في رسالة بعثها إلى رئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي..البيض يدعو لإجراء استفتاء في الجنوب لتقرير المصير

> برلين «الأيام»

> دعا الرئيس علي سالم البيض في رسالة بعثها إلى مجلس الأمن الدولي إلى خلق مناخ سياسي وأمني ملائم لإجراء استفتاء لشعب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب العربي) تحت إشراف الأمم المتحدة حول القبول بالوحدة أو رفضها.
وقال البيض في رسالته: “إن الجنوب العربي بموقعه الهام يشكل العمق الاستراتيجي لمنطقة الجزيرة والخليج و يشرف على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر وخليج عدن، ويشرف على أهم خطوط الملاحة في العالم، حيث يمر عبره حوالي 9 ملايين برميل من النفط يوميا، علاوة على مخاطر القرصنة والإرهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود البحرية الطويلة التي يتمتع بها”.
**وفيما يلي نص الرسالة:
“صاحبة السعادة السفيرة ماريا كرستينا، رئيسة مجلس الأمن الدولي لشهر أكتوبر، المندوب الدائم للأرجنتين لدى الأمم المتحدة، أصحاب السعادة أعضاء المجلس، إلحاقا بلقائي بكل من السيدة د. ألما عبد الهادي جاد الله منسقة فريق الخبراء المعني باليمن والسيد د. محمد سبيتي عضو فريق الخبراء يسرني أن أعبر لسعادتكم عن ثقتي العميقة باسترشاد مجلس الأمن الدولي بالمبادئ التي تشكل أساسا لعمله بما فيها تلك المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، وأبعث لكم ولأعضاء المجلس الموقر تطلعات شعب الجنوب إلى الجهود التي تبذلونها لاستئناف النظر في جذور الأزمة القائمة بين اليمن و الجنوب العربي وفقا للمادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي والشرعية الدولية لحقوق الإنسان وقرارات الجمعية العامة ذات الصلة بما فيها تلك التي تتضمن الحق في تقرير المصير والاعتراف بالكرامة المتأصلة والحقوق المتساوية والثابتة لجميع أعضاء الأسرة البشرية التي تشكل أساسا للحرية والعدل والسلام واحترام حقوق الإنسان، وتعزيز الأمن والسلم الدوليين.
كما أود أن أعيد التأكيد على قناعتي الراسخة بأهمية التعاون والعمل المشترك مع مجلس الأمن لحل قضية شعب الجنوب بما يخدم الأمن والسلم والاستقرار واجتثاث الإرهاب، خاصة وأن الجنوب العربي بموقعه الهام يشكل العمق الاستراتيجي لمنطقة الجزيرة والخليج و يشرف على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر وخليج عدن، ويشرف على أهم خطوط الملاحة في العالم، حيث يمر عبره حوالي 9 ملايين برميل من النفط يوميا، علاوة على مخاطر القرصنة والإرهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود البحرية الطويلة التي يتمتع بها، خاصة مع استمرار الصراعات في دول القرن الإفريقي المطلة على الجانب الآخر من البحر الأحمر وخليج عدن، وخاصة الصومال، واستمرار تدفق اللاجئين وما ينشأ عن ذلك من تبعات تمتد إلى دول الجوار.
وفي هذ الصدد فإنني أضع أمامكم جملة من الحيثيات والحقائق حول جذور وطبيعة النزاع القائم بين اليمن والجنوب العربي، لعلها تسهم في مساعدة أعضاء المجلس على تفادي حدوث كارثة محدقة قد تقود المنطقة نحو المجهول وتحديد نقطة الانطلاق لحل جذور النزاع القائم بين اليمن والجنوب العربي، كما يمكن لها أن تشكل مؤشرا يقود إلى إعادة النظر في بناء واقع جيو سياسي متين يجتث الإرهاب ويربط الأرض بالاقتصاد، ويحد من ظاهرة الفقر، ويرسخ دعائم الأمن والسلم والاستقرار، ويرسم آفاق التكامل بين جميع دول المنطقة، ويعزز العلاقات الإقليمية والدولية وفقا لاستراتيجية تبادل المنافع والمصالح المشتركة وأوجزها على النحو التالي:
**الحقيقة الأولى: منذ 19 يناير 1839م أصبح الجنوب العربي واقعا تحت الاحتلال البريطاني حتى يوم 30 نوفمبر عام 1967، وكان في السابق عبارة عن سلطنات وإمارات تحكم نفسها بنفسها على مدى التاريخ القريب والبعيد، أي قبل ظهور اليمن السياسي و ظهور دولة صنعاء اليمنية بزمن طويل، وبعد خروج الاحتلال العثماني وظهور المملكة المتوكلية اليمنية في عام 1918م وبعد مناوشات عديدة بين الإنجليز وحاكم صنعاء الإمام يحيى حميد الدين تم ترسيم الحدود بين الجنوب العربي واليمن عام 1934م، حيث يمتد الجنوب العربي من حدود سلطنة عمان شرقا حتى باب المندب غربا، يحدها جنوبا البحر العربي والمحيط الهندي، وشمالا المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية اليمنية.
**الحقيقة الثانية: في 30 نوفمبر 1967 تم الإعلان عن استقلال الجنوب، وتم حينها استبدال هوية الجنوب العربي بهوية اليمن الجنوبية بموجب مذكرة استقلال الجنوب العربي الموقعة بين حكومة المملكة المتحدة وقيادة الجبهة القومية لتحرير الجنوب المحتل دون استفتاء شعب الجنوب حول هويته، حيث تضمنت المادة 1: “أن ينال الجنوب العربي الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م، وقيام دولة وطنية مستقلة ذات سيادة”. وتضمنت المادة 2 من المذكرة “أن تقام في يوم الاستقلال دولة مستقلة ذات سيادة تعرف باسم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية”، كما تضمنت المادة 3: “على حكومة صاحبة الجلالة أن تتخذ الخطوات لإنهاء سيادتها أو حمايتها أو سلطتها أو اختصاصها في إقليم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ابتداء من يوم الاستقلال”، حيث أصبحت الجمهورية الوليدة دولة عضوا في الأمم المتحدة وسائر المنظمات الإقليمية والدولية، لتصبح حينها في جنوب شبه الجزيرة العربية دولتان هما جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، و الجمهورية العربية اليمنية معترف بهما دولياً ومعترفة كل منهما بالأخرى إلى يوم إعلان مشروع الوحدة في 22 مايو 1990م.
**الحقيقة الثالثة: في 21 مايو 1990م تم توقيع إتفاقية مشروع الوحدة - بعد تفويض من اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي والحكومة - من قبلي مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، دون استفتاء شعبي عليها، لكن ما تلاه من وقائع أثبتت عدم قيامها في الواقع، عدا العلم والنشيد الوطني، حيث لم يتم إنجاز مهام المرحلة الانتقالية للانتقال العملي من دولتي البلدين إلى دولة الوحدة وفقا للاتفاقية بسبب الإخلال من قبل الطرف الآخر، حيث ظلت الدولة عملياً منقسمة، فالسلطة ظلت سلطتين، وكل وزارة وزارتين، والجيش جيشين، والأمن أمنين، والقضاء قضائين، والمنهج الدراسي منهجين، والعملة النقدية عملتين، والاقتصاد اقتصادين، والتركيبة الاجتماعية تركيبتين، والثقافة ثقافتين إلى أن انتهت بحرب 1994م.
**الحقيقة الرابعة: في 27 أبريل 1994م ألقى الرئيس السابق صالح خطابا في ميدان السبعين في صنعاء كان بمثابة إعلان حرب على الجنوب ودفع القيادة في صنعاء إلى اجتياح عدن عسكرياً وقد جاء ذلك تجسيدا لفشل استمرار الوحدة بالرغم من توقيع وثيقة العهد والاتفاق في فبراير 1994م بين طرفي النزاع في عمّان تحت إشراف عاهل المملكة الأردنية الهاشمية كحل يفضي إلى حل الخلاف المتصاعد حينها، تلاه اجتياح الجنوب العربي بكل أنواع الأسلحة الثقيلة، بما في ذلك الطيران والصواريخ والمدفعية.. وصدرت الفتاوى من صنعاء زوراً باسم الدين تبيح بالنص “قتل المدنيين بمن في ذلك النساء والشيوخ والأطفال” وبثتها وسائل إعلامهم… إلخ. وتم الاجتياح الكامل للأرض الجنوبية، صاحبها عملية نهب وسلب لم يشهد العالم المتحضر مثيلاً لها في القرن العشرين الذي شكل بدوره انتهاكاً صارخاً لمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
**الحقيقة الخامسة: في مايو 1994 تحالف الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأركان السلطة في اليمن مع تنظيم القاعدة لاحتلال الجنوب العربي تحت ذريعة القضاء على الشيوعيين، معلنا الفتوى الدينية التي كفرت الجنوبيين وبررت الحرب وأباحت الأرض والعرض وحولت الجنوب العربي إلى غنيمة على طريقة القرون الوسطى، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه بعد احتلال الجنوب العربي وسمح للمقاتلين المتطرفين للسيطرة على مقاليد الأمور في البلاد ونهب الأراضي وفرض صيغة الأحكام المتطرفة في الجنوب العربي، كما انتهجت صنعاء لاحقاً سياسة خلط الأوراق وتكريس مناطق في الجنوب العربي كملاذ آمن للإرهاب لا زالت تجر خيوطها حتى اليوم.
**الحقيقة السادسة: في 21 مايو 1994 أعلنا من جانب واحد فسخ الاتفاق وإلغاء الشراكة مع الجمهورية العربية اليمنية وإعادة قيام جمهورية اليمن الديمقراطية (الجنوب العربي) استناداً إلى المادة 60 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969م المعتمدة من قبل مؤتمر الأمم المتحدة بشأن قانون المعاهدات التي تنص على أن انقضاء المعاهدة أو إيقاف العمل بها والتي تخول أحد طرفيها الاحتجاج وإعلان انقضائها أو لإيقاف العمل بها كلياً أو جزئياً عند إخلال الطرف الآخر ببنود المعاهدة الثنائية.
وبرغم أن اتفاق مشروع الوحدة الذي تم التوقيع عليه بيني وبين الرئيس السابق علي عبدالله صالح لا يرق إلى مستوى المعاهدة، حيث تم التوقيع على اتفاق يسمى “اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية”، فهو ليس معاهدة، كما أن الاتفاق من وجهة نظر القانون الدولي، أقل شأنا من المعاهدة، إذ يعتبر صكا ينشئ التزامات حقوقية، أو سياسية، أو عسكرية، أو اقتصادية، أو مالية، أو ثقافية، توافق عليها دولتان عقب المفاوضات، التي تجري بينهما، وهو أقل شأناً من المعاهدة، فإن أي معاهدة بين دولتين أو مجموعة دول بما تمتلكه من قوة قانونية تكون باطلة بموجب اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969م إخلال الطرف الآخر ببنود المعاهدة الثنائية.
وعلاوة على ذلك فإن المادة 53 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات تنص على بطلان الاتفاق إذا كان وقت عقدها يتعارض مع قاعدة آمرة من القواعد العامة للقانون الدولي، وهي الحقيقة المرة التي وجدت تعبيراتها في غياب استفتاء شعب الجنوب العربي حينها، الأمر الذي شكل انتهاكاً صارخا للمادة الأولى من العهدين الدوليين التي نصت على: “تملك جميع الشعوب حق تقرير مصيرها، وتملك بمقتضى هذا الحق حرية تقرير مركزها السياسي، وحرية تأمين نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”، باعتبارها أحد القواعد الآمرة في القانون الدولي المعترف والمعتمدة خلال مؤتمر فيينا لعام 1993م.
كما أن إعلان الحرب في مايو 1994 من قبل حكومة صنعاء واجتياح الجنوب العربي قد أبطل بدوره اتفاق الوحدة الذي أصبح باطلا أيضاً بموجب المادة 52 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات التي نصت على أن “المعاهدة تصبح باطلة في حالة إكراه طرف للطرف الآخر بالتهديد أو باستخدام القوة”.
**الحقيقة السابعة: في 4 - 5 يونيو 1994 اكتسبت أزمة الوحدة بعداً إقليمياً في البيان الصادر عن الدورة الواحدة والخمسين لوزراء الخارجية لدول مجلس التعاون العربي الخليجي المنعقد في مدينة أبها بالمملكة العربية السعودية، الذي أكد على عدم جواز فرض الوحدة بالقوة، حيث جاء في البيان ما نصه “وانطلاقا من حقيقة أن الوحدة مطلب لأبناء الامة العربية فقد رحب المجلس بالوحدة اليمنية عند قيامها بتراضي الدولتين المستقلتين، الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، في مايو 1990م، وبالتالي فإن بقاءها لا يمكن أن يستمر إلا بتراضي الطرفين وأمام الواقع المتمثل بأن أحد الطرفين قد أعلن عودته إلى وضعه السابق وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية فإنه لا يمكن للطرفين التعامل في هذا الإطار إلا بالطرق والوسائل السلمية”.
**الحقيقة الثامنة: في يونيو 1994 اكتسبت أزمة الجنوب العربي طابعا دوليا بصدور قراري مجلس الأمن رقم 924 و 931 لعام 1994 اللذين أكدا ضمن جملة أمور “أن الخلافات السياسية لا يمكن حلها من خلال استخدام القوة، وحثا الطرفين على القيام بالحوار فورا ودون شروط مسبقة، مما يتيح التوصل إلى حل سلمي لخلافاتهما واستعادة السلم والاستقرار، كما طلبا إلى الأمين العام ومبعوثه الخاص دراسة السبل المناسبة لتيسير تحقيق هذه الأهداف، وطلبا من الأمين العام إرسال بعثة لتقصي الحقائق إلى المنطقة في أقرب وقت ممكن لتقييم احتمالات لتجدد الحوار بين جميع الأطراف المعنية وبذل مزيد من الجهود من جانبهم لحل الخلافات بينهما، كما أبقيا المسألة قيد النظر الفعلي”، إلا أنه لم يتم العمل بمنطوق هذين القرارين، وفي دورتها التاسعة والأربعين اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة تقرير الأمين العام المقدم إليها، والذي تضمّن، من جملة أمور “الحالة في اليمن” حيث أشار إلى: (أنه قد تم إغفال قراري مجلس الأمن 924 لعام 1994م و931 لعام 1994م وأن وقف الأعمال العدائية لن يؤدي في حد ذاته إلى حل دائم للمشاكل التي تشكل أساس الأزمة… وإنني على استعداد لمواصلة استخدام المساعي الحميدة من أجل التوصل إلى مصالحة في اليمن).
**الحقيقة التاسعة: في 7 يوليو 1994 أنهت الحرب وحدة البلدين وحولت الجنوب العربي إلى أرض محتلة بعد الاجتياح الذي تم استكماله بالقوة بعد حصار عاصمة الجنوب عدن وقطع الماء عن سكانها وقصف أحيائها المكتظة بالسكان بالمدفعية والصواريخ والطيران.. وسقط في اﻷيام اﻷخيرة في عدن وحدها أكثر من 2500 بين شهيد وجريح من المدنيين كباراً وأطفالاً ونساءً، وأضعاف مضاعفة في باقي مدن وقرى الجنوب العربي، حيث تسببت حرب عام 1994م في تكريس واقع استعماري تخلله تغيير ديموجرافي تعرض له الجنوب العربي، علاوة على انتهاكات جسيمة ارتقى بعضها إلى مصاف الإبادة الجماعية عبر سياسة التجويع الممنهجة التي بموجبها تم طرد 566,616 موظفاً وعاملاً في القطاعين المدني والعسكري لدولة الجنوب العربي بحيث شكلت خرقا فاضحا لمواد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ومنذ ذلك التاريخ توالت معاناة شعب الجنوب العربي وتعرض لانتهاكات جسيمة ترتقي في معظم الحالات إلى وصفها بجرائم ضد الإنسانية.
**الحقيقة العاشرة: إن عدم متابعة تنفيذ قراري مجلس الأمن رقم 924 و931 لعام 1994م بسبب عدم التزام حكومة صنعاء بالقرارين الدوليين ولا بتعهداتها للمجتمع الدولي الصادرة عنها في7 يوليو 1994، الأمر الذي ترك الباب مفتوحاً لعملية تغيير ديموجرافي تعرض له الجنوب العربي منذ عام 7-7- 1994م علاوة على انتهاكات جسيمة شكلت خرقاً لمواد القانون الدولي والشرعية الدولية لحقوق الإنسان، والتي لا زال يعاني منها شعب الجنوب حتى اليوم، حيث تصاعدت أعمال القتل والاحتجاز التعسفي التي ارتقت إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية وأعمال الإبادة الجماعية بحسب توصيف خبراء القانون الإنساني الدولي الإنساني، وفي هذا الصدد أشار مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن للصحفيين في نيويورك في 3 أبريل 2013م بعد حضوره جلسة مغلقة لمجلس الأمن للأمم المتحدة بشأن الوضع في الجنوب أنه لفت نظر المجلس إلى “سأم الشعب في الجنوب بعد نحو عقدين من التمييز والقمع…”، وأضاف “لقد أبلغت مجلس الأمن أننا بدأنا ندرك الآن أكثر ما كنا نتصوّر طبيعة ومدى التمييز في حق الجنوبيين، وحجم النهب الممنهج لموارد الجنوب، وشعور الجنوبيين بالإهانة على يد مسؤولي النظام”.
**الحقيقة الحادية عشرة: في 7 يوليو 2007 توّج شعب الجنوب العربي نضاله السلمي بإعلان الحراك السلمي الرافض للعنف والإرهاب، والمنادي بتحرير واستقلال الجنوب وبناء دولة جنوبية فيدرالية ديمقراطية مستقلة على كامل أرض الجنوب العربي عبر تنظيم المسيرات السلمية التي تطالب بالتفاوض الندّي بين ممثلي شعب الجنوب العربي وبين ممثلي اليمن، وترفض حشر قضية الجنوب ضمن القضايا المحلية المعنية بأطراف الصراع في اليمن، وتدعو الأمم المتحدة إلى العناية بقضية شعب الجنوب العربي وحقه في تقرير مصيره وتحديد مستقبله وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والصكوك الدولية لحقوق الإنسان، حيث تضاعفت هذه المسيرات السلمية لتتجاوز عشر مليونيات متتالية اندفعت إلى الساحات والشوارع في عموم مناطق الجنوب العربي ويمكن اعتبارها من أكبر المظاهرات في العالم قياساً إلى عدد سكان.
**الحقيقة الثانية عشرة: بالرغم من أن مؤتمر الحوار الوطني في اليمن المنعقد في الفترة من 18 مارس 2013 حتى 25 يناير 2104م بصنعاء قد جاء لنزع فتيل التوتر بين الفرقاء في صنعاء، حيث غاب إدراج قضية الجنوب العربي في نصوص المبادرة الخليجية حينها وكذلك اتسم بعدم مشاركة الممثلين الشرعيين لشعب الجنوب، إلا أن المؤتمر قد جاء ليؤكد صحة انسحاب الجنوب من اتفاقية مشروع الوحدة في عام 1994م، حيث أقر مؤتمر الحوار اليمني وثيقة تقدم بها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة تضمنت اعتراف الأمم المتحدة بفشل مشروع الوحدة بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب العربي) وأنها لم تعد قائمة، وبها تم التأكيد على أن الوحدة التي جرت في 22 مايو 1990م بين البلدين قد فشلت، وأنه لم يعد لها وجود.
وعوضاً عن ذلك وضع مؤتمر الحوار اليمني هيكلا وعقدا جديدين بشأن إعلان قيام دولة اتحادية على أنقاض اتفاقية الوحدة التي أقر المؤتمر انتهاءها دون رضا وموافقة الشعب العربي في الجنوب، الأمر الذي يشكل انتهاكا صارخا للمادة الأولى من العهدين الدوليين لاعتباره أحد القواعد الآمرة في القانون الدولي والتي تنص: “لكافة الشعوب الحق في تقرير المصير، ولها استناداً إلى هذا الحق أن تقرر بحرية كيانها السياسي وأن تواصل بحرية نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.
**السيدة رئيسة المجلس، إنني آمل أن يلقى موقف شعبنا الجنوبي هذا كل تقدير وتعاطف من مجلس الأمن الدولي وأن يُكافأ على الاستمرار والحفاظ على نهج ثورته السلمية لا أن يعاقب، لذلك وبما أننا أمام قضية معقدة لا تقبل أنصاف الحلول، فإن مجلس الأمن أصبح مدعواً أكثر من أي وقت مضى للشروع في إعادة النظر في الحالة بالجنوب في ضوء الحيثيات والحقائق المذكورة آنفا لمعالجة جذور الأزمة والخروج بحلول ناجعة لها، بما يخدم إرساء دعائم نظام سياسي جديد من دولتين - الجنوب العربي واليمن - تتكامل مع دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة هامة وحساسة لمصالح العالم وبما يعزز التكامل بين جميع دول شبه الجزيرة والخليج العربي.
وعليه وبعد أن تمكنا من تعزيز نهج شعب الجنوب العربي في الاستمرار في مسلك نضاله السلمي وتجنيبه مزالق العنف فإنني أرجو من المجلس التعاون في حل القضية حتى لا تفلت زمام الأمور من أيدينا وتتجه الأوضاع نحو الفوضى والعنف، وانطلاقاً من الحقائق التي أقر بها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السيد جمال بن عمر في تقريره لمجلس الأمن في عام 2013م، وإقرار واعتراف مؤتمر الحوار الوطني اليمني بحقيقة أن مشروع الوحدة الذي أُعلن في 22 مايو 1990م بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وبين الجمهورية العربية اليمنية قد فشل، وأنه لم يعد له وجود، ذلك أن وضع هيكل وعقد جديدين بشأن الانتقال إلى الدولة الاتحادية من خلال مؤتمر الحوار الوطني في اليمن أو اتفاق الشراكة الجديد الموقع في 21 سبتمبر2014م وتطبيقه في ظل غياب الأخذ بعين الاعتبار مطلب شعب الجنوب ورغماً عن إرادته يشكل خرقاً فاضحاً للمادة الأولى من العهدين الدوليين باعتبارها أحد القواعد الآمرة في القانون الدولي وكذا للفقرة (2) من المادة [1] لميثاق الأمم المتحدة.
**لذلك، وحتى يتم تلافي هذ الخرق، ونزولاً عند رغبة شعب الجنوب يسرني أن أتقدم إليكم بالرؤية التالية للحل:**
1 - ينبغي خلق مناخ سياسي وأمني ملائم لإجراء استفتاء لشعب ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب العربي) تحت إشراف الأمم المتحدة حول القبول بالوحدة أو رفضها.
2 - في حالة رفض الجنوبيون الانصهار في الدولة الاتحادية يكلف مجلس الأمن الأمين العام للأمم المتحدة لإيجاد إطار تفاوضي بين ممثلين عن شعب الجنوب العربي والجمهورية العربية اليمنية تحت إشراف الأمم المتحدة لتتم الإجراءات الرسمية لإعلان استقلال الجنوب العربي واستعادة دولته كاملة السيادة على كافّة أراضيه بحدوده المعترف بها دوليا إلى ما قبل 22 مايو 1990م.
3 - تعمل الأمم المتحدة على إيجاد تعاون بين الدولتين في الأمور التالية:
أ) اجتثاث الإرهاب ومنع نشوب الصراعات ونبذ الحروب وإرساء قواعد راسخة للأمن والاستقرار واحترام حقوق الإنسان وحل الإشكالات الحدودية والسياسية عبر القنوات الدبلوماسية.
ب) إرساء دعائم نظام فيدرالي في كل دولة على حدة يقوم على احترام حقوق الإنسان وتمكين المرأة من حقوقها الكاملة ويلتزم بالديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، ويكفل الحريات العامة والخاصة وحق الملكية، ويحترم حرية التفكير والمعتقد والرأي والرأي الآخر.
ج) ضمان حرية الاقتصاد وتكافؤ الفرص، والعمل على منع نشوب الصراعات وبناء السلام بعد انتهاء الصراع وتحقيق الأمن والاستقرار والتعايش، ويفتح الباب واسعا أمام سبل العمل والتعاون المشترك مع دول مجلس التعاون الخليجي بما يحقق المصالح المشتركة وتحقيق الالتزم بمواثيق وقرارات الشرعية الدولية، والعمل على تحقيق أواصر التعاون مع كافة الدول والمنظمات والهيئات الدولية.
إنني على ثقة بأنكم وأعضاء المجلس ستولون هذه الرؤية العناية اللازمة من قبلكم.
أشكر لكم تعاونكم ونتطلع إلى الاستماع منكم قريبا”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى