انتــصار أكــتـوبــر

> محمد بالفخر

>
محمد بالفخر
محمد بالفخر
يومان فقط وتهل علينا مناسبة غالية على قلوب كل الجنوبيين، يومان فقط ويحل علينا عيد أعياد الجنوب إنها ذكرى الثورة الجنوبية الخالصة ضد المحتل البريطاني ثورة 14 أكتوبر المجيدة التي سطر فيها أبناء الجنوب أروع قصص البطولة والتضحية والفداء برغم ضيق ذات اليد، وانعدام السلاح وقلة العتاد، لكن الإيمان بالله أولا ثم بالوطن جعل من إرادتهم الحديدية أكبر من أي سلاح فأرغمت بريطانيا العظمى تلك الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس على الانصياع لرغبة الشعب المتعطش للحرية وأجبرتها على احترام إرادة الإنسان الجنوبي.
**ورحل المحتل البريطاني الذي جثم على صدر الوطن ما يزيد على قرن من الزمان، ورحل معه كل أذنابه الذين لم يكن لهم دور سوى التثبيط من عزيمة الثوار، كما صورهم الشاعر حسين أبوبكر المحضار - رحمه الله - في أبيات من الشعر:
ومن يقدر يحارب إنجلترا
معاها جيش يخضع من تجرأ
ودولارات وجنيهات حمراء
فسكتي يا عجوز ولا تنادي
فأشعل الثورة رجال أحرار وسقط منهم الشهداء والجرحى، لكن عزمهم على نيل الاستقلال، وقطع حبل العبودية عن أعناقهم كان أكبر من أن تخضعه آلة القتل والتنكيل مهما بلغ أذاها، ومهما كانت شدتها، وبإخلاصهم لقضيتهم العادلة نالوا الاستقلال، وتوجت ثورتهم المباركة بالنصر المبين بعد أن رحل آخر جندي بريطاني في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م.
لن نخوض كثيرا في من جاء بعد الثورة واعتلى موجتها، وادعى أنه صانعها وحاميها فسام الناس ألوانا من العذاب باسم الثورة، فقتل أكثر ممن قتله المحتل البريطاني، وشرد وسجن ودمر في البلد أكثر مما دمره المحتل البغيض، فجعل البلاد أسيرة لنزوات فكرية مراهقة وأحاطها بسور حديدي صنعوا فيه ما يحلو لهم من السياسات القمعية التي ربما لم تخطر في رأس إبليس الرجيم، فالكل ممن عاش تلك الفترة أو اطلع وقرأ يعرف تماما ماذا جرى للجنوب بعد التخلص من الاحتلال البريطاني، وإلى أين وصل به من يدعون أنهم أبناء هذا الوطن وخيرة رجاله، وكم بقي الوطن من ذلك الحين إلى اليوم لم يرَ خيرا، ولم يصل لما كان مؤملا أو مستحقا له من المكانة السياسية والاقتصادية في الخارطة العالمية حتى ألقوا به لقمة سائغة في أفواه عتاولة باب اليمن في ليلة مظلمة لم يرَ النور من بعدها.
في ذكرى ثورة 14 أكتوبر المجيدة ونحن نعيش الآن في القرن الواحد والعشرين، ومع احتلال من نوع آخر احتلال باسم الوحدة علينا أن نعي الدرس السابق، فلا نترك الطريق سهلا لمن يريد أن يسرق ثورة البسطاء بعد أن أطلوا علينا من سراديبهم التي غابوا فيها قرابة العقدين من الزمن، ليبحثوا عن مجد ضائع ليس لهم بمفردهم، بل سيشارك فيه الأبناء والمقربون.
لنتعلم من ثورة 14 أكتوبر أن الثورة يجب أن تحمى بالشعب، وأن المتسلقين على الثورة ظلمهم أشد وقتلهم أفتك من المحتل.
في ذكرى ثورة 14 أكتوبر علينا أن نتذكر أن النصر لا يأتي بقوة السلاح ولا بكثرته فقد يتحقق النصر إن وجد الرجال المخلصون ووجدت النوايا الصادقة، ولتكن قضيتنا عادلة رجالها رجال صدق.الرحمة للشهداء .. والنصر للجنوب!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى