صحيفة “الأيام”.. الآباء والبنون

> علي سالم اليزيدي

>
علي  سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
استحقت مسيرة الصحافة العدنية الكثير من التقدير على مر عدة مراحل وسنوات وهي منار مضيء لا ينطفئ إلى الآن في مسيرة العمل الصحفي والثقافي والاجتماعي في عدن التي نشرت ووزعت ثقافة الكلمة والحوار والمنتديات والسينما والكتاب إلى ما جاورها من المدن في الجنوب، المكلا وسيئون وأبين ولحج وحتى جيبوتي ومقديشو.
صحيفة «الأيام» واحدة من الصحف العدنية العربية التي أثرت في وجدان الناس ولعبت دورا كبيرا في نشر الوعي الصحفي والكلمة والنقد ورفع مستوى الكلام والكتابة والنقاشات في المقاهي والمنتديات والدكاكين العدنية أولا، ثم ارتبطت بحياة الناس من حيث المعاناة والخطاب الشعبي البسيط الذي بقي تراثا تنقله «الأيام» إلى اليوم بمختلف تفاصيله، حيث ترى «الأيام» في الدكان وفي التكسي وفي المقهى وبيد الفتاة وصاحب الروتي، هي «الأيام» التي سارت بتدرج ما بين الآباء والبنين، وسنتحدث عن هذا.
كان محمد علي باشراحيل العميد لـ«الأيام»، وهكذا أسماه أبناؤه وأصدقاؤه، وهو شخصية ارتبطت بكفاح أمة في عدن وما يدور فيها من نشاط كان فاعلا ومترابطا مع تاريخ الأمة العربية كلها في القاهرة وبيروت ودمشق والجزائر وحتى إرتيريا وأديس أبابا، حيث عمد باشراحيل الأب والمؤسس لصحيفة «الأيام» فيما بعد إلى إصدار “الرقيب” باللغتين العربية والإنجليزية و“الريكوردر” كمركز مهم في الصحافة إلى جانب الصحف العدنية الأخرى وصحف حضرموت وبعض المحافظات والصحف العربية التي تصل عدن.
كان التركيز على الصحافة العدنية من حيث الارتقاء والجدل الذي وصل درجة كبيرة من التقدم ما بين السياسيين ورفع المستوى الثقافي من حيث التبادل الثقافي الاجتماعي ما بين الناس.
ولهذا فإن ظهور محمد علي باشراحيل (رحمه الله) كمدرسة صحفية ومعلم للكلمة الناقدة والمتجهة نحو الناس قد جعل من هذا الرجل محورا أساسيا في تاريخ الصحافة العدنية والنشاط السياسي والاجتماعي العدني، وارتبط ذلك أيضا بالجنوب العربي كله فهو ذو ارتباطات وأصول حضرمية مع غيره من القادمين من الشحر والمكلا الأستاذ عبدالله باذيب وأحمد عوض باوزير وباخبيرة وباحميش وآل باعبيد وغيرهم.
كان الرجل فاعلا في عدة مجالات، وضع «الأيام» هناك ووضعته «الأيام» في هذا المكان، قوة الكلمة وقوة الرجل اجتمعتا في شخص واحد حيث كان النفع والمصلحة العامة هي الأبرز لنشاط الرجل، كان عضوا في المجلس التشريعي والبلدي وأمانة ميناء عدن والغرفة التجارية العدنية ومدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية ونادي الإصلاح العربي في التواهي، وهو الذي قال إن عدن هي الميناء وإن الميناء هو عدن، وإن أساس هذا هو كسب ثقة الملاحة العالمية، بما تقدمه من خدمات لا يتعرض لهزات ولا يسيئ لسمعة عدن في المجال الدولي.
كان هذا قبل أربعين عاما، وما الذي حدث، أساءوا إلى سمعة عدن ونهبوا عدن ودمروا ثقافة عدن وتحولت من عدن النبيلة إلى مشيخة عدن للقبيلة، وقال أيضا إن الإسلام ليس دين الاشتراكية، وهو أيضا ليس دين الرأسمالية، الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله عز وجل دينا للبشرية، فالمسلم يجب أن يكون مسلما مؤمنا بأن دينه دين رحمة وعدالة ومساواة من كافة الوجوه، هكذا كان عندما جاهد في زمن الآباء لـ«الأيام».
هشام باشراحيل وتمام باشراحيل مرا بزمن الآباء لـ«الأيام» وحملا الرسالة وواصلا الجهاد واصطدما بصنم القبيلة، وعندئذ اشتدت عليهما المعارك ولم يتوقفا للحظة ولم يلتفتا لما أراد الآخرون أن تسقط فيه «الأيام»، فقد تعرض الأستاذ هشام (رحمه الله) لما يكفي من التنكيل من السلطة الظالمة آنذاك ولسبب واحد هو صحيفة «الأيام»، ومع ذلك لم يتزلف ولم يمد يده ولم يطلب من أحد التوسط لدى السلطان، قبل المعركة وخاضها وسقط وهو فوق الفرس في الميدان (رحمه الله)، بل نقل النضال والصحافة ودورها وتأثيرها الكبير إلى الشارع وإلى الناس وكانت خطوة عظيمة لـ«الأيام» لن تنسى ولن تمحى من ذاكرة التاريخ، كانت من الفطنة والذكاء أن يمتلك الناس «الأيام» وتكون هي في محل الريادة لهم، تقود خطابهم السياسي إلى الإقليم والعالم منذ الحراك الجنوبي وما قبله من قضايا في حضرموت وعدن ولحج وشبوة.
كانت الحاضن لكل هذا النضال، ولازلنا نتذكر كيف بدأت تنقل بهدوء ورويدا رويدا عن جمعية المتقاعدين العسكريين الجنوبيين من أخبار صغيرة إلى متوسطة الحجم إلى العيار الثقيل الحراكي السلمي لتخرج من بطنها أي هذه الحركة وصحيفة «الأيام» معا في زمن الوصل ما بين الآباء والبنين، لتصبح صوتا مدويا يصرخ: هنا الجنوب، ليصبح بعدئذ الجنوب قضية وحوارا وحقوقا واستحقاقات ثم يصبح الآن في زمن الأبناء الجنوب على مشارف الاستقلال والاستحقاق والمصير الطبيعي له إن شاء الله.
الأبناء و«الأيام» الآن في ظاهرة عظيمة يتلقفها الوضع السياسي، انتقلت «الأيام» في زمن الأبناء ودورهم ورسالتهم التي تنقلت من الآباء إلى البنين، وتتمحور الآن في نقل قضايا الناس في عدن وحضرموت ولحج ويافع وبيحان، الآن «الأيام» في ساحات النضال والاعتصام، وهي التي تحكي قصة كفاح بدأ واستحق أن يعيش لا أن بتراجع للخلف، والرسالة النبيلة والمهمة الملقاة على الأبناء اليوم لصحيفة «الأيام» وعلاقتهم المتصلة والمستديمة بالناس هي إبقاء الفكرة حية والحق ثابتا.. والجنوب قادم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى