السكرتير الثاني لمنظمة الاشتراكي بعدن قاسم داود لــ «الأيام» (2-2) : على الحوثيين الإقرار بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم

> حاوره / صلاح سيف

> قال القيادي الاشتراكي قاسم داود: «إن مستقبل اليمن واليمنيين لن يتحقق إلا بعلاقة سليمة بين الشمال والجنوب، وإن ذلك لن يقوم إلا على أساس الإقرار بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم والتعامل مع ما يقرره الجنوبيون كمبدأ يجب التسليم فيه كأساس للمعالجة والبناء في المستقبل».
وحذر داود مما وصفه بـ «الخطر الذي لم يدركه البعض والمتمثل بمحاولات إضعاف الحراك أو تفريخ مكوناته»، وقال: «إن محاولات من هذا النوع ستدخل اليمن في نفق مظلم ولن يستفيد من ذلك أحد».
وفي الجزء الثاني من الحوار أكد داود لـ «الأيام» على «أهمية وجود رؤية وقيادة جنوبية، وأن يستفد أبناء الجنوب من تجارب الماضي ويسعون بجدية لإنتاج مشروع رؤية جنوبية مستقبلية تستوعب كل التنوع والرؤى يليها انتخاب قيادة تشاركية تنسيقية موحدة للجنوب تحمل الرؤية، وتناضل في سبيلها، وتدير المجتمع الجنوبي، وتمثله أمام الأطراف الأخرى»، مشيرا إلى أن «تلك قضية محورية بدونها سيكون الطريق طويل وصعب جدا، وسوف تزيد التضحيات وستطول المعاناة».
- كيف تقرأ طموح ونوايا أنصار الله في ضوء الشعارات التي رفعتها الحركة (إسقاط الجرعة وإسقاط الحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار) هل ترى بأنهم صادقين في أهدافهم ونواياهم أم أن هدفهم التوسع والسيطرة على السلطة؟.
لا أستطيع أن أحاكم الناس على ما في الضمائر ولكن أحاكمهم على الشعارات والأهداف التي أعلنوها، ولهذا أعتقد أن حركة أنصار الله نشأت من فئات شعبية بسيطة فقد عانوا من ستة حروب ومن القمع والاضطهاد والتهميش والظلم التاريخي، ولذلك أعتقد أنهم لن يمارسوا ما عانوه تجاه الآخرين، بل على العكس من ذلك فمصلحتهم تقتضي وجود دولة عادلة تعمل على توفير العدالة وصيانة حقوق الناس وتحقيق التنمية المتوازنة وتحسين والأوضاع العامة في البلد والحياة المعيشة للمواطنين، ومصلحتهم في تحقيق ذلك تفرضها طبيعة معاناتهم، لكن كل ذلك يعتمد على موازين القوى في الخارطة السياسية خلال المرحلة المقبلة، أتمنى على الإخوة في تيار أنصار الله دراسة التجربة الإثيوبية ما بعد إسقاط نظام منجستو، ففيها كثير من الدروس التي يمكن الاستفادة منها في واقع اليمن.
- بعد خسارة أحد الأطراف التي كانت تقف عائقا أمام حل القضية الجنوبية ما مدى تأثير ذلك على مستقبل القضية الجنوبية وإمكانية معالجتها بطريقة عادلة تلبي تطلعات أبناء الجنوب؟.
هناك تصريحات وخطابات عامة صادرة عن أنصار الله لا يمكن الحكم عليها إيجابا أو سلبا، فالوضع مازال في بدايته .. لكن بشكل عام في شعور بالارتياح عند الناس في الجنوب لأن حركة أنصار الله قضت على رموز الفساد والاستبداد التي كانت شريكة في حرب صيف 1994م، وشاركت في ضرب الجنوب وقمع أبنائه ونهب ثرواته وكل ما طال الجنوب ومجتمعه ومقدراته، والوضع لا يتوقف على أنصار الله وحدهم، وإنما إلى جانبهم قوى أخرى، وهناك دور للأطراف الخارجية المنخرطة في أوضاع اليمن.
- ما هو الوضع الجديد الذي تخشاه؟.
السيناريو الذي أخشاه هو أن تتحول اليمن إلى ساحة لحروب قذرة كما هو حاصل اليوم في سوريا والعراق.
- هل يراهن أبناء الجنوب وقيادات الحراك الجنوبي اليوم على مساندة الحوثيين لهم في معالجة القضية الجنوبية وفقا لتطلعات الجنوبيين؟.
إذا اختار أنصار الله مستقبل اليمن واليمنيين، وهذا لن يتحقق إلا بعلاقة سليمة بين الشمال والجنوب، وهذا لن يقوم إلا على أساس الإقرار بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم، وعلى الآخرين أن يتعاملوا مع ما يقرره الجنوبيون، وهذا مبدأ يجب أن نسلم فيه كأساس للمعالجة والبناء في المستقبل، فالوضع الحالي لن يستمر كما هو لا في الشمال ولا الجنوب، والسنوات الماضية أثبتت هذه النتيجة، فمصلحة الناس هي أن يختصروا الطريق بعيدا عن الشعارات الشمولية والإيدلوجية، فيجب أن نقر بالحقيقة، ونعظم مصالح الناس وعلاقة الإخاء والتعاون والتنمية المشتركة والمصالح المتبادلة بين الشمال والجنوب، أما الإصرار على شكل سياسي قد ثبت فشله وأقر الجميع بذلك فلن يجلب سوى مزيد من العداء والصراع واللاستقرار في الإقليم والمنطقة.
- هل تعتقد أن رؤية الحزب الاشتراكي المقدمة لمؤتمر الحوار كانت كفيلة بمعالجة القضية الجنوبية بطريقة عادلة؟.
أعتقد أن رؤية الحزب المقدمة لمؤتمر الحوار كانت هي الرؤية الواقعية للشمال والجنوب، وما كان ينقصها هو حق تقرير المصير بالنسبة لأبناء للجنوب.
- هل كان ستلقى القبول في الشارع الجنوبي في ظل ارتفاع سقف المطالب؟.
مزاج عام لا .. لكن كان يمكن أن تخلق أمل عند الناس ونوع من الثقة والقناعة بإمكانية الحل، لكن للأسف تم الالتفاف عليها في مؤتمر الحوار في هذه القضية ومرر حل آخر سوف يحكم عليه التاريخ.
- إذا كان الوضع كما تقول لماذا انخفض صوت الحراك في الشارع الجنوبي وقل زخمه خاصة بعد إعلان بعض قيادات في الحراك الجنوبي لها وزنها وثقلها تأييدها لمخرجات الحوار الوطني؟.
في متغيرات حصلت كما حصلت عمليات استقطاب و تفريخ، لكن الحراك ما زال موجودا وجماهيره موجودة، ويمكن في أي لحظة أو مناسبة تستعيد زخمها ونشاطها الجماهيري في الشارع، لكن الخطر الذي لم يدركه البعض هو أن عملية إضعاف الحراك أو تفريخ مكوناته لا يخدم السلطة ولا الأحزاب السياسية القائمة، بل سيخدم قوى أخرى، وقد شاهدنا بعض نتائجها في عام 2010م عندما تم تنظيم بطولة خليجي (20) فهي لم تكن مناسبة رياضية، ولكنها عملية أمنية هدفها ضرب الحراك الجنوبي من خلال توجيه حملة أمنية سياسية ونفسية لاستهداف الحراك الجنوبي، وكان نتيجة ذلك سيطرة القوى المتطرفة على أجزاء من محافظتي أبين وشبوة، وتمددت إلى مناطق أخرى، لذلك فإن أي محاولة لتفريخ الحراك أو إضعافه وكسر إرادته برغبة تميع قضيته ستدخل اليمن في نفق مظلم ولن يستفيد من ذلك أحد، فأساس الوضع الناشئ في الجنوب هو وجود القضية الجنوبية التي ستنتج من يحملها ويعبر عنها وهكذا نشأ الحراك.
- هناك دعوات أطلقها القيادي في الحراك محمد علي أحمد لتشكيل مجلس إنقاذ جنوبي هل تعتقد أن الجهود التي يبذلها محمد علي أحمد ستمكنه من توحيد قيادات الحراك لتشكيل مجلس انقاذ جنوبي؟
الحديث يدور حاليا عن تشكيل مجلس إنقاذ مؤقت لمواجهة الأزمة أو الخطر الذي تحدثنا عنه، أما إيجاد قيادة موحدة تمثل الجنوب فهذا موضوع آخر ومعقد وبحاجة إلى جهود كبيرة وإلى عملية تقييم لكل التجارب السابقة التي تمت في الجنوب في السنوات الأخيرة، و لماذا فشلت وما هي الصعوبات التي واجهتها، والموضوع الآخر لا بد من الإلمام بطبيعة المجتمع الجنوبي وتاريخه، فالجنوب مر بثلاث مراحل ما قبل 67م، و كان فيه قوى سياسية ونخب وأصحاب مصالح لازالوا موجودين، ومن 67م إلى 1990م كان فيه النظام استفادت منه قوى وتضررت منه قوى أخرى، وكلهم موجودون، وبعد عام 1990م تشكلت قوى جديدة ..حراك وقوى مدنية أخرى، إضافة إلى أن جزءا من الجنوبيين في الخارج، ويمثلوا نسبة كبيرة، وبالتالي نحن بحاجة إلى إيجاد قيادة تعبر عن هذه المجموعات الرئيسية، ولا يمكن لمجموعة أن تحكم أو تدير أو تتحدث باسم الجنوب بمعزل عن القوى الأخرى، والشيء الآخر هو أن في الجنوب مجتمعات محلية مختلفة مثل المجتمع العدني والحضرمي والمهري..إلخ، ولا يمكن أن نختزل الجنوب بمنطقة أو بمنطقتين أو بمنظمات ولا يمكن للمشروع هذا أن يرى النور أو أن ينجح، فإيجاد قيادة موحدة يجب أن تشمل الجنوب كله كي تعبر عن مصالح كل الناس وأن تؤمن بالتنوع وتحظى بثقة كل المناطق والمجتمعات المحلية، وهذه عملية معقدة لكنها ليست مستحيلة، فالوضع قد تغير عن ما كان عليه الحال عام 67م وعام 90م فما ممكن حينها لا يعتبر صالحا اليوم ولا مفيدا، فالحالة تحتاج إلى قراءة عصرية ورؤى حديثة.
- هل سيشارك مجلس الإنقاذ الذي يجري تشكله في الحكومة القادمة؟.
موضوع المشاركة في الحكومة القادمة سؤال يمكن أن يطرح على من سيشكلون المجلس وعلى أعضاء المجلس، و في الأساس تم الاتفاق على مجلس لإنقاذ الجنوب وليس مجلس لإنقاذ أزمة تشكيل الحكومة وتمثيل الحراك فيها فلا أعتقد أن هناك من يفكر في هذا الأمر في ظل الوضع القائم.
- من وجهة نظرك ما الذي يحتاجه أبناء الجنوب اليوم لانتزاع حقوقهم؟.
ما يحتاجه الجنوب اليوم هو رؤية وقيادة، وعلى أبناء الجنوب أن يستفيدوا من تجارب الماضي ويسعوا بجدية لإنتاج مشروع رؤية جنوبية مستقبلية تستوعب كل التنوع والرؤى في الجنوب ومصالح الجنوب، يليها انتخاب قيادة تشاركية تنسيقية موحدة للجنوب تحمل الرؤية وتناضل في سبيلها وتدير المجتمع الجنوبي وتمثله أمام الأطراف الأخرى، وهذه قضية محورية وبدونها سيكون الطريق طويل وصعب جدا وسوف تزيد التضحيات وستطول المعاناة.
- هل تحقيق ذلك ممكنا اليوم في ظل هذا التباين الذي تعيشه قيادات الحراك التي مازالت أسيرة لصراعات الماضي؟.
يمكن تحقيق ذلك الآن ولكن نحتاج إلى مساعدة من الأشقاء ومن المجتمع الدولي فإذا المجتمع الدولي رأى أن من مصلحته توحيد الجنوبيين وإيجاد رؤية موحدة للجنوب ومستقبله هو سيقدم استشارات والمنظمات والخبراء لتحقيق هذا الهدف، فالجنوبيون لا يوجد بينهم خلافات وصراعات كبيرة رغم وجود حساسيات من الماضي وتباينات إزاء تحديات الحاضر وتوجهات المستقبل وهي أمور طبيعية، لكن لو توفرت الجدية لدى المجتمع الدولي هو قادر على المساعدة في وضع أسس لتحقيق هذا الهدف، لكن للأسف إن معظم المشكلات والخلافات الجنوبية الداخلية هي نتيجة تدخلات خارجية سواء كانت من أطراف السلطة ومراكز القوى في صنعاء أو من دول إقليمية.
- المجتمع الدولي وسفراء الدول العشر وجمال بن عمر حاولوا مساعدة الجنوبيين و تقريب وجهات النظر بين جميع المكونات لكنهم فشلوا في ذلك؟.
المجتمع الدولي حضر إلى اليمن لمساعدة كل اليمنيين لأن أطراف يمنية كانت غير قادرة على أن تتفق بدون مساعدة خارجية، وكادت اليمن أن تنزلق إلى حروب أهلية أكثر من مرة، وللأسف هذه المساعدة اقتصرت على صنعاء، حيث اختزل اليمن في صنعاء، فالمجتمع الدولي لم يبذل أي جهد حقيقي مع القوى السياسية في الجنوب، فالجنوب كان قبل 1967م (23) كيان سياسي واجتماعي دستوري، الجنوب كان دولة وشريك في الوحدة، فيجب حل مشاكل الجنوب ومساعدة الجنوبيين على تجاوز التباينات و التقارب والتوحد حول رؤى معينة تخدم معالجة الوضع اليمني ولو كان تم ذلك قبل مؤتمر الحوار لكان مؤتمر الحوار تمكن من النجاح وجنب اليمن ما هي عليه اليوم من مشاكل وصراعات.
- بعد اقتحام الحوثيين للعاصمة صنعاء وجه محافظ أبين السابق أحمد الميسري دعوة للمؤتمريين الجنوبيين الذين في السلطة بمغادرة صنعاء والالتحاق بالحراك الجنوبي بعد فشل تنفيذ مخرجات الحوار، وهناك أخبار بأن قيادات الإصلاح في الجنوب تبحث فك ارتباطها بقيادة الحزب في الشمال وستلتحق بالحراك الجنوبي هل تعتقد أن هذه القيادات جادة ومؤمنة بعدالة القضية الجنوبية أم أن ذلك عبارة عن ردة فعل لما حدث في العاصمة؟.
ما قاله الأخ أحمد الميسري القيادي في المؤتمر الشعبي العام يعد تطورا إيجابيا ونتيجة للتفاعلات داخل فروع المؤتمر في الجنوب، كما هو الحال في الأحزاب الأخرى، المهم الثبات على المواقف وأن يكون التصريح نابعا عن قناعة حقيقة وليس ردة فعل لتطورات آنية، التقيت مع الأخ أحمد الميسري وتناقشنا مطولا حول مواضيع عدة، وذكرته بما حصل عام 2011م من بعض الإخوة المسئولين في السلطة والحزب الحاكم حينها الذين غيروا مواقفهم 180 درجة وفاجأوا الرأي العام بمواقف متشددة أكثر من قوى الحراك السلمي الجنوبي، إلا أنه وبمجرد احتفاظهم بمواقعهم في السلطة عادوا بنفس الوتيرة إلى مواقفهم السابقة وهذه حالة من الأفضل أن لا تتكرر.
- لكن هناك تباين كبير في الرؤى الخاصة بحل القضية الجنوبية بين مكونات و قوى الحراك بمسمياتها المختلفة وبين قيادات الأحزاب السياسية في الجنوب فهل يمكن اليوم الوصول إلى قواسم مشتركة بين مختلف القوى في الجنوب؟.
من الطبيعي أن تتباين الآراء والاجتهادات ولا يمكن لأي طرف أن يفرض رؤيته على الآخر، مع ذلك أعتقد أنه بإمكان الجميع وعلى أساس الثقة والحوار وإدراكهم لمسئوليتهم بإمكانهم الوصول لقواسم مشتركة تشكل أساس للتنسيق والتعاون بين مختلف القوى في هذه المرحلة، ويستمر الحوار حول المسائل الأخرى، ومن واجب الجميع الخضوع لإرادة الشعب وليس لغيره ويجب أن تصبح سياسة القطيعة والخصومة من الماضي.
- كقيادي في الحزب الاشتراكي ما هو تقييمك لأوضاع الحزب ودوره في الظروف الراهنة؟.
هذا موضوع واسع ومتشعب يقود للحديث عن الحالة السياسية للبلد بشكل عام وعن ما واجه الحزب منذ عام94م، حيث ظل شبه محظور، المهمة الأساسية الآن هي في عقد الكنفرنس الحزبي العام، وإحداث تغيير جوهري في بنية الحزب تستجيب للواقع القائم وتضع الحزب أمام مرحلة انبعاث جديدة.
- في ختام هذا الحوار هل لك كلمة أخيرة تريد قولها؟.
أتوجه بدعوة ونداء لأصحاب القرار وفي مقدمتهم الرئيس عبدربه منصور هادي لإطلاق سجناء الرأي ونشطاء النضال السلمي من الشباب وغيرهم وبالذات نشطاء الحراك السلمي الجنوبي الذي تم اعتقالهم واختطافهم لأسباب تتعلق بنشاطهم السلمي المشروع، وضحايا القضايا الكيدية وغير العادلة، وفي مقدمتهم أحمد عمر المرقشي وغيرهم.
**حاوره / صلاح سيف **

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى