خـلاف من أجـل التـكـتيـك أم الـتفـكـيك ؟

> أديب السيد

>
أديب السيد
أديب السيد
منذ الأزل والخلاف والاختلاف سنة كونية في هذا العالم وجد بأشكال وأنماط شتى وبدرجات متفاوتة، ومن حكمة الله أن جعل التدافع والخلاف بين الخير والشر في جولات وصولات ينتصر في نهايتها الخير، ولو لم ينتصر يكون هو المقصود في نضالات البشر الأسوياء.
وقد وهبنا العلي القدير عقولاً وقلوباً نفقه بها ونميز بين الخير والشر والحق والباطل والصح والخطأ، إلى جانب قدرة على التفاهم وتناسق والتقاء الأفكار وتكاملها لصنع مشاريع حياتية تخدم الإنسان والمجتمع، وتحافظ على طريق الحياة التي خيرنا فيها الله بين الشر والخير.
علينا أن نعي جيداً أن الحياة ومسالكها وتفاصيلها تحمل ثنائيات عديدة، ومشاريع متفاضلة ومتقابلة، فالحق والباطل والصدق والكذب والحزن والفرح، والحرب والسلم، والحرية والعبودية هي ثنائيات تشكل لوحة لو انعدمت إحداها لما وجدت الأخرى أصلاً، لكن البشر يفضلون إحداها دائماً، وقد يقعون في الأخرى، فيظلون يقاومونها حتى ينتصروا.
تلك الثنائيات أيضا لا يمكن لها أن توجد مجردة، بل تشكل ما بينها تفاصيل الحياة وشكلها، وسبيل الوصول إلى الهدف السامي والخيّر الذي تسعى له طبيعة أي إنسان، ما عدا الشواذ منهم، الممتلئة نفوسهم بالحقد والضلال.
وانطلاقا مما سبق فإن المشاهد الحياتية ومبادئها تسقط نفسها على كل التفاصيل وتوجهات أي إنسان أو مجتمع أو شعب.
وفي السياسة توجد تلك الثنائيات على شكل صراع محموم واستقطاب مستمر تحركها رغبات بشرية، إما بالاستبداد، أو بالحرية، لكن الأمر يبقى فيها موضع خلاف مستمر.
ومع تطورات الحياة، وتقدم الأفكار، ظهرت مصطلحات، تحاول تنظيم عملية الخلاف، أو على الأقل بلورتها في قوالب خاصة تصنع نوعا من التقارب، فكانت الديمقراطية أبرزها.
واحسبني أفهم الديمقراطية كما يفهمها غيري من كونها عملا تشاركيا في الأول والأخير يصب في مصلحة الجميع، بحيث يعمل الجميع، كل من جهته على تحقيق وإنجاز الأهداف الوطنية الأولى بدرجة رئيسية، ومن ثم الأدنى منها وما يليها.
وهذا ما يعني أن نختلف.. نتباين.. ننتقد، ولكن ليس من أجل ضرب المختلفين معنا في وجهات النظر، بل من أجل تحفيزهم على العمل أكثر وإصلاح وتجاوز الأخطاء والعوائق.
ومن هنا فإن للظروف الموضوعية التي عايشناها في وطننا الجنوبي تبريراتها في أن نقع في تلك الأزمات السياسية والميدانية الداخلية، أو بالأصح التباينات السياسية، لكن ما لا يبرره أحد هو انعدام التكتيك السياسي وعدم الالتقاء عند خطوط ومسارات واحدة “قواسم مشتركة”.
وبالملخص نقول.. إن ثمة محطات هامة في حياة الشعوب يتعين عليها مستقبل أجيال قادمة، وعادة ما تكون هذه المحطات إما هزائم وإما انتصارات، فلا قوي عاش للأبد قويا، ولا ضعيف عاش للأبد ضعيفا.
والشعوب الحية فقط هي من تستطيع تحديد مستقبلها بما تريد وما تقرر وما ينبغي أن يكون، وخاصة تلك التي تصحو بعد غفلة وتفيق بعد طول انتظار وصبر، وبئساً لمن يقف في وجه شعب طالما صبر على المحن وتجرع ويلات الألم والمعاناة!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى