مذكرات سيجارة

> نسيم محمد الصرحي

> أنا السيدة سيجارة، بودي أن أكتب لأحفادي ـ السجائر ـ عن مشوار حياتي مذ كنت مجرد عشبة صغيرة مهملة وغير مرتبة الشكل حتى صرت أفخر سيجارة في العالم بأكمله شرقه وغربه شماله وجنوبه في الكرة الأرضية ولربما في الفضاء قريبًا.
أحفادي السجائر.. جدتكم هي من عائلة عريقة نبيلة نسبها طويل لا ينتهي، أنا من عائلة روثمان، تعرفت على جدكم سيجار وكان من عائلة عريقة أيضًا عائلة كمران المشهورة.
وتعددت لقاءاتنا وتكررت حتى صرنا عائلة محترمة مرموقة كما تعرفوننا اليوم، وبعد هذه السنوات الطويلة بعد أن شعرنا ـ أنا وجدّكم ـ بضرورة أن تعرفوا تاريخ أجدادكم السجائر وواجبكم للمحافظة على هذا التاريخ والارتقاء به قررنا أن أكتب لكم هذه المذكرات.
أسميتها مذكرات لأني لم أكتبها لأحد من قبلكم، وشعرت ـ وأنا في نهاية تدخين أحد مدخني لي ـ بضرورة أن أكتب لكم شيئًا أو أترك لكم شيئًا تستطيعون أن تجعلوه سلاحًا أمامكم لمواجهة أعدائكم.
لا تشعرون مدى فرط سعادتي وأنا أتذكر أيام شبابي منذ أن كنت صغيرة وقبل أن ألتقي بزوجي (سيجار)، وقبل أن ننجب (كارلتون .. ومارلبورو .. ولندن .. وكريتر .. وفاين .. وريوس وغيرهم) من أبنائنا الذين أصبح لهم مستقبل مشرق بفضل الشهرة التي حققناها لهم أنا ووالدهم!!.
أحب أن أكتب لكم عن معاناتنا مع الحكومة والتي تدعي بأننا نزهق أرواح الناس في العالم، وتدعي ظلمًا وزورًا بأننا نحرق المال حرقًا، ونحرق رئات الناس، ولكن هل تعلمون بأن هذه الحروب التي خضناها مع الحكومة قد أثمرت وأينعت لصالحنا، إذ أنه لم يمضِ شهر أو شهران على أمر الإغلاق لمصانعنا الحبيبة عن الإنتاج حتى ثار من أحبونا في العالم كله، ودافع عنا الكثيرون.
وفعلاً تمخضت حروبنا مع الحكومة - التي تدعي حرصها على أرواح وصحة الناس - عن انتصارنا، فغزونا الأسواق العالمية والدول الفقيرة والغنية سواءً بسواء دونما تفريق بين فقير وغني وشرقي وغربي، أزلنا الحواجز، ألغينا الحدود، قفزنا عاليًا، لأننا نحب الرحمة والعدل للجميع، وننادي بهما، وأسعارنا وأسعار أحفادنا في متناول الجميع.. إذن نحن ننادي بالسواسية، ولا فضل لأحد على أحد، فالكل يملكنا، ونحن ـ بحمد الله ـ نملك الجميع.
ونصيب الحكومة في دعاياتنا المكثفة الناجحة صفحة مطلية بالأسود يكتب فيها بخط أبيض (تحذير حكومي: التدخين سبب رئيسي لأمراض الصدر والرئة والسرطان).
لا تخافوا يا أحفادي الأعزاء!، فهذا التحذير لا يجد آذانًا صاغية، ولا عقولاً واعية، لأن أقدامنا ثابتة، أقصد أقدامكم أنتم أعزائي الأحباء أجيال الألفية الجديدة.
أحب أن أذكركم بأحد زبائني الذي أكن له معروفًا لقد أحبني جدًا رغم أن حالته المادية لم تساعده، إلا أننا كنا نعرف بظروفه الحرجة فأوجدت مصانعنا أنواعًا تناسب دخله المحدود، وحلت المشكلة.. ألم أخبركم مسبقًا بأننا لا ندع أحدًا إلا وأدخلناه في عالمنا الجميل.
وهل تعرفون أنني كنت أشعر بالفخر والاعتزاز حينما كان هذا الزبون العزيز يدخننا أنا وجدكم سيجار، فهو يبذل كل شيء لديه، ويحرم نفسه حتى يحصل علينا ويدخننا.. آآآآه لو تعلمون كم أشعر بعيني تدمعان عندما أذكر مثل هذا الأمر !!.
فهنالك آلاف، بل ملايين الأشخاص في العالم يحبوننا بإخلاص.. لذلك من أجلي أنا وجدكم، من أجل بقاء سلالة عائلتنا المرموقة النبيلة حافظوا على أنفسكم، واقترنوا بسيجارات فاخرة.. واشكروا مصانعنا الدؤوبة للعمل من أجل إخراجنا للعالم بأسره بحلة جديدة.. واشكروا كل إصبع في العالم تمسك بنا.
نوجه كلمة شكر لكل من أخلص لنا في الدعاية والإعلان، وعمل من أجلنا.. كلمة شكر لكل سيجار/ سيجارة ينجح / تنجح في أن تخليصنا من رئة حمراء في العالم كله.
وأخيرًا.. نصيحة أوجهها إليكم أحفادي السجائر.. آمل منكم أن تحققوا ما حققناه أنا وجدكم وأسلافنا الأوائل من نجاح وتقدم في كسب أكبر مقدار من الناس حولنا.. والآن انطلقوا فالعالم رحِب، والرئات الحمراء مازالت كثيرة، والأعداء كثيرون.. وحربكم ستطوووول مع الأعداء.
التوقيع / جدتكم سيجارة (روثمان).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى