منطقة صومر في مديرية المقاطرة في تعز عزلة منسية فتك بأهلها الفقر والجهل والمرض

> استطلاع/ محمد العزعزي

> ما تزال زريقة الشام بالمقاطرة في محافظة لحج، محرومة من أبسط الخدمات الضرورية المرتبطة بحياة الانسان وأمنه واستقراره في شتى المجالات، ولا يمكن إنجاز التحول التنموي والرقي بالإنسان ما لم تقم الدولة بالتدخل لإيجاد تنمية شاملة في كل مناحي الحياة وتعويض هذه المناطق النائية جداً بالخدمات الضرورية والارتقاء بالإنسان وضمان إشعاع القرى والمناطق المهمشة بعوامل التنمية والرقي والاستقرار، فالمواطن هنا يشعر بالقهر والحرمان منذ خمسة قرون مضت، كما يشعرون بفقدان الأمل من السلطات القائمة على كل الصعد والمستويات لانعدام الصحة، والتعليم، والطرقات، وكافة البنى التحتية دون استثناء حيث ما تزال الحياة في هذه الناطق تعيش حياة القرون الوسطى.
حرمان طال جميع الخدمات، فكل شيء حرم منه الأهالي، وهو ما جعلهم يعانون من الفقر والجهل والمرض، وعن بعض من هذه المعاناة قال الطبيب بشير سعيد غانم منسق صندوق التنمية في زريقة الشام : “في هذه المطقة تنتشر الأمراض بين السكان بكثرة أبرزها مرض (الليشمانيا ) والذي تسبب في عدد من الوفيات وتحديدا الليشمانيا الحشوية التي تصيب الجهاز الهضمي وبالتحديد الطحال، وينتقل هذا المرض بواسطة الذبابة الرملية الأمر الذي أدى إلى وفاة طفلين مؤخراً”.
وأضاف قائلا : “كما توجد أمراض سوء التغذية والتي تنتشر في كل المناطق وهو ما يعرف باسم (السام والمام) ولهذا فالمنطقة تحتاج إلى فرق طبية لمكافحة الذباب الناقلة لكثير من الأمراض، وكذا توزيع الناموسيات المشبعة بالمبيدات، مع ضرورة رش المناطق الموبوءة”.
وأشار غانم في سياق حديثه إلى أنه قد تم في هذا الصدد التوجه إلى الصندوق الاجتماعي بإحصائية من واقع التقارير والكشوفات، والذي تصدر فيه تصدر مرض الليشمانيا والذي يُعد أهم الأمراض المنتشرة بين السكان إلى جانب أمراض القلب والكلى والأمراض الجلدية والتناسلية”.
**وحدات صحية لا دور لها**

من جهته أوضح الشيخ عدنان إسماعيل فارع الزريقي جانب من المشكلات التي يواجهها أهالي مناطق الزريقة بالقول: “الوحدات الصحية في مناطق الزريقة لا دور لها في الواقع العملي رغم أن في المنطقة أربع منها موزعة على مناطق: أقيان، والدريح، والجمرك، والغودرة، وكل ما تقوم به يقتصر تلقيح الأطفال فقط”.
وأضاف: “هذه القرى المسكونة بالوجع تحتاج إلى مستشفيات لمكافحة الأمراض بين السكان وتزويدها بالكوادر المؤهلة والأدوية والأجهزة الطبية، كونها مازالت محرومة من الرعاية الصحية، وأهاليها يضطرون إلى نقل مرضاهم إلى التربة بمحافظة تعز وهو ما يؤدي إلى وفاة كثير من المرضى قبل الوصول إلى المستشفى، بالإضافة إلى ما يخلفه ذلك من معاناة على أهل المريض”.
**ألوان من المعاناة**
وقال : “أعاني من مرض القلب والمعدة وضيق في التنفس ولا أستطيع الذهاب إلى عدن أو تعز للتداوي لضيق ذات اليد”، هذا ما بدأ به الحاج قائد محمد شمسان سرد معانته التي يعيشها يومياً في منطقة جراء انعدام الخدمات الصحية فيها.
وتمنى شمسان في سياق حديثه عن معاناته من السلطة المحلية وضع حلول لتردي الوضع الصحي في مديرية المقاطرة، وكذا عمل حلول العاجلة لتساقط الصخور على القرى والتي باتت تتساقط على القرى باستمرار لا سيما قرية الأجراف بعزلة صومر العليا والتي عرضت الأهالي إلى كثير من الأضرار في ظل غياب تام للدولة.
**بلا سكن**

بدورها قالت المواطنة سميرة مرشد أحمد: “أعول أربعة أطفال وتعرض منزلي هذا العام لجرف السيل والتدمير، وصرت بلا سكن، ولهذا أطالب الحكومة بتعويضي في بناء مسكن لأطفالي المشردين بعد أن أصبحنا بلا مأوى وبدون عائل”.
وأضافت بنبرة حزينة: “عبر صحيفتكم أنقل همي وغمي لمن في قلبه رحمة لمساعدتي وأطفالي”.
أما المواطن وضاح سيف محمد صالح فقال لـ«الأيام»: “إن ارتفاع السيل بلغ حداً كبيراً هذا العام على غير العادة وكاد يغرقني وعائلتي في منزلي لولا أن تم إنقاذنا”.
من جهته قال المواطن محمد سعيد فارع: “تعرضت أراضينا الزراعية هذا العام لعملية الجرف جراء السيول القوية على قرى (صومر) بالزريقة هذا العام مقتلعة معها الأشجار، بالإضافة إلى دفنها آبار الشرب، مع هدم بعض المنازل، كما أن هناك العديد من الأماكن في الأودية مازالت في مرمى السيول ومهددة بالانجراف، ولهذا نتمنى من الجهات المعنية بالقيام بإعانة الأهالي من خلال حماية أراضيهم وصيانة المدرجات الزراعية حتى لا تزيد معاناتهم بشكل لا يطيقون تحمله”.
**أضرار كبيرة**

المواطن معمر عبده الزريقي أوضح جانبا من معاناة الأهالي لاسيما الأضرار الناتجة عن تساقط الأمطار الغزيرة التي تساقطت هذا العام بالقول: “الأمطار الغزيرة هذا العام والسيول المتدفقة بقوة من أعالي الجبال على جميع الوديان أضرت بأراضي المواطنين، حيث شقت السيول طريقها هذا العام وسط الأراضي وهدمت المدرجات الزراعية، وهو ما أدى إلى جرف التربة والإضرار بحياة الناس”.
وناشد الزريقي السلطات والمنظمات ذات العلاقة بالوقوف إلى جانب المتضررين لإصلاح أراضيهم وحمايتها، ومحملاً مكتب الزراعة بالمديرية المسؤولية الكاملة في تجاهل معاناة المواطنين لإقامة مصدات من الصخور والخرسانة المسلحة وجدران ساندة في أعلى الأودية لتصريف السيول وحماية الأراضي المتضررة”.
كما ناشد الأهالي في المنطقة السلطة المحلية بالمديرية والمحافظة إلى ضرورة إرسال لجان ميدانية لحصر الأضرار ومعالجتها وتعويض المزارعين وحماية المواطنين ومنازلهم من خطر الجرف والانهيار للأرض والإنسان”.
**تزايد حالات الانتحار**

من جهته أوضح المواطن عدنان إسماعيل بأن المنطقة شهدت في السنوات الأخيرة ارتفاع كبير في حالات الانتحار، حيث بلغ عددهم إلى 30 حالة بينهم طفل وطفلة وهذه ظاهرة لم تكن موجودة من قبل ويبدو أن العامل الاقتصادي من أهم الأسباب لهذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا الريفي”.
**انعدام المدرسين**
الجانب التعليمي هو الآخر مشكلة باتت تؤرق الجميع في هذه المناطق وعن هذه المشكلة أوضح محمد طه أحمد فارع : “إن عدد سكان العزلة يزيد عن 18000 نسمة أغلبهم من الشباب، غير أن انعدام المدارس في قرى صومر والمونسة وغيرهما اضطر الأهالي في هذه القرى لمغادرتها إلى المدن والمناطق حتى لا يحرم أبناؤهم من التعليم.
وأوضح فارع: “يوجد في منطقة صومر العليا والسفلى أكثر من 600 طفل حرموا من حق التعليم، فالمدرسة اليتيمة تسمى الصديق بها معلم و أحد يقوم بتدريس الصفوف الأولى بمفرده، أما المدارس الأخرى تعاني من عجز كبير في عدد التربويين وانعدام الكتب الدراسية والوسائل التعليمية والمقاعد المدرسية”.
**تسرب الطلاب**
الطالب عزام طاهر سعيد قال لـ«الأيام»: “لقد هاجر مع أسرتي من القرية مع العديد من الأسر إلى تعز لانعدام التدريس الأساسي والثانوي وإن توفرت المدارس في بعض المناطق، فهي تعاني العجز في الكادر التربوي، وهو ما أدى إلى تسرب العديد من الطلبة وخصوصا الإناث المحرومات من حق التعليم وترتفع نسبة الأمية بين النساء ولا يوجد مدارس محو الأمية ومراكز تأهيل وتدريب المرأة، فالحياة هنا أشبه بالموت السريري، كما تنعدم مياه الشرب النظيفة والطرقات والكهرباء والضمان الاجتماعي ووسائل العيش الكريم التي تليق بإنسانية الإنسان”.
أما أروى عباس حسن إحدى الخريجات في المنطقة فطالبت عبر “الأيام” الحكومة بتوظيفها لاسيما وأنها قد درست لست سنوات في مدرسة الصديق دون مقابل، الأمر ذاته تطالب به بلقيس محمد فارع بذات المدرسة ولم يتم توظيفها حتى اليوم.
**خاتمة**
يعاني أهالي عزلة صومر بمديرية المقاطرة الإهمال المتعمد من قبل الجهات المعنية بالدولة، حيث تفتقر من أبسط الخدمات الاساسية والضرورية وهو ما انتج في اوساط أبنائها الفقر والجهل والمرض وقسوة الحياة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى