التغيير المنشود

> أحمد ناصر حميدان

>
أحمد  حميدان
أحمد حميدان
عندما يستفيق العقل من غفوته ويوجه نحو الأمل والطموح العام، وعندما يضع أمامه مشروع وطن وأمة تشعر بجريان دم الحرية يسري في جسد الوطن شبه الميت من زمن لأنه مسلوب أو مصادر لدى فئة ضالة تحتكره لصالحها، هذه الحياة المتجددة تجعلك إنسانا تشعر بأهميتك فيها ولست مجرد أداة بأيديهم ولمنفعتهم، بل أمامك وطن وأمة ومستقبل مأمول.
هذه الانطلاقة يجب أن تستمر ولا تتوقف، لأن دوران العجلة لا يعود للخلف بل ينطلق للأمام، فهناك قوة ليست خفية ولكنها معلومة تدافع عن مصالحها وماضيها لتعيق حياتنا ومستقبلنا تعمل بكل جهد لتسحق القيم وتسطح المفاهيم وتُوظف الوطنية، ويتوارى العقل وراء النزوات والمصالح، وتغلب ثقافة “الأنا”، ويُسوّق المكر والخداع، ويُخلَط الباطل بالحق، ويسود الجهل، ويموت الوعي، وتُميَّع الإرادة، بل تموت.. وهنا تعيش الأمة مأساة الفرعنة، وقمعها واستخفافها، فتُصادر الحريات وتُستباح المقدسات، وتُنتَهك الأعراض، وتُسفك الدماء، وتُزهق الأرواح.. إنها لعنة الأصنام البشرية والزعامات المريضة.
اليوم لازلت أشاهد كابوس الماضي يحوم حولنا يبحث عن ثغرة هنا وثغرة هناك لينفذ منها يغذي نفسه المريضة بدماء ومعاناة الضحايا ومآسي الضعفاء، يلصق منجزات ما بعد خلعه بتاريخه المزور، يزج بنفسه في خضم التغييرات والإصلاحات لا لدعمها بل لإفراغها من أهدافها أو احتسابها لصالحه.. إنها اللعنة التي ستظل تطاردنا ما لم يستفق من تبقى من البشر مسلوبي الإرادة والعقل والحرية.
تصور أن السموم تبث داخل المجتمع وتشعر بمفعولها على الواقع ليس من شك بأنها تهدف لتمزيق وحدة الأمة التي تعتبر من أهم عوامل استمرارية وجودها وحيويتها وقوتها، وأن المحافظة على هذه الوحدة ومقاومة أفعال التدمير والتجزيء والتفتيت لهذه الوحدة من أولى واجبات القوى الوطنية والفكرية، ومن أولى واجبات كل فرد من خلال بث الوعي التفصيلي بهذه الاستهدافات التي تكمن في التشكيك بالقيادة بقدراتها ووطنيتها وقراراتها، إنها سموم يبثونها باستمرار ليبقى الوطن في فوضى عارمة لا يستقر له حال يزعزعون الثقة بين القيادة والقاعدة ويوسعون فجوة الخلاف، وأهم ما في ذلك استمرارهم بضرب القوى الوطنية صاحبة المشاريع الوطنية الصادقة، يشككون الجماهير بهذه المصداقية مستغلين ضعف الوعي الجماهيري العام حول المصالح العامة والهامة للوطن والأمة.
عقل الأمة هو وعي مصالحها الحقيقية وإرادة تحقيقها، ومصالح الأمة متعددة ومتنوعة ولا يمكن حصر هذا الوعي في شخص أو في فئة مهما كبرت.. يجب أن يتشارك جميع المواطنين في وعي هذه المصالح من خلال المناقشة والحوار والسجال الديمقراطي في مناخ حر، كما يجب أن يساهموا في إرادة تحقيق هذه المصالح التي ساهموا في بلورتها وتحديدها.. عقل الفرد يتأثر في الواقع الاجتماعي الذي ينشأ فيه وتؤثر فيه مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي قد تساهم في إضعاف قدراته وتعطيلها في مناخ الاستبداد، وتطلق طاقاته وإمكاناته في مناخ الحرية والشعور بالثقة والكرامة.. اغتيال العقل الفعلي هو الذي يصيب الأمة لا الأفراد، هو في قتل روح الأمة وإلغاء إرادتها، في تفتيتها وتسهيل خطط الأعداء للسيطرة عليها.
لهذا أمامنا مهمة محورية ومصيرية هي خلق وعي جماهيري عام بمصالح الأمة وترك المناكفات والمزايدات السياسية، يجب أن نركز كل جهودنا في خلق وعي بأهمية تنفيذ مخرجات الحوار وأسس وأعمدة بناء الدولة التي تلبي آمال وطموحات الجماهير.
علينا أن نترك الماضي ورموزه ونلتفت للحاضر والمستقبل، من يتشبث بالماضي ورموزه هم من يعيقون حاضرنا ومستقبلنا مهما كان خطابهم وكلامهم المعسول الممزوج بالسموم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى