ســاحـة الـشــرف

> ياســر الأعســـم

>
ياســر الأعســـم
ياســر الأعســـم
نحترم كل شخص ومجلس ومكون جنوبي، وكل خيمة جنوبية، وكل حوار هادف، ودعوة صادقة، ومبادرة حضارية، وكل صورة جميلة، وابتسامة صافية على وجه جنوبي بسيط يحلم بالحرية، وكل سياسي يراهن على إرادة شعبه، وكل قلم شجاع، ورأي حر، وفكرة مختلفة، وكل كلمة شريفة، وصحيفة بيضاء رفعت رأية الجنوب، وكل (ناشر) لم ينحن، ودفع ثمن مواقفه، وكل شمعة تحترق من أجل الجنوب.
إن الاعتصام في ساحة العروض قرار شجاع في لحظة تاريخية ربما لا تتكرر، وقد كاد ترف القيادات أن يهملها، ويفسدها، فالاعتصام الذي لم يشر له بيان مليونية (14) أكتوبر الأخيرة حتى من باب التلميح، كان مصدره معاناة الحشود التي كانت تتطلع إلى جرعة (حسم) مصيرية، والتي رفضت أن تعود أدراجها تجر الخيبة، ولم تنتظر مناسبة أخرى حتى ينزل الوحي على زعاماتها!.. ولا نشك أيضا أنه أعاد القضية الجنوبية التي كادت مغامرات (الأحرار) و(الخونة) أن تهدر عدالتها إلى الساحات، المكان الذي ولدت من أحشاء معاناته، كما كسر الاعتصام المفتوح قاعدة نضال (المناسبات والفعاليات) الذي كان غاية بحد ذاته لكثير من المناضلين!.
ندرك أن الساحة ليست مفروشة بورود الوطنية أو معبدة بنوايا المناضلين الحسنة، ولا نستطيع أن نخفي شعورنا بالمرارة من المناورات (المريبة) التي تسعى إلى خلخلتها من داخلها، والمواقف (المبيتة)، ومحاولات عرقلة مساعي تنظيمها، ولكننا نعتقد أيضا بأنه ليس من الإنصاف أن ننظر إلى الجزء الصغير والمظلم من الصورة، ونغمض أجفاننا عن عظمة الصورة نفسها، ونبخس حق الشعب الذي يثبت في كل مرة أنه يستحق الرهان على إرادته!. لا بد أن يشعر كل فرد بالمسئولية، ويتعامل مع الساحة بإيجابية، وليس بسذاجة، ولا يتسرب إلى نفوسنا اليأس، فكل الأعمال العظيمة كانت بدايتها صعبة، وسر عظمتها أن أصحابها كانوا يؤمنون بغايتها النبيلة، فهانت في سبيلها المشقة والتضحية.
كثيرون يعتقدون أن الخطاب الإعلامي والسياسي للساحة لم يرتق إلى أهمية الحدث، وأن إدارة (المنصة)ـ إن كانت هناك إدارةـ لا تملك رؤية واضحة وثقافة جديدة تخاطب بها الآخرين، وبرامج مدروسة عن الخطوات القادمة، وفشلت حتى في ممارسة الدور التوعوي، وكثيرا ما أهدرت قيمة (المنبر) في الضجيج!. نتفق أن هذا هو الواقع، ونقر بأن (المنصة) ليست أكثر من مرآة عكست حالة الشتات والسبات التي تعيشها قياداتنا ونخبنا، ولكننا نعتقد أيضا أنه حان الوقت لكي ينظر كل منا داخله، ويسأل نفسه: هل بذل كل منا ما يستطيع من أجل حرية الجنوب أو حق شعبه في تقرير مصيره؟!.
لا أدعي النضال، ولكني مواطن بسيط من أبوين جنوبيين كادحين، ومن حقنا أن نوجه رسالة إلى بعض رموزنا وقادتنا وساستنا، ونقول لهم: عليكم أن تسعوا في دهاليز السياسة، وتطرقوا كل أبوابها، وإن وجدتم بين الجدران المكيفة وعلى الطاولات الفاخرة ما يحقق أحلام شعبكم، فثقوا حينها بأننا سنرفعكم على أعناقنا، ونعلق صوركم على صدورنا، ولكن حتى تهل بشائر ذلك النصر.. دعوا خيامنا ثابتة على الأرض، ولا تنثروا رمادكم في عيوننا، واتركونا في ساحة الشرف نتوسد الحلم، ونلتحف الأمل، ولا تستكثروا علينا أن نحيا برجولة، ونموت بشرف، وتكفينا مطابخ (صنعاء)!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى