من (27 ديسمبر 2013م) وحتى (31 أغسطس 2014م) .. (1) «الأيام» تنشر وقائع الاعتداءات والانتهاكات العسكرية على مدن ومناطق (الضالع) والخسائر البشرية الناجمة عنها

> تقريـر/ جهاد محسن

> نفذت القوات العسكرية اليمنية مع مطلع العام الجاري، سلسلة عمليات واعتداءات على مدن ومناطق مختلفة من محافظة الضالع ـ جنوب اليمن ـ راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى من صفوف المدنيين، ولم تمارس السلطات الحكومية في صنعاء مسؤوليتها القانونية والأخلاقية باتخاذ خطوات جدية حاسمة لمنع تلك الهجمات ومساءلة القادة العسكريين المتسببين بأعمال القتل والتدمير الذي طال قرى ومناطق سكنية بأسرها.
منذ القصف المدفعي الأول والذي استهدف (مجلس العزاء) بمنطقة “سناح” نهاية ديسمبر عام 2013م، وراح ضحيته سقوط مدنيين، تصاعدت وتيرة العمليات العسكرية واشتدت ضراوتها في نطاق شمل استهداف قرى ومناطق سكنية عديدة ومقار حكومية ومستشفيات ومدارس، ومزارع وممتلكات خاصة، تمادت خلالها القوات العسكرية على ارتكاب المزيد من الأفعال الجنائية ضد المواطنين المدنيين خارج نطاق القضاء والقانون.
ضحايا الاعتداءات والانتهاكات العسكرية في الضالع
ضحايا الاعتداءات والانتهاكات العسكرية في الضالع

وقوبلت هذه الأفعال العسكرية بإدانات واسعة على الصعيدين المحلي والدولي, من بينها: “المفوضية العليا السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة” والتي عبرت بوضوح في 26 فبراير 2014م، عن صدمتها واستنكارها إزاء تعاقب واستمرار الهجمات العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية بحق مدن ومناطق الضالع، في الوقت الذي قابله صمت وتقاعس حكومي لم يشرع في فتح باب التحقيق بشأنها وإخضاع مرتكبيها للمساءلة الجنائية وعدالة القضاء.
شرارة المدفعية الأولى..
في سياق مسح شامل لمسرح الأحداث والوقائع الميدانية، والذي نفذته “منظمة حق للدفاع عن الحقوق والحريات” بالتنسيق مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان في (جنيف)، وكشف وفقاً لتسلسل الأحداث في نطاقها الزمني، عن حجم ومستوى العمليات العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة في محافظة الضالع، منذ قيامها بقصف (مجلس العزاء) في 27 ديسمبر 2013م، واستمرت باعتداءاتها حتى شهر أغسطس 2014م، إلى جانب حجم الخسائر البشرية والمناطق السكنية المستهدفة.
**قصف (مجلس العزاء)**
لحظة وقوع المجزرة ‫
لحظة وقوع المجزرة ‫

بحسب نتائج الرصد الاستقصائي المقدم للمفوضية السامية الدولية، والمقترن بالصور والاستبيانات والشهادات المفصلة، حول الجريمة التي نفذتها قوات اللواء 33 مدرع بمحافظة الضالع، بحق زوار (مخيم العزاء) في منطقة سناح، وكشف فيه: “إنه وفي تاريخ 27 ديسمبر 2013م، أقدمت الدبابات التابعة لوحدات اللواء 33 مدرع، ودون أدنى سبب أو ذريعة قانونية بإطلاق القذائف الحية صوب مدرسة الوحدة موقع (مخيم العزاء) والذي كان وقتها يتواجد فيه نحو 200 مواطناً مدنياً، و30 طفلاً كانوا حاضرين بمعية ذويهم لتقديم العزاء بوفاة أحد أبناء المنطقة.
الطفل منتظر مع المسعف وضاح
الطفل منتظر مع المسعف وضاح

وقدم الرصد شرحا ميدانيا تفصيليا عن عملية القصف، مشيراُ إلى أن المخيم تم استهدافه بثلاث قذائف أطلقتها (دبابتين) من اتجاهين مختلفين، الأولى من ناحية مبنى المحافظة “المجمع الحكومي” الذي يبعد عن موقع المخيم بــ3 كيلو و500 متر، من جهة الشرق، والأخرى من مبنى “إدارة المياه” الذي يبعد عن المخيم بنحو 1800 متر، جهة الشرق، أعقبه تقدم مدرعات ومصفحات اللواء 33 مدرع المتمركزة في محيط مبنى “إدارة المياه”، وباشرت على الفور بإطلاق الذخائر الحية باتجاه “المخيم” ومطاردة المواطنين الناجين في الطرقات العامة، والقيام باستهداف المركز الطبي بالمدينة.
**إحصائية ضحايا (المجزرة)**

بلغت حصيلة قتلى (مخيم العزاء) الذين تم رصدهم ثبوتياً، 13 شخصاً قتلوا مباشرة، وشخص توفي في اليوم الثاني متأثرا بجراحه، بالإضافة إلى 23 جريحاً تم حصرهم في استبيانات الرصد، بينهم 6 أطفال إصاباتهم بليغة، و9 حالات متوسطة، و8 طفيفة، والجدول يشير إلى أسماء (القتلى والجرحى) بحسب ما تضمنته استبيانات الرصد الثبوتي.
**الإضرار بمنازل المواطنين**
جثامين مجزرة مخيم العزاء في ثلاجة متواضعة في منطقة سناح الضالع
جثامين مجزرة مخيم العزاء في ثلاجة متواضعة في منطقة سناح الضالع

لم يتوقف قصف قوات اللواء 33 مدرع لـ“مخيم العزاء” عند حدود ارتكاب المجزرة الدموية بحق المتواجدين فيه، بل قامت بتوسيع دائرة القصف والعدوان على محيط أوسع من ساحة المخيم المستهدف، وذلك حين عمد جنود اللواء بملاحقة جموع المسعفين ومنعهم من إسعاف المصابين ونقلهم إلى “المركز الطبي الحديث” القريب من مكان وقوع (المجزرة).
وقامت الدبابات والمدرعات بإطلاق عدد من القذائف والرصاصات صوب محيط “المركز الطبي” وما جاوره من منازل سكنية تعرض بعضها للضرر نتيجة سقوط عليها عدد من القذائف التي أطلقتها القوات العسكرية المتمركزة بجوار مبنى “إدارة المياه” ومن على مسافة بُعد 1600 متر شرق “المركز الطبي”، لاسيما المنازل المتواجدة بالقرب من مدرسة الوحدة (مخيم العزاء) والمركز الطبي، ما أجبر المئات من العائلات على ترك منازلهم والهروب من ضراوة القصف.

وبحسب نتائج المسح الميداني فإن من بين المواطنين الذين سقطت قذائف الدبابات على منازلهم في منطقة سناح، منزل المواطن علي قائد أحمد الشعيبي، الواقع على بعد 15 متر من المركز الطبي، والذي تعرض لأضرار واسعة بــ6 قذائف كان مصدرها دبابتين ومصفحتين، بالإضافة إلى تضرر منزل الموطن نبيل مثنى محمد، والواقع على مسافة 100 متر غرب مدرسة الوحدة (مخيم العزاء)، بإحدى قذائف الدبابات التي دمرت واجهة المنزل بالكامل.

وتصل أعداد منازل منطقة “سناح” إلى ما يقارب 1200 منزل، كما يقع ضمن نطاق المركز الرئيسي للمنطقة مراكز و محلات تجارية مختلفة بما فيها “المركز الطبي الحديث” و “مدرسة الوحدة” التي شهدت المجزرة الدموية، وجميع هذه المراكز والمحلات تشكل وحدة متشابكة تقوم بتلبية احتياجات كل القرى الواقعة ضمن الوحدة الإدارية لمنطقة سناح، والتي توقفت فيها الحياة كلياً بعد أن أصبحت هدفاً للعمليات العسكرية المتعاقبة.
**الخلفية القانونية الدولية**

تعد جريمة قصف (مجلس العزاء) من قبل قوات نظامية رسمية، بمقتضى (القانون الدولي) من الجرائم الجنائية الجسيمة التي تتطلب من السلطات المحلية والأطر الدولية إجراء تحقيقات فورية وواسعة بشأنها، وإخضاع مرتكبيها مهما كانت مواقعهم ورتبهم العسكرية وصفاتهم الضبطية، للمساءلة القانونية والقضائية، ومحاكمتهم سواء عبر القضاء المحلي أو الدولي، في سبيل ضمان عدم تكرار حدوثها مستقبلاً، لكونها تمثل انتهاك صارخ لكل القيم والأدبيات المتعلقة بحقوق الإنسان وأمنه، والوارد ذكرها في المواثيق والاتفاقيات المبرمة بين الأنظمة والحكومات الرسمية، والهيئات الدولية.
**تقريـر/ جهاد محسن**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى