدمة اليوم فإن عمره الافتراضي لا يصمد لأكثر من 35 عاما، بخلاف مادة (البوميس) العجيبة في قدرتها على التحمل.
ويضيف الرباطي “بأن ما يميز مادة البوميس التي استخرجت في عدن من كهوف البوميس نفسها أنها ظلت صامدة منذ مئات السنين، ولا صلابة هذه المادة فقد جرى في العهد التاريخي القديم صناعة وبناء الكثير من المعالم الأثرية”.
ويلفت الرباطي إلى ما توجهه حالياً هذه الكهوف من خطر التدمير والطمس قائلاً: “لا يوجد هناك اهتمام من الجهات المعنية، كما أن وجود الأبنية العشوائية التي بدأت تزحف إليه ساعد على تشويه أصالة وعراقة هذه الكهوف التاريخية التي كان ينبغي على قيادة المحافظة الاهتمام بموقعها”.
**أسطورة (البوميس) تطمس**

تحكي بعد الأساطير عن قصة هذه الكهوف التي قيل بأنها استخدمت في عهدها كمنازل لبعض القبائل القادمة من إفريقيا المسماة بـ “قبائل الجبرت”، وقد عُرف عن هذه القبائل بآكلة لحوم البشر، وهو ما كان يسبب خوفا لسكان المدينة، وبحسب ما قالته الرحالة الفرنسية هنري مونفرد في كتب مغامراتها عام 1879م: “إن هذه القبائل كانت تمارس داخل هذه الكهوف طقوس دموية”.
ومازالت هذه الكهوف باقية على حالها إلى يومنا هذا، على الرغم من الخطر الذي بات يحيطها نتيجة الأعمال العشوائية التي قد تعمل على طمسها وتدميرها.
والمؤسف أن هذه الكهوف الأثرية أصبحت حالياً موقع لمكب النفايات، حيث يشاهد الزائر لها حجم القاذورات والنفايات التي تلقى بداخلها دون رقابة محلية أو اهتمام ورعاية من السلطات التنفيذية في المحافظة.
** كلمة أخيرة**
طالما أن البناء العشوائي مستمر في محيط (كهوف البوميس) فإن ذلك يعني أن ثمة خطر محدق يتربص بإحدى أهم المعالم الأثرية التي اشتهرت بها مدينة عدن، ما دفع جميع أبناء المدينة إلى مناشدة جميع السلطات الرسيمة المختصة إلى سرعة العمل في حماية هذه الكهوف، وإعادة لها جوهرها التاريخي الذي بدأ يخفو بريقه، والعمل أيضاً لوقف كل أعمال البناء غير القانوني والتجاوزات التي تمارس بحق هذه الكهوف العجيبة في تصاميمها والشاهدة على عظمة تاريخ وحضارة مدينة عدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى