كــوبــانــي مـعـركــة مـصيريــة لـكـل مـن الأكـراد والـجهــاديــين

> بيروت «الأيام» رنا موسوي

> تحولت عين العرب خلال شهر من المعارك، من مدينة صغيرة مغمورة على الحدود السورية مع تركيا إلى رمز لصراع بين حلم كردي باقامة إقليم يتمتع بحكم ذاتي، و “خلافة” اعلنها تنظيم جهادي ويقاتل من اجل توسيعها وفرضها بالقوة.
ومنذ 16 سبتمبر، تشهد المدينة المعروفة باسم كوباني بالكردية والواقعة في شمال محافظة حلب السورية، هجمات ضارية يشنها تنظيم “الدولة الإسلامية” في مواجهة مقاومة شرسة لمقاتلي “وحدات حماية الشعب” الكردية.
وتعكس ضراوة هذه المعارك مدى تمسك التنظيم الجهادي الذي يسيطر على مناطق واسعة من سوريا والعراق المجاور، والمقاتلين الأكراد بالمدينة التي تبلغ مساحتها ستة إلى سبعة كيلومترات مربعة، لانها معركة مصير بالنسبة إلى كليهما.
ويقول الباحث في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في عمان سيريل روسيل لوكالة فرانس برس ان الأكراد ينظرون إلى احتمال خسارة كوباني على انها “مأساة” ستصيب في الصميم “مشروع اقامة إقليم كردستان سوري يتمتع بحكم ذاتي”.
ويرى الخبير في شؤون الجغرافيا السورية فابريس بالانش ان خسارة عين العرب تعني استحالة تنفيذ مشروع “روج آفا”، اي إقليم كردستان سوريا، الذي يتطلع اليه نحو ثلاثة ملايين كردي.
ويقوم مشروع إقليم كردستان سوريا على ثلاث مناطق رئيسية: كوباني في الشمال (ضمن محافظة حلب)، وعفرين الواقعة غرب كوباني (محافظة حلب)، والجزيرة في الشمال الشرقي، وابرز مدنها الحسكة والقامشلي (محافظة الحسكة).
ويعني خروج عين العرب الواقعة في وسط المناطق الثلاث، عن سيطرة الأكراد، قطع الطريق على امكانية وصل هذه المناطق ببعضها، بحسب بالانش.
ويتابع الباحث الفرنسي “ستصبح عفرين حينها الهدف التالي” للجهاديين، و “سيجد الأكراد ملاذا لهم في الحسكة فقط حيث يمكن ان يتعرضوا لهجمات ايضا. فاذا أُخرج الأكراد من كوباني، فهذا يعني انه قد يتم اخراجهم من مناطق اخرى كذلك”.
كما ان سقوط المدينة في ايدي تنظيم “الدولة الإسلامية” سيشكل ضربة قوية لقوات “وحدات حماية الشعب”، المجموعة الكردية المسلحة التي تحولت بحكم الامر الواقع مع تمدد النزاع في سوريا إلى جيش في المناطق التي تسكنها غالبية من الأكراد في سوريا في محافظات الحسكة (شمال شرق) والرقة وحلب (شمال).
ويقول الباحث في الشؤون السورية في مركز كارنيغي ارون لوند لوكالة فرانس برس ان هذه المجموعة “تتعرض لضغوط. عليها ان تبرهن انها لن تترك الأكراد، وانها مستعدة لخوض المعركة حتى آخر رجل فيها، وآخر امرأة”.
ويضيف “بالنسبة للأكراد، هذه هي المسألة الأساس التي تستند إليها شرعية المياه التي اشتهرت بها في بداية تأسيسها في أوائل القرن العشرين، علما أن اسم كوباني الكردي يعود إلى كلمة “كومباني”، اي شركة، استنادا إلى شركة للسكك الحديدية أنشأت في المدينة خط نقل يصل العراق بتركيا.
ويقف المشروعان السياسيان للأكراد وتنظيم “الدولة الإسلامية” على طرفي نقيض.
فقد سعى الأكراد إلى إبقاء مناطقهم في منأى عن الصراع الدامي في سوريا وأقاموا نوعا من الحكم الذاتي عبر مجالس محلية قدمت على أنها تمثل تجربة ديموقراطية في بلد يحكمه نظام يقوم على حكم العائلة الواحدة لنحو نصف قرن. وتعتبر “وحدات حماية الشعب” الفرع العسكري لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي النافذ، وهو حزب علماني ذو نزعة اشتراكية يمنح المرأة دورا رياديا حتى في المجال العسكري.
في المقابل، يتبنى تنظيم “الدولة الإسلامية” نظاما إسلاميا متشددا، ولا يتوانى عن قطع الرؤوس والرجم بالحجارة وحتى صلب من يصنفهم أعداء.
ويرى محللون أن وقف عجلة المشروع الكردي في سوريا سيصب في صالح تركيا المجاورة المتهمة بغض النظر عن دخول المقاتلين الجهاديين إلى سوريا عبر حدودها، والتي تخوض منذ الثمانينات صراعا مسلحا مع الأكراد الانفصاليين على أرضها وعلى رأسهم حزب العمال الكردستاني، أوقع 40 ألف قتيل.
ويقول روسيل “إن سقوط كوباني هو هدف الجهاديين، لكنها عملية تبدو إلى حد كبير وكأنها خطوة نحو القضاء على المشروع الكردي بالتواطؤ مع انقرة”. ا.ف.ب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى