القوات العراقية استعادت جرف الصخر بكلفة باهظة من الدمار

> جرف الصخر «الأيام» وليام دنلوب

> تتصاعد اعمدة الدخان من منزل محترق في جرف الصخر جنوب بغداد، حيث تشهد الاسقف المدمرة والمنازل التي استحالت ركاما، على ضراوة المعارك التي خاضتها القوات العراقية لاستعادة المنطقة من تنظيم “الدولة الاسلامية”.
وتركت الحرائق لونا أسود يجتاح المنازل المتراصفة التي تفصل بينها طريق ترابية ضيقة. اما جانبي الطريق فتغزوهما الحفر، الناتجة عن انفجار عبوات ناسفة مزروعة من قبل “الدولة الاسلامية”، او عن قيام خبراء نزع الالغام في القوات العراقية بتفكيكها.
وقوبلت استعادة القوات العراقية السيطرة على هذه المنطقة الزراعية البالغة مساحتها قرابة 200 كلم مربع نهاية الشهر الماضي، بترحيب عارم من المسؤولين العراقيين، لا سيما رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي زارها بنفسه. وافردت قناة “العراقية” الرسمية اياما عدة من التغطية لهذه المنطقة التي بات يطلق عليها اسم “جرف النصر”، للدلالة على رمزية استعادتها.
الا ان المعارك تركت دمارا يحتاج الى اعوام لاعادة اعماره، ما يطرح اسئلة عن التحديات الهائلة التي سيواجهها العراق حتى بعد استعادة المناطق التي سيطر عليها تنظيم “الدولة الاسلامية” في يونيو.
ويقول كريم النوري، مستشار رئيس “منظمة بدر” هادي العامري، لوكالة فرانس برس في جرف الصخر “هذه منطقة تمثل موقعا مهما لداعش (الاسم الذي يعرف به التنظيم)”.
وشارك عناصر من “بدر” ومجموعات شيعية مسلحة اخرى في القتال الى جانب القوات العراقية لاستعادة جرف الصخر الواقعة على مقربة من الطريق بين بغداد ومدينة كربلاء المقدسة حيث مرقد الامام الحسين، ثالث الائمة المعصومين لدى الشيعة الاثني عشرية.
قوات موالية للجيش العراقي تتخذ مواقعها قرب بلدة جرف الصخر
قوات موالية للجيش العراقي تتخذ مواقعها قرب بلدة جرف الصخر

ويوضح النوري ان هذه المنطقة “كانت تشكل خطرا كبيرا وتهديدا حقيقيا”.
وفي حين تحد استعادة جرف الصخر من الخطر على بغداد وكربلاء اللتين كان تنظيم “الدولة الاسلامية” تعهد بالزحف نحوهما، تسببت العملية العسكرية بدمار كبير، واضطر السكان الى مغادرة منازلهم، وهي تكاليف تدفعها المناطق التي تعمل السلطات على استعادتها من يد التنظيم.
يضاف الى ذلك في جرف الصخر، وهي منطقة ذات غالبية سنية، امتعاض السكان من كون غالبية المجموعات التي تقاتل الى جانب القوات الحكومية، ذات غالبية شيعية، ما قد يزيد من حدة التوترات المذهبية.
ويقول ابو علي (45 عاما)، الذي نزح عن جرف الصخر برفقة والدته وزوجته وولديه، ان المنطقة تعرضت الى “قصف عشوائي”.
يضيف في اتصال مع فرانس برس “كانوا يضربون علينا بالطيران والهاون والمدفعية والصواريخ. هذا ما جعلنا نخرج”.
ويشير الى تعرض السيارات والمنازل للتفجير، مؤكدا “لم يبق اي شيء”.
ويمكن في جرف الصخر رؤية العشرات من اشجار النخيل المقطوعة وهي ممدة جنبا الى جنبا في الحقول على مقربة من الطريق، في حين تهيم قطعان من الماعز، وبعض الابقار والماشية بمفردها.
وبينما يمكن استخدام بعض الطرق التي تمر بمحاذاة المزارع واشجار النخيل، الا ان طرقا أخرى لا تزال مقطوعة بالكامل بسبب كمية العبوات التي زرعها تنظيم “الدولة الاسلامية”.
ويمكن على مقربة من احدى هذه الطرق رؤية ثلاث جثث متفحمة لمسلحين قرب عربة عسكرية مدرعة من نوع “هامفي” متضررة.
وفي حين انتشرت مجموعات من القوات الامنية في هذه المنطقة التي تمتد على اطراف محافظات بغداد وبابل والانبار، الا ان الجزء الاكبر من المسلحين ينتمون الى المجموعات الشيعية الموالية للحكومة.
ويمكن رؤية اسم “عصائب اهل الحق” مكتوبا بالرذاذ على ناقلة جند مدرعة اميركية الصنع من طراز “ام 113”، في حين رفع علم “كتائب حزب الله” على مدرعة أخرى، علما ان هذه المجموعة ادرجتها واشنطن على لائحة “المنظمات الارهابية”.. في بلدة جرف الصخر نفسها، تعرضت المحلات التجارية للدمار جراء المعارك، وتكسرت النوافذ الزجاجية، واخترق الرصاص الاسقف الحديدية.
وملأت الجدران والمباني وبعض المساجد، شعارات دينية شيعية.
وعمد جهاديو “الدولة الاسلامية” قبل الانسحاب، الى تفخيخ المنازل بكميات من العبوات الناسفة التي تعمل القوات العراقية على تفكيكها.. وتحول مبنى يعتقد انه كان مركزا للشرطة، الى كتلة من الركام. ولا يمكن تحديد على يد من تعرضت المباني او المنازل للدمار، اذ ان المعارك كانت ضارية واشتركت فيها اطراف عدة.
ويؤكد احد عناصر “كتائب حزب الله” انه “تم حرق اي منزل تابع لداعش”، في اشارة الى المنازل التي تم العثور فيها على اسلحة او معدات للتنظيم.
ويوجه بعض السكان الذين تركوا جرف الصخر، انتقادات الى دور المجموعات الشيعية المسلحة في المعارك، نظرا الى تحميل العديد من السنة في العراق هذه المجموعات، مسؤولية العنف الطائفي في الاعوام الماضية.
ويقول ابو احمد (55 عاما) “ماذا حرروا؟ هذه الميليشيات قصفتنا وهدمت بيوتنا، وحرقت زرعنا والبساتين كلها دمرتها”.
ا.ف.ب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى