> قاسم داود علي
تأكدت المعلومات التي أفادت بأن شخصيات يمنية بارزة تجري حوارات سرية في العاصمة الأمريكية بمشاركة ورعاية أمريكية تضم قائمة المشاركين ثلاث شخصيات بارزة هي: عبدالكريم الإرياني صانع سياسات وأزمات وأحداث كبيرة، وخبير معتمد في مطابخ السياسة الدولية الخاصة بالمنطقة، ورشاد العليمي الذي تولى لسنوات الملف الأمني، لاعب بكل تشعباته وعناصره ولعب أدوارا سياسية هامة في مراحل مختلفة، وثالثهما محمد العماد القيادي في تيار أنصار الله، وهي القوة الصاعدة على مسرح الأحداث، والتي وضعت يدها على القرارين السياسي والأمني، وفرضت نفسها لاعبا رئيسيا ومتحكما في السياسات العامة.
كل الدلائل والمؤشرات بما فيها مكانة الشخصيات المشاركة، ومكان اللقاءات وتوقيتها وسريتها تشير بوضوح إلى أن موضوعاتها بعيدة جدا عما تم تسريبه، فلن تكون وظيفتها ومحاورها الأساسية مسائل من قبيل: العلاقة بين هادي وصالح، وبين السلطة وأنصار الله والحرب على القاعدة في هذه المنطقة أو تلك، ولا أيضا موضوع الاتفاقية الخاصة بدور القطاع الخاص في التنمية.
إذا كان من المبكر الآن القيام بتحليل شامل للحدث وإعطاء الاستنتاجات حوله فإن جملة المعطيات والشواهد تؤكد على أن المهمة غير عادية، إلا أن جملة المعطيات والشواهد تؤكد على أن المهمة غير عادية تبحث في خيارات وسياسات مستقبلية سيكون لها تأثيرها على طبيعة التطورات والترتيبات القادمة سواء في اليمن - بما فيها خيارات ما بعد المرحلة الانتقالية - أو على صعيد أوضاع المنطقة والعلاقات والتحالفات بين أطرافها ودولها.
إن أي محاولة لقراءة الحدث لابد أن تأخذ بعين الاعتبار المعطيات والخلفيات الآتية:
*أولاً: إن واشنطن لازالت اللاعب الرئيسي في الملف اليمني والمُقرر في قضاياه وتطوراته، وما يحدث اليوم هو استمرار لما جرى تكريسه منذ ثمانينات القرن الماضي، مرورا بدور الولايات المتحدة في إجراءات الوحدة عام 1990م، وفي الأزمة التي أعقبتها وحرب 1994م، حيث كانت طرفا وشريكا في الحرب على الجنوب، وهي حقيقة جاهر بها مسئولون أمريكيون بمن فيهم الوكيل الأسبق للخارجية الأمريكية جيفري فيلتمان وسفراء أمريكيون سابقون في صنعاء، ومنذ عام 2011م، وتشكيل مجموعة العشرة لم يتراجع هذا الدور بل امتد ليشمل نشاط هذه المجموعة الدولية، وما تتبناه من مبادرات ومواقف حول اليمن.
*ثانياً: استمرار تمسك الإدارة الأمريكية بحلفائها التقليديين الذين سبق أن تعاملت معهم منذ حقبة الحرب الباردة، أو كما وصفهم باحث أمريكي في حديث خاص بـ“القوى التي استثمرت أمريكا الكثير في العمل معها”، والمعني بها أقطاب النظام السابق.
في السياق ذاته فإن لمشاركة أنصار الله في حوارات واشنطن أكثر من بعد محلي وإقليمي لعل أهمها اعتراف أمريكا بالدور المتنامي للجماعة، واعتبارها شريكا مقتدرا في محاربة الإرهاب، وتستطيع القيام بما يؤهلها لأدوار أكبر في المستقبل، كما يدل الحدث على حضور البرجماتية على حساب الشعارات والالتزامات المعلنة والمتبناة من الطرفين.
غير الواضح في هذه المسألة هو ما إذا كان للولايات المتحدة دور في التحالف الذي تشكل بين صالح وأنصار الله، أو إن كان هذا الانفتاح والتطور السريع في علاقة أمريكا بأنصار الله ثمرة للتفاهم الأمريكي الإيراني والترتيبات الإقليمية الجارية والمنتظرة.
*ثالثاً: كان لسيطرة أنصار الله على صنعاء ومحافظات شمالية أخرى وتأثيرهم على القرار السياسي والأمني، وعلى بناء المؤسسات والسياسات العامة كان له وقعه القوي وتأثيره الكبير على دول الخليج وبالذات على المملكة، التي تفاجأت بهذه التطورات الدراماتيكية، ودفعتها إلى البحث في ما هو متاح لها من خيارات وإجراءات، وعلى قاعدة المثل القائل (العين بصيرة واليد قصيرة) لعل أهمها ما كشف عنه وزير خارجية سلطنة عمان الذي أشار إلى أن دول مجلس التعاون تدرس فكرة إطلاق مبادرة خليجية جديدة حول اليمن، وأشارت مصادر أخرى إلى أن المبادرة تتكون من ثلاثة أجزاء: سياسي وأمني واقتصادي، وقد حملها مبعوثون خليجيون إلى صنعاء التي ردت عليها ببرود عدا الشق المالي والاقتصادي، تحت مبرر أن نجاح مؤتمر الحوار والسير في إعداد الدستور الذي سيطرح قريبا للاستفتاء لا يتطلب أي مبادرة سياسية، وكان الرد حول الجانب الأمني، فكان أن اليمن تقوم بدور رئيسي في محاربة الإرهاب بالنيابة عن الجميع، وقد تُركت لوحدها في هذه المعركة، والمطلوب من الأشقاء في الخليج تقديم الدعم المالي السخي والعون الاقتصادي الذي تحتاجه البلاد.
والمؤكد وبناء على شواهد عدة وتجارب سابقة أن حوارات واشنطن تسعى إلى إجهاض هذا التوجه الخليجي بإطلاق مبادرة جديدة شاملة كانت ستشمل أيضا القضية الجنوبية، وللتخفيف من حدة القلق الخليجي على تطورات اليمن فقد يعمد الثلاثة إلى تقديم التطمينات اللازمة للسعودية ودول الخليج الأخرى عبر الولايات المتحدة، كما ليس من المستبعد أن يطلبوا من الأخيرة الضغط على دول الخليج لوقف أي شكل من أشكال الدعم والتبني لمطالب الجنوبيين.
يأتي تزامن وجود (الثلاثي اليمني) في واشنطن مع وجود وفد سياسي أمني سعودي رفيع المستوى يرأسه وزير الحرس الوطني، والذي سيبحث إلى جانب أمور أخرى، كما أوردت وسائل الإعلام، تأثير التطورات الأخيرة في اليمن على أمن المملكة والمنطقة، وهو ما يرجح كفة الاحتمالات والتوقعات المثارة.
وكما كان عليه الحال في السنوات الماضية سيكون الجنوب وقضيته في صلب ما يتم بحثه والتحاور بشأنه والاتفاق عليه في واشنطن، ولغير صالح الجنوب وتطلعات شعبه دون أدنى شك، الذي سيكون المستهدف فيها والمتضرر الأكبر منها، يحدث هذا في وقت صعد فيه الشعب في الجنوب من نضاله السلمي حتى الذروة.
إن منطق السياسة وعلم الثورات وتجارب الشعوب تدل جميعها وبوضوح تام على أن إحداث التغيير في السياسات والمواقف الخارجية لن يكون إلا تاليا لتغيير يجب أن يحدث في إدارة ملف القضية الجنوبية، وواقع العلاقات البينية بين القوى والمكونات الجنوبية، ولما يجري عمله لتدعيم وتعزيز حالة الوئام والتعايش بين سائر مكونات المجتمع الجنوبي، وعلى نجاح قوى الثورة السلمية الجنوبية بإيجاد رؤية سياسية واقعية وعصرية للمستقبل تلبي تطلعات الشعب وتطمئن الجوار والعالم والتوافق على قيادة مقتدرة مقبولة في الداخل والخارج.
كل الدلائل والمؤشرات بما فيها مكانة الشخصيات المشاركة، ومكان اللقاءات وتوقيتها وسريتها تشير بوضوح إلى أن موضوعاتها بعيدة جدا عما تم تسريبه، فلن تكون وظيفتها ومحاورها الأساسية مسائل من قبيل: العلاقة بين هادي وصالح، وبين السلطة وأنصار الله والحرب على القاعدة في هذه المنطقة أو تلك، ولا أيضا موضوع الاتفاقية الخاصة بدور القطاع الخاص في التنمية.
إذا كان من المبكر الآن القيام بتحليل شامل للحدث وإعطاء الاستنتاجات حوله فإن جملة المعطيات والشواهد تؤكد على أن المهمة غير عادية، إلا أن جملة المعطيات والشواهد تؤكد على أن المهمة غير عادية تبحث في خيارات وسياسات مستقبلية سيكون لها تأثيرها على طبيعة التطورات والترتيبات القادمة سواء في اليمن - بما فيها خيارات ما بعد المرحلة الانتقالية - أو على صعيد أوضاع المنطقة والعلاقات والتحالفات بين أطرافها ودولها.
إن أي محاولة لقراءة الحدث لابد أن تأخذ بعين الاعتبار المعطيات والخلفيات الآتية:
*أولاً: إن واشنطن لازالت اللاعب الرئيسي في الملف اليمني والمُقرر في قضاياه وتطوراته، وما يحدث اليوم هو استمرار لما جرى تكريسه منذ ثمانينات القرن الماضي، مرورا بدور الولايات المتحدة في إجراءات الوحدة عام 1990م، وفي الأزمة التي أعقبتها وحرب 1994م، حيث كانت طرفا وشريكا في الحرب على الجنوب، وهي حقيقة جاهر بها مسئولون أمريكيون بمن فيهم الوكيل الأسبق للخارجية الأمريكية جيفري فيلتمان وسفراء أمريكيون سابقون في صنعاء، ومنذ عام 2011م، وتشكيل مجموعة العشرة لم يتراجع هذا الدور بل امتد ليشمل نشاط هذه المجموعة الدولية، وما تتبناه من مبادرات ومواقف حول اليمن.
*ثانياً: استمرار تمسك الإدارة الأمريكية بحلفائها التقليديين الذين سبق أن تعاملت معهم منذ حقبة الحرب الباردة، أو كما وصفهم باحث أمريكي في حديث خاص بـ“القوى التي استثمرت أمريكا الكثير في العمل معها”، والمعني بها أقطاب النظام السابق.
في السياق ذاته فإن لمشاركة أنصار الله في حوارات واشنطن أكثر من بعد محلي وإقليمي لعل أهمها اعتراف أمريكا بالدور المتنامي للجماعة، واعتبارها شريكا مقتدرا في محاربة الإرهاب، وتستطيع القيام بما يؤهلها لأدوار أكبر في المستقبل، كما يدل الحدث على حضور البرجماتية على حساب الشعارات والالتزامات المعلنة والمتبناة من الطرفين.
غير الواضح في هذه المسألة هو ما إذا كان للولايات المتحدة دور في التحالف الذي تشكل بين صالح وأنصار الله، أو إن كان هذا الانفتاح والتطور السريع في علاقة أمريكا بأنصار الله ثمرة للتفاهم الأمريكي الإيراني والترتيبات الإقليمية الجارية والمنتظرة.
*ثالثاً: كان لسيطرة أنصار الله على صنعاء ومحافظات شمالية أخرى وتأثيرهم على القرار السياسي والأمني، وعلى بناء المؤسسات والسياسات العامة كان له وقعه القوي وتأثيره الكبير على دول الخليج وبالذات على المملكة، التي تفاجأت بهذه التطورات الدراماتيكية، ودفعتها إلى البحث في ما هو متاح لها من خيارات وإجراءات، وعلى قاعدة المثل القائل (العين بصيرة واليد قصيرة) لعل أهمها ما كشف عنه وزير خارجية سلطنة عمان الذي أشار إلى أن دول مجلس التعاون تدرس فكرة إطلاق مبادرة خليجية جديدة حول اليمن، وأشارت مصادر أخرى إلى أن المبادرة تتكون من ثلاثة أجزاء: سياسي وأمني واقتصادي، وقد حملها مبعوثون خليجيون إلى صنعاء التي ردت عليها ببرود عدا الشق المالي والاقتصادي، تحت مبرر أن نجاح مؤتمر الحوار والسير في إعداد الدستور الذي سيطرح قريبا للاستفتاء لا يتطلب أي مبادرة سياسية، وكان الرد حول الجانب الأمني، فكان أن اليمن تقوم بدور رئيسي في محاربة الإرهاب بالنيابة عن الجميع، وقد تُركت لوحدها في هذه المعركة، والمطلوب من الأشقاء في الخليج تقديم الدعم المالي السخي والعون الاقتصادي الذي تحتاجه البلاد.
والمؤكد وبناء على شواهد عدة وتجارب سابقة أن حوارات واشنطن تسعى إلى إجهاض هذا التوجه الخليجي بإطلاق مبادرة جديدة شاملة كانت ستشمل أيضا القضية الجنوبية، وللتخفيف من حدة القلق الخليجي على تطورات اليمن فقد يعمد الثلاثة إلى تقديم التطمينات اللازمة للسعودية ودول الخليج الأخرى عبر الولايات المتحدة، كما ليس من المستبعد أن يطلبوا من الأخيرة الضغط على دول الخليج لوقف أي شكل من أشكال الدعم والتبني لمطالب الجنوبيين.
يأتي تزامن وجود (الثلاثي اليمني) في واشنطن مع وجود وفد سياسي أمني سعودي رفيع المستوى يرأسه وزير الحرس الوطني، والذي سيبحث إلى جانب أمور أخرى، كما أوردت وسائل الإعلام، تأثير التطورات الأخيرة في اليمن على أمن المملكة والمنطقة، وهو ما يرجح كفة الاحتمالات والتوقعات المثارة.
وكما كان عليه الحال في السنوات الماضية سيكون الجنوب وقضيته في صلب ما يتم بحثه والتحاور بشأنه والاتفاق عليه في واشنطن، ولغير صالح الجنوب وتطلعات شعبه دون أدنى شك، الذي سيكون المستهدف فيها والمتضرر الأكبر منها، يحدث هذا في وقت صعد فيه الشعب في الجنوب من نضاله السلمي حتى الذروة.
إن منطق السياسة وعلم الثورات وتجارب الشعوب تدل جميعها وبوضوح تام على أن إحداث التغيير في السياسات والمواقف الخارجية لن يكون إلا تاليا لتغيير يجب أن يحدث في إدارة ملف القضية الجنوبية، وواقع العلاقات البينية بين القوى والمكونات الجنوبية، ولما يجري عمله لتدعيم وتعزيز حالة الوئام والتعايش بين سائر مكونات المجتمع الجنوبي، وعلى نجاح قوى الثورة السلمية الجنوبية بإيجاد رؤية سياسية واقعية وعصرية للمستقبل تلبي تطلعات الشعب وتطمئن الجوار والعالم والتوافق على قيادة مقتدرة مقبولة في الداخل والخارج.