الثغر الباسم لم يعد باسما بعد تردي الأوضاع البيئية في المدينة..عدن غارقة في أكوام القمامة وبحيرات الصرف الصحي

> رصد/ وليد الحيمدي

> مدينة عدن ذات الوجة السياحي والحضاري، تشوهت كل ملامحها الجميلة بأكثر من وسيلة وطريقة. تكدس للقمامة في جميع أزقتها وشوارعها لفترات طويلة، وبحيرات وبرك من المياه الآسنة نتيجة لتفجر حفر المجاري في أكثر من مكان نتيجة لانسدادها، وموخراً زاد الوضع سوءاً نتيجة إضراب عمال النظافة والصرف الصحي عن تأدية أعمالهم.
مشكلة تحولت مؤخراً لظاهرة تؤرق حياة المواطنين في جميع أرجاء المدينة، ويتحمل مسؤليتها كل من المواطن والمسئول.
النفايات المتكدسة، وطفح المجاري المستمر هو ملخص المشهد العام الحالي في عدن (الثغر الباسم)، أوضاع بيئية غير صحية باتت تنغص حياة المواطنين في هذه المدينة ليل نهار دون أن تقوم الجهات ذات العلاقة ولو بالجزء البسيط من مهامها الموكلة عليها.
داخل حرم كلية الحقوق بجامعة عدن
داخل حرم كلية الحقوق بجامعة عدن

«الأيام» رصدت هذه الظاهرة في عدد من شوارع ومديريات عدن، حيث كانت البداية بمدينة كريتر (عدن القديمة)، هذه المدينة التي تتمتع بسواحل خلابة، ونتيجة لما تتمتع به من شهرة عالمية فقد وصفها القبطان هينس بأنها مدينة تشبه إلى حد ما شواطئ (نوتينجهام سيتي) وهي مدينة تطل على المحيط الاطلسي شرق لندن، كما أن العالم قد عرف هذه المدينة من خلال المصورين الإنجليز الذين كانوا يتغزلون بهذا المنفذ البحري الشهير، وكذا عن جمال المناظر الجبلية بقلاعها الكبيرة على رأس قممها الشامخة.. غير أن هذه المدينة لم تُعد تحمل تلك الأوصاف نتيجة لما حل بها من معاناة وإهمال طال جميع مناحيها وفي مقدمتها الجانب البيئي والذي أضحت بسببه مليئة بالقمامة والقاذورات ومياه الصرف الصحيي، الذي تتحمل مسؤوليته أطراف عدة بدءاً بالمواطن وصولاً إلى الجهات المسؤولة والمختصة.
**غياب الرقابة**
خلف المكتبة الوطنية - كريتر
خلف المكتبة الوطنية - كريتر

في هذه المدينة (عدن القديمة) والتي تُعد من أقدم الأماكن في الأرض بعد دمشق وبغداد ولها تاريخ كبير من العبق الآثري والتاريخي، تغير حاضرها كلياً، فمعالمها التاريخية وأماكنها السياحية أصبحت مكبا للنفايات، حيث لا يرى الزائر إليها إلا تكدساً للقمامة كبقايا سوق السمك وغيرها من النفايات، والتي أضحىت شواطئ صيرة والمتنزهات تمتلئ بها نتيجة للتصرف غير الحضاري من قبل الكثيرين بطريقة مخالفة للقوانين البيئية والحضارية، في ظل غياب تام للجهات الرقابية والمختصة.
المشهد نفسه يتكرر بقرية الصيادين الواقعة بذات المنطقة من صيرة، حيث مرسى القوارب الخاصة بالصيادين، مخلفات متراكمة من النفايات مر عليها زمن دون أن يتم التخلص منها.
الوضع البيئي السيئ يزداد سوءاً في الحارات الشعبية بهذه المدينة، حيث يصل الإهمال ذروته، فالخساف بكريتر تُعد من أكثر الحارات تكدساً بالقمامة والقاذورات نتيجة لعدم توفر مكبات خاصة بهذه القمامة، وكذا المخالفات التي يقوم بها الساكنون في المنطقة، كرمي القمامة بطريقة عشوائية وعدم وضعها في مكان مناسب يسهل أخذها، وهو الأمر الذي أكده المسؤولون في المجلس المحلي، وصندوق النظافة والتحسين، تراكم القمامة لا يخلو منه شارع من شوارع هذه المدينة، فكل من جولة زكو، وحافة القاضي وغيرها من الشوارع المجاورة لا يجد الزائر إليها إلا النفايات ولن يشتم فيها إلا روائح مياه الصرف الصحي والقمامة الكريهة، وهو ما جعل الأهالي لأكثر من مرة يتوجهون إلى المجلس المحلي، وصندوق النظافة بعدن بغرض حل معاناتهم التي باتت تهدد صحتهم جراء انتشار هذه القمامات وبقائها لفترات طويلة أمام منازلهم وفي أماكن لا يسمح بوضع القمامة فيها.
**مصدر للأمراض**
سكان العيدروس هم الآخرون عبروا عن استيائهم من انتشار القمامة وتكدسها لفترات كبيرة جوار منازلهم وما ينتج عنها من تلويث الأجواء وانبعاث الروائح الكريهة وانتشار البعوض الناقل لكثير من الأمراض، مطالبين مدير صندوق النظافة والمجلس المحلي في عدن بضرورة الاهتمام بنظافة المنطقة والمدينة، بالإضافة إلى اتخاذ مكان مناسب لرمي القمامة، مع ضرورة رفعها بشكل يومي حتى لا تتراكم وتتحول بذلك إلى مصدر لانتشار الأمراض وإزعاج المواطنين، لا سيما القاطنين بالقرب من تلك الأماكن التي ترمى فيها المخلفات.
**أكوام من النفايات**
كريتر - العيدروس (البوميس)
كريتر - العيدروس (البوميس)

في حافة الحفيرة بكريتر عدن والقريبة من مركز الشرطة، تتراءى للناظر من بعيد أكوام من القمامة تتكدس وسط الحارة وبجميع أماكنها بالإضافة إلى انتشار مياه الصرف الصحي بشكل مزعج ومنفر، ومخلفات بعضها تتحلل سريعاً وأخرى صلبة، وجميعها تسبب اضراراً للبيئة والإنسان.
وفي مديريات محافظة عدن الأخرى يتكرر المشهد ذاته ويزداد سوءاً لتزايد كثافة السكان فيها، إذ إن كل مديرية من مديرياتها تعاني من تكدس للقمامة والنفايات.. ففي الشيخ عثمان صار المواطنون متعودين على رؤية النفايات وخصوصاً بسوق الأسماك خلف مسجد النور، حيث لا شيء يدل على وجود النظافة البتة.
الشيخ عثمان - الدرين
الشيخ عثمان - الدرين

ومن الشيخ عثمان التي تعد عنوانا للقاذورات والنفايات إلى مدينة التواهي والتي هي الأخرى نالها من هذه المعاناة النصيب غير القليل من تراكم وتكدس القمامة، وخصوصاً بالسوق وبعض الحارات فيها، أما مديرية خور مكسر فقد أضحت غارقة بالقمامة التي لم يتم رفعها منذ أيام نتيجة لإضراب عمال النظافة والتحسين بعدن.
خور مكسر
خور مكسر

**الختام**
تردي أوضاع النظافة وتكدس القمامة والنفايات بعدن وتلوث البيئة فيها وما نتج عنها من انتشار للبعوض والذباب، لا يهدد السكان في هذه المدينة صحياً فقط، بل يؤدي إلى تشويه الوجه الحضاري والسياحي لعدن بعد أن طال هذه التشوية سواحلها وأماكنها السياحية.
ووفق مثقفين فإن تردي الوعي الثقافي وتدهور الوضع الاقتصادي وغياب الرقابة وانتشار الفساد واختلاط البشر والكثافة السكانية وتفشي الفقر بشكل خطير هو السبب الرئيس وراء تردي حال النظافة في هذه المدينة، بالإضافة إلى غياب الوعي الثقافي والحضاري والتربوي لدى كثير من القاطنين فيها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى