عدن في عيون الشعراء (2)

> د. عبده يحيى الدباني

> أما الشاعر الدكتور أحمد علي الهمداني، فقد تغنى بعدن بعواطفه الشجية؛ إذ ارتبطت حياته بحياتها، فها هو يقول:
قضيت أحلام الصبا في مهدها
فتلقفتني سفوحها ورباها
ونحت من قمم الجبال قصائدي
طهرًا تعيد الحب في مثواها
صليت في محرابها متعبدًا
لا اشتهي طول المدى إلاها
استلهم العشق الجميل على الجوى
وأعيد في سمع الوجود صداها
ويأتي دور البلبل المهاجر الجميل صاحب ديوان (الرحيل النبيل) الشاعر الدكتور مبارك حسن الخليفة السوداني اليمني (السوماني) الذي نجده يردد بين الحين والحين بيت المتنبي الشهير:
مالي أكتَّمُ حبًّا قد برى جسدي
وتدَّعي حب سيف الدَّولة الأممُ
فعرفت منه أنه يقصد بهذا الترديد حبه لعدن، وعلاقته بها، هاهو يفيض حبًا على المدينة التي بادلته حبًا بحب ووفاءً بوفاء مؤاخيًا بينها وبين مدينة الخرطوم، وكأنهما توأم خرجا من قلبه الخصب الكبير:
وشوشت للخرطوم ذوب مشاعري
فانساب في الخرطوم بوح شذاها
وحكيت للنيل الحبيب صبابتي
فسمعت في الشطين لحن شداها
النيل عودنا وبارك حبنا
ودعا فؤادي للهوى ودعاها
وللمرأة الشاعرة حضور في هذه العدنيات، حيث تبرز الدكتورة اعتدال عمر محسن الكثيري بعدنيتها الحميمة المتماسكة وكأنها بيت واحد، حيث تشف عن شاعرية فذة وصنعة جميلة، لقد رصدت عدنيتها طهر المدينة ومثاليتها حيث تقول:
نادى فؤادي حبها فأتاها
يهفو لنيل وصالها وهواها
وهوى يقبلها وينشق عطرها
ولها وبلل بالدموع ثراها
فمحت دموع الشوق وابتسمت له
وكسته نورًا من خيوط سناها
حورية قفزت من الأمواج فامــ
تدت أيادي الشط كي تلقاها
وها نحن نحث الخطى إلى شاعر الحب والجمال أستاذي المرحوم – بإذن الله تعالى - عبد الله عبد الرحيم باوزير، فقد كان كهلاً يحمل قلبًا شابًا، ولقد أبدع في شعر الوصف والغزل، وهو هنا في عدنيته مزج الوصف بالعاطفة، إنه شاعر رسام ورسام شاعر، كما تجده مفتونًا بالجمال أينما وجد يقول في عدنيته اللوحة:
سقط الندى ليلاً فقبَّل فاها
لما احتوته على اللقاء يداها
بسطت له بسط الغرام وأسدلت
من حوله الأستار في مثواها
وازينت بنجومها وتلفعت
بغلالة شفافة لفتاها
والبدر يرمقها بمقلة عاشق
من كوة في البحر دون سواها
حتى إذا طرق الصباح ورنقت
ألوانه خلجانها ورباها
نزلت إلى شط الغدير فتية
وبساحل العشاق كان لقاها

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى