عمالة الأطفال في الشمايتين.. ظاهرة خطيرة تهدد مستقبل الطفولة

> رصد / محمد العزعزي

> تُعاني الطفولة في مديرية الشمايتين بمحافظة تعز وضعاً مأساوياً وضياعاً يسرق صفاء ونقاء هذه المرحلة العمرية المهمة من حياة الفرد، حيث أضحت هذه الفئة بهذه المرحلة تفتقر إلى أبسط حقوقها في اللعب واللهو والتمتمع بطفولتها، وكذا الرعاية، والكفالة، والعيش الآمن المستقر بعد أن أُجبروا على العمل من قبل أولياء أمورهم أو لفقدان المعيل، وذلك لتوفير لقمة العيش لأسرهم نتيجة للضروف المعيشية الصعبة التي يعانونها، وهو ما جعل هؤلاء الآباء يحملون أطفالهم مسؤليات تفوق قدراتهم الجسمانية والعقلية، متجاهلين في ذلك خطورة ما قد يتعرض فيه فلذات أكبادهم من مخاطر تصل في كثير من الأحيان للوفاة أو الإعاقة الدائمة.
«الأيام» رصدت هذه الظاهرة والتي ضحاياها أطفال بعمر الزهور في هذه المديرية.
في البدء التقت «الأيام» الطفل سامي ياسين (15) عاماً يعمل على حمل الأثقال بعربة يدوية في سوق الخضار بالتربة، وقد تحدث عن عمله والأمور التي أجبرته على هذا العمل الشاق بالقول: “أنا أعمل بحمل الأثقال بعربة يدوية، وذلك لأساعد والدي على توفير التكاليف المعيشة لإعالة أسرتي الفقيرة والمكونة من ستة أطفال”.
أما ألطفل أسامة أحمد البالغ من العمر عشر سنوات فتحدث لـ«الأيام» عن عمله بالقول: “أعمل بجمع (الخردة) وبيعها بأسعار زهيدة مقابل توفير رغيف العيش لأسرتي، كون والدي متوفى وأمي تعمل في تنظيف المنازل متى طلب منها أحيانا مقابل مبلغ زهيد من المال، ولا يوجد من يعطف علينا، ولهذا خرجت لجمع الخردة للتخفيف عن معاناة والدتي”.
**خطر عمالة الأطفال**
وآخرون يعملون في الورش
وآخرون يعملون في الورش

التربوي مختار أحمد المقرمي أوضح عددا من العوامل التي أدت إلى انتشار هذه الظاهرة بالقول: “هناك عوامل عديدة تدفع الأطفال إلى العمل منها: الأسر الفقيرة، حيث تضطر إلى الدفع بابنها إلى سوق العمل، وتعتمد عليه اعتماداً أساسياً في الدخل، بل وتعتبره المصدر الأساس، حيث نجد أطفالاً يعولون أسراً بأكملها، بالإضافة إلى تسرب الأطفال من التعليم، مما يدفع البعض إلى العمل في الأسواق والحقول رغم الأخطار والمشاق التي يتعرضون لها من أمراض والتحرش في الأسواق العامة، واكتساب ثقافة ولغة تخدش الحياء والبراءة”.
**ضعف التعليم و التوعية**
من جانبه قال مدرس علم النفس بمدرسة الشهيد الغافقي سليمان الهبوب: “التعليم الابتدائي لا تترتب عليه مكاسب اجتماعية واقتصادية، وهو ما يدفع ببعض الأطفال إلى التوجه لسوق العمل قبل أن ينهي تعليمه وتنتشر هذه الكارثة في الأرياف، وهذا يؤدي لاستغلالهم السيئ، وينتج عنه آثار سلبية على الطفل والمجتمع”.
**العمل لمساعدة الأسر**
‎وبيع المأكولات
‎وبيع المأكولات

أما أشرف أحمد سلطان فقال: “في المناطق الريفية يرتفع معدل التسرب المدرسي، حيث أن كثيرا من الأطفال فيها يتركون مدارسهم نتيجة لاضطرارهم للعمل، وذلك لمساعدة أسرهم الفقيرة ولأسباب أخرى، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى الاستنزاف التام للأطفال العاملين، مما يؤدى إلى حوادث غير حميدة”.
وتابع بالقول: “أيضاً يتعرض الأطفال لخطر الإصابة بالأمراض المختلفة والإعاقة الدائمة أحيانا والناجمة عن سوء المعاملة، والالتهابات الرئوية، وتشوهات الهيكل العظمى نتيجة رفع الأثقال، والأمراض الجلدية وغيرها من الأمراض الناجمة عن انعدام النظافة الشخصية للطفل، الأمر الذي يؤثر سلبًا على مستقبله ونموه الجسمي والعقلي”.
**أسباب الظاهرة**
‎البحث عن نفايات لبيعها
‎البحث عن نفايات لبيعها

من جانبه أوضح أحمد عبده ثابت مدرس علم الاجتماع بعض أسباب عمالة الأطفال بالقول: “إن انتشار عمالة الأطفال تعود لأسباب عدة أبرزها التفكك الأسري، والطلاق بين الزوجين، وكذا الجهل، والعادات، والتقاليد، والثقافة السائدة، ورفاق السوء، ومشاكل البطالة، بالإضافة إلى الفقر الذي تعاني منه الأسر، وكذا تعرض الأطفال إلى المعاملة السيئة من قبل المدرسين والعقاب النفسي والجسدي الذي يؤدي إلى التسرب من التعليم”.
وأضاف قائلاً: “إن قصور وضعف المناهج الدراسية التي باتت قديمة وغير مشوقة ولا تنمي ملكة الإبداع والفكر ساعد أيضاً على ترك مقاعد الدراسة”.
نقل الماء
نقل الماء

واختتم حديثه بالقول: “إن السلطة المحلية تغض الطرف عن محاسبة المتسببين في توسع هذه الظاهرة، والسماح للأطفال بالعمل في الأسواق، وغياب الدور الحكومي برسم الخطط والبرامج والسياسات التي تساعد على الحلول، كما أن بعض المدارس لا يوجد فيها تعليم في المرحلة الثانوية فتجبر الفتاة على التسرب، وترك مقاعد الدراسة، والعودة إلى المنزل لمساعدة الأم في الأعمال المنزلية”.
**خاتمة**
ترتبط عمالة الأطفال في مديرية الشمايتين بمحافظة تعز واليمن ككل بالفقر، ولهذا تعد هذه الظاهرة هي الوسيلة الوحيدة للأسر الفقيرة لكي تبقى على قيد الحياة، وكذا اقتناعها بأن مكان الأطفال هو في العمل لا المدرسة، الأمر الذي أدى إلى الإضرار بصحة الطفل ونموه الجسمي، والذي يعرضه في كثير من الأحيان إلى الوفاة أو الإعاقة، بالإضافة إلى تعرضه للاستغلال الجنسي وغيرها من الأمور التي تعود بالضرر عليه.
وأكد العديد من المهتمين بالطفولة لـ«الأيام» أن “الطفولة في الشمايتين تعاني من الفقر والجهل والمرض وهو الخطر الثلاثي، وما زاد هؤلاء الأطفال سوءا في المرحلة الأخيرة هو الزج بهم في الصراعات والمشاركة في القتال، الأمر الذي لم تحرك تجاهه المنظمات الدولية والمحلية ساكنا، فضلاً عن غياب الدور الرسمي في التشريع والرعاية للطفولة المحرومة من أبسط الحقوق للعيش بسلام، وهذا يؤثر على نفسية ومستقبل الطفل وعوامل التنمية في المجتمع وصدق القائل: أعطني طفلاً صحيحا أعطك مجتمعا قويا. فمتى يحصل الأطفال على حقوقهم؟!”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى