سباق السيطرة على محافظات الشمال بين القاعدة والحوثيين : رداع تنتظر المعركة الفاصلة وهدوء يسبق العاصفة في إب وانتفاضة في الحديدة

> صنعاء «الأيام» خاص

> عادت جماعة الحوثي المسلحة لفتح جبهة قتالية جديدة في محافظة الحديدة أمس الأول بعد معلومات من قيادات في الجماعة تقول إنها حصلت عليها تفيد بتحركات مكثفة لعناصر ما يسمى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب للسيطرة على محافظات ومناطق لاتزال تتواجد فيها معسكرات ووحدات عسكرية محسوبة على الجنرال علي محسن الأحمر.
واندلعت اشتباكات بين مسلحين يتبعون الحراك التهامي ودورية تابعة لأنصار الله الحوثيين بالقرب من ساحة الحراك بمدينة الحديدة، أدت إلى قتل مسلح من جماعة الحوثي وإصابة آخرين، فيما نصب التهاميون كمينا لدورية لمسلحي الحوثي بمنطقة الزيدية أسفر عن مقتل (3) من الحوثيين، وآخر من الحراك التهامي وإصابة آخرين.
كما سيطر الحوثيون على قلعة الكورنيش وأحرقوا منزل قيادي في الحراك التهامي لدى اقتحامهم عددا من المنازل والأحياء بمحافظة الحديدة غرب اليمن.
هذه التطورات المحتدمة على المشهد اليمني زادت من حدة الأطماع في ظل فشل سياسي وفراغ أمني وغياب للدولة، الأمر الذي يفاقم ويرفع منسوب ذهاب اليمن - حسب مراقبين ومحللين - إلى دولة فاشلة.
ويرى قياديون في جماعة أنصار الله أن أحداث الحديدة هي محاولة سياسية من طرف ثالث يريد الزج بمحافظة الحديدة في صراع مذهبي وطائفي تزامنا مع حملة تحريض وتعبئة طائفية، قالت تلك القيادات الحوثية إنها تُشن ضدهم في محافظة الحديدة وعدد من المناطق والمحافظات الأخرى.
وفي ذلك كرر الناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام عدم خروج ما يسمى اللجان الشعبية التي يستبدلون بها رجال الأمن والحراسات من الجيش فور دخولهم أية محافظة.
وقال إن اللجان الشعبية عليها التزامات بحماية أمن واستقرار المواطنين في ربوع الوطن طالما أن الدولة والمؤسسة الأمنية والعسكرية غير قادرة على حمايتهم أو حتى حماية أنفسهم من هجمات القاعدة ومن يتربصون بالبلد.
وفي الوقت الذي يزداد المشهد تأزما بخروج مظاهرات ومسيرات حقوقية ومدنية وإعلامية تندد بوجود المليشيات المسلحة في المدن وعواصم المحافظات، عقدت السلطات المحلية بعدد من المحافظات اليمنية وبالذات المحيطة والمجاورة للمحافظات المتوترة ومناطق جبهات القتال بين الحوثيين وقبائل المناطق التي تمدد اليها مسلحو الحوثي اجتماعات لتدارس التحديات الأمنية ومخاطر توسع المواجهات إلى حرب طائفية ستفرض وقائع جديدة تغير من ملامح وصيغ التوافق الحالية وما هو قائم بالنسبة لاتفاق السلم والشراكة.
وعلى صعيد المعارك وجبهات القتال تحركت تعزيزات أمنية وعسكرية الخميس الماضي من صنعاء باتجاه مسرح القتال والعنف بمحافظتي البيضاء وإب ومنطقة العدين ومناطق أخرى في إب التي تشهد مواجهات دامية منذ أكثر من أسبوع بين طرفي المواجهات الحوثيين ومسلحين قبليين.
ورصدت «الأيام» في صنعاء عصر الخميس الماضي تحركات لعدد من ناقلات الجند التابعة للجيش وعليها العشرات من المسلحين القبليين التابعين لأنصار الله (الحوثيين).
وقال عدد منهم لـ«الأيام» إنهم يتجهون صوب محافظة البيضاء الواقعة جنوبا (280) كم عن صنعاء.
إلى ذلك أبلغت مصادر محلية في تصريح لـ«الأيام» عن وصول عشرات المسلحين من القبائل وآخرين تابعين لحزب الإصلاح من محافظتي تعز ومأرب وعناصر أنصار الشريعة من محافظة البيضاء.
**مشهد معتم**
يأتي ذلك فيما تشهد جبهات القتال تعتيما وغموضا شديدا صعب من مهمة التحليل والتوقع بنهايتها لكثير من المراقبين والمهتمين المحليين والدوليين، وبالذات في ظل تحالف إقليمي يشوبه التضارب والمواقف المتناقضة التي تعبث بالمشهد والصورة العامة للدولة المستقبلية التي ينتظرها اليمنيون.
ورصدت «الأيام» نقلا عن شهود عيان تحركات لناقلات الجند وعددا من الآليات المدرعة تسير باتجاه منطقة حزيز جنوب صنعاء.. كما نقل لـ«الأيام» مواطنون آخرون خروج مدرعات عليها عشرات المسلحين القبليين من نقطة نقيل (يسلح) الأمنية وهم يهتفون ـ رافعين أسلحتهم المتنوعة ـ بشعار جماعة الحوثي المعروف.
ونقلا عن مصادر محلية بمدينة رداع فإن عناصر القاعدة عززوا جبهتهم بمئات المسلحين القبليين الذين يتبعون حزب الإصلاح والمناصرين لهم.
وأفاد المصدر في تصريح لـ«الأيام» باحتدام المعارك منذ أيام في منطقة المناسح وجبل اسبيل ودار نجد إضافة إلى جبل شبل الواقع بين منطقة العرش وقيفة.
وحسب المصدر فإن انفجارات واشتباكات عنيفة شهدتها لأول مرة المنطقة الخميس الماضي بعد أن دخلت خط المواجهات ومعارك الكر والفر بين الطرفين التي تشهدها مدينة رداع.
**أرض المعركة**
منزل لقيادي إصلاحي دمره الحوثيون
منزل لقيادي إصلاحي دمره الحوثيون

وعورة المنطقة أعاقت حتى الآن تقدم الحوثيين، فيما لدى قبائل البيضاء وكذا أنصار الشريعة معرفة بها ما يجعل الحوثيين أمام محنة تحول دون تقدمهم في جبال البيضاء وتكبدهم أعدادا مرتفعة والنصيب الأكبر من القتلى والجرحى والخسائر في العتاد.
وأفادت إحصائية أن نصيب جماعة الحوثي هو الأوفر من الخسائر البشرية والمادية نتيجة ما سبق ذكره من عوامل وأسباب تتعلق بتضاريس المنطقة حيث كان نصيب الحوثيين ما يزيد على (110) قتلى حتى مساء الخميس، وتدخل فيها قتلى اشتباكات منطقة العرش وقيفة.
وطبقا لتوقعات مراقبين فإن الأيام المقبلة ستشهد معارك عنيفة على أكثر من صعيد خاصة في ظل استناد الحوثيين إلى معدات وآليات عسكرية ثقيلة وتعزيزات واسعة قادمة من صنعاء وذمار.
ويصوب المسلحون الحوثيون أنظارهم باتجاه جبل احرم، وهو موقع عسكري كان للحرس الجمهوري قبل سيطرة القاعدة عليه، ويمتاز الموقع بأنه استراتيجي ويشرف على مدينة رداع كاملة.
في تلك الأثناء تزداد المخاوف في ظل سيطرة الحوثيين واتساع نطاق تمددهم الذي انطلق من صنعاء بعد 21 سبتمبر الماضي، كما زاد من حدة ذلك سلوكيات جماعاته المسلحة أو ما يسمى لجانه الشعبية التي استفزت رجال القبائل الذين ينضمون إلى تيارات مدنية وناشطين وحقوقيين لمناهضة الانتشار والتواجد المسلح لعناصر الحوثي في المحافظات التي اقتحمتها، الأمر الذي يراه سياسيون انتكاسة في سياسة الحوثي ما قد يأخذ التعاطف المجتمعي الواسع باتجاه القاعدة والإصلاحيين.
**هدوء يسبق العاصفة**
ومن رداع إلى محافظة إب التي تشهد بعض مديرياتها هدوءا نسبيا باستثناء مديرية العدين التي قد تكون جبهة صراع دام في الأيام المقبلة.
وجبهة العدين قريبة من معسكرات وتجمعات تدريبية للقاعدة في كل من القفر والسدة والرضمة ومناطق أخرى، وظهور قيادات للتنظيم فيها وتهديداتهم بنقل المعارك إلى صعدة، وهو ـ بحسب خبراء ـ نسق قتالي جديد يمكن أن تلجأ إليه القاعدة في حال تم محاصرتها من الحوثيين الذين تمكنوا من نشر لجان شعبية وتأمين عدد من المناطق خاصة بعد سيطرتهم أو تنسيقهم مع مختلف السلطات بمحافظة إب.
**ضوء أخضر**
أحاديث سياسية وصحفية عن حصول الجماعة الحوثية على ضوء أخضر من جهات عليا في الدولة للتوسع أكثر باتجاه المناطق الوسطى وبالتالي تعز، كما جرى في عمران وصنعاء والحديدة وذمار.
ويؤكد ذلك تصريحات قيادات في جماعة أنصار الله بأن دخولهم المحافظات يتم بتنسيق مسبق مع السلطات العليا في الدولة وبالتالي السلطات المحلية بالمحافظات على أساس حماية المواطن وتوفير الأمن في ظل تفكك الدولة وتشرذم سلطاتها.
**قبائل بالمرصاد**
ولم يتمكن الحوثيون من إقناع قبائل البيضاء في مختلف المناطق.
ويرى مراقبون أن الحوثيين إذا تمكنوا من الدخول مع قبائل رداع في اتفاق والحصول على مساندتهم سيكون ضمن الورقة الرابحة لمعركتهم الحالية في رداع والبيضاء عموما.
**بدلا عن الدولة**
مهاجمة وزحف الحوثيين على بقية محافظات ما كان يعرف بالشطر الشمالي طبقا لاتفاق السلم والشراكة الموقع بين القوى السياسية والدولة والذي نص في البند الثامن منه على قيام الدولة بدعم الحوثيين لحماية أنفسهم من تنظيم القاعدة أو من يسمونهم التكفيريين، محددين ذلك الدعم في إطار محافظة البيضاء كمرحلة أولى بعد أن كانت الاغتيالات متبادلة فيما بينهما.
وهنا تخلت الدولة عن أبرز مهامها ومكنت الحوثيين من هدفهم بانتزاع سلطة الدولة الأمنية والعسكرية وشرعنة لجانهم الشعبية كبديل عن الأجهزة الأمنية.. ومن هنا ـ وبحسب مراقبين ـ منحت الحرب التي يخوضها الحوثيون اليوم ضد القبائل والإصلاحيين والقاعدة مباركة دستورية وأممية ما يبقي الوضع مرهونا بهذه التحديات ويبقي احتمالات الانفجار على أكثر من صعيد في اليمن باقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى