احذروا الوهم السياسي

> سليمان حنش

>
سليمان حنش
سليمان حنش
دماء شباب ثورة الجنوب السلمية التي سفكت بمدينة المعلا عصر الأحد الماضي تجعل المتابع لما حدث يقف حائرا، ويضع أكثر من علامة استفهام لعله يجد إجابة شافية تفيده لمعرفة الجهة التي استرخصت تلك الدماء الطاهرة وعملت من خلال الكلمة وشعارات التحريض على دفع الشباب للتجاوب معهم، وترك فعالية مليونية الاستقلال الـ30 من نوفمبر بساحة الاعتصام المفتوح في مدينة خورمكسر، والتوجه بمسيرة إلى مبنى السلطة المحلية دون معرفتهم بالهدف المؤمل تحقيقه لمصلحة القضية الجنوبية من وراء تلك المسيرة.
إن ما حدث نقطة سوداء شوهت النجاح الذي حققته مليونية الاستقلال 30 نوفمبر، ونقلتها من جو الفرح ليخيم الحزن والوجوم على وجوه كل الذين يحتشدون بالساحة، بسبب أولئك المنزعجين من سلمية الثورة الذين لم يتوقفوا لحظة عن الدفع بالأمور إلى العنف، وإشغال الجميع عن قضيتهم الأساسية، وإبعادهم عن تحقيق أهدافها الأساسية، والعودة إلى ذلك الماضي الكئيب القائم على الخلاف والتمزق والانقسام.
وللتذكير فإن ما حدث عصر الأحد الماضي لم يأت مصادفة فقد سبقته حالة مماثلة وقعت في الأيام الأولى للاعتصام المفتوح في خورمكسر، وذلك عندما أقدم البعض ممن لا يعجبهم أن تواصل الثورة مسيرتها سلميا على تحريض مجموعة من الشباب لترك الساحة والتحرك نحو معسكر بدر، وكان المشهد مؤلما للجميع، ولولا لطف الله وحكمة العقلاء الذين سارعوا لاحتواء الموقف وتهدئته لكادت تلك الواقعة أن تحرق ساحة الاعتصام بمن فيها، والسبب طيش وعبث تلك القلة الواهمة التي ترى أن انتصار القضية الجنوبية لن يتحقق سلميا وإنما بتقديم الكثير من الضحايا الأبرياء.
بقي أن أشير إلى أمر آخر يندرج ضمن العوامل المعرقلة للمسار السلمي لثورة الجنوب، وهو عامل الوهم السياسي الذي يلجأ إليه بعض الساسة سواء بقصد أو بغير قصد، وذلك من خلال الإفصاح عن موعد محدد للوصول إلى هدف أو مطلب معين يتطلع الناس لتحقيقه، لكن عندما يحين ذلك الموعد نكتشف أنه كان مجرد وهم أو حلم من أحلام اليقظة، وكثير ما تسبب الوهم السياسي بحدوث ردود فعل ونتائج عكسية على أي ثورة، ومنها ابتعاد الحاضنة الشعبية عن دعم ومؤازرة الثورة وضعف ثقتها بالقيادات، وهنا تبرز وتنتشر وسط تلك الثورة تهم الفشل والخيانة وبيع القضية والارتهان للخارج... إلخ، لكن أخطر تلك النتائج انقسام تلك الثورة إلى مكونات صغيرة، وتحول بعضها إلى العنف على اعتقاد أنها بهذه الوسيلة ستتمكن من الوصول إلى ما عجزت عن تحقيقه تلك القيادة.
وإذا ما أسقطنا كل ما تقدم على الوضع الذي تعيشه ثورة الجنوب السلمية سنجد أن هناك أفعالا تظهر بين وقت وآخر، وتهدف إلى عرقلة الثورة عن تحقيق أهدافها بصورة سلمية، وجرها نحو طريق العشوائية والوهم السياسي المؤدي لخلط الأوراق ونشر العنف، وهو ما يستوجب من جميع قادة ونشطاء مكونات وقوى الحراك السلمي العمل على التنبه له وإلجامه، وذلك لن يتم إلا بالعمل الجاد والمخلص وبذل الجهود المشتركة للتحرك بجد نحو وحدة الصف وإيجاد قيادة موحدة، وهذا هو المطلب الأساسي والأهم الذي يتطلع أبناء الجنوب لرؤيته على الواقع، والذي دون شك سيفتح الطريق للانطلاق إلى تحقيق كامل أهداف ثورة الجنوب السلمية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى