العسل اليمني.. ثروة قيمة لم تحظ باهتمام الدولة

> تقرير/ إياد الوسماني

> يشكل العسل ثروة يمنية كبيرة، وأصبحت اليمن من أغنى دول العالم في العسل البلدي، فقد اهتم اليمنيون بتربية النحل وإنتاج العسل منذ القدم، وقد وصفت اليمن قبل ثلاثة آلاف عام بأنها موطن الطيوب والعسل. ويحظى العسل اليمني بشهرة واسعة في الداخل والخارج، ويعده الكثيرون دواء ومقوياً ومنشطاً حيوياً ومغذياً مما جعل سوقه يتوسع يوماً بعد يوم، وقد وصلت شهرته للآفاق في كل أقطار الدنيا.
وللعسل اليمني أنواع كثيرة ومتنوعة، ولكل نوع خصائص ومنافع متنوعة تبعا لمكوناته ومناطق تربية النحل والأشجار التي تتغذى عليها.
ومن خلال دراسة للمنظمة العربية للتنمية الزراعية عام 1985م، واستناداً إلى معطيات منظمة الأغذية والزراعة الدولية “الفاو” فإن متوسط سعر تصدير الكيلو جرام من العسل الطبيعي على نطاق التجارة الدولية العام 1983م يعادل (1.03) دولارات في حين أن متوسط سعر كيلو جرام واحد من العسل اليمني، وخاصة عسل السدر صدر بواقع (98.39) دولار، كما أوضح استبيان للمنظمة العربية للتنمية الزراعية أن سعر العسل اليمني يصل إلى مائة دولار للكيلو جرام، بل إن بعض الأنواع النادرة منه كعسل الصال والعسل الجبلي السقطري يصل سعر الكيلو الواحد إلى (150) دولاراً.
**جودة العسل اليمني**
إن للعسل اليمني نكهة خاصة عند المزارعين المهتمين بالعسل، إضافة إلى نوعيته الممتازة، مقارنة بأنواع العسل الخاصة بالدول الأخرى، فالعسل اليمني لا مثيل لنقائه، وذلك لتنوع تضاريس اليمن ومناخه، مما يؤثر بدوره على تعدد أنواع النحل والتي تصل إلى أكثر من مليون ومائتي نوع، فضلاً عن عدد النحالين الذي يصل إلى أكثر من 2000 نحال، والعديد من مدن اليمن تنتج أصنافاً مختلفة من العسل.
ولكن للأسف لم يجد العسل اليمني أي اهتمام أو رعاية لازم من الجهات الحكومية والرسمية للحفاظ على هذه الثروة التي يشكل علاجاً للإنسان وهوية لليمنيين، وجمال للطبيعة.
ولهذا فهي مادة عجيبة المذاق، جميلة اللون، شذي الرائحة، تجمع بين خاصية الطعام وخاصية الشراب، وتستعصي على التقليد، وماتزال حلاوتها مضرب المثل، ويعتبر العسل اليمني من أشهر وأفخر أنواع العسل في العالم، نظراً إلى اختلاف التضاريس في اليمن وتنوع المناخ والتربة، وتعدد مواسم التزهير على مدار العام.
قال الله تعالى: “وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون * ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس” لا تدل هذه الآية الكريمة إلا على أهمية النحل ذلك المخلوق الصغير، وما أودع الله في هذه الحشرة من المعجزات التي عجز الإنسان على تفسيرها، فحياة النحل وسلوكها يدل على عظمة الخالق عز وجل الذي أعطاها كل تلك الخصائص وميزها على سواها من المخلوقات، وحياتها القائمة على التنظيم المحكم، وفي ذلك إشارة إلى ضرورة الاستمرار في تناول العسل وأن يكون ذلك متصلاً وليس منقطعاً، وهذا يفيد أن العسل إذا استعمل بهذه الصورة( ثلاث مرات كل شهر) فإنه يكسب الجسم القدرة على مقاومة الأمراض، كما يكسبه أيضاً المناعة.
**مكونات العسل**

ويتكون العسل - حسب الدراسات التي أجريت له - من الماء والفيتامينات، والأملاح المعدنية، إضافة إلى عدد من الخمائر التي تنشط تفاعلات الاستقلال في الجسم والتمثيل الغذائي له، و تحول السكر العادي إلى سكاكر أحادية (جلوكوز وفراكتوز) لتمكين الجسم من امتصاصها، إلى جانب قليلة من البروتينات والأحماض المعدنية، وجميعها مكونات جعلت العسل غذاء مثالياً للإنسان، له القدرة على الشفاء من كثير من الأمراض، وقد أجري أول تحليل لعينة من عسل السدر اليمني الذي تشتهر به مديرية (دوعن) بحضرموت قام به المعهد الملكي البريطاني عام 1937م، حيث خلصت النتائج إلى أن العسل الدوعني صنف من أصناف العسل ذي اللون الذهبي والحلاوة الشديدة، مميز الطعم والرائحة، ويحتوي على نسبة عالية جداً من السكر الثنائي (السكروز).
وفي دراسة أخرى أشارت إلى أن رطوبة عسل السدر اليمني تبلغ حوالي 16 % وهي نسبة مثالية تمنع حدوث التخمر فيه.
**أسباب الجودة**
إن سر الجودة للعسل اليمني وتميزه عن باقي العسل في العالم تكمن في ما وهبه الله عز وجل للأرض اليمنية من اختلاف في التضاريس كالجبال الشاهقة والوديان الممتدة والهضاب الواسعة والسواحل الطويلة، وتركيبة التربة والظروف الجوية المحيطة بمراعى النحل، والتي شكلت بمجموعها مناخاً فريداً أدى إلى وفرة الغطاء النباتي على مدار السنة، واختلاف مواسم التزهير والتنوع في أصناف العسل اليمني الذي يتميز عن غيره من أنواع العسل، حيث إن النحلة هي التي تبني خلايا العسل بنفسها دون تدخل الإنسان في صنعها، كما هو الحال في الدول الأخرى، إلى جانب احتفاظه بخواصه الطبيعية من حبوب اللقاح وغذاء ملكات النحل، وكذا مراعي النحل المنتشرة في الوديان والجبال والسهول والقيعان.
كل تلك العوامل جعلت العسل اليمني ذا قيمة علاجية وغذائية فائقة، وأعطته مذاقاً لذيذا ونكهة طيبة وألوانا متعددة.
**أهم أنواع العسل اليمني**
إن من أهم أنواع العسل اليمني ومناطق إنتاجه هو عسل السدر: يعتبر هذا النوع من العسل من أهم أنواع العسل اليمني، حيث يحتل الأولوية من حيث الشهرة والجودة العالمية، ويتميز هذا النوع من العسل بمذاقه اللذيذ، ونكهته الطيبة، ولزوجته العالية، ويعرف شجر السدر في اليمن بشجر (العلب)، حيث يستخرجه النحل من زهور أشجار السدر وتزهر أشجار السدر في موسمين، الموسم الرئيس في شهر أكتوبر من السنة، وعسل السدر في هذه الفترة خالصاً لايختلط به أي نوع من الأزهار مع توفر الظروف الملائمة المتمثلة في الطقس الصحو والهواء الجاف الخالي من الرطوبة، حيث إن عسل السدر في هذه الفترة يمثل أجود أنواع العسل على الإطلاق بقيمته الغذائية والعلاجية، وأسعاره عادةً ما تكون مرتفعة، أما الموسم الثاني لعسل السدر فيبدأ في شهر يوليو من كل عام، ويقع في المرتبة الثانية وجودته أقل من عسل سدر الدرجة الأولى، وذلك لأنه يأتي مختلطاً بزهور أشجار أخرى متعددة، لكنه لا يقل فائدةً عن عسل السدر السابق.
**علاج لعدد من الأمراض**
يستخدم عسل السدر في علاج عدد من الأمراض أهمها القرحة، والربو، وعلاج أمراض الكبد، وأمراض البرد، وفقر الدم، والملاريا، والتيفود، والسكر، والالتهابات، والسرطان والضعف الجنسي.
ويأتي في المرتبة الثانية من حيث الجودة عسل السمر والذي يُعرف في اليمن بـ(الطلح)، حيث تزهر أشجاره في شهر أبريل من كل عام، وهي أشجار شوكية تنتشر بشكل كبير في حضرموت، وشبوة ومحافظات صنعاء، وإب والمحويت، ويأتي في المرتبة الثانية بعد عسل السدر، يمتاز بمذاقه الحار ولزوجته المتوسطة ولونه الأحمر المائل إلى السواد، وهذا النوع من العسل يستخدم في علاج أمراض فيروسات الكبد، والصفار، وأمراض البرد، وفقر الدم، والملاريا، والتيفود، والحموضة والقرح المعدية، والتهابات الجهاز التنفسي.
ثم يأتي عسل السلم ويعرف هذا النوع بعسل الشوكة، خفيف الكثافة يميل بلونه إلى الحمرة يستخرجه النحل من أزهار أشجار السلم التي تتواجد في منطقة تهامة على سواحل البحر الأحمر ويؤتى به من جبال محافظة المحويت المشهورة بتنوع غطائها النباتي، وهي أشجار شبه صحراوية تزهر في شهر مارس من كل عام.
ويستخدم هذا النوع من العسل لعلاج أمراض الكبد واليرقان، والضعف العام، كما يستخدم لعلاج مرضى السكر كبديل لتحلية الكثير من الأغذية دون أن يكون له أي تأثيرات جانبية على ارتفاع السكر في الدم، لذا فإنه الغذاء المفضل والمأمون لمرضى السكر.
ومن أنواع العسل اليمني المعروفة أيضاً عسل الصال هو أحد أنواع العسل اليمني ويستخرجه النحل من أزهار أشجار الأثل ومعروف بطعمه اللاذع الذي يترك حرقة في الحلق تبقى بعد تناوله لساعات، وهذا النوع من العسل يعالج الوهن، والضعف الجنسي شريطة أن يتناوله المريض لمدة شهرين متتاليين بكميات خفيفة في الصباح والمساء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى