لـهـذا الـسبـب سيـصمـت بـنـعـمـر يـا يـحيـى غـالـب

> عبدالرحمن أنيس

> في حديثه مع قناة (العربية) مساء الخميس تحدث مستشار الرئيس الجنوبي علي سالم البيض ومدير مكتبه في بيروت المحامي يحيى غالب الشعيبي عن الزخم الجنوبي في المليونية الأخيرة، في حين كانت القناة تحاول تجيير الأمر على أن توسع الحوثيين في الشمال هو من فتح شهية الجنوبيين للانفصال.. متناسية أن هذه المليونية ليست الأولى، وكل مليونيات الحراك الجنوبي تنظم وسط تعتيم متعمد من وسائل الإعلام العربية.
استوقفني مما قاله المحامي يحيى غالب الشعيبي في حديثه لـ(العربية) تساؤل أورده حين قال: “لماذا يذهب جمال بنعمر إلى صعدة لمقابلة عبدالملك الحوثي بينما يصمت أمام الملايين التي تخرج في الجنوب؟”.. ثم زاد بالقول: “إلى متى سيستمر صمت بنعمر وسفراء الدول العربية والغربية أمام ما يجري في الجنوب؟”.
تذكرت وأنا أسمع المحامي يحيى غالب أن المبعوث الأممي جمال بنعمر لم يسافر ولو لمرة واحدة إلى العاصمة اللبنانية بيروت لمقابلة الرئيس الجنوبي علي سالم البيض منذ بدء مهمته في اليمن في العام 2011.. لكنني التمست له العذر من واقع حالنا السياسي الذي لو تأمل فيه المحامي يحيى غالب قليلا لما وجه سؤاله ذاك.
من عوامل القوة الموجودة في جماعة الحوثي والمعدومة في الحراك الجنوبي السلمي هو “وحدة القيادة” أو “الرأس الواحد”، يسير الحوثيون سياسيا بطريقة مؤسسية، فالمكتب السياسي أعضاؤه معروفون والناطق الرسمي واحد وزعيم الجماعة واحد والقائد الميداني واحد.. لا مجال عندهم لمكونات مفرخة ولا قيادات تتنازع على الزعامة.
تجشم بنعمر عناء الذهاب إلى محافظة صعدة الخارجة تماما عن سيطرة الدولة المركزية في صنعاء في حين لم يذهب ولو لمرة لمقابلة الرئيس البيض في بيروت، ذلك لأنه يعلم أن راس الحوثيين لو اقتنع بفكرة ما فإن آلافا بعده ستقتنع وإذا توصل معه إلى اتفاق فإن مئات الآلاف مستعدة للقبول بهذا الاتفاق بمجرد موافقة زعيمها، وإذا أخذ منه وعدا فعند أتباعه من الالتزام للقيادة ما يجعل من وعد القائد أمرا منفذا غير قابل للنقاش.. فهل هذا موجود في الحراك السلمي الجنوبي؟.
لو ذهب بنعمر إلى بيروت والتقى البيض واتفق معه على أمر معين فالأمر لا يكفي، فعليه إقناع باعوم أيضا وهذا لا يكفي، سيبقى عليه إقناع طابور طويل جدا من القيادات في الداخل من الخبجي إلى النوبة إلى محمد علي أحمد إلى الشنفرة إلى شلال إلى قاسم عسكر وصالح يحيى ووووو.. والقائمة تطول.. بل إن البيض نفسه لو أقدم على خطوة مثل الدخول في مؤتمر الحوار لكان من يصفونه بالرئيس الشرعي هم أول من يحرق صوره.
القاعدة السياسية والثورية تقول إن النخبة تقود الشارع.. لأن الشارع - أي شارع عربي - دائما ما تحكمه الغوغاء والحماس الذي قد لا يحقق مكاسب سياسية، إلا في الجنوب فإن الشارع هو من يقود وليس النخبة.. تشبع الشارع بثقافة غياب القيادة الموحدة حتى أطلق شعارات لا تنسجم بتاتا مع أي اتجاه ثوري أو سياسي منها: “لا قيادة بعد اليوم” أو “الشهيد هو القائد”، وهي شعارات خاطئة تعبر عن عمق أزمة القيادة التي يعيشها الشارع الجنوبي.
إذا بقي النضال الجنوبي أسيرا للعشوائية والتخبط وغياب العمل المؤسسي.. وإذا بقي الجنوبيون بعشرة رؤوس في حين أن للحوثيين رأساً واحداً فقط.. فسيستمر صمت بنعمر بل وصمت المجتمع الدولي بأسره تجاه الجنوب، ما لم يتم تقييم مسيرة العمل الجنوبي وحل المعضلتين الرئيسيتين: غياب العمل المؤسسي، والقيادة الموحدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى