نتغيّر .. لنغيّر

> محمد بالفخر

> من خلال زياراتي لساحة العروض في العاصمة عدن كان أكثر ما يؤلمني وأنا أشاهد أولئك الذين خرجوا من أجل التحرير والاستقلال وقد تركوا منازلهم وأهليهم وبنيهم ورابطوا بالساحات لأجل استعادة الوطن السليب، أن بعضهم للأسف لا يزال يحمل العديد من الثقافات والعادات التي أتتنا من نظام الاحتلال، وكأني وأنا أمر من جوارهم أمر في أحد شوارع صنعاء أو تعز أو غيرها من المدن اليمنية، تشعر بالضيق على ذلك الوقت الطويل المهدر في تناول النبتة الخبيثة (القات)، ثم تلك الأفواه الممتلئة بالقات تكاد تنفجر ملقية بكل ما تحتويه من بقايا القات. يستوي في ذلك عامة الناس والنخب السياسية والثقافية.
لا أستطيع البحث في أعماق التاريخ في هذه العجالة لنؤكد متى دخل القات أراضي بعض مناطق جنوبنا الحبيب ولا حتى منذ متى أصبح تسويقه في مدينة عدن متاحا للجميع، لكن ما أستطيع الحديث عنه أنه في منتصف سبعينيات القرن الماضي كان هناك قرار جريء ورائع اتخذ من قبل الرئيس الشهيد سالم ربيع علي (رحمه الله) بمنع تعاطي القات واقتصاره على يومي الخميس والجمعة في محافظة عدن، ففي الوقت الذي لقي هذا القرار ارتياحا شعبيا ونخبويا في كافة المحافظات وكان الارتياح أكبر وأكثر في حضرموت والمهرة التي حرّم دخوله إليهما نهائيا.
إذن فالقات ليس سلوكا قديما في الجنوب إذا ما استثنينا مديريتي الضالع ويافع ولا سواهما في ما أظن وحتى ما قبل وحدة 22 مايو 1990م لكنه بدأ يتسلل بعد الوحدة بشكل جنوني ومبالغ فيه حتى دخل كل بيت وأدمنه الناس كبيرهم وصغيرهم حتى النساء زاحمت الرجال في ذلك.
الآن وقد جعله البعض أمرا واقعا، فهل نتمنى أن يأتي يوم نتخلص فيه من هذه العادة التي لا يليق بنا أن نسمح لها أن تستهلك أموالنا وتضيّع أوقاتنا وتشوه الوجه الحضاري لنا.
أعرف جيدا أنه موضوع شائك وحساس وموضوع ربما قد يرى البعض أنه ليس من الأولوية بمكان كما أنني أعرف أيضا أني قد أغضب بعض من يقرأه لسبب واحد هو عدم الإدراك بأضرار القات الظاهرة والباطنة، وحتى وإن أدركها فهو يتغاضى عنها ويستدعي الكم الهائل من مفردات التبريرات الواهية.
لكنه النصح من محب لوطنه وأبناء وطنه يعلم جيدا أن تناول هذه النبتة ليس من صفات المجتمعات المتحضرة التي تبحث لها عن مكان في الأعالي بين الأمم.
كما أن إهدار الوقت والتشبث بثقافة دخيلة على مجتمعنا ليست من صفات الثوار ومن يحملون هم وطن، وعلى عواتقهم وضع الناس أمل التحرير، ويأمل منهم الجميع أن يقدموا الخير للبلاد، فالمنطق يقول لن نغير في الكون شيئا ما لم نتغير نحن أولا.
فماذا لو طبق منظرو استعادة الدولة على أنفسهم ليكونوا قدوة لغيرهم بنود ذلك القانون واقتصروا على التخزين يومي الخميس والجمعة فقط وفي مجالسهم الخاصة دون الظهور أمام العامة وصغار السن حتى لا يقتدوا بهم في هذا السلوك.
وفي الأخير هي عادات قابلة للتغيير وليست عبادات لا تتغير.
وخلاصة الأمر هذه مجرد وجهة نظر مع تقديري وحبي للجميع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى