في ذكرى يوم الاستقلال

> د. محمد حيدرة مسدوس

>
د. محمد حيدرة مسدوس
د. محمد حيدرة مسدوس
إن ذكرى يوم 30 نوفمبر 1967م هي ذكرى العزة والكرامة التي داستها حرب 1994م، ولكنها ستعاد إن شاء الله بخبرة القدامى وطاقة الشباب.. وفي تقديري بأن خارطة الطريق لتحقيق ذلك هي في النقاط التي طلبها مني شباب ساحة الاعتصامات بخورمكسر قبل فترة، ويسرني نشرها هنا عبر وسائل الإعلام المختلفة لتعميمها على بقية ساحات الاعتصامات في بقية محافظات الجنوب، وهي:
*أولاً: إدراك الفارق بين قضيتنا السابقة مع الإنجليز وقضيتنا اليوم مع حكام صنعاء، حيث إن قضيتنا اليوم مع حكام صنعاء هي غير قضيتنا السابقة مع الانجليز، فقد دخل الانجليز الى بلادنا بدون رضانا، بينما دخل حكام صنعاء برضانا، كما ان الانجليز كانوا معترفين بانهم اجانب وأنهم دولة احتلال ومعترفون بأن الجنوب ملك لأهله وأنهم سيخرجون منه في آخر المطاف، بينما حكام صنعاء لا يعترفون بذلك، بل ويقولون ان اليمن واحد وأنه ملك لكل اليمنيين، وهذا هو الفارق بين قضيتنا السابقة مع الانجليز وقضيتنا اليوم مع حكام صنعاء.
*ثانياً: ان هذا الفارق بين القضيتين يظهر لنا بان دخول الانجليز لم يملك شرعية وأن خروجهم لم يشترط الاجماع لقوى ثورة 14 اكتوبر 1963م، أمّا دخول حكام صنعاء، فبحكم انه كان شرعيا لولا حرب 1994م، فان خروجهم يشترط الاجماع لقوى الحراك الوطني السلمي الجنوبي، لان هذا الدخول قد يبقى اذا ما وجد غطاء جنوبي كاف له، وهذا يعني أن حل القضية مع حكام صنعاء يشترط الاجماع، وهذا الإجماع الذي نقصده ليس شرطا بأن يكون كليا وإنما شرط بأن يكون اجماع الأغلبية على الاقل، وهو ما ظللنا نعمل من أجله في الداخل والخارج منذ أن بدأت التباينات بين رموز الحراك عام 2007م، فبعد أن وجدنا صعوبة في توحيد الداخل ذهبنا الى الخارج ووجدنا نفس الصعوبة هناك، ثم عدنا الى الداخل وأقمنا حوارا بين المكونات الحراكية في عدن ولم نوفق، وبعد فترة من الزمن أعدنا المحاولة من جديد واقمنا حوارا بين مكونات الحراك في عدن قبيل مؤتمر ما يسمى بالحوار الوطني الشامل في صنعاء دام ستة أشهر، وتم التوقيع على اسس التوافق من قبل كل المكونات باستثناء مكونين، أحدهما ذهب الى حوار صنعاء والآخر طلب التأجيل، ومع ظهور اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع تم تعليق هذا العمل لمنحهم فرصة النجاح وتفاعلنا معهم في عدن وساعدناهم لمدة عام تقريبا، وقلنا لهم إن كل عمل له وحدة قياس كمرجعية لمعرفة الخطأ من الصواب.
فمثلا لا يستطيع الانسان معرفة المسافة الا بوحدة قياس، ولا يستطيع معرفة الزمن إلا بوحدة قياس... الخ، والعمل السياسي له وحدة قياس، وقلنا لهم ان وحدة القياس لعملهم هي كلمة (الجامع)، لأن الخروج عنها يجعل المؤتمر غير جامع ويصبح تمزيقا جديدا مثله مثل من سبقوه، وقد وضعنا لهم أسس الاجماع، وخارطة الطريق لعقد المؤتمر، وآليّة قيامه، وعندما رأينا بوادر تعطيله من قبل البعض وفتور أصحابه ذاتهم قلنا مرة ثانية وداعا لكل هذه المكونات التي مزقت الحراك.
*ثالثاً: علينا جميعا ألا ننسى أن كل الاطراف السياسية الجنوبية قد أيدت اعلان الوحدة ولم يعترض على إعلانها اي طرف جنوبي، وأنه لولا حرب 1994م التي الغت شرعية اتفاقيات الوحدة ودستورها واسقطت شرعية اعلانها وكذلك اعلان فك الارتباط، لما كان لدينا الحق السياسي والقانوني في النضال من اجل استعادة هوية بلادنا، وبالتالي فإن الخروج عن هذا الحق قد يسقط شرعية مطالبنا.
صحيح إن صنعاء الآن تعيش حالة اللا دولة وأن هناك أطرافا خارجية قد تساعدنا على السير خارج هذا الحق لاستعادة دولة بلادنا، ولكنه سير بدون بنية تحتية لهذه الدولة، أي بدون جيش يحافظ على وحدة البلاد وبدون أمن يحافظ على أمن البلاد وبدون ادارة وعملة نقدية وغيرها، وهو لذلك سير نحو الصوملة بكل تأكيد، وبالتالي فإن من هو صادق معنا من القوى الخارجية عليه ان يتبنى عودة المؤسسات الجنوبية التي تم حلها بعد حرب 1994م وبالذات المؤسسات العسكرية والامنية كمؤسسات بدماء شابة جديدة وليس عودتها كأفراد، لأن أكثرهم قد شاخوا وأصبحوا عجزة وغير صالحين للعمل العسكري والأمني وبعضهم قد ماتوا.
*رابعاً: إن ابجدية قيام اي دولة تبدأ بالجيش والامن والإدارة والعملة النقدية كبنية تحتية لقيامها، لأنه بدون ذلك يستحيل قيام الدولة، ونحن قد تم حل البنية التحتية لدولتنا بعد حرب 1994م، فقد تم حل جيش الجنوب وأمن الجنوب وكافة المؤسسات المدنية والإدارية والمالية الجنوبية بعد الحرب، وبالتالي فإنه يجب أن تكون أولوية عملنا وقبل اي شيء اخر هي استعادة الجيش والأمن وكافة المؤسسات المدنية والإدارية التي تم حلها بعد الحرب، كما أنه لابد من رفع شعار يقوي حجتنا امام حكام صنعاء وأمام العالم، ويكرس شرعية الدولة التي نطالب باستعادتها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل شعار قابل للطعن الا شعار استعادة الدولة، لأنه مكتمل الشرعية السياسية والقانونية بكل تأكيد.
*خامساً: إنه إذا ما كانت هناك رغبة في الاجماع كما نسمع، وإذا ما سلّم الجميع بأننا فاقدون لوطن كمسلّمة أولى وأنه يستحيل استعادته إلا بالإجماع كمسلّمة ثانية وأنه لذلك ليست هناك فائدة من أي عمل خارج الاجماع كمسلّمة ثالثة فإن ابجدية هذا الاجماع تبدأ بالاجماع الميداني والذي بدوره سيشكل الاساس للاجماع السياسي، ونحن نرى أن الآليّة المناسبة للاجماع الميداني هي في قيام مجالس تنسيق في المديريات والمحافظات تضم كافة المكونات الحراكية والشبابية وكافة التنظيمات السياسية الجنوبية على قاعدة:
1 - أن الكل فاقدو وطن ويريدون استعادته.
2 - أنه لا توجد مصلحة لأي طرف في ضياع وطنه.
3 - أن الجنوب الجديد هو اتحاد فيدرالي يقوم على التعددية الحزبية والتبادل السلمي للسلطة.
*سادساً: إنه إذا ما تم الاجماع الجنوبي فإن حل القضية سيكون سهلا، لأن القوى السياسية في صنعاء والمجتمع الدولي والاقليمي قد اعترفوا بان الحرب ألغت مشروع الوحدة واعترفوا بوجود القضية الجنوبية، ولم يقولوا ما هي القضية الجنوبية ولم يقولوا إن آثار الحرب باطلة، وهذه هي مهمتنا السياسية بعد وجود القيادة، كما إن فكرة الأقاليم التي جاءت بها السلطة كحل لقضية الجنوب غير قابلة للتطبيق، لأنها تمس الوحدة السياسية لأراضي دولة الجمهورية العربية اليمنية (السابقة) وتمس الوحدة السياسية لأراضي دولة اليمن الديمقراطية السابقة، وهي لذلك أقاليم لقيطة غير قابلة للحياة.
كما ان المروجين لهذه الاقاليم لا يعرفون ما اذا كانت اقاليم سياسية ام ادارية، فاذا ما كانت ادارية فإنه لا يوجد جديد فيها غير طمس الهوية السياسية لشعب الجنوب وجعل عدن وحضرموت إقليمين إداريين تابعين لصنعاء، وهذا أسوأ من الوضع الحالي، وإذا ما كانت أقاليم سياسية فانها ستفتح ابواب حروب الثروات على الحدود الادارية بين الأقاليم، ناهيك عن ان مثل ذلك هو خيانة لوحدة اراضي دولة الجمهورية العربية اليمنية السابقة، وخيانة لوحدة اراضي دولة اليمن الديمقراطية السابقة القائمة منذ قرون.
فقد حكم المندوب السامي البريطاني في عدن أراضي الجنوب كاملة من البحر الاحمر غربا الى سلطنة عمان شرقا نحو (130) عاما، وقامت ثورة الجنوب واستقلاله ودولته التي اعترف بها العالم على هذا الاساس، والمضحك أن (الفيدرالية) التي يريدونها بين الاقاليم هي كلمة يونانية، وتعني باللغة العربية “الثقة بين المتحدين”.. فأين هي الثقة بين هذه الأقاليم التي يريدونها أن تتحد؟!!.
**د. محمد حيدرة مسدوس**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى